قضية تطوير التعليم الهندسى

بسم الله الرحمن الرحيم

قضية تطوير التعليم الهندسى

عزيزتى المهندسة الفاضلة وعزيزى المهندس الفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعزائى أنا مشترك جديد فى هذه المجموعة ، و أرجوا أن يكون إشتراكى مفيداّ . أولا أعرفكم بنفسى ، أنا مهندس قديم خريج قسم هندسة الطيران ، جامعة القاهرة. هدفىالأساسى من الأشتراك فى هذة المجموعة هو الحوار معكم حول موضوعات خاصة بالعلم والهندسة ، والبحث العلمى ، ونقل التكنولوجيا وغيرها من موضوعات نأخذ الطابع الفنى . ولأن لكم دوراّ مهما فى إصلاح و تطوير التعليم الهندسى لذلك افضل أن نبدأ بهذا الموضوع لنعرف رأيكم فى التعليم الهندسى المأمول للقرن 21 ، وايضا مفهومكم للجودة فى التعليم الهندسى وكيف تقاس.

سوف أطرح هنا قضية تطوير التعليم الهندسى ، إن شاء الله ، والرجاء المشاركة بجدية وتبادل الأراء حول هذا الموضوع. ولأنك تعمل فى هذا المجال فرأيك مهم لتكوين صورة متكاملة عن التعليم الهندسى المنشود. ولأن تطوير التعليم الهندسى لا يمكن ان يكون كاملا دون ربطه بقضية تطوير التعليم العام أى التعليم ما قبل الجامعى. لذلك سوف أبدأ أولا ببعض الأفكار حول تطوير التعليم العام ، ثم بعد مناقشتها معكم سوف أنتقل الى قضية التعليم الهندسى ، ان شاء الله . وكل ما أرجوه هو المشاركة الفعالة من كل الأعضاء. فما رأيكم دام فضلكم ؟

مع تحياتى

عبد الحميد قاسم مظهر.

بسم الله الرحمن الرحيم

نحو رؤية مستقبلية للتعليم للمئة سنة القادمة

أفكار غير مألوفة

عزيزتى المهندسة الفاضلة وعزيزى المهندس الفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه هى الخطوط العامة لمشروع تطوير مستقبلى للتعليم أرجوا منك دراستها بإمعان. لقد تعودنا هنا فى مجال العلوم الهندسية والطبيعية ان يرسل مؤلف الكتاب كتابه الى مجموعة من الملمين بموضوع الكتاب ويسألهم قراءة كل الكتاب أو بعض الفصول منه ويطلب منهم إفادته بالأمور الغامضة والأمور المختصرة والمسائل التى تحتاج إيضاح وكل ما من شأته ان يحسن من مستوى الكتاب. وبعد ان يعدل المؤلف كتابه يكتب فى مقدمة كتابه شكراّ لكل من راجع الكتاب ، ومع ذلك يقول المؤلف للقارىء ان أى خطأ أو تقصيراّ يجده فى الكتاب فهو من مسئولية الكاتب وحده. ولأننى تعودت على ذلك فأنا بدورى أسألك ان تقرأ هذا المشروع والرجاء إفادتى بالأمورالغامضة والنقاط التى تحتاج حذف او توضيح او إضافة ، وبعد ذلك يمكننا العمل على نشرهذا المشروع البديل.

مع تحياتى

عبد الحميد قاسم مظهر.

رؤية مستقبلية للتعليم فى بلادنا

نعرض هنا اقتراحا لتغيير جذرى للعملية التعليمية ، تغييرا يتلاءم مع منجزات العصر الذى نعيش فيه. والهدف الأساسى من التغيير هو أن نكون مساهمين فى إنجازات عصرنا و مشاركين فى صنع أحداثه ، وليس فقط متفرجين و متأثرين بما يدور حولنا. ولكن كيف نكون فاعلين دون أن نغير و نطور من قدرات الإنسان العربي ؟ وإن كان التعليم هو أحد الوسائل ، فلماذا لا نثوره ليقوم بدوره في هذه المهمة الحضارية؟

ربما كان من المناسب لشعوب العالم الثالث أن تبتكر أفكارا جديدة ، قابلة للتطبيق ، لتساعدهم على الإسراع فى عملية التنمية و النمو لشعوبهم للوصول بعد جيل أو جيلين إلى المشاركة فى قيادة البشرية. فإذا لم نبذل جهدا ونقبل التغيير فى هذا الاتجاه ، فسوف يتأخر إقلاعنا الحضارى و سوف نبقى فى آخر الركب. وأساس التغيير هو الإنسان ، والتعليم السليم هو الذى يبنى الإنسان السليم. فإذا كان عددا قليلا من الأفراد المؤهلين للقيادة يستطيعون أن يفعلوا الكثير لبلادهم و أوطانهم و حضارتهم ، فما بالك بزيادة العدد ليشمل نسبة كبيرة من شبابنا المتعلم؟ وهنا يتضح دور التعليم و مؤسساته فى البناء الحضارى المعتمد على الإنسان ، وهنا نجد أنفسنا فى أشد الحاجة لفكر تعليمى جديد.

سوف نعرض فى هذا الكتيب الى الخطوط العامة لإستراتيجية تعليمية جديدة لقرن قادم. وهى مبنية على رؤية مستقبلية للتعليم فى بلادنا ، و هى رؤية غير مألوفة لأنها تهدف الى تغيير كلى وشامل لنظام التعليم الحالى بكل مشاكلة وتبنى نظاماّ أخر يصلح لأجيال عصر المعلومات وثورة المعرفة والذكاء الصناعى. وهى تهدف أيضاّ إلى بناء جيل مستقبلى قادر على تنمية الحياة وحل المشكلات بدلاّ من الكلام حول المشاكل. وبعد مناقشة هذه الرؤية مع كل مهتم بالتعليم ، ومراجعتها بالتعديل والحذف والإضافة ، ومن ثم الإتفاق على صلاحيتها يمكن لنا أن نعمل معا كفريق من أجل التخطيط لمشروع قومى مستقبلى لتطوير التعليم مبنى على هذه الرؤية.

التعليم ومشاكله التى لا تنتهى

يدور الحديث كثيراّ عن إصلاح التعليم ، وتكررت كثيراّ قضية تطوير و جودة التعليم ، وتكلم العديد من المهتمين وكتبوا عن تعقيدات نظام التعليم الحالى ومشاكله المتشابكة والتى لا تنتهى. الجميع يشتكى ، الطلاب والمدرسون والمدراء والنظار وأولياء الأمور. ومن أمثلة الشكاوى من نظام التعليم الحالي : كثرة المقررات، صعوبة الإمتحانات ، طول سنوات الدراسة ، التركيز على الحفظ والتلقين ، حفظ الأسئلة و أجوبتها النموذجية ، إرتفاع نسبة الرسوب ، الأمية التعليمية ، الهدر التعليمي والتسرب ،الدروس الخصوصيه ، إنشغال المدرسين بطرق أخرى للكسب لضعف رواتبهم ، مشاكل المبانى والتجهيزات ، و مشاكل سلوك الطلاب وغيرها من مشاكل العملية التعليمية وعناصرها من منهج وكتب وطرق تدريس ومدرسين ورواتب و إدارة تعليمية وتعليم خاص. ومن أهم المشاكل عدم وجود ارتباط بين التعليم وسوق العمل و بين التعليم ودوره فى التنمية الحقيقية للمجتمع. بالإضافة إلى أن ما يدور فى عقل الطالب هو البحث عن شكل أو منصب إجتماعى عن طريق الحصول على درجة علمية أو شهادة ، فالإهتمام الأول والأخير هو الحصول على شهادة .

أسئلة قبل التفكير فى الإصلاح

وقبل أن ننطلق فى إطلاق أفكاراّ للإصلاح علينا أن نتأمل فى عدداّ من الأسئلة التى تساعد وترشد إلى الطريق الأكثر صواباّ. وهذه الأسئلة سوف تساعد على الإختيار بين تعديلات فى النظام الحالى أو تغييره كلياّ.

[RIGHT]لماذا أصلاّ التعليم ؟ وهل المجتمع فى حاجة لنظام التربية والتعليم؟

هل التعليم يفيد الدولة والمواطن؟ وكيف؟

هل نحن فى حاجة لمدارس وجامعات ومعاهد حكومية أو خاصة؟

لماذا الحديث الأن عن الإصلاح والتجويد؟

كيف نقيس نجاح العملية التعليمية؟

هل نحن نبحث عن تعليم أم تعلم؟ وما الفرق بينهما وبين التربية؟ وهل نحتاج التربية فى التعليم العالى أيضاّ؟

ماهو معيار نجاح نظام تعليمى ما؟

ماذا تعنى جودة نظام التعليم؟ ما هى معاييرها؟ هل يمكن قياسها موضوعياّ ؟ ومن الذى سيقوم بقياس الجودة؟

هل مجرد زيادة عدد المدرسين يصلح التعليم؟ هل زيادة رواتب العاملين فى نظام التعليم سيحسن التعليم؟ هل تغيير الكتاب والمقررات سيصلح التعليم؟ هل إعطاء كل طالب حاسب ألى وحساب على الإنترنت سيصلح التعليم؟ هل تغيير طرق التدريس واسئلة الإمتحانات وغيرها من وسائل القويم سيصلح التعليم؟

هل يمكن ان يؤثر التعليم بطرقة الحالية فى تغيير سلوك الطلاب ومهاراتهم الفكرية؟

هل يكسب التعليم الحالى الطلاب عند تخرجهم ما يمكن قياسه من علم ومعرفة ومهارات فكرية وحياتية وقدرات على حل المشاكل و التواصل والحوار والنقاش؟

وهل يمكن لنظام التعليم ان يلغى التأثيرات السلبية للإنترنت والقنوات الفضائية والفيديو والسينما بما تمثلة هذه الوساثل من قيم حياتية وسلوك مقبول؟

هل التكاليف الإقتصادية التى تصرفها الدولة على التعليم العام والجامعى ، وهى جزء مقتطع من ميزانية الدولة ، هل لها عائد على الدولة والمواطن والتنمية البشرية للمجتمع؟[/right]

إعتماداّ على أجوبة الأسئلة السابقة ، هل يمكن إصلاح نظام التعليم الحالى من خلال مجموعة من التعديلات والإجراءات التى تحل مشاكل المقررات والتدريس والإمتحانات و رواتب المدرسين وملائمة المبانى والتجهيزات وأعداد الطلاب فى الفصل، والدروس الخصوصية، دون مراجعة شاملة لدور التعليم فى الدولة والمجتمع؟ أم من الأفضل تبديل نظام التعليم و ابتكار نظام تعليمى جديد قادر على التحكم فى العملية التعليمية لإخراج مواطن يصلح لإدارة الحياة فى بلدنا فى المئة سنة القادمة؟

نحومشروع قومى للتعليم للمئة سنة القادمة

بعد مراجعة الأسئلة السابقة يلح علينا الفكر فى الإختيار بين بعض التعديلات والتغيرات فى نظام التعليم الحالى وبين تبديل كل النظام السائد. و عندما نفكر لمشروع مستقبلى ، لمئة عام قادمة ، فإننا يجب أن نغير طرق التفكير المألوفة ونعتمد على توقعات للمستقبل مبنية على معارفنا واحتياجتنا الحالية ، وعلى ماذا نريده من التعليم حتى يحقق رؤيتنا لمستقبل المجتمع والدولة؟ ولأن مدة مئة سنة هى فترة طويلة فيجب أن تتضمن خطط التطوير المستقبلية ألية دورية للمراجعة والتعديل . فما رأيكم في قبول دعوة للتغيير، تغيير النظام التعليمي كله. أى تعليم نريد؟ من يقرر التغيير ؟ وكيف يقبل هذا الفكر الجديد؟ وهل يمكن ان يطبق؟. هذه الأسئلة سوف نجيب عليها تحت العناوين الأتية:

[RIGHT]أولاّ: التعليم ودوره فى المجتمع والتنمية البشرية

ثانياّ: رؤية إستراتيجية للتعلم

ثالثاّ: رؤية غير مألوفة للتعليم العام

رابعاّ: التعليم العام ومفهوم التربية المأمول

خامساّ: ما بعد التعليم العام من منظور مختلف

سادساّ ّ: وماذا عن التعليم العالى أو الجامعى

سابعاّ: مسؤليات إضافية لدور التعليم فى التنمية البشرية

ثامناّ ّ:نحو خطوات للإعداد والتنفيذ

تاسعاّ ّ: تاسعاّّّ :مشروعات مقترحة

عاشراّ: المعوقات[/right]

أولاّ: التعليم ودوره فى المجتمع والتنمية البشرية

SIZE=4[/size]

بحثا عن التكامل

هل يمكن فصل نظام التعليم عن باقى أنظمة الدولة ، وهل يمكننا أن نطورالتعليم ونجوده بمعزل عما يجرى من مؤثرات داخلية وخارجية؟ وهل يمكن أن نغيرالتعليم ونصلحه دون الإستناد إلى أهداف الدولة واستراتيجيتها، وبعيداّ عن حاجات الناس ومصالح المجتمع؟ هذا ما نحاول ان نتعرض له هنا.

لا نستطيع التفكير فى اصلاح التعليم كقضية منفردة معزولة عن المجتمع وافراده ومصالحه ، ولا منفصلة عن الدولة ومؤسساتها وأنظمتها السياسية والأقتصادية ، ولا منفصلة عن أهداف الدولة و مصالحها وأستراتيجيتها ودورها فى المنطقة والعالم. وعند التخطيط لتطوير التعليم يجب ان نأخذ فى الإعتبار عدداّ من القضايا المرتبطة بالتعليم والتى إذا أهملت لن يؤدى التعليم دوره المأمول للوطن وللمواطن فى المستقبل القريب والبعيد معاّ. التطورات السريعة والمتلاحقة فى السياسة العالمية والإقتصاد العالمى وحرية التجارة والشركات المتعدية الجنسية وسوق العمالة ومتطالباتها كل هذا سوف يؤثر على دور ووظيفة المتخرج من نظام التعليم والمنافسة التى سيواجهها للحصول على وظيفة فى سوق العمل. فكيف سيعمل التعليم المستقبلى على إعداد المتخرج للتعامل مع هذا الجو غير المألوف له؟ هذا من ناحية الوظيفة التى توفر للمتخرج المقدرة الإقتصادية لتكوين اسرة له وتحقيق طموحاتة الشخصية. ومن ناحية أخرى يستقبل المواطن منذ مدة ما تقدمه له وسائل الإعلام من تلفزيون و راديو وصحف وقنوات فضائية وأشرطة فيديو وغيرها من قيم ونماذج للحياة ، و هذه سوف تؤثر عليه نفسياّ ومالياّ ، فكيف يمكن لنظام التعليم المستقبلى ان يساعده على الإستجابة لهذه الموثرات اليومية وما يمكن ان تسبب له من مشاكل له ولأسرته واولاده؟ وكيف له ان يتعامل مع الإغراء الدائم من سوق الإنتاج والبضائع الذى لايكف عن حث المواطن على الشراء؟ وماذا عن قضاء وقت الفراغ من الإستمتاع بالرحلات ومتابعة الرياضة المحببة له ؟ وماذا عن تأثير هذا على قيمه الروحية والفكرية والدينية ؟ وهل يمكن للتعليم ان يعطية المناعة حتى لا يتحول هو نفسه إلى شىء من الإشياء ولا يهتم إلا بالأشياء؟ وهل يمكن للتعليم ان يكون للطالب أكثر من فكر و منتج إقتصادى؟ وماذا عن التلوث؟ وهل يمكن للتعليم ان يؤدى دوراّ فى التقليل من أثر الإنسان والإستهلاك على البيئة النظيفة؟ وما علاقة الأحزاب السياسية ودورها فى تطوير التعليم وترقية المواطن حتى يشارك فى نهضة بلده؟

ولا يمكن مناقشة قضية إصلاح التعليم دون نظرة شاملة ومتكاملة للتعليم العام والتعليم الجامعى. وهذا الشمول يجب ان يتضمن مستقبل الخريج وماذا يفعل بعد تخرجه. ماذا عن العمل أوالوظيفة او إكمال الدراسة؟ وهل يتيح له المجتمع ما يريده؟ بالطبع فإننا فى حاجة شديدة لمعرف سوق العمل وأحتياجه لنوعيات محددة من المتخرجين لعقود تالية حتى يمكن تأمين وظائف للمتخرجين ، و حتى يمكن التخطيط لأعداد الطلاب الممكن قبولهم فى التعليم الجامعى بأقسامه وتنوعاتة المختلفة. وأيضا يجب معرفة اهداف الدولة وخريطة البحث العلمى المطلوبة مستقبلاّ فهى التى توجه المتخرج الباحث عن إكمال دراسته فى إختيار مجال الدراسات العليا المتاح.

هذا عن قضية تطوير التعليم المطروحة بإلحاح منذ سنوات. وماذا عن قضية جودة التعليم المطروحة أيضاّ؟ فى الحقيقة ومن منظور عملى فإننا لا يمكن ان نناقش مسألة جودة التعليم دون أن نعرف مقدماّ لماذا نعلم أولادنا؟ فمعرفة أهداف التعليم هى التى ترشدنا الى تصميم معايير الجودة ، فقياس جودة التعليم يقوم على إبتكار معايير موضوعية لقياس ما حقققة التعليم من أهداف فى شكل معارف ومهارات اكتسبها المتخرج يمكن قياسها. وابتكار نماذج قياسية لإختبار قدرات المتخرج يمكنها ان تعطى دلالات على مواصفات المتخرج التعلمية وطاقتة المحتملة للنجاح فى الحياة.

SIZE=4[/size]

مكونات إنسان المستقبل

أنا اتصور ان إنسان المستقبل يجب أن يتكون من تركيبة متوازنه و متفاعلة من ثلاث مجموعات من الصفات:

1- المكون الأول هو العقل وله عدة صفات
2- المكون الثانى هو القلب وله أيضا عدة صفات
3- المكون الثالث هو الساعد وأيضا له عدة صفات

وأهم شىء هو التوازن بين هذه المكونات ، بحيث لا يطغى مكون على الأخر. لكل من العقل و القلب و الساعد عدد محدد من الصفات يمكننا أن نتفق عليها ، ولكننى لا اتوقع ان كل مواطن سوف يحمل نفس العدد من صفات كل مجموعة و بنفس الدرجة. لذلك أرىأن التنوع فى الدرجه لكل صفة هو المطلوب ولكن لابد من وجود حد ادنى من كل صفة ، وأيضا حد أدنى من الصفات من كل مكون. وهذه بعض الأمثله من الصفات:

1- العقل: القدرة على جمع وتصنيف المعلومات ، القدرة على الوصف و التحليل و التركيب والتعليل و الإستنتاج السليم ، القدرة على الوصول الى المعارف من المعلومات ، القدرة على فهم القوانين التى تحكم الظواهر ، المراجعة المستمرة وتصحيح الأخطاء ، القدرة على التفكير الناقد والخلاق والإيجابى والقدرة على فهم المشاكل وحلها.
2- القلب: الرحمة ، التسامح ، الحب ، التألف ، الشعور والأحساس بالأخر وغيرها
3- الساعد: العضلات ، اليد ، العمل ، القوة ، الجسم ، الصحة وغيرها من مواصفات الجسم السليم.

العقل يمكن ان يؤدى الى فهم وتنمية وتطبيق مفاهيم العدل ، والقانون ، والحكم ، والسيادة ، والأمن ، والعلم.
القلب يمكن أن يؤدى الى التعاون ، التحمل ، المبالاة ، الإنتماء ، الا أنانية ، التكافل ، التراحم ، الحب وغيرها.
الساعد يمكن أن يؤدى الى الإنتاج ، القوة ، إرهاب العدو ، التفوق الرياضى ، الدفاع عن النفس.

ومن خلال التفاعل و التوازن بين هذه المكونات سوف تظهر صفات أخرى مثل المساواة ، والأعتراف وقبول الأخر ،التعاون ، العمل الجماعى ، مفهوم اعمق للحرية ، تقسيم العمل ، التضامن ، مفهوم العقد الأجتماعى ، نظام عادل للحكم ، إلخ. وسوف نستطيع ان نرى كثيراّ مما يطالب بة المفكرون وغيرهم من الحقوق والواجبات على مستوى الأفراد والجماعات .

[CENTER] (3)

التنمية البشرية و إنسان المستقبل

[/center]


إذا أعتبرنا أن الدولة و المجتمع هو مجموعة متنوعة من الأفراد ، وأن كل فرد له مكونات ثلاثة: العقل ، والقلب ، والساعد ، وأن كل مكون له صفات عديدة ، فإن ما نراه من مجتمعات و دول مختلفة هو الناتج عن تفاعل المكونات المختلفة لأفراده خلال مدد زمانية طويلة.

الدين و العلم و الفن و الدولة والدستور والقوانين والعادات والقيم والتقاليد و غيرها تنتج من تفاعل هذه المكونات من خلال مجموعات متعددة من الأفراد والجماعات ، والإختلافات الحادثة فى شكل الدولة والمجتمع تعتمد على النسب المختلفة لهذه المكونات الثلاث وعلى نوعية التفاعلات بينها. ويمكن بناءّ على ذلك ان نفهم ونفسر العديد من الظواهر التاريخية و الثقاقية و الحضارية والمجتمعية. فإذا أخذنا مجتمعاّ يأخذ الجانب العقلى فقط ويهمل الجوانب الأخرى فإننا نصل لمجتمع فكرى خالص يقدس الفكر ويلغى ما غيره . وإذا الغينا العقل من مجتمع وتركنا القلب فقط ، فربما وصلنا لمجتمع غيبى خالص . وأذا اخذنا الساعد فقط ، فيمكن ان نصل الى مجتمع يقدس القوة ويعمل على استغلال الضعفاء واستعبادهم وربما برر مفهوم الرق اعتماداّ على مفهوم إن العنصر القوى هو الأفضل. أما إذا أخذنا مجتمعاّ يأخذ مكونين فقط مثل العقل والقلب ، أو العقل و الساعد ، أو القلب والساعد ، فإننا نصل لمجتمعات لها طبائع وسلوكيات مختلفة عن المجتمعات التى تركز على مكون واحد فقط. أما المجتمعات التى تأخذ المكونات الثلا ثة ، فمن الواضح أنها تنتج سلوكيات و قيم و قوانين مختلفة عن المجتمعات السابق وصفها.

وبناءّ على ذلك الفهم يمكننا ان نفسر عدداّ كبيراّ من الظواهر الإجتماعية والأحداث التاريخية إعتماداّ على النسب المختلفة لهذه المكونات الثلاث الموجودة فى النسيج الإجتماعى الموجودة فى ذلك الوقت. وهذا يعود فى النهاية إلى مكونات كل فرد فى هذه المجتمعات ، وكيفية التفاعل الإجتماعى بين أفراد و فئات المجتمع.

وهنا نستطيع ان نعيد صياغة السؤال الخاص بمكونات إنسان مصر المستقبل كالأتى:

ما هى النسب المطلوبة لتكوين هذا ألإنسان، بين عقل و قلب و ساعد ؟ وما هى الصفات المرجوه فى كل مكون ، وما هو مدى التنوع المقبول فى كل صفة بحيث يكون المجتمع متوازنا؟ ومن سيقوم بهذه المسئولية الوطنية؟ المدرسةّ ام الأسرة أم وسائل الإعلام أم من؟ وكم نحتاج من الوقت والمجهود والمال لإتمام هذا المشروع؟

SIZE=4[/size]
مسلمات لا يجب أن نهملها عند التخطيط لتطويرالتربية و التعليم

عندما نريد أن نغير التعليم ونطوره فنحن أمام واقع ، أمام تاريخ ، أمام دولة لها حضارة و ملامح، و أمام شعوب لها عقائد دينية سماوية ولهاهوية من لغة و فكر وثقافة، كما ان لها عادات وتقاليد ومثل وقيم وثوابت. ولكى ينتج التطوير نتائج مأمولة ولا يسبب مشاكل لا تحل لابد ان لا يتصادم التغيير مع عموم ما تؤمن به الأمة من ثوابت وطنية ودينية لا يختلف عليها عموم الأمة. وهنا يجب إعادة المراجعة لكل الأساسيات التى نبنى عليها حياتنا لنزيل منها الشوائب ونضيف اليها المفيد. فى العالم الأن موجة للإيمان بالتعددية فى الحضارات و اللغات و الأديان والثقافات ، فلماذا لا نتمسك بهذا الإتجاة ونعمل من أجل تأصيل هويتنا وشخصيتنا وثقافتنا ضمن التعددية المقبولة بل المرغوبة عالمياّ. لذلك علينا ان نأصل لفكرنا وعملنا ولا نقلد وننقل ونصبح نسخا من هويات او أنظمة أخرى. لذلك فإننا لن نتمكن من التغيير والتطوير إذا لم نأخذ واقعنا الذى نريد ان نغيره ، وبدون ان نفكر لأنفسنا فى المستقبل الذى نريد.مثلاّ ماهو الذى نريد تغييره تغيير حقيقياّ غير موهوم؟ وما هى الملامح الشخصية التى نريدها لمواطنيننا دون نسخ من هويات غير هويتنا أو نقل افكار وقيم بلا تأمل من ثقافات أخرى؟ وكيف يمكنن ان نفصل الغث من الثمين مما عندنا ومما عند الأخرين؟ هذا الأسئلة لابد ان توجهنا فى عملنا للتطوير والتغيير من أجل الإصلاح.

والأن نعرض لبعض المسلمات ، و كلمة " مسلمة" تعنى امور نسلم بها ابتداءّ دون الخوض فى إثباتها بل نتفق على صحتها كنقطة بدء للتفكير فى الإصلاح ، ونتفق أيضاّ على ان هذه المسلمات ضرورية لبناء حياة إجتماعية صحية للغالبية بأقل مشاكل. وإذا كان قبولها يجلب من المصالح اكثر مما يسبب من أ ضرار ، فعلينا ان نتمسك بها ونترك العبء على من يريد ان يثبتها او يفندها ليقدم لنا النصيحة والمشورة بعد ذلك. وربما حدث فى المستقبل ما يجعلنا ان نراجع هذه المسلمات فسوف نجد عندئذ هذا الرصيد من الإثبات والتفنيد ليساعدنا على الترجيح او الإلغاء او الأضافة او التعديل لهذه المسلمات. وهذ بعض المسلمات.

المسلمة الأولى: الشعوب العربية هى شعوب فى غالبيتها متدينة، وبالرغم من بعض الإنتقادات التى توجه لبعض مظاهر الدين التى نراها حاضرة الا ان كلا الأديان عندنا تؤمن بالله ولابد ان يراعى هذا فى أى مفهوم للإصلاح، بل على العكس من ذلك لابد ان يستفاد من الإيجابية فى الإيمان بالله وبقيم الدين المبنية على هذا الإيمان لتساعد فى الإصلاح وتعطينا مزيدا من الطاقة فى مجهودنا للإصلاح. فأى محاولة للتغيير تبدأ بمهاجمة الأديان لن تؤدى الى تغيير منتج أوإصلاح حقيقى ، أما اذا كانت هناك مشاكل مرتبطة بالدين وتأثيرات أتية من الخارج لإلغاء دوره فلابد ان يتعاون الجميع من أجل الإعتماد على الذات وأن يقومن اًصحاب الدين أنفسهم وعلماءه واعتماداّ على مصادر الدين الأصلية و على إدراك مقاصد الدين واهداف الشريعة لتغيير ما يسىء الى الدين.

المسلمة الثانية: فى العالم المعقد الذى نعيش فيه الأن يلعب العلم دورا مهما لا يمكن الإستغناء عنه وسيظل كذلك فى المستقبل المنظور. واصبح العلم والتكنولوجيا من اهم الأدوات لحل المشاكل وتسهيل الحياة. والعلم لا يعطى مجاناّ ولا تقدم التكنولوجيا دون مقابل فى عالم يحكمة المال والإقتصاد. لذلك لابد ان يأخذ العلم مكانه الصحيح فى مناهجنا وفى طرق تفكيرنا لحل مشاكلنا ، ونحن لا تنقصنا القدرات ولا المهارات العلمية ولكن ينقصنا النظام الذى يسهل التعامل مع العلوم وتنقصنا الإدارة العلمية ، ونحتاج الهمة والعزيمة والصبر والنفس الطويل والإصرار والمثابرة حتى يمكننا ان نتمكن من العلم والتكنولوجيا ولا نظل تابعين ومستهلكين لنتائج العلم والتكنولوجيا. وأيضا ليس عندنا تناقض بين العلم والدين فبينما يتعامل العلم مع الطبيعة الجامدة والحية و مع مواد جامدة ونبات وحيوان لنفهم قوانينها للإستفادة منها فى حياتنا ، فإننا نجد ان من اهم وظائف المتدين هو عمارة الأرض وتحقيق النماء الفردى والجمعى. وهل يمكننا ان نحقق مقاصد الدين فى الإستخلاف دون العلم والتكنولوجيا؟ لذلك لا يصح لنا ان نهمل العلم بأى دعوة من الدعاوى. وحتى الملحدين لا يمكنهم استخدام العلم لهدم العقيدة فى الله لأنه ليس من وظيفة العلم ولا فى طرقه اى منهج لنفى وجود الله.

المسلمة الثالثة: التغيير يحتاج الى من يقوم به، وعادة يقوم بالتغيير عدد قليل ولكنه يلقى مقاومة من عدد قليل أخر، وإذا لم يحدث التغيير الى الأفضل فستظل الأمور كما هى او تسوء أكثر ، وينفجر الواقع دون استعداد لتحمل نتائجه. ودون مساعدة من الأغلبية الصامتة فستكون الأمور اكثر صعوبة لأى مجموعة رائدة تريد الإصلاح التعليمى والتربوى.

المسلمة الرابعة: التفريق بين المواطنين الذين يسكنون معا منذ مئات السنين ، ولهم نفس العادات والتقاليد واللغة وغيرها من ملامح مشتركة ، هذا التفريق على اى اساس سوف يعمل تمزيق النسيج الإجتماعى للدولة ويكون بؤر يمكن ان تكون مدخلاّ لعدم الأستقرار وكسر التجانس الوطنى ، وفتح الأبواب لأعداء الأمة لتمزيق الوطن. لذلك يجب ان يشارك الجميع فى مشروع إصلاح التعليم حتى نسد مداخل الشيطان، ونمحى بؤر النزاع الداخلى الذى أذا حدث لن يسلم منه أحد.

المسلمة الخامسة: أى تغيير او إصلاح له كلفة إقتصادية ، ولابد ان تقوم الدولة بدورها الإقتصادى فى الإصلاح التعليمى لأنه إصلاح استراتيجى للمئة سنة القادمة ولذلك فلة اولوية قصوى مثله مثل نظام الدفاع. وأيضا على أصحاب روؤس المال الوطنيين ورجال الأعمال ان يشاركو فى هذا المشروع المستقبلى.

المسلمة السادسة: من الأمور المعروفة عن المواطن هو أرتباطة بأسرته وعائلته ، والتأثيرات المتعددة عالمية وداخلية تعمل على تفكيك دور الأسرة وتقليل مفاهيم التكافل العائلى وزيادة نسب الطلاق، لذلك على نظام التعليم ان يكون له دورا فى اعادة مفهوم الأسرة ودورها فى العملية التربية والتعليمية من خلال مشاركتها فى كثير من الأنشطة المدرسية واعمال التقويم الدراسى والتربوى.

المسلمة السابعة: لابد لأى عمل ناجح من ان يكون الفكر المبنى عليه فكراّ منضبطا وقابلاّ للتطبيق. فإذا كان هناك أفكاراّ كثيرة و نظريات وفلسفات و غيرها الا اننا فى حاجة ماسة لفكر يمكن تطبيقه ، فكر هندسى أجتماعى ، فكر يرشدنا الى كيف نطبق الأفكار. وبدون هذا الفكر، فكر تنفيذ الأفكار وتحقيقها على الأرض ، سوف نكون كمن يحرث فى البحر.

المسلمة الثامنة: نحن فى فترة إنتقالية وعندما نعمل على التغيير فأنه سوف يأخذ وقتا طويلاّ ، فالتغيير يحتاج وقتا طويلاّ حتى تنتج عمليات الإصلاح ، لذلك الصبر مطلوب والمثابرة ايضا. ويجب ان لا نعتمد على أشخاص بل على ثبات المنظومة مع تغير الأشخاص والعمل المستمر لإكمال مشروع الإصلاح.

ثانياّ: رؤية إستراتيجية للتعلم

نحن نريد مواطناّ لة قلب وعقل وجسم ، يعيش فى مجتمع مع أناس مثلة، لهم نفس الثقافة ونفس اللغة ونفس العادات ونفس التقاليد، ويؤمنون بعقائد سماوية توحيدية لها نفس المصدر وهو الله وان اختلفوا فى تفسير الوحدانية. لذلك فالرؤية المستقبلية ترى الأهمية القسوى فى اخذ البعد الدينى والبعد الثقافى والبعد العلمى كأبعاد متكاملة لمنظومة التعليم المأمول. و إذا نظرنا الى التعليم كنظام يخرج لنا طلاب لهم صفات مطلوبة ، فما هى هذه المواصفات المستقبلية لخريج الجامعات والمدارس الذين نرغب ان نراهم؟ هذا السؤال يحتاج نقاشاّ طويلاّ مع كل فئات المجتمع لأنه المفتاح ولأنة مصدر من مصادر الخلاف الفكرى. ولنبدأ ببعض التصورات الممكن الإتفاق عليها.

[COLOR=#000000][B][FONT=Times New Roman]FONT=Times New Roman[/font][/font][/b][/color][/size]
الإنسان هو الأساس

أساس التغيير هو الإنسان ، والتعليم السليم هو الذى يبنى الإنسان السليم. و عملية بناء الإنسان هى العنصر الجوهرى و حجر الزاوية لعلاج حالتنا ، و عملية البناء هذه لابد أن تأخذ حيزا أكبر من اهتمامنا ، اهتمام الأفراد و الأسر والمؤسسات و الدول ، وأن لا يبخل عليها كل هؤلاء بفكر أو بمال أو جهد. والمؤسسات التعليمية و التربوية ، بأفكارها و مناهجها و طرقها و أساليبها فى الإدارة التعليمية ، والعاملين عليها هى من أهم المرتكزات المشاركة فى عملية بناء الإنسان. وإذا كان الإنسان هو الأساس ، فما هو تصورنا إذن لهذا الإنسان المطلوب؟

نحن نريد أن نبنى و نعد إنسانا للأجيال القادمة ، والفكر الذى يبنى هذا الإنسان يحتاج إلى مراجعة ، والبرامج التى يعتمد عليها تحتاج إعادة تصميم. والمناهج المرتبطة بالعمليات التعليمية و التربوية تحتاج إعادة صياغة. نحن نريد بناء و نموا و نماء يرتكز إلى قواعد أكثر صلابة ، و إلى وسائل أكثر علمية ، وإلى مناهج أكثر مرونة ، وإلى رؤية تستشرف المستقبل و تعتمد على منجزات العصر الفكرية و العلمية و التقنية. نحن نريد أن نطور أنفسنا عمليا لنستطيع أن نربط بين فكرتنا عن الإنسان ، وبين نتائج الأبحاث و الدراسات فى مجالات التعلم و الإدراك والاتصال و المعلومات و طرق التفكير السليم و طرق البحث ، و بين ما سبق وبين برامج التعليم ومشروعات التنمية خططا و تنفيذا. فإذا اتفقنا على هذا الهدف ، فلابد لنا من مراجعة شاملة لكل العملية التعليمية من أجل إنسان الجيل القادم ، الإنسان الذى نأمل أن يتحمل مسئوليته كاملة و يأخذ مكانه للدفاع عن هويتنا و حضارتنا و ثقافتنا و لغتنا ، ويستطيع أن يواجه مشاكلنا بما يتطلبه العصر القادم.

عملية بناء الإنسان هى عملية طويلة و صعبة ، تحتاج صبرا و مثابرة ، تحتاج إيمانا بها و معاناة من أجلها ، تحتاج تعاونا وتكاتفا و تأييدا و مؤازرة ، تحتاج عملا مخططا منظما ، تحتاج خطوات عملية متسقة ،كل منها له هدفا محددا و دورا فى إنجاز مرحلته التعليمية ليؤدى إلى مرحلة أعلى و مستوى أفضل للإنسان. و هذه العملية التعليمية تحتاج قبل كل ذلك و بعده إلى رؤية ، إلى فلسفة تعليمية ، إلى تصور محدد للإنسان ، لهذا الخليفة الذى خلقه الله ليحمل الأمانة والذى نريد أن نؤهله ليصبح إنسانا فى علاقته مع الكون ومع نفسه و مع أخيه الإنسان. هذا هو إذن لب العملية التعليمية و التربوية التى من المفروض أن تقوم بها المؤسسات التعليمية بمساندة من كل مؤسسات الدولة و بمساعدة من الأسرة. فإذا وضح الهدف و أخلص معظمنا للعمل له ، فإننا نأمل كل خير بعون الله. و إذا تأملنا ما سبق فإننا نجد أنفسنا وجها لوجه أمام مشكلة المشاكل فى أمتنا ، مشكلة التعليم و مناهجه ، والتي نعانى منها ونكتب كثيرا عنها و نشتكى و نلف و ندور حولها بحثا عن مخرج.

[CENTER]

[SIZE=4]FONT=‘Times New Roman’[/size][/font]
بحثا عن فكرة جديدة [/center]


هناك ثلاثة أنواع من الأفكار يطرحها الإنسان من أجل التغيير و التى تربط بين المفهوم و تنزيله على الواقع ، وبين المشاكل و علاجها ، وبين النظرية و التطبيق. النوع الأول هو الأفكار التي تعمد إلى التحسين البسيط والمستمر لتفاصيل العملية التعليمية دون الاهتمام بالشكل العام والشامل للتعليم و أهدافه. والنوع الثانى من الأفكار هو الأفكار التطورية ، فهى تسير فى اتجاه التطور الناتج من تراكم الخبرات التعليمية و الإجراءات التحسينية لفترات طويلة من الزمن. أما النوع الأخير من الأفكار فهى الأفكار الثورية ، وهى الأفكار التى تبدل الأساس القديم و تغيره .

وفى مجال التعليم مررنا بالأفكار التحسينية و الأفكار التطورية ، و عشنا معها عشرات السنين ، ومع ذلك مازلنا نشكو من التعليم و مخرجاته ، و لم نستفد بالتحسن و التطور فى أفكارنا التعليمية ، ولم نجرب بعد الأفكار الثورية. وربما يكون وضعنا الحالى يرجح حاجتنا إلى فكر ثورى جديد يغير الأساس التعليمى ، فكر يربط النظرية بالعمل ، فكر يدرس حدوده و إمكانية تنفيذه قبل المناداة بتطبيقه . نحن نحتاج مشروعا تعليميا مبنيا على هذا الفكر ، مشروعا قوميا قابلا للتنفيذ ، و يجد من يقف وراءه ويؤيده ، مشروعا ليس طرحا فقط لمنتجات العصر من أسماء أجهزة ، ومصطلحات ، وكلمات رنانة.

مجرد عرض الأفكار و إلقاء الكلمات عن ثورة المعرفة ، والاتصالات و المعلومات ، والحاسب أو الحاسوب الآلي ، وشبكة الإنترنت ، وغيرها ، لن يؤدى إلى عائد مجز ما لم يترجم إلى خطه عمل متكاملة . وليس تكرار الكلام حول الإبداع والحداثة وما بعدها والتقدم والعلم والتكنولوجيا والعلمانية والعولمة و القرن الواحد والعشرين. و غيرها من كلمات ظريفة ، ليس هذا الاستعمال هو الذي يحل مشاكل التربية و التعليم ، وليس هو الذى يطور المناهج ويرتقى بمؤسسات التعليم ولكنه يدل على إننا عندنا مثقفين على وعى محمود بإنتاج الغرب الفكرى . ولكننا نريد أن نستفيد من هذه الثقافة و هذا الفكر و تلك الكلمات والمصطلحات ونوظفها فى التخطيط لمشروع قومى للتعليم ، يثوره و يؤهل القائمين عليه لقبوله وإداراته ، ويخرج لنا طالبا له عقل و قلب و ساعد. عقل يفكر و يخطط ، وقلب يحب و يشعر و يشتاق و يحلم فيدفع و يحفز ، وأخيرا ساعدا يعمل و ينفذ.

علينا إذن أن نفكر من جديد ونتأمل ونناقش مفاهيمنا الأساسية حول التعليم فى ضوء منجزات عصر الطب و الهندسة ، وعلينا أن نستفيد بما حققاه (الطب و الهندسة) من ربط النظرية بالتطبيق ، وبعد ذلك نعيد بلوره مفاهيمنا التعليمية فى إطار التغيرات الحادثة فى مجالات النظريات العلمية الخاصة بالتعلم والإدراك والمعلومات والاتصالات وعلوم الحاسب الإلكتروني ، ثم نصب كل ذلك فى مشروع ثورى للتعليم. و نحن هنا فى أشد الحاجة للتأييد والتشجيع والمؤازرة من أولياء الأمور والطلاب.

[CENTER]

[SIZE=4]FONT=‘Times New Roman’[/size][/font]
إطار عام للمشروع الجديد

[/center]
سنعرض هنا للإطار العام لمشروعنا التعليمى. وأول شئ نبدأ به هو رؤيتنا المستقبلية لدور التعليم ، وهذه الرؤية تستمد من عقيدة فى الحياة ، تصور لنا دور الإنسان فى هذا الكون ، وحياته على هذه الأرض . ويأتى بعد ذلك بلورة هذه الرؤية فى مجموعة من الأهداف التى توجه الإنسان فى بناء علاقاته مع نفسه و مع بنى الإنسان ثم علاقاته مع عالمى الأفكار والأشياء. ومن هنا نصمم النظام التعليمي ليحقق ما يستطيع من الأهداف المأمولة. والخطوة التالية هى اختيار الجسور والقنوات والشبكات التى تحول الأهداف إلى خطة عمل فى شكل مراحل تعليمية. فإذا انتهينا من ذلك ندخل فى المرحلة التالية وهى وضع المنهج للمراحل التعليمية المرتبطة بالطالب ، وأيضا وضع منهج لإعداد الذين سيقومون بالتنفيذ من إدارة ومدرسين و مربيين وتقدير المطلوب من مبانى و أجهزة و غيرها. وتبقى بعد ذلك بعض الأمور ، منها دراسة الجدوى لهذا المشروع ، اقتصاديا و تنمويا و حضاريا ، ومنها دراسة المعوقات لهذا المشروع وكيفية التغلب عليها والتوقعات المحتملة لمخرجات هذا البرنامج التعليمى. والخطوة الأخيرة هى وضع جدول محدد لخطوات التنفيذ ، وهذا كله لن ينجح دون دعوة الناس إلى هذا الاقتراح واقتناعهم به. وفى الفقرات التالية سأعرض لرؤيتنا المستقبلية لدور التعليم وبلورة هذه الرؤية فى مجموعة من الأهداف ، ثم أعرض أخيرا للمشروع التعليمي الجديد ، أما الباقى فسوف أكمله إذا لاقى هذا المشروع القبول.

(4)
من هنا نبدأ



الإنسان :نعتقد أن الله قد خلق الإنسان بقدرات كامنة ضخمة تؤهله ليكون خليفته على الأرض ، وأن هذه الأمانة لها مسؤليتها وتبعاتها التى تحفز الإنسان على أن يشحذ مهاراته لتحقيق مهمة الخلافة ، ويالها من مهمة شاقة تحتاج عمل الفرد فى تناسق مع عمل الجماعة . وهذا العمل يستوجب فهم الإنسان لنفسه ولأخيه وللكون حوله ، ويستوجب تنمية قدرات الاتصال والتفاهم والحوار من أجل التعاون لحل مشاكل الإنسان على الأرض فى عمل جماعى ينسق القدرات الفردية الكثيرة والمتنوعة لإنجاز أعمال كبيرة لا يستطيع الإنسان بمفرده أن يقوم بها.إذن نحن بحاجة إلى التنسيق بين قدرات الإنسان المختلفة : الفهم ، الإدراك ،التواصل ،العمل من أجل فهم النفس والكون ، والتعاون لحل مشاكل الإنسان فى الحياة والاستعداد لما بعدها. وهذا التصور لدور الإنسان هو ما نريد أن نستثمره فى نظام التعليم.لذلك نرى إن المستقبل يحتاج منا أن نطور قدرات و قوى الإنسان للترقى الحضارى والانتقال من الحضارة الأرضية إلى الحضارة الشمسية ثم إلى الحضارة الكونية. وللتعليم دوره فى هذا التطوير عن طريق استعمال آخر ما وصلت إليه الإنسانية من مفاهيم ومنجزات تعتمد على التعامل مع المعلومات كشفا و استقبالا و معالجة و تخزينا ثم اختيارا فسلوكا و إرسالا. هذا هو التصور لما نريده فى إنسان المستقبل. ومفاتيح هذا التصور هى الكلمات التالية : قدرات و قوى الإنسان ؛ الحضارة الأرضية و الحضارة الكونية ثم المعلومات والتعامل معها بمختلف صورها و مصادرها .

قدرات و قوى الإنسان : هناك ثلاث قدرات أساسية للإنسان ، أولها قدراته العضلية أو الجسمية ، ثانيها قدراته المالية أو الاقتصادية أي الثروة ، و ثالثها قدراته المعرفية وهى تضم الإمكانات التأملية والروحية والعقلية وكل هذه متصلة أشد الاتصال بما تستقبله كل الحواس من معلومات وما يبنى عليها من عقائد و تصورات و نظريات. وتاريخ حياة الإنسان على الأرض سجل حافل باستعمال هذه القدرات من أجل سيطرة وتحكم الإنسان فى نفسه وفى غيره ويضا فى محيطه.

الحضارات : أول نوع من الحضارات هي الحضارة الأرضية ، و هي الحضارة التي يستطيع الإنسان أن يحققها على الأرض باستعمال قدراته و قواه للتحكم و السيطرة على موارد و طاقات الأرض ليحل مشاكل الإنسان ويحقق خلافته . والإنسان لم يصل بعد إلى هذه الحضارة . وثانى نوع من الحضارات هي الحضارة الشمسية وثالث نوع من الحضارات هي الحضارة المجرية ( مجرة درب التبان) و هي الحضارات التي يستطيع الإنسان أن يحققها على الأرض باستعمال قدراته و قواه للتحكم و السيطرة على مواردهما و طاقاتهما ليحل مشاكل الإنسان ويحقق خلافته.

المعلومات : والمعلومات هنا تعنى ما يستقبله الإنسان عن طريق حواسه من أصوات و إشارات و صور وكلمات ، وما تتضمنه من تصورات و أفكار و نظريات .والمعلومات من هذا المنطلق تمثل أكبر مصادر قوة الإنسان فى وقتنا المعاصر.

هذه هى الرؤية التى نرغب ونريد أن نبنى الإنسان من أجلها وبأدوات عصرنا. إنسان يتمتع بالصحة الروحية والصحة النفسية والصحة العقلية و الصحة البدنية.

[CENTER]

SIZE=4[/size]
بعض المرتكزات للمشروع التعليمي الجديد

[/center]
اعتمدت على الأتي في تصوري حول المشروع التعليمي الجديد:

1) التطور المعلوماتى للإنسانية سار في اتجاه مماثل لما هو مقترح في المشروع الجديد وتقريبا بنفس التدرج من وجود لغة للتفاهم ولنقل المعلومات ، وجمع المعطيات والتعرف على المحيط.

2) تطور معارف الإنسان المكتسبة سار في اتجاه مماثل لما هو مقترح في المشروع الجديد وتقريبا بنفس التدرج حيث بدأ الإنسان من المعلومات المباشرة والبسيطة المرتبطة بالأشياء المحسوسة وانتهى إلى الأفكار والمفاهيم غير المادية وتكوين العادات والتقاليد مع تراكم الخبرات ، ثم مرحله التجريد ووضع النظريات والقوانين.

3) التطور الحادث في الفكر العلمي والنظريات العلمية سار في اتجاه مماثل لما هو مقترح في المشروع الجديد وتقريبا بنفس التدرج حيث بدأ بالأفكار البسيطة والمباشرة المعتمدة على الملاحظة العادية ثم أكتمل من خلال تطوير الأدوات المعرفية من تحليل وتركيب و تصميم تجارب واستخدام الاستنباط والاستقراء. وتاريخ العلم وفلسفته هو خير دليل على ذلك.

4) خبرتنا بنظم التعليم السائدة وبنوعيه وكفاءة الطلاب المتخرجين الآن تدل على أن العديد من المتخرجين لم يعودوا يخرجوا من العملية التعليمية بمهارات مفيدة للتعامل مع مجتمعهم ، رغم طول مدة الدراسة (12 عاما) ، ورغم ضخامة التكاليف فمعظم الطلاب يتعلمون حفظا ومع ذلك لا يتذكرون ما درسوه بعد مدة قصيرة من تخرجهم.

5) الإنسان مخلوق اجتماعي بفطرته ويقضى وقتا طويلا في الاتصال مع الآخرين. إذن اللغة عنصر أساسي لحياته فوجوده وتعاونه مع إخوانه معتمدا لدرجة كبيرة على اتصاله وتواصله وحواره وكلامه مع محيطه ولذلك كان تعليم الإنسان الأدوات اللازمة للتعامل مع الآخرين (اللغة والمعلومات) من أهم عناصر المشروع التعليمي.

6) ما نتوقعه مستقبلا من مشاكل صعبه ومعقده تحتاج عملا جماعيا، يحتم تدريب الأجيال القادمة على طرق التعامل مع المعلومات ومعالجتها من خلال التعاون وتقسيم العمل والاستفادة من المهارات المختلفة لفريق العمل من أجل حلول علميه متكاملة ، فالبرنامج التعليمي الجديد هدفه تأهيل الجيل القادم ليتعامل مع مشاكله بروح الفريق وبكفاءة عالية. وهذا يوضح دور التعليم فى الإعداد للحياة الإجتماعية والعملية وسوق العمل .

7) من البديهيان أو المسلمات إن هناك علاقات وثيقة بين اللغة و المعرفة و التواصل و التماسك الاجتماعي. وقد أثبتت الخبرات والدراسات والتجارب أن تدريس لغة الأم أولا دون مشاركة لغات أخرى في المراحل الأولى للتعليم هو الأساس المتين لبناء شخصية متكاملة دون تشتت عقلي و اختلاط ثقافي وقيمي. أيضا فان إجادة لغة الأم هي مقدمة ضرورية لإجادة اللغات الأخرى. وقد عمدت كثير من الدول إلى التركيز على تعليم اللغة الأم في المراحل التعليمية الأولى لقناعتها بأهمية ذلك للانتماء إلى ثقافة الوطن الأم ( الأنجلوسكسونية ، الفرانكوفونية ، الأمريكية ، العبرية ،والصينية). ورأت بعض الدول الاستعمارية أن من أفضل الطرق للتحكم في الدول ، وبذر الشقاق والخلافات و إضعاف الانتماء هو إلغاء اللغة الوطنية وزرع لغة المستعمر( مثال ذلك هو فرنسا). ومن هنا لابد من إعادة النظر في درجة الاهتمام بتعليم اللغة العربية وبذل الجهد لتحسين طرق تعليمها و الكتب التي تستخدم لذلك.

8) هناك تقدم علمي كبير في مجال دراسة الإدراك وعلاقته بالمعرفة (cognitive science ) وفى مجال الذكاء الصناعي (artificial intelligence ) ويمكن استخدام نتائج هذه الدراسات في تصميم المنهج الجديد.

9) أيضا ثورة المعلومات والاتصالات المتفجرة حاليا هي من أفضل الوسائل التي يمكننا الاستفادة من أسسها وحقائقها في التنظير والتخطيط للبرنامج التعليمي الجديد.

SIZE=4[/size]
التوقعات

من المتوقع أن تنتج العملية التعليمية طالبا يجمع بين النظري والعملي قادرا على تطبيق معرفته لحل مشاكل حياته ومجتمعه ، طالبا له الصفات آلاتية:

القدرة على تأسيس العملي على النظري.
المرونة في التعامل مع مشاكل مجتمعه.
القدرة على أن يعلم نفسه بنفسه.
القدرة على التعامل مع المعلومات في حل المشاكل.
القدرة على التذوق الأدبي.
القدرة على النقد الموضوعي.
القدرة على التعبير و التواصل.
القدرة على الإبداع والأبتكار
القدرة على التفكير الإيجابىوالنقدى والإبتكارى
الإعتراف بالأخر وأهمية وجوده لإثراء مفهوم التنوع البشرى

وكل هذا ممكن أن يؤدى إلى:

أنسان له قلب وعقل وذراع
تقليل عدد الملتحقين بالجامعة دون عائد إنساني أو اقتصادي.
القدرة على تنظيم الوقت والاستفادة من طاقة الإنسان فى بناء المجتمع.
التوازون بين الفردية والجماعية
القدرة على العمل الجماعى
ترشيد الاستهلاك.
الوصول إلى مجتمع منتج.
استنبات قدرات الإبداع والابتكار لأبناء الوطن.

أليس كل هذا يصب فى مفهوم التنمية البشرية؟

ثالثاّ: رؤية غير مألوفة للتعليم العام

SIZE=4[/size]
المشروع التعليمي العام الجديد

يهدف هذا المشروع إلى تدريب الطالب وصقل مهاراته للتعامل مع المعلومات ثم تطوير معلوماته حتى تصبح معرفة ثم علما. وتدريب الطالب على ربط العلم بالعمل من خلال تطبيقه لأدوات المعرفة على مشاكله ليحلها ويتأكد من صلاحية الحل ثم يضع خطوات لتنفيذ الحل ، وهذا يتضمن الأتي :

المعلومات استقبالا : وهنا يجب تدريب لبطالب على تمييز مصادر المعلومات و تصنيف أشكالها وتدريب الحواس على استقبالها و تدريب الطالب على تمييز و استعمال الأجهزة التي تزيد قدراته لاستقبال المعلومات.

المعلومات معالجة: تدريب الطالب على وصف ما تستقبله حواسه و تصنيفها ، ثم التدرج به في مراحل الاستيعاب المختلفة من تكوين مدركات أولية بسيطة منفصلة ثم محاولة تجميع المفردات المعرفية إلى أفكار ، وبعد ذلك إلى نظريات.والتدريب على التحقق من مصداقية النظريات البسيطة. وتأتى بعد ذلك مرحلة التدريب على التجريد والربط بين الأفكار والتصورات والنظريات الأكثر عمومية.

في هذه المرحلة يتم شحذ مهارات الطالب الخاصة بأدوات المعرفة من تحليل وتركيب واستقراء واستنباط واستنتاج. ويتعلم الطالب أساسيات تفسير الظواهر والنصوص والجمل اللغوية من خلال أمثلة بسيطة. وأيضا يتعلم الطالب كيف يختار المعلومات المناسبة من كم هائل من المعلومات. ويدرب على أخذ القرارات بناء على المعلومات و السلوك بناء على القرارات. وهناك الكثير جدا من نشاطات الحياة العادية ومجالاتها التي يمكن الاستفادة منها هنا لتطبيق ما تعلمه. من السوق ومشاهدة ما يجرى فيه عرضا و اختيارا و بيعا وشراء ، ومن الأسرة والتعامل مع أفرادها ، ومن المدرسة ، ومن وسائل الإعلام ، ومن الرحلات ، ومن المسجد ، ومن ملاحظة الأرض والسماء. من خلال كل هذا ومن خلال ابتكار المئات من الأنشطة التعليمية يستطيع الطالب أن يشعر بالارتباط بين الأفكار والمشاهدات وما في الكتب وما يجرى بين الناس من تدافع تسير به الحياة. سوف يتعلم الطالب الرؤية المتعددة الأبعاد ويكتسب القدرة على النقد و يطور قدرات التذوق الفني والأدبي ويقوم بكل ذلك من خلال أنشطه متنوعة تشترك فيها قدراته البدنية والعقلية و حسه الاجتماعي. وسيعمل كل ذلك على تعويد الطالب على الربط بين الفكر والعمل.

المعلومات حفظا و تخزينا : سوف يدرب الطالب على استخدام الذاكرة و الأوراق والأجهزة المناسبة لتخزين واستعادة المعلومات بكفاءة عالية لا ترهق ذهنه ، فيوزع المعلومات المناسبة في المخازن المناسبة. ويستطيع الطالب أن يميز بين الخاص والعام ، و بين المقيد والمطلق ، والمجمل والمفصل ، وبين القواعد و النظريات ، والمفاهيم والقوانين ، والمقاصد والأهداف فيحفظ ما له الأولوية ويعرف كيف يسترجع ما يريد من تفاصيل أو معطيات.

المعلومات إرسالا : يتدرب الطالب على الطرق المختلفة لتمثيل و نقل المعلومات عن طرق الرسم والحوار والنقاش والكتابة والخطابة و عن طريق الإشارة والحركة.

المعلومات استعمالا : يتدرب الطالب على استعمال المعلومات من حيث المحتوى والتوقيت و من حيث الإيجاز أو الإطناب و عن طريق استخدام الوسائل المناسبة من أجل أخذ قرار أو كسب موقف أو لزيادة ثروة أو للسيطرة والتحكم أو لعلاج مشكلة أو غيرها من الاستعمالات المتعددة للمعلومات.

[CENTER]

[SIZE=4]FONT=‘Times New Roman’[/size][/font]
مراحل نظام التعليم الجديد

[/center]
بناء على ما سبق نقترح إلغاء النظام الحالي للتعليم بمراحله الثلاثة ، الابتدائي والإعدادي و الثانوي وفيه يقضى الطالب اثنتي عشرة سنة ، ونستبدل به نظاما آخر. النظام الجديد يتكون أيضا من ثلاثة مراحل بحيث تتلاءم كل مرحلة مع مستوى الإدراك الطبيعي للطالب في الفترة العمرية المقترحة ، و هذه ممكن معرفتها من الدراسات النفسية الخاصة بالإدراك في علم النفس . و ستقسم المراحل بناء على مقدرة الطالب على التعامل مع المعلومات إلى المراحل التالية. المرحلة الأولى هي مرحلة التآلف مع المعلومات ، و المرحلة الثانية هي مرحلة انتقالية لتحديد المجال المناسب للطالب للتعامل مع المعلومات ، أما المرحلة الأخيرة فهي للاستقرار والتركيز والتمرن على مجال المعلومات الذي يرغب فيه الطالب لإكمال طريقة بعد ذلك إما عملا أو استمرارا في الدراسة . وكاقتراح أولى سنقسم المراحل إلى مرحلة مدتهاسبع سنوات ومرحلتين مدة كل منهما ثلاث سنوات، آخذين في الاعتبار إمكانية إضافة مرحلة الروضة إلى هذه المراحل وإعدادها لتتسق مع المراحل التالية.

المرحلة الأولى : في هذه المرحلة سيتعرف الطالب على المعلومات بأشكالها و مصادرها المتعددة و يتدرب على التعامل معها استقبالا و إرسالا ، وفيها يتم التدريب بتدرج على مهارات الرسم والكلام ثم القراءة والكتابة . ويكون أكثر وقت الطالب مشغولا بأنشطة متنوعة تعمد إلى تدريبه من خلال وسائط معلوماتية متعددة. ويتعلم الطالب أن يقرأ كثيرا و يسمع كثيرا و تنتهي هذه المرحلة وللطالب كفاءة عالية في السماع و الكلام من حيث الإلقاء و الحوار والنقاش ، و القراءة والكتابة من حيث السرعة و تنوع الموضوعات و زيادة في عدد الكتب استيعابا و عرضا و تلخيصا .

المرحلة الثانية : في هذه المرحلة يتدرب الطالب على المعالجات البسيطة للمعلومات ، وفيها أيضا يمكن اكتشاف اتجاهات الطالب تجاه المعلومات استقبالا و إرسالا و حفظا و تخزينا و معالجة.

[LEFT]المرحلة الثالثة : فى هذه المرحلة يتدرب الطالب على تطوير أدواته المختلفة للتعامل مع المعلومات ، ويركز على المهارات المفضلة للطالب. ويتم تدريب الطالب على تطبيق مهاراته في المجالات التخصصية التي يفضلها الطالب والتي يرغب أن يعمل فيها أو يكمل دراسته فيها مثل : الآداب ، التذوق و النقد الفني ، الرياضيات ، اللغات ، الحاسب الآلي ، الفيزياء ، الكيمياء ، الإدارة ، التجارة ، التاريخ ، الجغرافيا ، الفلسفة و غيرها .المقررات المستخدمة سوف تعمد إلى تعليم الطالب من خلال الانتقال من السهل إلى المعقد ، ومن البسيط إلى المركب ، ومن المعلوم إلى المجهول ، و تدريبه على اكتشاف الانتظام من عدمه ، وعلى اكتشاف القوانين ، وعلى الاستنباط والاستقراء. بالإضافة إلى ذلك محاولة تدريبه على استعمال الحدس وعلى تصميم و إجراء التجارب وتحليل نتائجها و استعمال الطرق العلمية فى حل المشاكل .ويدرب أيضا على التعميم والتخصيص ، وعلى الاختيار بين البدائل ، وعلى اختيار المعلومات التي يحتاجها من بين كم هائل من المعلومات ( assimilation mining, data fusion) ، وعلى أخذ القرار بناء على دراسة الأولويات و البدائل والمكسب والخسارة . ومن أهم المهارات المطلوبة هي إجادة قراءة نص مكتوب و تفسير الجمل والعبارات ، والتذوق الأدبي .


SIZE=4[/size]
بعض التفاصيل لمراحل التعليم المقترحة


تفاصيل المراحل المختلفة تعتمد على العناصر الجوهرية للتواصل . فمراحل التعليم المقترحة بنيت على أساس تطوير قدرات الطالب للتعامل مع المعلومات ، ومن هذا المنطلق نجد أن العناصر الجوهرية في التعامل مع المعلومات نقلا و تواصلا هي :(أ ) اللغة الناقلة ، (ب) المعلومات :المحتوى المنقول و فهم المضمون.

أولا :اللغة
الإنسان ككائن اجتماعي يحتاج إلى لغة للتعبير وللحوار والنقاش مع الآخرين. واللغة هنا تثرى النفس و تغنى الحياة الاجتماعية والأدبية و الفنية فهي ضرورة لازمة للحياة . وكثير من مشاكل الإنسان تنشأ من سوء استعمال اللغة وما يترتب عليها من سوء الفهم . فلا جرم أن تكون اللغة هي أهم المحاور التي يجب علينا أن نوليها الأهمية الأساسية في نظام التعليم. وهناك كماّ كبيراّ من المعلومات يصل إلينا من الكون المادي و الطبيعة، ولنتعامل مع هذا النوع من المعرفة وجب علينا أن نتقن لغته ، وهى لغة العلم . ،نحن أذن أمام لغتين :

1) لغة التخاطب و التحاور والاتصال والتواصل، لغة الأدب والشعر والخيال، لغة التعبير عن النفس وعن المشاعر ، لغة الإنسان المخلوق للتعارف ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) ، إنها في الأساس ، لغة الأم ،لغة القوم ، لغة الثقافة والأمة .

2) لغة التعامل مع الكون ، مع الطبيعة ، مع الأرقام ، مع الرموز. لغة التعامل مع الأفكار المجردة والنظريات ، لغة الحوار العلمي والتقني ، لغة الإنتاج العلمي والبحث العلمي ، وهى هنا لغات الرياضيات ولغات الحاسب الإلكتروني.

ثانيا : المعلومات
هو هذا البحر العميق والممتد من المعطيات و المعارف والذي نعد الطالب للتعامل معه. ومصادر المعلومات التي سيتعامل معها الطالب في المنهج الجديد هي الطبيعة المحيطة بالطالب ثم وسائط نقل المعلومات المسموعة و المقروءة و المرئية وهذه تأخذ أشكالا متعددة. بالنسبة للطبيعة تؤخذ المعلومات من الظواهر و الأحداث عن طريق الملاحظة و التسجيل وتصميم التجارب التي تهدف إلى التركيز على مشاهدة ظاهرة محددة. أما بالنسبة للمعلومات المأخوذة من وسائط نقل المعلومات من خلال حواس السمع والبصر فهي تأخذ شكل الكلمات و الجمل و الأصوات والإشارات. والمعارف الإنسانية تبنى اعتمادا على ما يتلقاه الإنسان من المعطيات عن طريق المعالجة وتتبلور في شكل مدركات و تصورات و مفاهيم و قيم حول الكون والحياة و الإنسان. وتأخذ الأفكار المختلفة صيغا مكتوبة أو غير مكتوبة في شكل فروض و نظريات و قوانين ومسلمات و كل هذا ينعكس في حياة الإنسان في العقائد والعادات والتقاليد والقيم وقواعد السلوك. وهنا نجد أنفسنا في خضم محيطات المعلومات المتنوعة ومجالاتها المتعددة وأعماقها المتباينة وأبعادها المختلفة. إنها المعطيات والمعلومات والمعارف ، من أعماق الأرض إلى ما فوق السماء ، ومن أصغر المخلوقات الحية التي عرفها الإنسان إلى معرفة خالق الأكوان ، ومن الكوارك إلى المجرات. إن مصادر المعرفة هي الأساس الذي ولدت منه الأفكار ودارت حوله العواطف والنوازع وأثارت العديد من أشكال الحركة والسلوك والفعل و الانفعال.

المحتوى التعليمي للمرحلة الأولى
وفيها يتدرب الطالب على التعامل مع معلومات متنوعة معروضة بأشكال متعددة ( كتاب ، فيلم ، رسم ، صور ، أناشيد ، حاسب إلكتروني ، شريط ، تلفزيون). ومن مصادر مختلفة ( سيرة ، قصص ، نبات ، صخور ، فلك ، حيوان ، حشرات ، ) ويتدرب على استعمال اللغة المناسبة . وفى هذه المرحلة سيتدرب الطالب على التعامل مع لغتين فقط وهما اللغة الأم ، وهى هنا اللغة العربية ، والرياضيات كلغة ثانية.

اللغة العربية: هي اللغة التي يستعملها الطفل من ميلاده إلى وفاته ، وهى اللغة التي يتعرف بها على محيطه ويتآلف بها مع والديه و أخواته و الناس حوله ، فيتعود على وسيله للاتصال لها مفردتها المألوفة فلا يتشتت ذهنه من تعدد اللغات واختلاف اللكنات وتنوع المفاهيم والقيم والثقافات. والتشتت من شأنه أن يؤخر نطقه ويشوه مدركاته .و الاستقرار التعليمي في المراحل الأولى من أهم المرتكزات لبناء شخصية متوازنة.وفى هذه المرحلة يجب ألا نركز على القواعد اللغوية ، فالمرحلة العمرية للطفل لا تتناسب مع التجريديات النظرية للقواعد النحوية ويشجع الطفل على حرية التعامل مع اللغة بتنوع في الأشكال بما يتناسب مع خواص الطفل النفسية والإدراكيه في هذه الفترة من عمره .وأكثر الأطفال في هذه المرحلة يحبون أن يتكلموا ويرسموا ، وعقلهم في هذا السن له استعداد على حفظ العديد من الكلمات. فيتدرب الطفل في هذه المرحلة على الاستماع والرسم و القراءة المتنوعة والعديدة المصادر(شريط ، مجلة ، فيلم ، رحله، ،) ومجالات معرفية مختلفة ( قصص، علوم ، ) في صور وأشكال بسيطة. وتصمم الكتب التعليمية المختلفة لتدريب الطالب على استقبال وإرسال المعلومات البسيطة في شكل كلمات و جمل و رسومات وإشارات. ويتدرب على وصف وتقسيم وتصنيف المعلومات ويعبر عن ذلك كلاما و رسما وكتابة أو تمثيلا.ويتدرب أيضا على استعمال القلم واللسان في الحوار والكتابة والرسم.ويتدرب على استعمال أجهزة التسجيل الصوتي والمرئي والحاسب ، ويتم التركيز على إتقان القراءة وزيادة سرعتها ، وآداب الإنصات والسماع و الحوار والكلام. ويعود الطالب على استعمال حصيلته اللغوية في الربط بين الكلمات في معاني بسيطة في مجالات متعددة. وتصمم الأنشطة الفصلية المختلفة لتدريب الطالب على صقل مهارته المعلوماتية وطرق الاستنتاج وأخذ القرارات .

الرياضيات: و الرياضيات ، لغة العلم والفيزياء ، هى اللغة الثانية المصاحبة للغة الحوار و التخاطب والأدب. وفى مقرر الرياضيات سيتدرب الطالب على التعامل مع الأرقام والرموز والمفاهيم الحسابية و المنطق الرياضي البسيط . وستعمد الأنشطة المصاحبة على تدريب الطالب على التطبيقات الرياضية المرتبطة بظواهر طبيعية واجتماعية مألوفة له و يوجه الطالب إلى التعرف والتمييز واكتشاف النماذج (patterns)الرياضية البسيطة وطرق الاستنتاج الرياضي.

في نهاية هذه المرحلة تقاس مهارات الطالب المختلفة ( تحدد بالضبط عند وضع المنهج) ومن خلال طرق التقييم تحدد عدة اتجاهات تصف ملامح الطالب المعلوماتية مثل حب الشعر والأدب أو الاهتمام بالحشرات أو النباتات أو الفلك ،أو حب التاريخ والقصص، وهل يفضل الطالب الرسم أو القراءة أو الكلام أو الكتابة ،وهل يحب الطالب الحفظ أو التحليل . وبناء على ذلك يوجه الطالب فى المرحلة الثانية.

المحتوى التعليمي للمرحلة الثانية
هذه المرحلة تسير على خطى المرحلة الأولى مع زيادة في العمق ، والتركيز أكثر على طرق التعامل مع المعلومات . يبدأ الطالب هذه المرحلة وهو يمتلك مهارة عالية في استقبال المعلومات (القراءة السريعة و التركيز السماعي) بحيث تمكنه هذه القدرة من زيادة عدد و تنوع الوسائط التي يستخدمها في المقررات الدراسية (كتب ، أفلام ، شرائط ،برامج كمبيوتر)، و في هذه المرحلة يستكمل مقرر اللغة العربية من حيث درجة استعمال اللغة سماعا و قراءة و فهما و تعبيرا و تحليلا مع الإكثار من موضوعات القراءة والتنوع في مجالات المعرفة و عمق التناول. في هذه المرحلة يوجه الطالب للتعرف على القواعد اللغوية ، عن طريق الاستقراء ، مع زيادة حصيلته من الكلمات وتدريبه على استعمال الكلمات والأفكار بعرضها كتابة أو إلقاء(خطبة و محاضرة ودرسا) أو رسما كل ذلك باستعمال الأسلوب الملائم ( أساليب العلم أو الأدب أو الإلقاء).

و فى هذه المرحلة يستمر تعليم الرياضيات مع ربط الأفكار والمفاهيم الرياضية بالتطبيقات في علوم الفيزياء والبيولوجيا و الاقتصاد والاجتماع وغيرها . و يوجه الطالب إلى فهم طرق الإثبات والبرهان في الرياضيات اعتمادا على مفاهيم الأنظمة الصورية (formal systems) وطرق الاستنباط والاستقراء وبناء مفاهيم القوانين التي تحكم حركة الحياة والكون .

وبالإضافة إلى اللغة العربية والرياضيات يضاف مقرران جديدان وهما اللغة الإنجليزية والتعريف بلغات الحاسب الإلكتروني . فاللغة الإنجليزية هي اللغة المتداولة عالميا وهى اللغة المستعملة في علوم العصر وثقافته ولابد من إجادتها حتى يمكن التعامل مع منجزات العصر علمه و آدابه وأجهزته و شركاته ومؤسساته . أما الحاسب الإلكتروني فهو المارد الجديد لعصر المعلومات ولكي نستطيع السيطرة عليه والاستفادة منه يجب أن نتقن علومه وتقنيات استعماله . والحاسب هو الوسيلة المستعملة بكفاءة عالية لمساعدة الإنسان في المعالجة السريعة للمعلومات الوفيرة وفى حل المشاكل . وطرق التعامل مع الحاسب تعلم الطالب التفكير المنطقي وهذا شئ مطلوب في إنسان المستقبل .وتخصص و توزع مقررات الدراسة في هذه المرحلة تبعا لاتجاهات الطلاب ، فلا يدرس كل الطلاب نفس الكتب بل يقسم الطلاب إلى مجموعات متجانسة في الاتجاهات المعلوماتية والعلمية وتوجه كل مجموعة من الطلاب إلى ما يناسب اتجاهها فتتعامل من وسائط المعلومات المطلوبة لإتقان المهارات المطلوبة .

المحتوى التعليمي للمرحلة الثالثة
فى هذه المرحلة يتدرب الطالب على تطبيق ما تعلمه من : طرق التعامل مع المعلومات ، ومن استخدام التفكير السليم و الطريقة العلمية في مواجهة المشاكل ، طرق حل المشاكل ، والقراءة السريعة ، وتنظيم الوقت ، وكيفية أخذ القرار الأكثر سلامة ، والتذوق الأدبي ، الطرق العلمية والأدبية في التعبير و غير ذلك مما تعلمه ليستعمله في مجال مهني أو علمي ، يتخصص فيه ، من المجالات المتوقع أن يجد فيها وظيفة أو تطلبها الجامعة لإكمال دراسته بعد هذه المرحلة . هذه إذن مرحلة للتأهيل لمستويات أعلى يستطيع فيها الطالب الاستفادة من قدراته في التعامل مع المعلومات لتقليل الزمن لإكمال دراسته أو إنجاز عمله بكفاءة عالية . وبهذا يتحول دور المعلم من ملقن إلى موجه ومربى .

و في هذه المرحلة تستمر دراسة اللغة العربية و اللغة الإنجليزية والرياضيات و لغات الحاسب الآلي الملائمة للتطور الحادث في علوم الكمبيوتر . ويضاف إلى هذه المقررات عددا من المقررات التي تغطى مجالات التخصص المعروضة . ويتم التركيز في هذه المرحلة على المرونة في التفكير ، و أخذ القرار ، و القراءة السريعة و تنظيم الوقت وإدارته ، وطرق حل المشاكل ، والعمل الجماعي لمناقشة المشاكل وحلها، وتقسيم العمل وتوزيع الأدوار ،وإجراء التجارب ،و تحليل النتائج و اكتشاف القوانين .

كل ما سبق يمثل الإطار العام للمشروع ومراحل التعليم الثلاثة المقترحة ، وهى أفكار توجهنا عند التخطيط للدراسات التفصيلية.

رابعاّ: التعليم العام ومفهوم التربية المأمول

تكلمنا عن الجزء المعرفى ووضعنا أهدافا للتعلم وهى تدور حول قدرات ومهارات عقلية لجمع وتصنيف ومعالجة المعلومات للوصول الى معارف ، ولكننا لم نطرح بعد الأهداف السلوكية المطلوب تحقيقها تربوياّ ، وكيف تؤثر الثقافة السائدة والعادات والتقاليد على تغيير المعنىالحياتى للتربية. لقد تحولت التربية الى مقررات للدراسة حول معنى التربية وفلسفة التربية والنظريات التربوية وانفصلت عن الحياة وانعدم تاثيرها على تغيير الواقع السلوكى للطلاب والمدرسين والأساتذة. وأصبحت التربية مرتبطة بالحصول على معارف ومعلومات حول التربية وليس تحقيق او تعديل سلوكا غير ملائم. وتعود الطلاب ان يدخلوا الإمتحان للنجاح فى مادة التربية ولا يهم المعنى الحياتى للتربية وحتى ان بعض مدرسى التربية يناقضون كل ما يعلموة للطلاب عن التربية من خلال تعاملهم الفعلى فى الفصل مع الطلاب وهم يدرسون مادة التربية.

هل التربية هى مقررات دراسية للدراسة وإجتياز الإمتحان للحصول على شهادة؟ أم ان التربية شىء أخر، هل هى مثلا أداة لتغيير السلوك فى المواقف الكثيرة فى الحياة بحيث يتصرف الطالب ويسلك مثل ما تقولة النظريات والفلسفات التربوية؟ وهل يمكن ان نعيد للتربية وضعها الصحيح؟ وكيف؟ وكم يتكلف هذا من مال ومجهود؟ وما هو الوقت التى يمكن التربية ان تطعى ثمارها؟ وهل هناك من يصبر على إعداد وتنفيذ المشروع التربوى المأمول؟ البحث عن معنى للتربية وكيف نحقق هذا المعنى عمليا فى المدرسة او الجامعة هى محور اساسى سوف نتعرض لة بإختصار فى هذا الجزء من رؤيتنا المستقبلية للتعليم.

SIZE=4[/size]
إعادة المعنى لمفهوم التربية

التربية والتعليم والتعلم والثقافة كلمات متداولة ولكننى أحتار فى فهم معانيها. هل هذه الكلمات هى مترادفات لنفس المعنى أم أن لها معانى مختلفة؟ من المتوقع ان تكون لها معانى مختلفة لأننا عندنا وزارة للتربية والتعليم ، ووزارة للتعليم العالى ووزارة للثقافة تقوم بوظائف التربية والتعليم والتثقيف. ولكن ماذا عن كلمة ومعنى التعلم وارتباطها بالتربية؟ فإذا قلنا ان التعليم والتعلم خاص بالمعرفة والمعلومات فى مجالاتها المختلفة وإذا لاحظنا المقررات والإمتحانات التى يأخذها الطلاب فى التعليم العام والعالى نجدها كلها تتركز حول تجميع المعارف والمعلومات ولا تعطى أهتماما بالمهارات الفكرية والعلمية واللغوية وغيرها، ولا تضع فى معاييرها للتقويم قياس ما تعلمة الطالب من اساسيات ومفاهيم كل علم. وكم كنت أحب ان ارى دراسات على الخريجين من أقسام عدة تجرى عليهم بعد عدة سنين من تخرجهم نعرف من خلالها كم تبقى فى عقل الطالب من معارف ومعلومات بعد تخرجه. هذا عن التعليم والتعلم ولكن أين نجد التربية؟ وما معناها؟ التربية شىء محير فى النظام التعليمى السائد من عقود.

هناك كليات للتربية وهناك مقررات لعلوم التربية كما ان هناك نظريات خاصة بالتربية والعلم والتعليم واالتعلم . أيضا هناك مقررات خاصة بفلسفة التربية وفلسفة التعليم وفلسفات العلم. ولكن من ملاحظة ما يحدث فى غرف التدريس فى المدارس وقاعات المحاضرات فى الجامعة لا نجد فرقا جوهريا بين ما يجرى فى كليات التربية وبين ما يجرى فى غيرها من مدارس وكليات. بمعنى كلها مقررات ، كتب و محاضرات و دروس، يتلقاها الطالب ويذاكرها ويتذكرها للإمتحان وينسها بعد التخرج. إذن ما هى التربية؟ وما الداعى لها؟ وهل الوقت والمال الذى يصرف عليها له عائد إنسانى؟ أسئلة ملحه يجب أخذها فى الإعتبار عند كل من يفكر فى إصلاح او تطوير نظم التعليم او البحث عن معايير للجودة.

B[/b]

الملامح التربوية المرغوبة

ليس من أهدافى هنا أن أخوض فى نظريات التربية وفلسفاتها ، فهناك العديد من الكتابات تكفى لمن يريد ولكننى مهتم بطرح برامج عملية لتطبيق الفكر التربوى. ما نطبقة وكيف نطبقة ومن يقوم بهذا العمل؟ كيف نتحقق ان الطالب اكتسب سلوكا مرغوباّ تربوياّ؟ فإذا قلنا مثلاّ ان التربية تؤهل الطالب للأتى:

- أن يستمع جيدا قبل ان يرد أو يناقش ويختار الألفاظ الجيدة فى اللغة للتواصل

- ان يتدرب على النظر من منظور متعدد الأبعاد ولا يكون أحادى الفكر والحكم

- ان يكون إيجابيا ويشارك فى العمل ويفهم معنى التعاون

- ان يقود مجموعة من الناس ويحقق مفاهيم الإدارة والقيادة والإحترام والطاعة

- ان يتحكم فى لسانه فلا يسب او يلعن

- ان يعرف كيف يصبر ويتحمل ومتى

- أن يعرف حقوقه وواجباتة وان يعرف القوانين السائدة فى بلدة ويقرأ دستوره

- ان يثابر ويقاوم الخطأ ويستطيع ان يدافع عن نفسه وعن حقوقة

- أن يشعر ويحس بالجمال ويتذوقة ويعبر عنه ولا يحصره فى الجمال الحسى

- ان يقبل الأخر ويتعامل معه و يقتنع بمعانى التعددية وطبيعة الإختلاف

- أن يتعلم ان يحب الأخرين ويتعاطف مع المهمومين

- ان يعلم نفسه وينمى قدراته ويتعلم النقد الذاتى

- ان يميز بين الخير والشر عملا وليس قولا

- ان ينفذ الشورى او الديمقراطية عملا حياتياّ عن قناعة

- ان يكون منتميا ويقدر على المشاركة الإيجابية والتفاعل المثمر الجماعى لحل المشاكل

- ان يثق بنفسه ووطنه ويكون رأياّ لنفسه ويستطيع ان يأخذ قراراّ

- ان يعرف كيف يخاطب الأخرين وكيف يختار الكلمات الملائمة

- ان يعرف كيف يشتكى و يتحكم فى إنفعالاته ويعبر عن نفسه

- ان يكون إيجابياّ ونشطاّ وفعالاّّ ومقبولاّ ان لم يكن محبوباّ

- ان يكون متحملاّ مثابراّ صابراّ متفائلاّّ

- ان يتعلم التأنى و يتحكم فى نوبات الغضب والإكتئاب

- ان يقلل من نزعات التسلط والتفرد والتعصب والعنف

- ان لا يكتفى بعرض المشاكل بل يفكر فى حلول لها ويكون شخصية قادرة على المبادرة

- ان يدرك اخطاؤه ويعترف بما سببته من مشاكل ويعمل على تصحيحها

- ان يعرف معنى الإلتزام و يدرك تبعات المسئولية الفردية

- ان يعى ان مفهوم العبادة الدينى من افضل وسائل التربية

- ان يتعلم ربط الفكر بالواقع والكلام بالعمل

- ان يربى عادة التفاؤل و يتعلم كيف يحلم

أليست هذه امور تسعى اليها التربية؟ هل هذه المواصفات تحتاج تربية وتدريب ام إنها امور تقرأ وتدرس؟ وكيف ننمى سلوك الطالب فى الإتجاهات المرغوبة كفرد وكعضو فى مجموعة؟ هذه الصفات وغيرها كثير تحتاج الى إبتكار وتصميم مجموعة كثيرة من الأنشطة العملية ، الفردية والجماعية ، والتى تتأسس على القيم التربوية المراد تنميتها فى الطالب. وتجرى هذة النشطة فى داخل الفصل الدراسى وخارجة ، ويطلب من اسرة الطالب المشاركة فى الإعداد لها. ولابد من وجود المربى الذى يلاحظ و يكتشف الأخطاء فى التطبيق ومن ثم يعدل. هذا هو المطلوب وليس حصص و محاضرات وكتب ومقررات.

ومن المعلوم ان الصفات السابقة لا توجد بالتساوى فى كل الطلاب ولا يمكن او توجد بنفس النسب فى كل الطلاب ولكن تتوزع بطريق احصائية على كل الطلاب، وهذا التوزيع هو توزيع طبيعى وكل ما نرجوة هو ان نغير التوزيع الشائع و نعيد التوزيع الطبيعى بين الحدود الدنيا والحدود القصوى لكل صفة مرغوبة.