لماذا(تعرّف على إسم الله تعالى)؟

معرفة أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته عليها مدار الإيمان، فهي ركن من أركان التوحيد وذروة سنــــام العبوديــــة …
والإيمان بأسماء الله وصفاته يقتضي:معرفة الله سبحانه وتعالى بصفاته الواردة في القرآن والسُّنَّة الصحيحة، وإثبــــات لله ما أثبته لنفسه من غير تمثيــل، ولا تكييف ولا تعطيل، ولا تحريف.

والعلم بالله تعالى وأسمائه وصفاته هو أشرف العلوم وأوجبها …

يقول الإمام ابن القيم "إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا … إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى" [بدائع الفوائد (273:2)]
فمن يُمعِن النظر في أسرار هذا العلم يقف على ريــــاض من العلم بديعة، وحقائق من الحِكَم جسيمة … ويحصل له من الآثــار الحميدة ما لا يُحــاط بالوصف ولا يُدرك إلا لمن يُرزق فهمها ومعرفتها … ومنها أنه:

إذا علم العبد ربَّه وامتلأ قلبه بمعرفته، أثمرت له ثمرات جليلة في سلوكه وسيره إلى الله عزَّ وجلَّ …

وتأدب معه ولزم أمره واتبع شرعه، وتعلَّق قلبه به وفاضت محبته على جوارحه، فلهج لسانه بذكره، ويده بالعطاء له، وسارع في مرضاته غاية جهده، ولا يكاد يمل القرب منه سبحانه وتعالى … فصار قلبه كله لله ولم يبق في قلبه سواه … كما قيل:

قَدْ صِيْغَ قَلْبِيْ عَلَىَ مِقْدَارِ حُبِّهِمْ … فَمَا لِحُبِّ سِوَاهُمْ فِيْهِ مُتَّسَعْ

ومن أحب الله لم يكن عنده شيء آثر من الله …

والمحب لا يجد مع الله للدنيا لذة، فلم يثنه عن ذلك حب أهل أو مال أو ولد؛ لأن هذه وإن عظمت محبتها في قلبه إلا أنه يدرك أنها بعض فضل الله عليه …

فكيف يشتغل بالنِعَم وينسى المُنعِم؟!

ومنزلة العبد عند الله سبحانه وتعالى على قدر معرفته به …

لذلك اختصت آية الكرسي بكونها أعظم آية في القرآن؛ لأنها أشتملت على أعظم أسماء الرحمن … وعدلت سورة الإخلاص ثلث القرآن؛ لاشتمالها على اسمه الأحد الصمد الذي يُقصد لذاته وليس له نظير ولا مثيل سبحانه وتعالى.

ومن أحبَّها أحبَّه الله …

كما في قصة الرجل الذي بعثه النبي على سرية وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بــ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: 1] … فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ، فقال “سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟”. فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النبي “أخبروه أن الله يحبه”[متفق عليه]
كما أن من عمل بها وحقق ما تقتضيه من فِعْل المأمورات وترك المحظورات، كان من المقربين الذين أحبهم الله وتولاهم.

وكلما أدام ذكرها بقلبه ولسانه، أوجب ذلك له دوام مراقبته وشاهد ربَّه بعين بصيرته …

فاستحيى منه، وانكسر له، فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة، وهي أعلى مقامات الدين …
يقول ابن القيم "وإذا بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حد كأنه يطالع ما اتصف به الربَّ سبحانه من صفات الكمال ونعوت الجلال وأحست روحه بالقرب الخاص الذي ليس هو كقرب من المحسوس حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربِّه … فإن حجابه هو نفسه وقد رفع الله سبحانه عنه ذلك الحجاب بحوله وقوته، أفضى القلب والروح حينئذ إلى الربِّ فصار يعبده كأنه يراه"[مدارج السالكين (3:221,222)]

والتعرُّف على أسماء الله تعالى يسلم الإنسان من آفات كثيرة …

كالحسد، والكبر، والريـــاء والعجب … كما قال ابن القيم "لو عرف ربَّه بصفات الكمال ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات، لم يتكبَّر ولم يغضب لها ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله. فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، ويحب زوالها عنه والله يكره ذلك. فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته"[مدارج السالكين (1:172)]

ــــــ ـــــــ ـــــــ
كما إن أنوار الأسماء والصفــات تُبدد حُجُب الغفلة …

قال تعالى {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (*) وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا …}[الأعراف: 179,180]… فلكي تتخلص من تلك الحُجُب، عليك أن تدعوه بأسمائه وصفاته.

ــــــ ـــــــ ـــــــ
ومن أعظم آثارها: أن من قام في قلبه حقائق هذه الأسماء، وتراءت معانيها لناظريه كان أعظم الناس تحقيقًا للتوحيد، وأكملهم عبودية لربِّ العالمين …

يقول الإمام ابن القيم "الأسماء الحسنى والصفات العلا مقتضية لآثارها من العبودية: والأمر اقتضاءها لآثارها من الخلق والتكوين فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها أعنى من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح.
فعلم العبد بتفرد الربِّ تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة، يثمر له عبودية التوكُّل عليه باطنًا ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا.
وعلمه بسمعه تعالى وبصره وعلمه وأنه لا يخفى عليه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض وأنه يعلم السر وأخفى ويعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضى الله وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح …
ومعرفته بغناه وجوده وكرمه وبره وإحسانه ورحمته، توجب له سعة الرجاء وتثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه.
وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزه، تثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة … وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها، وكذلك علمه بكماله وجماله وصفاته العلى يوجب له محبة خاصة بمنزلة أنواع العبودية فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات وارتبطت بها ارتباط الخلق بها"[مفتاح دار السعادة (90:2)]

فالذي يكمُل علمه بالأسماء والصفات هو العبد الرباني بحق،،

ــــــ ــــــ ــــــ

ولذلك كله كان إحصاء أسماء الله تعالى من أعظم موجبات الجنــــة …

كما قال رسول الله “إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة”[متفق عليه]

وإحصـــاء الأسماء والصفات يكون من خلال:
1) حفظها …بأن يستودعها قلبه …
2) معرفة معانيها …فيتعلم معانيها وكيفية عبادة الله عزَّ وجلَّ بمقتضاها …
3) العمل بمقتضاها … فإذا علم أنّه الأحد فلا يُشرك معه غيره، وإذا علم أنّه الرزّاق فلا يطلب الرّزق من غيره، وإذا علم أنّه الرحيم، فإنه يفعل من الطاعات ما يجلب له هذه الرحمة، وهكذا … فيتعلَّق القلب بمعاني الجلال بأن يذل وينكسر، ومعاني الجمال بأن يُحب ويُقبل على الله سبحانه وتعالى.
4) دعاؤه بها … كما أمرنا الله جلَّ وعلا { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا …}[الأعراف: 180]
والدعــاء على مرتبتين إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثاني: دعاء طلب ومسألة …فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وكذلك لا يسأل إلا بها.
يقول ابن القيم “ولما كان سبحانه يحب أَسمائه وصفاته، كان أَحب الخلق إِليه من اتصف بالصفات التى يحبها، وأَبغضهم إِليه من اتصف بالصفات التى يكرهها، فإِنما أبغض من اتصف بالكبر والعظمة والجبروت لأَن اتصافه بها ظلم، إِذ لا تليق به هذه الصفات ولا تحسن منه، لمنافاتها لصفات العبيد، وخروج من اتصف بها من ربقة العبودية ومفارقته لمنصبه ومرتبته، وتعديه طوره وحدَّه، وهذا خلاف ما تقدم من الصفات كالعلم والعدل والرحمة والإِحسان والصبر والشكر فإِنها لا تنافى العبودية، بل اتصاف العبد بها من كمال عبوديته” [طريق الهجرتين (19:23)]

فعلى العبد أن يتخلَّق بصفات الجمـــال …

الله سبحانه وتعالى رحيـــم: ارحم تُرحم … الله عفو: اعفُ يُعف عنك … الله حليـــم: أحلم يُحلَم عليـــك …

أما صفات الجلال، فيُنزه نفسه عن مشاكلة الله عزَّ وجلَّ بها …

الله عزَّ وجلَّ عزيـــز: أنت ذليــــل … الله مُتكبِّر: أنت متواضع … وهكذا.

5) التحقق …بأن ينظر في الآفــاق ويتفكَّر في آلاء الله سبحانه وتعالى؛ كما أمرنا النبي ، فقال “تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله”[حسنه الألباني، صحيح الجامع (2975)]أي: تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في ذات الله سبحانه وتعالى … والقاعدة في كل ذلك قول الله تبارك وتعالى:

{…لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: 11]

ـــــــ ـــــــ ـــــــ

تَــــــأَمَّلْ سُطُوْرَ الْكَائِنَاتِ فَإِنَّهَا … مِنَ الْمُلْكِ الْأَعْلَىَ إِلَيْـــــكَ رَسَــــائِلُ

وَقَدْ خَطَّ فِيْهَا لَوْ تَأَمَّلْتَ خَطَّهَا … أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا الْلَّهَ بَــاطَلَّ

ـــــــ ــــــــ ــــــــ

تعالوا نتعلَّم أسماء الله تعالى وصفاته؛ فنخرج من الشقاء إلى الراحة ومن الغفلة إلى التذكرة …

فلا سعادة للقلب ولا سرور له إلا بمعرفة مولاه ومربيه وإلهه …

لنجعل قلوبنا تهتف: {… قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}[الإسراء: 30]

ولنستغرق الأوقات في الثنـــــاء عليه سبحــــــانه بأسمائه وصفاته …

ونتحقق بمعاني التوحيد، فتذل قلوبنا له ونتحبب له سبحــــانه وتعالى …

وهذا ما سيكون من خلال تلك السلسلة المباركة إن شاء الله تعالى، التي سنتناول فيها اسم من أسماء الله تعالى كل يومين بإذن الله …

نتعلَّم معانيها وكيف نتعبَّد الله تعالى بها ونتعرَّف على حظنا من كل اسم من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى …

فتابعونـــا إن شاء الله ولا تنسونــــا من صـــالح دعـــائكم …

جعلنا الله وإياكم ممن عرفه فخافه، وأحبه فأطـــاعه، وعلَّق به رجـــــاءه ولم يلتفت لسواه … اللهم آمين،،

بابارك الله فيكي … في انتظار المزيد ان شاء الله

بارك الله فيكي

جزاك الله خير

بارك الله فيكى اختنا فى الله

خالد
عزه
مهندس عبدالرحمن
عبد الظاهر
شكـــرا لمروركم جميعــا

وجزاكم الله خيــــرا

بارك الله فيك أخى العزيز وجزاك الله كل خير

شكرا لمرورك أخي الكريم

وجزاك الله خيـــــرا

موضوع مفيد

شكرا لمرورك أخي الكريم

وجزاكم الله خير

اسمي الله تعالى: الرحمن الرحيـــــم

من أسماء الله عزَّ وجلَّ الحسنى: الرحمن الرحيــــم … فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه سبحـــانه وتعالى،{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة: 163] … والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تُنسب لغيره … قال تعالى{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى …}[الإسراء: 110]

ورود الاسمين في القرآن الكريم

وقد ذُكر اسمه تعالى (الرحمن) في القرآن 57 مرة، أما اسمه (الرحيـــم) فذُكر 114 مرة.

معنى الاسمين في حق الله تعالى

الرحمن والرحيـــم اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة في اللغة: هي الرقة والتعطُّف …

و(رحمن) أشد مبالغة من (رحيـــم) … ولكن ما الفرق بينهما؟

الرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة … أي: إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة … قال تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: 5]، فذكر الاستواء باسمه (الرحمن) ليعم جميع خلقه برحمته.
الرحيـــــم: هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قوله تعالى {… وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب: 43]… فخص برحمته عباده المؤمنين.
يقول ابن القيم "الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف والثاني للفعل. فالأول دال أن الرحمة صفته والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله: {… وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب: 43]، { … إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: 117]… ولم يجيء قط رحمن بهم فعُلِم أن الرحمن: هو الموصوف بالرحمة، ورحيم: هو الراحم برحمته" [بدائع الفوائد (2:34)]

فالرحمنُ الذي الرَّحْمَةُ وَصْفُهُ، والرحيمُ الراحمُ لِعِبَادِهِ،،

آثـــــار الإيمان بهذين الاسمين

1) إثبــــات صفة الرحمة لله ربِّ العالمين … فصفة الرحمة من صفات الله تعالى الثابتة بالكتاب والسُّنَّة، وهي صفة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى، لا يجوز لنا أن ننفيها أو نعطلها لأن ذلك من الإلحــــاد في أسمائه سبحـــانه وتعالى.
وقد يُلحد البعض بهذه الصفة دون أن يشعر، حينما يعترض على الابتلاءات التي تعتريه هو أو غيره … ولا يدري أن تلك الابتلاءات من رحمة الله عزَّ وجلَّ بعبـــــاده … عن جابر قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام"يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"[رواه الترمذي وحسنه الألباني]

فأهل البلاء أكثر احساسًا برحمة الله تعالى؛ لإنها سابغة عليهم،،

2) جلاء آثـــــار رحمة الله على الخلق …
انظر إلى ما في الوجود من آثار رحمته الخاصة والعامة … فبرحمته سبحانه وتعالى أرسل إلينا رسوله عليه الصلاة والسلام، وأنزل علينا كتابه وعصمنا من الجهالة، وهدانا من الضلالة …
وبرحمته عرفنا من أسمائه وصفاته وأفعاله ما عرفنا به أنه ربنا ومولانا، وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم، وأرشدنا لمصالح ديننا ودنيانا …
وبرحمته أطلع الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض، وجعلها مهادا وفراشا، وقرارا، وكفاتا للأحياء والأموات … وبرحمته أنشأ السحاب وأمطر المطر، وأطلع الفواكه والأقوات والمرعى … وبرحمته وضع الرحمة بين عباده ليتراحموا بها، وكذلك بين سائر أنواع الحيوان.
وكان من تمام رحمته بهم أن جعل فيهم الغني والفقير، والعزيز والذليل، والعاجز والقادر، والراعي والمرعي، ثم أفقر الجميع إليه، ثم عمَّ الجميع برحمته. [مختصر الصواعق بتصرف (2:121,124)]
ومن رحمته: أن نغصَّ عليهم الدنيا وكدرها؛ لئلا يسكنوا إليها، ولا يطمئنوا إليها … ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره، فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان …

فمنعهم ليعطيهم، وابتلاهم ليعافيهم، وأماتهم ليحييهم،، [1]

3) رحمة الله واسعة …

يقول الله جلَّ وعلا{…وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ…}[الأعراف: 156]

فرحمة الله عزَّ وجلَّ عــــامة واسعة، هي للمؤمنين في الدارين … يقول الله تبارك وتعالى {…فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف: 156]
وفتح الله تعالى أبـواب رحمته للتائبيــن … فقال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: 53]
وقال عليه السلام “لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طَمِع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد”[متفق عليه]
وسمى الله تعالى وحيـــه إلى أنبيــائه رحمة … كما في قوله تعالى مُخبرًا عن نبيه نوح عليه السلام {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}[هود: 28] … فجعل الوحي والعلم والحكمة، رحمة.
ويقول تعالى عن نبينا عليه السلام { … وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: 89]

4) رحمة الله تغلب غضبه …
عن أبي هريرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال “إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي”[رواه الترمذي وقال الألباني: حسن صحيح] … وهذا الحديث موافق لمعنى قوله تعالى {…كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ …}[الأنعام: 54] … فالله تعالى أوجب على نفسه ولا يوجب أحدٌ على الله.

5) لله جلَّ ثناؤه مائة رحمة …
كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض … فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والطير والوحش والبهائم، وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه. [مختصر الصواعق (2:124)]
قال عليه السلام “إن الله تعالى خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها والوحش والطير بعضها على بعض وأخر تسعا وتسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة”[رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (1767)]

فيا لعظم رحمة الله تعالى في هول هذا الموقف العصيب …

ولكن هذا ليس دعوة للعصاة ليزدادوا عصيانًا، بل هو دعوة للمؤمنين ليزدادوا قربًا ومحبة من ربِّهم الرحيـــم،،

6) الله سبحانه وتعالى أرحم بعبـــاده من الأم بولدهـــا …
عن عمر بن الخطاب قال: قدم على النبي عليه السلام سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى إذا وجدت صبيًا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا النبي عليه السلام “أترون هذه طارحة ولدها في النار؟”، فقلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال “لله أرحم بعباده من هذه بولدها”[متفق عليه]
7) نِعَم الله سبحانه وتعالى رحمة …
وقد سمى الله سبحانه بعض نعمه بالرحمة، كالمطر في قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ … } [الأعراف: 57]
وسمى رزقه بالرحمة، في قوله تعالى {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُورًا} [الإسراء: 28]أي: إذا سألك أقاربك وليس عندك شيء وأعرضت عنهم لعدم وجود ما تنفقه عليهم … فعليك أن تعدهم باللين إنه إذا جاء رزق الله (الرحمة)، فسنصلكم إن شاء الله.
وسمى الله كتابه العزيز بالرحمة … فقال تعالى {…وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: 89]
وسمى الله عزَّ وجلَّ الجنة بالرحمة … وهي أعظم رحمة خلقها الله لعباده الصالحين، قال تعالى {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[آل عمران: 107]

حظ المؤمن من اسمي الله الرحمن الرحيــــم

(موجبــــات الرحمة)

فالرحمة بمثابة الوقود الذي سيدفعك للعمل والحركة، فلابد أن تأخذ بتلك الأسبــاب التي توجب الرحمة وتعتمد على الله وحده ليوفقك للعمل الصالح … ومن موجبـــات الرحمة:

1) رحمة النــــاس …

الرحمة من الأخلاق العظيمة التي حضَّ الله سبحـانه عباده على التخلُّق بها … ومدح بها أشرف رسله محمد عليه السلام، فقال جلَّ وعلا {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[التوبة: 128] … ومن أسمائه عليه السلام: “نبي الرحمة”[حسنه الألباني، مختصر الشمائل (316)]
ومدح النبي عليه السلام أفضل أصحابه من بعده بهذه الصفة، فقال عليه السلام “أرحم أمتي بأمتي : أبو بكر …”[رواه الترمذي وصححه الألباني] … فكأن من يتصف بالرحمة ينال درجة الصديقين، وهي أعلى الدرجـــات عند الله تعالى.
وبيَّن أن الرحمة تنــال عبــاده الرحمــاء … كما قال عليه السلام “فإنما يرحم الله من عباده الرحماء” [متفق عليه]
والشقي هو الذي نزعت من قلبه الرحمة … قال عليه السلام"من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله"[متفق عليه] … وعن عائشة قالت: جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام فقال: أتقبلون الصبيان ؟ فما نقبلهم! . فقال النبي عليه السلام “أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة” [متفق عليه]

2) القرآن …

قال تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}[الإسراء: 82]

فقراءة القرآن رحمة، وتدبُّر القرآن رحمة، وكل تعلَّقٌ للمؤمن بكتـــاب الله جلَّ وعلا مستوجبٌ لنزول الرحمة.

3) صلاة أربع ركعــات قبل العصر …

قال عليه السلام “رَحِم الله امرءًا صلى قبل العصر أربعًا”[رواه أحمد والترمذي وحسنه الألباني] … وهي ليست من السُنن المؤكدة، لكن تُستنزل بها الرحمــات.

4) المكوث في المسجد …

قال عليه السلام “لا يزال أحدكم في صلاة ما دام ينتظرها ولا تزال الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المسجد: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يُحدِث”[رواه الترمذي وصححه الألباني]

5) عيـــادة المرضى …

عن جابر قال: قال عليه السلام “من عاد مريضًا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس، فإذا جلس اغتمس فيها” [رواه مالك وأحمد وصححه الألباني]

6) طاعة الله ورسوله

فهي من أعظم أسبــاب الرحمة … وكلما كان العبد أطوَّع لله، كان أكثر استحقاقًا لاستنزال الرحمة به … قال تعالى {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[آل عمران: 132]

7) الإحســـان …

فالإحســـان يبدأ من الإتقان وتجويد العمل، ويصل إلى المنزلة العظمى من منازل الإيمان وهي: أن تعبد الله كإنك تراه … كما جاء في حديث جبريل حينما سأل النبي عليه السلام عن الإحسان، فقال “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”[رواه مسلم] … وهذه المنزلة العظمى تقتضي مراقبة الله جلَّ وعلا في السر والعلن.

فإن كنت تريد أن تتنزل عليك الرحمة: راقب قلبـــك وحالك في الخلوات …

فإن كنت مستقيم الحال في خلوتك، فاعلم أن هذا من أعظم أسبـــاب استنزال الرحمة عليك … يقول تعالى {…إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 56]

كيف ندعو الله باسميه الرحمن الرحيم؟

1) اثن على الله عزَّ وجلَّ في كل حالك وأكثِر منه بين الخلائـــق … فتتحدث بنعمته ورحمته عليــك، وتقول: يـــا لرحمة الله.
وافرح برحمة الله تعالى إذا تنزلت عليك … قال تعالى {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: 58]
2) أن يُكثر العبد من سؤال ربِّه الرحمة … فيقول: اللهم ارحمني، اللهم ارحمني.
فإذا دعوت الله، فاعزم في الدعــاء ولا تتردد … قال عليه السلام “إذا دعا أحدكم فلا يقل اللهم اغفر لي إن شئت … ارحمني إن شئت … ارزقني إن شئت، وليعزم مسألته إنه يفعل ما يشاء ولا مكره له” [رواه البخاري]

اللهم رحمتك نرجو، فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين،،

جزاكـِ الله خيراً

جزاكي الله كل خير

عميـــل خاص

عزه الشريف

شكرا لمروركم وجزاكم الله خيرا

اسم الله تعالى الفتــــاح

الحمد لله الفتَّاح العليم، يمن على من يشاء من عباده بالفتح والفهم فيوفقهم ويهديهم، ويفتح لهم المغاليق سبحــــانه وتعالى …

ورود اسم الله الفتَّاح في القرآن العظيـــم

ورد اسم الله الفتـــاح مرة واحدة في قوله تعالى {قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26]… وورد مرة واحدة بصيغة الجمع، في قول الله عزَّ وجلَّ{ … رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89]

[CENTER]

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى[/center]

المعنى الأول: الفتـــاح الذي يفتح أبــــواب الرزق والرحمة لعبـــاده أجمعين … ويفتح المُنغلق عليهم من أمورهم وأسبـــابهم … ومنها قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ …}[الأعراف: 96]، أي: لو أنهم امتثلوا لأمرنا وراعوا قدرنا في السر والعلانية، لكان من جزاء ذلك أن يُفتِحَ لهم من رحمته وأن يُنزل عليهم من فيض رزقه … {… وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف: 96]
ومنها قول الله تعالى { مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[فاطر: 2] … يخبر تعالى أنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع …
فلو فتح الله تعالى المطر على الناس، فمن ذا الذي يحبسه عنهم؟ … ولو حبس عن عباده القطر والنبـات سنيـــن طويلة، لما استطاعوا أن يفتحوا ما أغلقه الله سبحانه وتعالى … { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[يونس: 17]
والمعنى الثاني: الفتـــاح الذي يفتح أبـــواب الامتحـــان والبــلاء للمؤمنين الصادقين … قال تعالى { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}[الأنعام: 44] … فهذه عقوبة الذين لا يذكَّرون برسـائل الله تعالى المتتالية …

فالله عزَّ وجلَّ يُرسل إليـــك في كل ثانية من عمرك رســـالة، فإما أن تفهمها وإما أنك تغفل عنها …

فتكون عقوبة الغافــل، أن تزداد عليه المحن والابتلاءات لعله يُفيق من غفلته … فتأتيه الابتلاءات من كل الطرق؛ يُبتلى في بيته وفي عمله ورزقه … وحتى فيما بينه وبين نفسه، فيشعر بالوحشة … ويظل يُبتلى حتى يعود.
وقد يكون من هذا الابتــلاء أن يزداد في النِعَم، زيـــادة في إقامة الحُجج عليه … فيكون من شأنه أن يفرح، وحينها تأتيه العقوبة فجأة … {… حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ}[الأنعام: 44] مُبْلِسُونَ: أي حـــائرون تائهون.
والمعنى الثالث: الفتـــاح الذي يحكم بين العبــاد فيما هم فيه يختلفون … كما في قوله تعالى {… رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 89]
فالفتـــاح: صفة جمــالٍ وجــلال … لإنه سبحانه وتعالى يفتح أبـــواب رحمته ورزقه للطــائعين، كما إنه قد يفتح أبــواب البلاء والهلاك على الكافرين … ويفتـــح قلوب المؤمنين، وعيون بصائرهم؛ ليبصروا الحق …

[CENTER]فإذا ضـــاقت عليــك الطُرُق وضــاقت عليـــك الأرض بما رَحُبَت، فالجأ إلى ربِّك الفتــــاح … يفتح لك كل عسيــر، وييسر لك أمرك …

يقول ابن القيم:

وَكَذِلكَ الفَتَّاحُ مِنْ أَسْمَائِهِ … والفَتْحُ في أَوْصَافِهِ أَمْرَانِ

فَتْحٌ بِحُكْمٍ وَهْوَ شَرْعُ إِلَهِنَا … والفَتْحُ بالأَقْدَارِ فَتْحٌ ثانِ

والربُّ فَتَّاحٌ بذَيْنِ كِلَيْهِمَا … عَدْلاً وإِحْسَاناً مِنَ الرَّحْمَنِ

[القصيدة النونية (245)]

آثـــار الإيمان بهذا الاسم[/center]

1) الله سبحــانه وتعالى هو الحـــاكم بين عبــــاده في الدنيـــا والآخرة …
يحكم بينهم بالقسط والعدل، يفتح بينهم في الدنيـــا بالحق بما أرْسَلَ من الرسل وأنزل من الكتب.
وهذا يتضمن من الصفات كل ما لا يتم الحكم إلا به … فطالما إنه يحكم بينهم، فهذا يتضمن أنه سبحانه وتعالى حكيـــم وعدل إلى غيره من الصفات التي تليق به سبحانه وتعالى.
وهذا يدل على الجزاء العدل على أعمــال الجوارح والقلوب … فهو عالم بأسرار الأمور وبواطنها سبحانه وتعالى، ويُجازي على معاصي القلوب كما يجازي على معاصي الجوارح.
وهو يختص بالفصل والقضاء بين عبـــاده بالقِسط والعدل، والحـــاكم في الحقيقة هو الله جلَّ وعلا … وإن حُكِم بغير حكم الله، فليس بحــاكم إنما هو ظــالم، يقول تعالى {… وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[المائدة: 45]

2) الله سبحــانه يحكم بين عبــاده في الحيــاة الدنيا وفي الآخرة، ويفتح بينهم بالحق والعدل …
لذلك توجهت الرُسُل إلى الله الفتـــاح أن يفتح بينهم وبين قومهم المعاندين فيما حصل بينهم من الخصومة والجدال …
وهذه رســالة إلى الدُعـــاة … أن ينهجوا نهج الأنبيــاء والرُسُل في معاملة قومهم … فحينما يشعر بأن دعوته لقومه لا تُجدي نفعًا، يلهج بالدعــاء إلى ربِّه الفتـــاح … كما دعــا نوح عليـــه السلام {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ (*) فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء: 117,118]

3) الله سبحــانه هو الفتــاح يوم القيـــامة، الذي يحكم بين عبــاده فيما كانوا يختلفون فيه في الدنيـــا …
فالله جلَّ وعلا لا تخفى عليه خــافية، وهو سبحــانه لا يحتـــاج إلى شهود ليفتح بين خلقه وما كان غائبـــًا عما حدث في الدنيـــا … يقول تعالى {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}[الأعراف: 7] … ويقول جلَّ وعلا { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[يونس: 61] … فكل خطاراتك وسكناتك تُسجل، ولكن الله سبحانه وتعالى لا يُحــاسبك إلا على ما عِملت بالفعل.
وقد سمى الله تعالى يوم القيــامة بيوم الفتــح … لأنه يوم القضــاء بين العبــاد، يقول تعالى {قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}[السجدة: 29]

4) الله سبحانه وتعالى متفردٌ بعلم مفــاتح الغيــب …
قال تعالى { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ …}[الأنعام: 59] … وقد عددها في قوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]
5) الفتح والنصر من الله سبحــانه وتعالى …
فهو يفتح على من يشــاء ويذل من يشــاء … وقد نسب الله تعالى الفتوح إلى نفسه؛ ليُنبه عبــاده على طلب النصر والفتح منه لا من غيره …
لذلك قال الله تعالى { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}[الفتح: 1] … وقال جلَّ ثناؤه { فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ …}[المائدة: 52] … وقال تعالى { وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 13]

[CENTER]إذًا، فليس علينــا إلا أن نجتهد ونأخذ بالأسبــاب … أما النصر فهو من عند الله سبحــانه وتعالى،،

[/center]

6) الله تعالى بيده مفاتيــح خزائن السماوات والأرض …

قال تعالى { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الشورى: 12]

7) وقد يفتح الله تعالى أنواع النِعم والخيـرات على الناس استدراجًا لهم …

فإذا تركوا ما أُمِروا به، ووقعوا فيما نُهوا عنه عوقِبوا بالاستدارج.

8) والحكمة والعلم والفقه في الدين من الأمور التي يفتحها الله على من يشــاء من عبـــاده …
يقول الله عزَّ وجلَّ {… وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ …}[البقرة: 282] … ويقول جلَّ وعلا { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}[الزمر: 22]
يقول القرطبي “وهذا الفتح والشرح ليس له حد، وقد أخذ كل مؤمن منه بحظ … ففاز الأنبيــاء بالقسم الأعلى، ثم من بعدهم من الأولياء، ثم العلماء، ثم عوام المؤمنين ولم يُخيِّب الله منه سوى الكافرين”

[CENTER]

حظ العبد من اسم الله الفتـــاح

1) دوام التوكُّل …[/center]

أن تعتمد على الله سبحانه وتعالى قبل الأخذ بالأسباب، وأن تطلب منه وحده مفاتيــح الخيــر …
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قام على المنبر فقال “إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض”، وفي رواية “… ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها”[صحيح البخاري]

2) كن أنتَ مفتاحـــًا للخيـــر …

يقول النبي عليه السلام “إن هذا الخير خزائن ولتلك الخزائن مفاتيح، فطوبى لعبدٍ جعله الله عزَّ وجلَّ مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وويلٌ لعبدٍ جعله الله مفتاحًا للشر مغلاقًا للخير”[رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]

[CENTER]فعليك أن تكون مبـــاركــًا حيثما كنت، وتظل طوال الوقت تُفكِّر في أفكـــار وطرق لهداية النــاس من حولك وتفتيح أبــواب الخير أمامهم،،

3) التوحيـــد والمتابعة للنبي عليه السلام …[/center]

وهي أعظم المفاتيـــح للخير والرزق، كما يقول النبي عليه السلام "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله … وفي رواية: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، إلا فُتِحَت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" [رواه مسلم] … وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام “ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصًا، إلا فُتِحَت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما أجتنب الكبائر”[رواه الترمذي وحسنه الألباني]

[CENTER]وأعظم أسبـــاب الحرمـــان:: الذنـــوب … لاسيما الكبــائـر،،

كيف ندعو الله تعالى باسمه الفتـــاح؟

ادع ربَّك الفــتــــاح أن يفتح عليك إذا انغلقت في وجهك الأسبـــاب والأمور …[/center]

ومن الأدعيــة الواردة في القرآن والسُّنَّة: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ …
واللهم افتح لي أبواب رحمتك: عند دخول المسجد … قال رسول الله عليه الصلاة والسلام “إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهمَّ افتح لي أبواب رحمتك. وإذا خرج فليقل: اللهمَّ إني أسألك من فضلك”[رواه مسلم]

[CENTER]اللهم افتح لنـــا أبـــواب رحمتك وافتح لنــا أبـــواب فضلك واجعلنا من عبـــادك الصالحيـــن،،

المصادر:

[/center]

[ul]
[li]سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.[/li][li]كتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي.[/li][/ul]

اسم الله تعالى العليــــم

سبحـــان العالم بكل شيء، الذي لكمال علمه يعلم ما بين أيدي الخلائق وما خلفهم؛ فلا تسقط ورقة إلا بعلمه، ولا تتحرك ذرة إلا بإذنه، يعلم دبيب الخواطر في القلوب حيث لا يطلِّعُ عليها المَلَك، ويعلم ما سيكون منها حيث لا يطلِّعُ عليه القلب …

ورود اسم الله تعالى العليـــم في القرآن الكريـــم

ورد اسمه العليم في القرآن 157 مرة؛ وفي هذا دليل على أهميته … وقد قرن الله تعالى بينه وبين بعض الأسماء، منها:
اسمه الحكيــم: قال تعالى { قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32] … فالعلم يؤدي إلى الحكمة، ولا يجتمع العلم مع التهور والطيش … وعلم الله تعالى مقرونًا بالحكمة، أي: وضع كل شيءٍ في مساره …
واسمه السميع: قال تعالى { قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنبياء: 4] … لأن العلم يتم تحصيله عن طريق الحواس، وأقوى الحواس هي حاسة السمع … لذا ينبغي أن لا تتوقف عن الاستماع لدروس العلم، فالقراءة وحدها لا تكفي؛ لأن أقوى طريق للمعرفة هو السمــاع …
فالسمع يؤدي إلى العلم … وهو سبحانه وتعالى يسمع كل شىء حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء … لذا كان هو الأحق بالعلم جلَّ جلاله.

[CENTER]

معنى الاسم ودلالته في حق الله تعالى[/center]

العليم من العلم وهو نقيض الجهل، وعَلِمتُ الشيء: أي عرفته وخبرته … فالعلم لا يقتصر على معرفة الظاهر، وإنما ينضم إليــه معرفة حقيقة الشيء … وهذا متعذرٌ في حق العبد تجاه الله تعالى؛ لذا لا يصح أن تقول: عَلِمتُ الله وإنما تقول: عرفت الله …
وشتـــان بين علمٍ مقيد محدود وعلمٍ مُطلق بلا حدود … فسبحانه وتعالى في كمال علمه وطلاقة وصفه، فعلمه فوق علم كل ذي علم … كما قال الله تعالى {… نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [يوسف: 76]

[CENTER]

فعلم الله تعالى: علمٌ بما كــــان، وما هو كــائن، وما سيــكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون …

أحـــاط علمه سبحانه وتعالى بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها، دقيقها وجليلها …[/center]

فاسم الله تعالى العليـــم، أشتمل على مراتب العلم الإلهي وهي أربعة:
1) علمه بالشيء قبـل كونه …
وهو سر الله في خلقه، لا يعلمه ملكٌ مُقرَّب ولا نبيٌ مُرسل … ويُسمى علم التقديــــر ومفتاح ما سيصير، ومن هم أهل الجنة ومن هم أهل السعير ؟ …
فكل أمور الغيب قدرها الله في الأزل ومفتاحها عنده وحده ولم يزل … لذلك قال تعالى {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ …} [الأنعام: 59] … وقال سبحــانه { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34]
2) علمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ بعد كتابته وقبل إنفاذ أمره ومشيئته …
فالله عزَّ وجلَّ كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ قبل أن يخلقهم بخمسين ألف سنة، والمخلوقات في اللوح قبل إنشائها عبارة عن كلمات …
يقول الله جلَّ وعلا { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحج: 70] … وقال تعالى { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]
3) علمه بالشيء حـــال كونه وتنفيذه ووقت خلقه وتصنيعه …
يقول الله تعالى { اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (*) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد: 8,9] … وقال تعالى { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ} [سبأ: 2]
4) علمه بالشيء بعد كونه وتخليقه وإحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه …
فالله عزَّ وجلَّ يعلم ما سيفعل المخلوق بعد خلقه، ويعلم تفاصيل أفعاله وخواطره وحديث نفسه … يقول تعالى {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة: 78]
وتلك المراتب الأربع السابقة … ذُكِرت في قول الله جلَّ وعلا {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59]

[CENTER]فالله سبحـــانه وتعالى عـــالمٌ بكل شيءٍ في كل وقتٍ وفي كل حيـــن،،

[/center]

يقول ابن القيم:

[CENTER]وَهُوَ العليمُ أَحَاطَ عِلْماً بِالَّذِي … في الكونِ مِنْ سِرٍّ ومنْ إِعْلانِ

وبكلِّ شَيْءٍ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ … فهوَ المحيطُ وليسَ ذا نِسْيَانِ[/center]

ويقول أيضًا:

[CENTER]وكذاكَ يَعْلَمُ ما يَكُونُ غَداً وما … قدْ كانَ والموجودَ في ذا الآنِ

وكذاكَ أَمْرٌ لمْ يَكُنْ لوْ كانَ كيـ … ـفَ يكونُ ذاكَ الأمرُ ذا إِمْكَانِ

[القصيدة النونية (241)]

حظ المؤمن من اسم الله تعالى العليــم

1) إيمانه بالقضـــاء والقدر …[/center]

فيصدق تصديقًا جازمًا بأن قدر الله سبحانه وتعالى لا يأتي إلا بالخير؛ لأنه الله عزَّ وجلَّ عـــالم بكل شيء وهو الحكيـــم سبحــــانه.

[CENTER]2) العلم عبـــادة القلب …

فلا ينبغي أن يتوقف الإنسان أبدًا عن طلب العلم؛ لإنه إذا توقف سيفسد قلبه …[/center]

ولابد في طلب العلم من منهجية … بحيث لا يُقدِم شيء على الكتــــاب والسُّنَّة …
كما لابد له من مرحلية … بحيث يبدأ بتعلُّم فرض العين عليه من العلوم الشرعية، وبعدها يتدرج في تعلُّم العلم الذي ينفعه.

[CENTER]3) العلم يورث الخشيــــة …

كما في قوله تعالى {… إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28]

4) العلم يورث الحيـــــاء من الله عزَّ وجلَّ …[/center]

فعندما يعلم أن الله سبحانه وتعالى يعلم سره وعلانيته، سيستحيي من ربِّه أن يطلِّع على قلبه فيجد فيه ما يكرهه وتعلقات بدنيـــا فانيــــة.

5) الطريـــق للعلم النـــافع هو التقوى …

فالله سبحـــانه وتعالى لن يستودع قلبك معرفته ومحبته إلا إذا شـــاء … {… وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ …} [البقرة: 255]
فإن كنت تريد أن يمُنَّ الله عزَّ وجلَّ عليك بالعلم النـــافع، عليك بالتقوى والطاعة له سبحانه وتعالى … يقول تعالى {… وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: 282]

6) مهما بلغت من العلم، فهو قليــــل …

كما جاء في قصة موسى عليه السلام والخضر لما رَكِبا السفينة “… فَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ فَنَقَرَ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ فِي الْبَحْرِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: يَا مُوسَى، مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا الْعُصْفُورِ فِي الْبَحْر” [صحيح البخاري]

[CENTER]فإيـــاك أن تتكبَّر بعلمك …

والحل: أن تنظر إلى من هو أعلى منك علمًا، فتعلم قدرك الحقيقي،،

دعــاء المسألة باسمه تعالى العليم …[/center]

على العبد أن يسأل ربَّه تبــارك وتعالى باسمه العليـــم؛ حتى يفتح عليه بالعلم ويَمُنَّ عليه بمعرفة ما خفيَ عنه من الخير؛ لأن ليس كل ما خَفِيَ عنك فيه الخير … فلا نسأل إلا عما يفيدنـــا في أمر ديننا وينبغي أن يترتب على هذا العلم العمل …
وقد ورد الدعاء باسمه العليـــم في دعاء إبراهيم عليه السلام { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]
وكان النبي يفتتح صلاته بالاستعاذة بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم … عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله إذا قام من الليل كبر ثم يقول “سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثًا، ثم يقول: الله أكبر كبيرًا ثلاثًا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه …” [رواه أبو داوود وصححه الألباني]
وسُألت عائشة رضي الله عنها: بما كان يستفتح النبي صلاته إذا قام من الليل؟، قالت: كان يقول “اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة … أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك لتهدي إلى صراط مستقيم” [رواه ابن ماجه وحسنه الألباني]

[CENTER]وما أحوجنا لهذا الدعاء في زمن الفرقة والشتات، فادعُ ربَّك العليم أن يهدك إلى الحق وسبيل الرشـــــاد في زمن الفتن وإتبـــاع الأهواء،،

نسأل الله تعالى أن يُعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علمًا ينفعنا،،

المصادر:

سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.[/center]

اسم الله تعالى السميع

الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصواتَ، فلا تَخْتَلِفُ عليهِ أصواتُ الخلقِ، ولا تَشْتَبِهُ عليهِ ولا يَشْغَلُهُ منها سَمْعٌ عنْ سَمْعٍ، ولا تُغْلِطُهُ المسائلُ، ولا يُبْرِمُهُ كثرةُ السائِلِينَ …

المعنى اللغوي للاسم

السميع في اللغة على وزن فعيــل من أبنية المبالغة، والسمع في حق المخلوقين هو: ما وَقَر في الأذن من شيءٍ تسمعه.

ورود الاسم في القرآن الكريم

ورد اسمه تعالى السميع في القرآن خمسًا وأربعين مرة؛ مما يدل على أهمية الاسم لا شك …
منها قوله تعالى {… رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] … وقوله سبحانه وتعالى { قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [المائدة: 76]
وجمع بين اسمه تعالى السميع والبصير في أكثر من موضع، منها قوله تعالى { مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [لقمان: 28]
وجمع بينه وبين اسمه تعالى القريب، في قوله {… إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: 50]

[CENTER]

معنى الاسم في حق الله تعالى[/center]

قال الخطابي رحمه الله السميع: هو الذي يسمع السر والنجوى، سواء عنده الجهر والخفوت، والنطق والسكوت”.
والسماع قد يكون بمعنى القبول والإجابة … فمن معاني السميع: المُستجيــب لعبـــاده إذا توجهوا إليـــه بالدعــاء وتضرعوا … كقول النبي عليه الصلاة والسلام " اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يُسمع …" [صحيح الجامع (1297)] أي: من دعاء لا يُستجـــاب.
وذكر الإمام ابن القيم رحمهُ الله أن السمعُ يُرَادُ بهِ أربعةُ مَعَانٍ:
أحدُهَا: سَمْعُ إِدْرَاكٍ؛ ومُتَعَلَّقُهُ الأصواتُ … ومنه قوله تعالى { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]، وقوله {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ …} [آل عمران: 181]
الثاني: سَمْعُ فَهْمٍ وعَقْلٍ؛ ومُتَعَلَّقُهُ المعاني … ومنه قولُهُ {… لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا …} [البقرة: 104]، لَيْسَ المرادُ سَمْعَ مُجَرَّدِ الكلامِ، بلْ سَمْعَ الفَهْمِ والعَقْلِ، ومِنْهُ {… سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا …} [البقرة: 285].
الثالثُ: سَمْعُ إجابةٍ وإعطاءِ ما سُئِلَ … ومنه قولنا “سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ”، أيْ: اللهم أَجِبْ وَأَعْطِ مَن حَمِدَك.
الرابعُ: سَمْعُ قَبُولٍ وانْقِيَادٍ … منه قولُهُ تَعَالَى {… سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ …} [المائدة:41]؛ أيْ: قَابِلُونَ لهُ وَمُنْقَادُونَ غيرُ مُنْكِرِينَ لهُ. ومنهُ على أَصَحِّ القَوْلَيْنِ {… وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ …} [التوبة:47]؛ أيْ: فيكم قَابِلُونَ وَمُنْقَادُونَ. [بدائع الفوائد (2:75,76) بتصرف]

يقول ابن القيم في قصيدته النونية:

[CENTER]وهو السَّميعُ يَرى ويَسْمعُ كلَّ ما … في الكون من سِرٍّ ومن إعلانِ

ولكلِّ صوتٍ منه سمعٌ حاضرٌ … فالسِّرُّ والإِعلان مستويــــــانِ

والسَّمعُ منه واسعُ الأصواتِ لا … يخفى عليه بعيدُهـــا والدانـــــي

[النونية (2:215)]

آثـــــار الإيمــان باسمه السميـــــع[/center]

1) إثبــــات صفة السمع له سبحانه وتعالى كما وصف الله عزَّ وجلَّ نفسه …
فهو سبحـــانه سميع ذو سمع، ونحن نصف الله تعالى بما وصف به نفسه بلا تحديد أو تكييف … يقول تعالى {… لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]
2) إن سمع الله تبـــارك وتعالى ليس كسمع أحد من خلقه …
فسمعه سبحانه وتعالى مُستغرق لجميع المسموعات، لا يعزب عن سمعه مسموع وإن دق وخفي … سرًا كان أو جهرًا.
عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، لقد جاءت المجادلة إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها وما أسمع ما تقول فأنزل الله {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا …}. [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]
3) لا يستجيب الله تعالى دعـــاء اللاهي والمرائي، إنما يستجيب للدعـــاء الخـــالص …
عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان الربيع يأتي علقمة يوم الجمعة فإذا لم أكن ثمة، أرسلوا إليَّ فجاء مرة ولست ثمة … فلقينى علقمة وقال لي: ألم تر ما جاء به الربيع؟، قال: ألم تر أكثر ما يدعو الناس وما أقل إجابتهم، وذلك أن الله عزَّ وجلَّ لا يقبل إلا الناخلة من الدعاء … (الناخلة: الدعاء الخـــالص الذي لا تشوبه شائبة).
قلت: أو ليس قال ذلك عبد الله (أي: عبد الله بن مسعود)؟، قال: وما قال؟ … قال: قال عبد الله:

[CENTER]لا يسمع الله من مسمع ولا من مراء ولا لاعب، إلا داع دعا بتثبت من قلبه. [صحيح الأدب المفرد (606)]

حظ المؤمن من اسم الله تعالى السميـــع

1) الله سبحـــانه وتعالى يسمع دبيـــب قلبك …

فالحذر الحذر أن يجد قلبك مُعْرِضًا عنه سبحـــانه، مُقبلاً على ما لا يرضى!

2) دوام الدعـــاء لله تبـــارك وتعالى …[/center]

فهو سبحانه وتعالى سميع الدعــــاء، فلُذ بربِّك والجأ إليـــــه بكثرة الدعــــاء … وخذ بأسبـــاب الإجابة حتى يكون دعـــاءك أحرى للقبول إن شاء الله تعالى …

[CENTER]ادعُ ربَّك وأنت موقن بالإجـــابة، بقلب يقظ غير غـــافل، متحريًا ساعــــات إجـــابة الدعـــاء،،

3) أكثر من الشكوى لربِّك السميع سبحـــانه …[/center]

كما كان نبي الله يعقوب يقول {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ …} [يوسف: 86]
وكما كان حال إبراهيم عليه السلام {…إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } [التوبة:114]أي: كثير التأوه، كهيئة المريض المتأوه من مرضه … فكان كثير الشكاية والدعـــاء لربِّه، حَلِيمٌ بين الناس أي: ذو رحمة بالخلق، وصفح عما يصدر منهم إليه، من الزلات، لا يستفزه جهل الجاهلين، ولا يقابل الجاني عليه بجرمه …

[CENTER]فاشكُ حــالك إلى ربِّك السميـــع البصيـــر، الذي يسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك ونجـــواك،،

4) الله تعالى يسمع دعــائك في كل حـــال …[/center]

قال تعالى {…وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110] … سواءً جهرت بدعائك أو أسررت به، يسمعك الله تعالى … فادعُ بصوت أدعى للخشوع والإخلاص، ولا تتكلَّف.

5) دوام المراقبـــــة لله سبحانه وتعالى في السر والعلن …

فالمؤمن الموحِد يراقب ربَّه في سره وعلانيته؛ لعلمه أن ربَّه يسمعه من فوق عرشه وأنه عليمٌ بسره ونجواه … والآية التي ترتعد منها الفرائص، قوله تعالى {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} [الزخرف: 80]

[CENTER]فإلى أين تذهب يــــا مسكيـــن؟! … أتحسب أنك ستنفذ من سمع الله عزَّ وجلَّ وبصره؟!

فالصــادق في توحيده لربِّه السميــــع، لن يسمع إلا ما يحب ربَّه ويرضـــاه،،

6) احفظ سمعك، يستجب الله دعائك …[/center]

فكما إن الله سبحانه وتعالى سميـــع مُجيــب للدعـــاء، ينبغي أن لا يسمع العبد سوى ما يحب ربَّه ويرضى …
أما إذا صرف العبد حاسة السمع في ما لا يُرضي الله عزَّ وجلَّ؛ كسماع الأغاني والمعازف وسماع المُنكرات أو التجسس على النــاس … ستكون عقوبته من جنس عمله، فلا يستجيب الله تعالى لدعائه.
وحاسة السمع من أهم الحواس وأقواها في الإداراك … لذا قدمها الله تعالى في كلامه عن حواس البشر، قال تعالى { … إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36] … فينبغي أن يستغلها العبد في سماع دروس العلم؛ حتى تكون المعلومات أسهل في الاستحضار بعد ذلك.

[CENTER]ويحفظ العبد سمعه بالتزامه منهج الله تعالى،،

7) من أراد الشهرة وذيـــاع الصيــت، سمَّع الله به …[/center]

أي فضحه على رؤوس الخلائــق يوم القيــامة … عن جندب قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام “من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به” [متفق عليه]

[CENTER]

كيف ندعو الله سبحـــانه وتعالى باسمه السميـــع؟[/center]

ورد الدعـــاء باسم الله تعالى السميـــع في أكثر من موضع من الكتـــاب والسُّنَّة، منها:
دعـــاء إبراهيم عليه السلام {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]
وقوله تعالى عن امرأة عمران {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران: 35] … ودعاء زكريا عليه السلام {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]
وعن أبان بن عثمان قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله “ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، فيضره شيء” [رواه أبو داوود وصححه الألباني]

[CENTER]نسأل الله تبـــارك وتعالى ألا يسمع منا إلا ما يحب ويرضى، وألا يطلِّع في قلوبنـــا إلا على ما يُحب،،

المصادر:[/center]

[ul]
[li]سلسلة (شرح الأسماء والصفات) لفضيلة الشيخ هاني حلمي.[/li][li]كتاب (النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى) لفضيلة الشيخ محمد حمود النجدي.[/li][/ul]

[CENTER][B][SIZE=5][COLOR=DarkOrange]شكرا لك على طرحك القيم

بارك الله فيك … فى انتظار جديدك
[/color][/size][/b][/center]

جزاكي الله خيرا

أبو الخطيب

عزه الشريف

بارك الله فيكم

وجزاكم الله خيرا