تعلم كيف تقرأ ألف كلمة في الدقيقة

تعلم كيف تقرأ ألف كلمة في الدقيقة

القراءة بسرعة مهمة في حياتنا اليومية
تتزايد عدد المؤسسات التدريبية التي تقدم دورات للتدريب على القراءة السريعة. الكثيرون يقبلون على تلك الدورات كما ترسل إليها الشركات موظفيها، على أمل مضاعفة سرعة القراءة لمواجهة تحديات عصر “فيض المعلومات”.

يبلغ متوسط سرعة القراءة للإنسان العادي 200 كلمة في الدقيقة، لكن الرئيس الأمريكي السابق جون كينيدي على سبيل المثال كان يقرأ بسرعة تفوق الألف كلمة في الدقيقة، كما يقول مدرب دورة القراءة السريعة يورغن هامبه، والذي يؤكد أن المرء “يتعلم القراءة من جديد للمرة الثانية” من خلال دورته التدريبية.

ومن يشارك في دورة لتعلم القراءة السريعة، يتعلم أيضاً الكثير حول النشاط الدماغي المعقد الذي يمارسه الإنسان عند القراءة، فالعين قادرة على إدراك عدد محدد من الرموز، يقوم الدماغ بترجمتها إلى كلمات وجمل ذات مدلول. والشخص البالغ لا يكاد يلاحظ تعقيد هذه العملية، ولا يتذكر كيف بدأ تعلم القراءة، ففي البداية تلعب القراءة بصوت عال دوراً مهماً في انسجام الحروف وتناغم اللغة. غالبية البالغين يقرأون كل كلمة على حدة، تماماً كما يفعل الأطفال، وذلك عن طريق نطق الكلمات المقروءة داخلياً. القراءة بصوت عال والقراءة الداخلية تشكلان أول عوائق القراءة السريعة، والتي يمكن التغلب عليها من خلال الطريقة الجديدة.

التدريب على القراءة “رياضة”

[RIGHT]

العاملون في قطاع المعلومات يواجهون صعوبة في قراءة كل ما هو مطلوب منهم ويقول هامبه أن محور القراءة السريعة هو “القراءة البصرية، فالعين البشرية تعتمد على نطاق بصري يقع بين ثلاث إلى ثلاث ونصف سنتيمتر يجب استغلاله بشكل أمثل”. فبدلاً من قراءة كل كلمة على حدة، يهدف التدريب على القراءة السريعة إلى قراءة مجموعات كاملة من الكلمات معاً وفهمها، إذ إن الإنسان قادر على رؤية ثلاث إلى أربع كلمات ضمن نطاقه البصري. ويستطيع الإنسان تعلم هذه الطريقة بعد تدريب طويل، وهذا راجع إلى صعوبة تدريب العين والدماغ على السرعة الجديدة، فكلاهما يشعران كأنهما في مركز للياقة البدنية.[/right]

أصعب المراحل هي البداية، كما يؤكد هامبه، والذي يضيف أن “الشخص يتوجب عليه أن يضبط عمليات الرؤية على إيقاع السرعة الجديدة، لذلك لن يتمكن الإنسان في البداية من فهم كثير من النص في نفس الوقت الذي يفكر فيه بتطبيق الطريقة الجديدة، لكن بمجرد التمكن من هذه العملية، فستجري الأمور بنفس السلاسة التي كانت تجري بها باستخدام الطريقة القديمة. فالمرء لن يفكر على الإطلاق في كيفية إدراكه لهذا العدد الكبير من الكلمات”.

لكن ما يختفي عند تعلم القراءة السريعة هو الإحساس بموسيقى اللغة وإيقاعها، إذ إن الوصول لسرعة معينة يعني عدم مواكبة “الصوت الداخلي” الذي نسمعه في رؤوسنا للكلمات المقروءة. فهل سيتمكن المرء بعد ذلك من الاستمتاع بجمال عمل أدبي أو قصيدة ما؟ يورغن هامبه يقول إن هذا الأمر ممكن في بعض الأحيان، لكنه ينصح بالبقاء مع الطريقة القديمة فيما يتعلق ببعض النصوص.

فيض المعلومات الالكترونية يتطلب طريقة جديدة للقراءة السريعة

أصبح الشخص محاط بالمعلومات التي يجب قراءتها وتذكرها في الحياة العملية والشخصية أيضاً

إلكه بيتنر وشتيفان غروبر يعملان في قطاع تكنولوجيا المعلومات: إلكه متخصصة في برمجة أنظمة الحاسوب، بينما يعمل شتيفان في تطوير برامج الكمبيوتر المتخصصة في قطاع الطيران. ويعاني كلاهما من كم كبير من المعلومات التي يجب قراءتها، مما يشكل عبئاً ثقيلاً يشاركهم فيه العديد من الألمان. إضافة إلى ذلك تشكو إلكه بيتنر من “فيض المعلومات” المتعاظم الذي يجتاحها أثناء العمل، مضيفة أنه “من المنتظر مني أن يكون كل ما أقرأه حاضراً في ذهني طوال الوقت، حتى في وقت الفراغ، وهذا أمر لا يمكن التغلب عليه إلا عن طريق تعلم طريقة جديدة للقراءة”. لكن هذه الطريقة لا يجب أن تقتصر فقط على القراءة السريعة دون فهم، فالتدريب على الإدراك السريع لا يعني بالضرورة أن يكون المرء قادراً على معالجة ما يقرأ، كما يؤكد شتيفان غروبر: “من وجهة نظري ينحصر الأمر في الفعالية، فهل نقرأ ما يجب قراءته؟ وعندما أقرأ شيئاً ما، فإنني أسأل نفسي إذا ما كنت قادراً على قراءته بشكل فعال”.

المدرب يورغن هامبه أضاف إلى طريقة القراءة السريعة طرقاً تعليمية أخرى تساعد على تقييم المعلومات المقروءة، ومن ثم ترتيبها ومعالجتها، وهو ما لا تقدمه كثير من الدورات المماثلة. ومن شأن هذه الطرق أن تحول القراءة السريعة إلى قراءة فعالة أيضاً، فالسرعة وحدها لا تعني الكثير.

الكاتب: كريستل فيستر/ ياسر أبو معيلق

مراجعة: سمر كرم