نقابة المهندسين المصرية والصراع بين السلطة والطبقة الوسطى

نقابة المهندسين المصرية

والصراع بين السلطة والطبقة الوسطى

مقدمة:
ظلت نقابة المهندسين منذ نشأتها فى عام 1946 ساحة للصراع بين الدولة والطبقة الوسطى،وهى فى ذلك لاتختلف عن باقى النقابات،ولكنها تتميز بكونها ترمومترا معبرا عن توجهات النظام الحاكم تجاه قضية الصناعة وأولويتها على جدول أعماله.
وكانت نشأتها مواكبة –بل تتويجا- لتطلعات المصريين لتنمية صناعية جادة ،ولدت على يد طلعت حرب فيما بين الحربين .
أدركت ثورة يوليو ان الصناعة هى رابطة العقد فى التنمية،فارتفع نصيب الصناعة التحويلية فى الناتج المحلى الإجمالى من 20% عام 60 الى 24% عام 70 ،وزادت نسبة عدد عمالها الى اجمالى العاملين من 9% الى 14%، ونصيبها فى التصدير من 20% الى 36%.
كان نمو الصناعة التحويلية فى نصف الستينات الأول 8.5%، و معدل النمو الإقتصادى المصرى بين عامى 60 الى 65 6.6% والناتج القومى 5 مليار دولار وكوريا الجنوبية 3 مليار دولار.
ثم داهمتنا نكسة 67 وفى عام 70 صار الناتج المحلى المصرى 80% من نظيره الكورى ،وفى سنوات حرب الاستنزاف كان عبد الناصر يفخر بجامعاتنا التى تخرج 1000 مهندس سنويا.
كانت السنوات العشر من 65 الى 75 محملة بالمتاعب ،فتدهور دور الصناعة ولم تتعاف الا قرابة نهاية الحقبة الساداتية ،وتراوح معدل نموها خلال الاعوام من 75 الى 80 من5.5% الى 7.9%.
تميزت فترة مبارك بألوان قوس قزح المتناقضة “كل شيىء يا با تستة”،فكان معدل نمو الصناعة التحويلية مقاربا فيها للفترة الساداتية،الا انه سرعان ماتدهور ليقارب 5% فى النصف الثانى من التسعينات،ويصل الى 3% او 4% فى السنوات الأخيرة.
وسجل نصيب الصناعة فى الناتج المحلى الاجمالى 20%،ونسبة العاملين بها لإجمالى العاملين 14%،ونسبتها الى الصادرات السلعية 45% لتتفوق ليس فقط على الحقبة الساداتية بل أيضا الحقبة الناصرية!!.
لكن الخداع ينقشع عندما ندرك سوء أداء الإقتصاد القومى بشكل عام خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة.
فمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالى ينخفض من 9.4% عام 81 الى5.4% عام 90 ثم 4.5% عام 2001 ثم 3.6% عام 2004.
فمصر كما يدرك الجميع ليست بلدا صناعيا الآن،بل زادت معدلات البطالة وانهارت الطبقة الوسطى التى حافظ عليها عبد الناصر ووسع رقعتها، وكذا فعل السادات،وأجهز عليها مبارك ببيع المعاقل المادية لها للأجانب،و إخراس التشكيلات السياسية المعبرة عنها –الأحزاب- وكذا تشكيلاتها النقابية-النقابات المهنية- لتصبح الطبقة الوسطى فى مهب الريح.
السلطة والنقابة:
كان طبيعيا ان تتأثر النقابة بتوجهات السلطة تجاه الصناعة وتجاه الطبقة الوسطى:
مرحلة52 الى 79:وهى مرحلة التطابق التام بين السلطة والنقابة وما استتبعها من خضوع تام للدولة التى ادعت التعبير عن كل الطبقات –ايديولوجية الكل فى واحد- وبرزت بتلك المرحلة ظاهرة النقيب الوزير.
المرحلة الثانية من 79 الى 87:
ظهر رجل الانفتاح عثمان احمد عثمان نقيبا بعد مصطفى خليل ،ويبرز مهندسو القوات المسلحة،ومهندسو التيار الاسلامى كمؤيدين لعثمان،والمهندسون المصريون كحركة معارضة،واكتسح عثمان ،وإن مثل الإسلاميون واليساريون تمثيلا ضعيفا.
وأنجز عثمان بنك المهندس ومكرونة المهندس والمهندس للمعلومات وشويبس واسكان المهندس والخ …لتجنى كلها خسائر فادحة،ولتشكل مصادر رشوة مقننة للمهندسين –أعضاء مجلس النقابة الممثلين فى مجالس إدارت الشركات- من بدل جلسات وخلافه.
المرحلة الثالثة من 87 الى 95
إنهارت المنظمات اليسارية ،وتصاعدت قوى الإسلام السياسى،وأدارت علاقتها بالنقابات المهنية بتكتيك السيطرة على مجلس النقابة وترك منصب النقيب للحكومة،ونفذت هذا السناريو بنقابة المهندسين فالنقيب حسب الله الكفراوى والمجلس اغلبيته من رجالهم ،ليبرز دورا نقابيا مناوئا للسلطة –على الأقل لم يكن طيعا-وإن ظلت تستعيض عن الحزب بالنقابة فتحملها بأدوار ليست لها مثل لجان الإغاثة لمسلمى إفغانستان والبوسنة وغيرها من أنشطة لا تعبر إلا عن فصيل واحد له الغلبة،وكان الإسلاميون يلقون بمعارضيهم من التيارات الأخرى خارج النقابة،ليحكموا سيطرتهم على جميع انشطتها،وإن لم يمانعوا فى إصدار بيان او أكثر حين القبض على بعض المهندسين اليساريين ، أو صرف معاش لهم فى فترة الحبس.
كانت نتيجة إستئثار تيار ما وحيد بنقابة المهندسين وعدم إحترام متطلبات التيارات الأخرى ،بل تهميشها الى حد أن تضرب “دماغها فى الحائط”(من يجرؤ على الإدعاء أن مناصرة إفغانستان والبوسنة هو تعبير عن أحلام المهندسين المسيحيين القبط؟)،كانت النتيجة أن كثيرا من القوى اعتبرت ان هجوم الدولة على النقابة هو مسألة تخص التيار الإسلامى وحده،وساعد على هذا تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن مخالفات مالية فى هذه الفترة،مما أدى فى النهاية لفرض الحراسة على النقابة.
صدر القانون 100 سنة 93 ،وتقدمت لجنة المطالبة بحقوق المهندسين بدعوى قضائية لفرض الحراسة استنادا الى تقريرين للجهاز المركزى للمحاسبات وذلك عام 94 ،وفرضت الحراسة عام 95.
وكشف التقريران عن مخالفات عديدة منها:
1- تضخم مصروفات النقابة وعجز مواردها الذاتية وتغطية هذا العجز من صندوق المعاشات.
2- عدم وجود مستندات تغطى المصروفات
3- إسناد صلاحيات المجلس الى الأمين العام
4- عدم تحصيل مديونيات على الشركة المنظمة لمعارض السلع
5- الإمتناع عن عرض تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات على الجمعية العمومية.
المرحلة الرابعة 95 الى الآن:
بدا المطالبون بفرض الحراسة على النقابة كالمستجير من الرمضاء بالنار وإن لم يقصدوا أن يسلموا نقابتهم للدولة،لكنها سلمت بالقوة والتحايل.
كانت نتائج سنوات الحراسة:
1-حرمان أكثر من 100000 مهندس من ممارسة حقوقهم النقابية من رقابة واطلاع على الميزانية وانتخاب من يعبر عنهم.
2- توقف معاش المهندس عند 250 جنيه.
3-عدم تطوير مشروع العلاج ،فقد وصلت تكلفته 12 مليون يدفع المشتركون منها 11 مليون.
4-عدم إعتماد اللائحة المنظمة لشئون المهنة المقرة من آخر جمعية عمومية.
5-استمرار بل تزايد الفساد المالى،فطبقا لتقرير الجهاز المركزى:
*تم التوسع فى شراء أسهم حققت خسائر تصل الى 13 مليون جنيه.
*تم الاستيلاء على ارض اسكان رابعة العدوية التى تكلفت 5.4 مليون جنيه.
*سحبت ارض القرية السياحية بالساحل الشمالى وتكلفت 2.9 مليون جنيه.
*مصروفات بلغت 6.5 مليون جنيه لتأثيث فروع النقابة دون مستندات تسوية.
*وجود سلف مستديمة لأعضاء لجنة الحراسة دون تسويات.
*اسناد أعمال مقاولة بالأمر المباشر.
*عدم تحصيل مديونيات معارض السلع المعمرة منذ 92 ،وكذا شروط جزائية للمقاولين بما يبلغ 8.5 مليون جنيه.
*ضياع الأموال المستثمرة بشركات خاسرة بحوالى 11 مليون جنيه.
كيف تعود النقابة؟
المهندسون وقبلهم الأطباء أبعد الفئات عن العمل الجماعى،فعيونهم دائما على الحلول الفردية،لكن هذه الحلول إضمحلت ليصير راتب جامع القمامة افضل من معظمهم.
قد يكون المهندسون اكثر اقترابا من العمل الجماعى،فلقد إستطاعوا عقد جمعية عمومية حضرها 15000،وتواصل عملهم قبلها وبعدها على المستويين القانونى والإحتجاجى،إلا أن هناك بعض الملاحظات على نضالهم:
1- المهندسون الآن ينتمون فى مجملهم للطبقات الشعبية-بعد إضمحلال الطبقة الوسطى-،ومن الضرورى أن يتسم نضالهم بما اتسم به نضال هذه الطبقات فى الآونة الأخيرة"عمال المحلة-موظفو الضرائب العقارية".كفانا نفخة وقلاطة على الفاضى.
2-المحور المركزى فى النضال هو إلغاء القانون 100.
3-برنامج نقابى مطلبى “معاشات-إسكان-علاج-اجور مناسبة-قصر أى عمل هندسى إلا على المهندسين”،يجمع ويضم كل من يوافق عليه الى جبهة واحدة لخوض نضال واسع لتحريك جموع المهندسين للإطاحة بلجنة التسيير بكل الطرق المتاحة،والإعداد لقائمة مرشحين وطنيين على هذا البرنامج.
4- يستبعد من هذه الجبهة كل الأفراد الذين طالتهم تقارير الجهاز المركزى قبل فرض الحراسة أو بعدها.



م:سعيد ابوطالب
عضو جماعة المهندسون الديمقراطيون

لا اعلم اذا كنت اتكلم عن نفسي ام اتكلم عن شريحة عريضة من المجتمع ولكني بالفعل اجهل حقي على النقابة بصفة خاصة وعلى الدولة بصفة عامة لذلك انالا اعلم اي الحقوق المسلوبة مني ولكن الذي اعلمه هو انني لا احصل على اي نوع من الحقوق من هذه النقابة لذلك ارجوا الاستفاضة للتوضيح لي وللجميع ما هو دور النقابة الحقيقي التي يجب ان تمثله لأعضائها