التشخيص والعلاج بالاشعة النووية

التشخيص والعلاج بالاشعةالنووية:
تحدثنا سابقاًعنالاشعاع النووي وعن انتاجالطاقةالكهربائية من المواد المشعة التي تطلق اشعة كاما وجسيمات الفا وجسيمات بيتا خلالنشاطها الاشعاعي للتحول من مواد مشعة إلى مواد مستقرة، وكل نواة غير مستقرة تطلقهذه الاشعاعات التي نسميها بالاشعةالنووية، ولعلنا نسمع عن خطورتها التي تصل إلى درجةالدمار الشامل اذا تم استخدامها في تصنيع القنابلالنوويةوهذه الاشعة خطرها قاتل للكائنات الحية لانهاتحمل طاقة عالية جداً، ومن خلال قراءتك للمواضيع السابقة حول انتاجالطاقةالكهربائية بواسطة المفاعلاتالنوويةلابد وان لاحظت الكم الهائلمن الحرارة التي تتولد من قطعة صغيرة من اليورانيوم(235) التي استخدمت في تحويلالماء إلى بخار لتحريك التوربينات.
وبرغم من كل هذافإن الاشعاعاتالنوويةتلعب دوراًكبيرا في الطب، وتستخدم في التشخيص وفي العلاج ايضا، وتوجد في المستشفيات قسم خاصبالطب النووي يستخدم لعلاج الامراض السرطانية وكثيرا ما يطلب الطبيب من المريضاجراء تصوير PET )) لتشخيصالحالة المرضية للمريض، هذا القسم بالكامل يعتمد على المواد المشعة والتي تسمىبالطب النووي(nuclear medicine) ويستخدم فيه المواد المشعة لتصوير الاعضاء الداخلية لجسم الانسانوانواع اخرى تستخدم للعلاج.

[CENTER]

[CENTER]شكل (2- 8)جهاز([COLOR=black][FONT=Arial]( PET

[/font][/color][/center][/center]
تاريخ الطب النووي:
يعود الفضل في نشاة الطب النووي الى اختراع السيكلترون FONT=Arial[/font] بواسطة العالم ايرنست اورلاندو لورنس Ernest Orlando Lawrence) ) و الذي كان يعمل في جامعة بيركلي في ولاية كلفورنيا الامريكية في العام 1928 كفيزيائي نووي وفي العام 1930 تمكن لورنس من بناء اول سيكلترون يعمل على تعجيل المواد المشحونة بفرق جهد يصل الى مليون فولت . وفكرة عمل هذا الجهاز تعتمد على استخدام المجال الكهربي المتردد بين التجويفين على شكل حرف D لتعجيل الايونات ويعتمد ايضا على استخدام مجال مغناطيسي لجعل مسار الايونات المعجلة تاخذ مسارا دائريا .
يستخدم السيلكترون في تعجيل الجسيمات المشحونة مثل البروتونات وأنوية بعض العناصر الى سرعات كبيرة جدا ثم توجيهها الى ذرات عناصر أخرى لتؤثر الجسيمات المعجلة على أنوية تلك العناصر وتدخل في تركيبها النووي فتتحول الى مواد مشعة وبهذا امكن تصنيع مواد مشعة غيرتلك الموجودة في الطبيعة والتي امكن بهذه الطريقة تشعيع مواد ذات أعمار نصف صغيرة تتراوح بين دقائق أو ساعات محدودة وهذا مكن العلماء من استخدامه في العديد من التجارب البيولوجية التي لن يكون لها الاثر القاتل كما للمواد المشعة الطبيعية التي يصل عمر النصف فيها الى ملايين السنوات.

[CENTER]


شكل (2- 9) يوضح السيكلترون المستخدم في تعجيل الجسيمات

المشحونة لاستخدامها في تشعيع العناصر المستخدمة في الطب النووي[/center]

التصوير في الطب النووي:
من المشاكل الرئيسية للحصول على صور لجسم الانسان وخصوصا الاعضاء الداخلية مثل القلب والدماغ والكلية والكبد هي أن جسم الانسان لايمر عبره الضوء مثل الزجاج والماء . واذا تطلب الامر تشخيص دقيق لمرض يصيب تلك الاعضاء كأن يتطلب اجراء عملية جراحية لمعرفة ماذا أصاب جسم الانسان ،ولكن في أيامنا هذه وبفضل الله علينا تمكن العلماء الفيزيائيين من استخدام العديد من التقنيات التي لا تتطلب عملية جراحية والتي تعرف بقنيات التشخيص عن بعد (non-invasive ) مثل استخدام اشعة x واستخدام الرنين المغناطيسي واستخدام الامواج الفوق الصوتية واجهزة التصوير المقطعية وبالطبع لكل من هذه التقنيات مزاياه وعيوبه التي جعلت لكل تقنية أفضلية في توجيهها لمنطقة محددة من جسم الانسان للحصول على أفضل وأدق النتائج .
أما التصوير باستخدام تقنيات الطب النووي فهي تعطي للطبيب وسيلة للنظر داخل جسم الانسان ، مستخدما المواد المشعة والكواشف الخاصة لها وأجهزة الكمبيوتر المتطورة وتعتمد طرق التصوير النووي على التقنيات العلمية التالية:

1- اشعاع البوزيترون الطبقي PET) )( positron emission tomography).
2- الاشعاع الفوتوني المقطعي(single photon emission computed tomography) (SPECT).
3- تصوير جهاز الدورة الدموية ((Cardiovascular imaging .
4- اجهزة مسح العظام (Bone scanning).

تستخدم تلك التقنيات الاربعة خصائص مختلفة للعناصر المشعة للحصول علىالصور وتعتبر الطريقة الامثل للحصول عى صور للاورام السرطانية FONT=Arial[/font] وللمناطق الضعيفة في الأوردة الدمويةFONT=Arial [/font]واكتشاف العجز في تدفق الدم في اغشية جسم الانسان FONT=Arial[/font] وكذلك الخلل الذي قد يصيب الرئتين(pulmonary function deficiencies) .
وبناء على الحالة المرضية فإنالطبيب قد يوجه المريض للحصول على فحص يعتمد على اي من التقنيات الاربعة السابقةواحياناً يتطلب التشخيص استخدام اكثر من تقنية…ويمكن تفصيل عمل التقنيات أعلاه وكما يلي:


اشعاع البوزيترون الطبقي(Positron emission tomography) (PET):يمكن باستخدام تقنية اشعاع البوزيترون الطبقي (PET) الحصول على صورة لجسم الانسان من خلال التقاط الاشعاع الذي يصدر عن المواد المشعة التي يحقن بها جسم المريض والتي تكون اما C¹¹ ، ،، N¹³، وكل هذه العناصر مواد مشعة لها عمر نصف قصير جدا . ويتم الحصول على هذه المواد المشعة من خلال تسليط نيوترونات معجلة على ذرات تلك العناصر لتصبح مشعة ولفترة زمنية قصيرة . عند حقن جسم الانسان بتلك العناصر المشعة التي جهزت بواسطة معجل السيكلترون فانها تطلق جسيمات تسمى البوزيترون و هذا البوزيترون هو جسيم أولي له نفس كتلة الالكترون ولكن يحمل شحنة موجبة . البوزيترون جسيم موجب يتحد مع الكترون في جسم الانسان وينطلق عن هذا الاتحاد فوتونين كل فوتون عبارة عن أشعة كاما والتي تستخدم للحصول على الصورة كما سيتم شرحه من خلال كامرات خاصة تسمى كامرات كاما .

[CENTER][CENTER][COLOR=#333333][FONT=Arial]

[/font][/color]شكل(2- 10) يوضح مراحل اتحاد البوزيترونمع الالكترون لاطلاق فوتونيين كاما[/center]

[/center]

-1 يوجد في جسم الانسان العنصر المشع الذي حقن به ويوجد الكترون منذرات جسم الانسان بالقرب من نواة العنصر المشع.
-2
تطلق نواة العنصر المشع البوزيترون .
-3
يتحد البوزيترون مع الالكترون.
-4
يتلاشى الالكترون والبوزيترون وتتحول كتلتهما إلى طاقة يحملهافوتونين بطاقة اشعة كاما.
كيفية تكون الصورة من فوتونات اشعة كاما:
في تقنية التصوير باستخدام PET)) يتم حقن المريض بمادة مشعة ويتم وضعه على سرير خاص متحرك ليدخل في حلقة كما في الشكل (2-14أ) وفي داخل هذه الحلقة يوجد كواشف أشعة كاما والتي تعرف باسم كامرة كاما ، وتتكون هذه الكواشف من سلسلة من بلورات خاصة تعرف باسم Scintillation Crystals)) كل بلورة متصلة مع مكبر فوتوني يعرف باسم (Photomultiplier tube ) وتعمل البلورات على تحويل أشعة كاما المنطلقة من جسم الانسان الى فوتونات ضوئية يتم تحويل الفوتونات الضوئية الى الكترونات عندما تستقبل بواسطة المكبر الفوتوني والذي يعمل على تكبيرها الاف المرات لتشكل اشارة كهربائية ، هذه الاشارات الكهربائية تعالج بواسطة الكمبيوتر لتكوين الصورة. ويتحرك السرير ببطء ليتم التقاط اشارات أخرى وتأخذ صور لكل جزء من الجسم حسب حركة السير داخل الحلقة . وبهذه الطريقة يحصل الطبيب على مسح كامل للمنطقة المحددة من جسم الانسان مثل الدماغ أو الصدر أو الكبد ، يتم تجميع هذه الصور الطبقية في ذاكرة الكمبيوتر والذي يقوم بمعالجتها وتحويلها الى صور ثلاثية الابعاد .

[CENTER]

شكل (2-11أ) يوضح فكرة عمل كاميرا كاماالمستخدمة في التصوير بتقنيةFONT=Arial[/font][/center]

توفر صور الـFONT=Arial [/font]معلومات فيغاية الأهمية عن تدفق الدم في الاوعية الدموية بالاضافة إلى معلومات عن العديد منالوظائف البيوكيميائية التي تحدث في الجسم. ويمكن تحديد المنطقة المراد تصويرها اوالعملية البيوكيميائية بدقة من خلال اختيار المادة المشعة التي تحقن للمريض فعلىسبيل المثال يمكن بواسطة الـFONT=Arial [/font]الحصول على صور لعملية احتراق الجيليكوز في الدماغأو اي تغيرات سريعة تحدث خلال الانشطة المختلفة التي تقوم بها اعضاءالجسم.

[CENTER]

شكل (2-11ب) يوضح صورة للأعضاء الداخلية لجسم الانسانوتعرض الصورة على شاشة كمبيوتر الجهاز في الابعاد الثلاثة

[/center]

وعلى كل حال اماكن تواجدهذه الاجهزة التي تعمل بتقنية الـFONT=Arial [/font]محدودة ونطاق انتشارها قليل في الكثير منالدول لانه يتطلب بناء مراكز خاصة لها بالقرب من المعجلاتالنوويةلتوفير المواد المشعة التي لها عمر نصف صغير[COLOR=#333333][FONT=Arial].

[/font][/color] الاشعاع الفوتوني المقطعي(Single photon emission computed tomography) (SPECT):
تشبه تقنية الاشعاعالفوتوني المقطعيFONT=Arial [/font]تقنية اشعاع البوزيترون الطبقي(PET)ولكن تستخدم في عمليةالتصوير عناصر مشعة مختلفة مثل الزينون(1333) والتكنيتيوم(99) والايودين(123) والتيلها اعمار نصف اطول من تلك المستخدمة في التقنية السابقة الذكر. كما انها تطلق شعاعكاما واحد بدلاً من شعاعين كما في PET) ) توفر تقنيةFONT=Arial [/font]معلومات حول تدفق الدم منخلال الصور المأخوذة بهذه التقنية وفي الغالب تكون اقل معلومات ولكن تكلفتها اقلبكثير من تلك المأخوذة بواسطةFONT=Arial [/font]واماكن تواجد الاجهزة التي تعمل بتلك التقنيةمتوفرة اكثر لانه لا يتطلب وجودها بالقرب من المعجلات النووية[COLOR=#333333][FONT=Arial].

[/font][/color]
تصوير جهاز الدورةالدمويةCardiovascular imaging) ) : تستخدمتقنية تصوير الدورة الدموية للحصول على منحنيات عن تدفق الدم بين القلب والشرايينوالاوردة في داخل جسم الانسان. وفي هذه التقنية يقوم الطبيب المختص بحقن المريضبمركب الثاليوم المشع بينما يمارس المريض الجري على جهاز رياضي ويتم تصوير باستخداماشعة كاما الصادرة عن انحلال عنصر الثاليوم بواسطة كاميرا كاما. وبعد ذلك يأخذالمريض فترة راحة لدراسة معدل النبض بدون اي مجهود على القلب. ومن الصور التي تمالحصول عليها قبل التمرين وبعده يمكن معرفة التغير في تدفق الدم في الحالتين، وبهذاالفحص يستطيع الطبيب معرفة العوائق التي قد تكون موجودة في الشرايين والاوعية اوحتى في عضلة القلب نفسه[COLOR=#333333][FONT=Arial].

[/font][/color]
اجهزة مسح العظام:(Bone scanning)
في بعض الفحوصات يتم حقن المريض بمادةخاصة تعرف باسم(technetium-pp methyldi phosphate ) والتي تحتوي على الفوسفات التيتتجه إلى العظام في جسم الانسان خصوصاً تلك المناطق التي يكون فيها نشاط غير طبيعي. والصور الناتجة تعطي بقع مضيئة لاماكن التي تكثر فيها تلك المناطق وتعطي بقع داكنةللمناطق التي تحتوي على نشاط عادي. وبهذا يمكن عمل مسح شامل للهيكل العظمي في الجسم و معرفة اذا ما كان هناك اي اثر لورم سرطاني لا سمح الله[COLOR=#333333][FONT=Arial].

[/font][/color]
العلاج في الطب النووي:
في الفحوصات التي تستخدم العناصرالمشعة في الطب النووي لا تعتبر ضارة لجسم الانسان لان عمر بقائها في الجسم قصيريصل لبعض الدقائق وفي بعض الاحيان ساعات محدودة وتعتبر خطورة التصوير بهذه الوسائلالسابقة الذكر اقل خطورة من الاجهزة التي تستخدم اشعة اكس مثل جهاز التصوير المقطعي CT) ) ويتخلص جسم الانسان من هذه المواد عن طريق البول[COLOR=#333333][FONT=Arial].

[/font][/color]
المهم في هذا الموضوع هوان بعض الخلايا تتأثر بشدة بالاشعاعات المؤينة مثل أشعة كاما وبيتا والفا واشعة أكس . وحيث أن الخلايا الحية تنقسم بمعدلات مختلفة فان الخلايا التي تنقسم بمعدلات عالية تتأثر أكثر بالاشعة من الخلايا التي تنقسم بمعدلات طبيعية وهذا يعود الى الخاصيتين التاليتين:

1- الخلايا تتمتع بقدرة على اصلاح اية اصابة في الDNA.
2- اذا ما اكتشفت الخلية ان الDNA قد اصيب بالاشعة اثناء الانقسام فان الخلية تدمر نفسها .
وبهذا فان الخلايا التي تنقسم بسرعة لا تمتلك الوقت الكافي لاصلاح الضرر في الDNA وبالتالي فانها تموت فورا عندما تتعرض للاشعة النووية.
وبما ان الخلايا السرطانية تمتلك خاصية الانقسام بسرعة كبيرة فانها عندما تتعرض الى جرعات من المواد المشعة فانها تعمل على قتلها وبهذا فان تعريض الاجزاء المصابة بالخلايا السرطانية في جسم الانسان الى الاشعاعات النووية يعتبر نوع من العلاج. حيث يتم تثبيت المواد المشعة في صورة أسلاك رفيعة بجوار المناطق المصابة ولكن في المناطق العميقة التي تكون مصابة ثم يتم تسليط اشعة أكس بتركيز عالي عليها .
وتكمن المشكلة في هذه الطريقة من العلاج الى تعرض الخلايا السليمة التي تنقسم بسرعة في جسم الانسان للموت بسبب تواجد تلك الاشعاعات مثل جلايا الشعر وخلايا المعدة وخلايا الجلد وخلايا الاوعية الدموية ولهذا تتعرض تلك الخلايا السليمة للاشعة وتصيبها عند محاولة القضاء على الخلايا السرطانية . ولهذا نجد ان المرضى الذين يتعرضون لجرعات من المواد المشعة كعلاج يحدث تساقط للشعر ويصابوا بالصلع .
وفي النهاية لا شك ان التطور العلمي مستمر فجهود العلماء في مختلف التخصصات مكنتهم من التوصل إلى وجود هذه الاجهزة التي سخرت من أجل خدمة الانسان، فالتقنيات التي شرحت سابقا ساهمت ولا شك في اكتشاف الاصابة بالامراض المستعصية قبل انتشارها في جسم الانسان وبدونها لما كان بالامكان اكتشاف تلك الخلايا السرطانية الا بعد فوات الاوان لا قدرالله[COLOR=black][FONT=Arial].

[/font][/color]