ديوان الإمام الشافعي رحمه الله كاملا

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

ديوان الإمام الشافعي رحمه الله

بسم الله نبدأ …

كتمان الأسرار

إذا المرء أفشـى سـره بلسانـه----------ولام عليـه غـيره فـهو أحمـق

إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه----------فصدر الذي يستودع السر أضيق

حمل النفس على ما يزينها

صن النفس واحملها على ما يزينهـا----------تعش سالماً والقول فيـك جميـل

ولا تـولـين النـاس إلا تجمـلاً----------نبا بك دهـر أو جـفاك خليـل

وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غدٍ----------عسى نكبات الدهر عنـك تزول

ولا خـير في ود امـريءٍ مـتلونٍ----------إذا الريح مالت ، مال حـيث تميل

وما أكـثر الإخوان حين تعدهـم----------ولكنهـم في الـنائبـات قليـل

تعريف الفقيه والرئيس والغني

إن الفقيـه هـو الفقيـه بفعلـه----------ليس الفقيـه بنطقـه ومقالـه

وكذا الرئيس هو الرئيس بخلقـه----------ليس الرئيس بقومـه ورجالـه

وكذا الغني هـو الغنـي بحالـه----------ليـس الغنـي بملكـه وبمالـه

القناعة

رأيـت القـناعـة رأس الغـن----------فـصرت بأذيالهـا متمـسـك

فـلا ذا يـراني علـى بابـه----------ولا ذا يـرانـي بـه منهمـك

فصـرت غنيـاً بـلا درهـمٍ----------أمـر علـى الناس شبـه الملك

مكارم الأخلاق

لما عـفوت ولم أحقـد على أحدٍ----------أرحـت نفسي من هم العداوات

إني أحيي عـدوي عنـد رؤيتـه----------أدفـع الشـر عـني بالتحيـات

وأظهـر البشر للإنسان أبغضـه----------كمـا أن قد حشـى قلبي محبات

الناس داء ودواء الناس قربـهم----------وفي اعتزالهـم قطـع المـودات

تأتي العزة بالقناعة

أمـت مطامعي فأرحت نفسـي----------فإن النفـس مـا طمعـت تهون

وأحـييت القنوع وكـان ميتـاً----------ففـي إحيائـه عـرض مصـون

إذا طمـع يحـل بقلـب عبـدٍ----------عـلتـه مهانـة وعـلاه هـون

الإعراض عن الجاهل

أعـرض عـن الجاهـل السفيه----------فكـل مـا قـال فهـو فيـه

مـا ضـر بحـر الفرات يومـاً----------إن خاض بعض الكـلاب فيـه

كتب إلى ابويطي وهو في السجن : حسن خلقك مع الغرباء ووطن نفسك لهم فإني كثيراً ما سمعت الشافعي يقول :

أهـين لهم نفسي وأكرمها بهم----------ولا تكرم النفـس الـتي لا تهينهـا

توقير الرجال

ومـن هـاب الـرجـال تهيبـه----------ومـن حـقر الرجـال فلن يهابـا

ومـن قضـت الرجال له حقوقاً----------ومن يعـص الرجـال فمـا أصابـا

السماحة وحسن الخلق

إذا سبنـي نـذل تزايدت رفعـه----------ومـا العـيب إلا أن أكون مساببـه

ولـو لم تكن نفسي عـلى عزيزة----------مكنتهـا من كـل نـذل تحـاربـه

ولـو أنني اسعـى لنفعي وجدتن----------كثـير التوانـي للذي أنـا طالبـه

ولكنني اسـعى لأنفـع صاحـبي----------وعار على الشبعان إن جاع صاحبـه


يخاطـبني السفيـه بكـل قبـح----------فـأكـره أن أكـون لـه مجيبـاً

يزيـد سفاهـة فأزيـد حلمـاً----------كـعـودٍ زاده الإحـراق طيبـاً

الفضل

أرى الغرفى الدنيا إذا كان فاضلاً ----------ترقى على رؤس الرجال ويخطـب

وإن كان مثلي لا فضيلة عنـده ----------يقاس بطفلٍ في الشـوارع يلعـب

قال الربيع بن سليمان يقول الشافعي :

على كل حالٍ أنت بالفضل آخذ ----------ومـا الفضـل إلا للـذي يتفضـل

الزهد ومصير الظالمين

بلوت بني الدنيا فلم أر فيهـم ----------سوى من غدا والبخل ملء إهـابـه

فجردت من غمد القناعة صارماً----------قطعـت رجائـي منهـم بذبـابـه

فـلا ذا يـراني واقفاً في طريقه----------ولا ذا يـراني قاعـداً عنـد بابـه

غنى بلا مالً عن الناس كلهـم----------وليس الغنى إلا عن الشـيء لآ بـه

إذا ما ظالم استحسن الظلم مذهباً----------ولـج عتـواً في قـبيـح اكتسابـه

فـكله إلى صـرف الليالي فإنهـا----------ستدعو له مـا لم يكـن في حسابـه

فكـم قـد رأينا ظالـماً متمرداً----------يرى النجـم رتيهاً تحت ظل ركابـه

فعمـا قـليلٍ وهـو في غفلاتـه----------أناخـت صـروف الحادثات ببابـه

وجـوزى بالأمر الذي كان فاعلاً----------وصـب عليـه اللـه سوط عذابـه

السكوت سلامة

قالوا اسكت وقد خوصمت قلت لهم----------إن الـجواب لباب الشـر مفتـاح

والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شـرف----------وفيه أيضاً لصون العـرض إصـلاح

أمـا ترى الأسد تخشى وهي صامته ؟----------والكلب يخسى لعمري وهـو نبـاح

الصمت خير من حشو الكلام

لا خـير فـي حشـو الكـلام ----------إذا اهتـدت إلــى عـيـونـه

والصـمـت أجـمـل بالفتـى----------مـن منطـق في غـير حينـه

وعـلـى الفتـى لـطبـاعـه----------سمـة تـلوح علـى جـبينـة

فضل السكوت

وجـدت سكـوتي متجـراً فلزمتـه----------إذا لـم أجد ربحاً فلسـت بخاسـر

ما الصمـت إلا في الرجـال متاجـر----------وتاجـره يعلـو علـى كل تاجـر

ومما تمثل به الإمام

إذا نطـق السـفيـه فـلا تـجبـه----------فخـير مـن إجابتـه السكـوت

فإن كـلمتـه فـرجـت عـنـه----------وإن خليتـه كـمـداً يـموت

الإعتزاز بالنفس

مـاحـك جلـدك مثـل ظفـرك----------فتـول أنـت جـميـع أمـرك

وإذا قـصـدت لـحـاجــةٍ----------فـاقـصـد لمـعتـرفٍ بقـدرك

الإنسان وحظه

المـرء يحظـى ثـم يعلـو ذكـره----------حـتى يزيـن بالـذي لـم يفعـل

وتـرى الشقـي إذا تكامـل عيبه----------يشقـى وينحـل كـل مـا لم يعمل

الإيثار والجود

أجود بموجـودٍ ولـو بـت طاويـاً----------عـلى الجوع كشحاً والحشا يتألـم

وأظهـر أسبـاب الغـنى بين رفقـتي----------لمخافـهـم حـالي وإنـي لمعـدم

وبيني وبيـن اللـه اشكـو فـاقتـي----------حقيقـاً فإن اللـه بالـحال أعلـم

عزة النفس

لقـلـع ضـرس وضـرب حبـس----------ونـزع نـفـس ورد أمــس

وقر بـردٍ وقــود فــرد----------ودبـغ جـلـد ٍ بغـير شمـس

وأكـل ضـب وصـيـد دب----------وصـرف حـب بـأرض خـرس

ونـفـخ نـار ٍ وحـمـل عـارٍ----------وبـيـع دارٍ بـربـع فـلـس

وبـيـع خـف وعـدم إلـفٍ----------وضرب ألـفٍ بـحـبـل قلـس

أهـون مـن وقـفـة الـحـر----------يـرجـو نـوالاً بـبـاب نـحس

الهمة العالية

أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب----------وفيضي آباز تكرور تبرا

أنا إن عشت لست اعدم قوتاً----------وإذا مت لست اعدم قبراً

همتي همة الملوك ونفسي----------نفس حر ترى المذلة كفراً

وإذا ما قنعت بالقوت عمري----------فلماذا أزور زيداً وعمراً

الجود

إذا لم تجودوا والأمور بكم تمضي----------وقد ملكت أيديكم البسط والفيضا

فماذا يرجى منكم إن عزلتم----------وعضتكم الدنيا بأنيابها عضا

وتسترجع الأيام ما وهبتكم----------ومن عادة الأيام تسترجع القرضا

حقوق الناس

أرى راحة للحق عند قضائه----------ويثقل يوماً إن تركت على عمد

وحسبك حظاً أن ترى غير كاذبٍ----------وقولك لم اعلم وذلك من الجهد

ومن يقض حق الجار بعد ابن عمه----------وصاحبه الأدنى على القرب والبعد

يعش سيداً يستعذب الناس ذكره----------وإن نابه حق أتوه على قصد

منتهى الجود

يا لهف نفسي على مال أفرقه----------على المقلين من أهل المروات

إن إعتذاري إلى من جاء يسألني----------ما ليس عندي لمن إحدى المصيبات

فساد طبائع الناس

ألم يبق في الناس إلا المكر والملق----------شوك ، إذا لمسوا ، زهر إذا رمقوا

فإن دعتك ضرورات لعشرتهم----------فكن جحيماً لعل الشوك يحترق

حصيد البدع

لم يبرح الناس حتى أحدثوا بدعاً----------في الدين بالرأي لم يبعث بها الرسل

حتى استخف بدين الله أكثرهم----------وفي الذي حملوا من حقه شغل

الأمراض من ثلاث

ثلاث هن مهلكة الأنام----------أوداعية الصحيح إلى السقام

دوام مدامةٍ ودوام وطءٍ----------وإدخال الطعام على الطعام

مدارة الحساد

وداريت كل الناس لكن حاسدي----------مدارته عزت وعز منالها

وكيف يداري المرء حاسد نعمةٍ----------إذا كان لا يرضيه إلا زوالها

مرارة تحميل الجميل

لا تحملن لمن يمن----------من الأنام عليك منة

واختر لنفسك حظها----------واصبر فإن الصبر جنة

منن الرجال على القلوب----------أشد من وقع الأسنة

المنــة

رأيتك تكويني بمبسم منةٍ----------كأنك سر من أسرار تكويني

فدعني من المن فلقمة----------من العيش تكفيني إلى يوم تكفيني

شح الأنفس

وانطقت الدراهم بعد صمتٍ----------أناساً بعد ما كانوا سكوتاً

فما عطفوا على أحدٍ بفضلٍ----------ولا عرفوا لمكرمةٍ ثبوتاً

الكفر بالمنجمين

خبرا عني المنجم أني----------كافر بالذي قضته الكواكب

عالماً أن ما يكون وما كان----------قضاه من المهيمن واجب


تغرب عن الأوطان في طلب العلى----------وسافر ففي الأسفار خمس فوائد

تفرج هم واكتساب معيشةٍ----------وعلمٍ وآدابٍ وصحبة ماجد

الحض على السفر من أرض الذل

ارحل بنفسك من ارضٍ تضام بها----------ولا تكن من فراق الأهل في حرق

فالعنبر الخام روث في موطونه----------وفي التغرب محمولُ على العنق

والكحل نوع من الأحجار تنظره----------في أرضه وهو مرمي على الطرق

لما تغرب حاز الفضل أجمعه----------فصار يحمل بين الجفن والحدق

حال الغريب

إن الغريب له مخافة سارقٍ----------وخضوع مديونٍ وذلة موثق

فإذا تذكر أهله وبلاده----------ففؤاده كجناح طيرٍ خافق

الحض على الترحال

ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدبٍ----------من راحة فدع الأوطان واغترب

سافر تجد عوضاً عمن تفارقه----------وانصب فإن لذيذ العيش في النصب

إني رأيت وقوف الماء يفسده----------إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب

والأسد لولا فراق الأرض ما افترست----------والسهم لولا فراق القوس لم يصب

والشمس لو وقفت في الفلك دائمة ً----------لملها الناس من عجم ومن عرب

والتبر كالترب ملقي في أماكنه----------والعود في أرضه نوع من الخطب

فإن تغرب هذا عز مطلبه----------وإن تغرب ذلك عز كالذهب

الدهر يوم لك ويوم عليك

الدهر يومان ذا أمن وذا خطر----------والعيش عيشان ذا صفو وذا كدر

أما ترى البحر تعلو فوقه جيف----------وتستقر بأقصى قاعه الدرر

وفي السماء نجوم لا عداد لها----------وليس يكسف إلا الشمس والقمر

اليقظة والحذر

تاه الأعيرج واستغلى به الخطر----------فقل له خير ما استعملته الحذر

أحسنت ظنك بالأيام إذاحسنت----------ولم تخف سوء ما يأتي بها القدر

وسالمتك الليالي فاغتررت بها----------وعند صفو الليالي يحدث الكدر

الرضا بالقدر

وما كنت راضٍ من زماني بما ترى----------ولكنيي راضٍ بما حكم الدهر

فإن كانت الأيام خانت عهودنا----------فإني بها راضٍ ولكنها قهر

رد الجميل بالسيء

ومن الشقاوة أن تحب----------ومن تحب يحب غيرك

أو أن تريد الخير للإنسان----------وهو يريد ضيرك

الحظوظ

تموت الأسد في الغابات جوعاً----------ولحم الضأن تأكله الكلاب

وعبد قد ينام على حريرٍ----------وذو نسبٍ مفارشه التراب

تملك الأوغاد

محن الزمان كثيرة لا تنقضي----------وسروره يأتيك كالأعياد

ملك الأكابر فاسترق رقابهم----------وتراه رقاً في يد الأوغاد

مثلما تدين تدان

تحكموا فاستطالوا في تحكمهم----------وعما قليل كأن الأمر لم يكن

لو انصفوا انصفوا لكن بغوا فبقى----------عليهم الدهر بالأحزان والمحن

فأصبحوا ولسان الحال ينشدهم----------هذا بذال ولا عتب على الزمن

زن بما وزنت به

زن من وزنك بما وزنك----------وما وزنك به فزنه

من جاء إليك فرح إليه----------ومن جفاك فصد عنه

من ظن إليك دونه----------فاترك هواه إذن وهنه

وارجع إلى رب العباد----------فكل ما يأتيك منه

اكرام النفس

قنعت بالقوت من زماني----------وصنت نفسي عن الهوان

خوفاً من الناس ان يقولوا----------فضلاً فلان على فلان

من كنت عنه ماله غنياً----------فلا أبالي إذا جفاني

ومن رآني بعين نقصٍ----------رأيته بالتي رآني

ومن رآني بعين تم----------رأيته كامل المعاني

عين الرضا

وعين الرضا عن كل عيب كليلة----------ولكن عين السخط تبدي المساويا

ولست بهياب لمن لا يهابني----------ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا

فإن تدن مني تدن منك مودتي----------وإن تفأ عني تلقني عنك نائياً

كلانا غني عن أخيه حياته----------ونحن إذا متنا أشد تغانيا

احذر الناس

إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى----------ودينك موفور وعرضك صين

فلا ينطقن منك اللسان بسوأةٍ----------فكلك سوؤات وللناس السن

وعيناك إن أبدت إليك معايباً----------فدعها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى----------ودافع ولكن بالتي هي أحسن

دية الذنب الإعتذار

قيل لي قد أسى عليك فلان----------ومقام الفتى على الذل عار

قلت قد جاءني وأحدث عذراً----------دية الذنب عندئذٍ الإعتذار

التماس العذر

اقبل معاذير من يأتيك معتذراً----------إن بر عندك فيما قال أو فجراً

لقد أطاعك من يرضيك ظاهره----------وقد أجلك من يعصيك مستتراً

من الورع اشتغالك بعيوبك

المرء إن كان عاقلاً ورعاً----------اشغله عن عيوب غيره ورعه

كما العليل السقيم اشغله----------عن وجع الناس كلهم وجعه

آداب النصح

تعمدني بنصحك في انفرادي----------وجنبني النصيحة في الجماعة

فإن النصح بين الناس نوع----------من التوبيخ لا أرضى استماعه

وإن حالفتني وعصين قولي----------فلا تجزع إذا لم تعط طاعه

واعظ الناس

يا واعظ الناس عما أنت فاعله----------يا من يعد عليه العمر بالنفس

أجفظ لشيبك من عيب يدنسه----------إن البياض قليل الحمل للدنس

كحامل لثياب الناس يغسلها----------وقوبه غارق في الرجس والنجس

تبغى النجاه ولم تملك طريقتها----------إن السفينة لا تجري على اليبس

ركوبك النعش ينسيك الركوب على----------ما كنت تركب من بغلٍ ومن فرسٍ

يوم القيامة لا مال ولا ولد----------وضمة القبر تنسي ليلة العرس

وقول الآخر :

لا كلف الله نفساً فوق طاقتها----------ولا تجود يد إلا بما تجد

فلا تعد عده إلا وفيت بها----------واحذر خلاف مقالٍ للذي تعد

حفظ اللسان

احفظ لسانك أيها الإنسان----------لا يلدغنك إنه ثعبان

كم في المقابر من قتيل لسانه----------كانت تهاب لقاءه الأقران

الوقار وخشية الله

ولولا الشعر بالعلماء يزري----------لكنت اليوم اشعر من لبيد

واشجع في الوغى من كل ليثٍ----------وآل مهلبٍ وبني يزيد

ولولا خشية الرحمن ربي----------حسبت الناس كلهم عبيدي

التسليم الخالص

إذا اصبحت عندي قوت يومي----------فخل الهم عني يا سعيد

ولا تخطر هموم غدٍ ببالي----------فإن غداً له رزق جديد

اسلم إن أراد الله أمراً----------فاترك ما أريد لما يريد

لا تقنط من رحمة الله

إن كنت تغدوا في الذنوب جليداً----------وتخاف في يوم المعاد وعيداً

فلقد اتاك من المهيمن عفوه----------وأفاض من نعمٍ عليك مزيداً

لا تيأسن من لطف ربك في الحشا----------في بطن أمك مضغه ووليداً

لو شاء أن تصلى جهنم خالداً----------ما كان الهم قلبك التوحيدا

من راقب الله رجع

حسبي بعلمي إن نفع----------ما الذل إلا في الطمع

من راقب الله رجع----------ما طار طير وارتفع

استغفار وتوبة

قلبي برحمتك اللهم ذو انسٍ في----------السر والجهر والأصباح والغلس

وما تقلبت من نومي وفي سنتي----------إلا وذكرك بين النفس

التوكل في طالب الرزق

توكلت في رزقي على الله خالقي----------وأيقنت أن الله لا شك رازقي

وما يك من رزقٍ فليس يفوتني----------ولو كان في قاع البحار العوامق

سيأتي به الله العظيم بفضله----------ولو لم يكن مني اللسان بناطق

ففي أي شيءٍ تذهب حسرةً----------وقد قسم الرحمن رزق الخلائق

ليس كل شيء بالعقل

لو كنت بالعقل تعطي ما تريد إذن----------لما ظفرت من الدنيا بمرزوق

رزقت مالاً على جهلٍ فعشت به----------فلست أول مجنونٍ ومرزوق

وقول آخر:

ما شئت كان وإن لم أشأ----------وما شئت إن لم تشأ لم يكن

خلقت العباد لما قد علمت----------ففي العلم يجري الفتى والمسن

فمنهم شقي ومنهم سعيد----------ومنهم قبيح ومنهم حسن

على ذا مننت ، وهذا خذلت----------وذلك أعنت وذا لم تعن

البعد عن أبواب الملوك

إن الملوك بلاء حيثما حلوا----------فلا يكن لك في أبوابهم ظل

ماذا تؤمل من قوم ٍ إذا غضبوا----------جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا

فاستغن بالله عن أبوابهم كرماً----------إن الوقوف على أبوابهم ذل

تذلل واستغاثة

بموقف ذل عزتك العظمى----------مخفي سرٍ لا أحيط به علماً

بإطراق رأسي باعترافي بذلتي----------يمد يدي استمطر الجود والرحمى

بأسمائك الحسنى التي بعض وصفها----------بعزتها يستغرق النثر والنظما

بعهد قديمٍ من ألست بربكم ؟----------بمن كان مجهولاً فعرف بالأسما

أذقنا شراب الأنس يا من إذا سقى----------محباً شراباً لا يضام ولا يظمأ

أماني الإنسان

يريد المرء أن يعطى مناه----------ويأبى الله إلا ما أرادا

قول المرء فائدتي ومالي----------وتقوى الله أفضل ما استفادا

نكران الجميل

تعصي الإله وأنت تظهر حبه----------هذا محال في القياس بديع

لو كان حبك صادقاً لأطعته----------إن المحب لمن يحب مطيع

في كل يومٍ يبتديك بنعمةٍ----------منه وأنت لشكر ذاك مضيع

لا أبالي

إنت حسبي وفيك للقلب حسب----------وحسبي أن صح لي فيك حسب

لا أبالي متى ودادك لي صح----------من الدهر ما تعرض خطب

كلما استحكمت فرجت

ولرب نازلةٍ يضيق لها الفتى----------ذرعاً وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها----------فرجت وكنت أظنها لا تفرج

الرضى بقضاء الله وقدره

دع الأيام تفعل ما تشاء----------وطب نفساً إذا حكم القضاء

ولا تجزع لحادثه الليالي----------فما لحوادث الدنيا من بقاء

وكن رجلاً عن الأهوال جلداً----------وشيمتك السماحة والوفاء

وأن كثرت عيوبك في البرايا----------وسرك يكون لها غطاء

تستر بالسخاء فكل عيبٍ----------يغطيه كما قيل السخاء

ولا ترى للأعادي قط ذلاً----------فإن شماته الأعداء بلاء

ولا ترج السماحة من بخيل----------فما في النار للظمآن ماء

ورزقك ليس ينقصه التأني----------وليس يزيد في الرزق العناء

ولا حزن يدوم ولا سرور----------ولا بؤس عليك ولا رخاء

إذا ما كنت ذا قلب قنوعٍ----------فأنت ومالك الدنيا سواء

ومن نزلت بساحته المنايا----------فلا أرض تقيه ولا سماء

وأرض الله واسعة ولكن----------إذا نزل القضاء ضاق الفضاء

دع الأيام تغدر كل حين----------فما يغني عن الموت الدواء

قيمة الدعاء

أتهزأ بالدعاء وتزدريه----------وما تدري بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن----------لها أمد وللأمد انقضاء

فيمسكها إذا ما شاء ربي----------ويرسلها إذا نفذ القضاء

زينة الإنسان العلم والتقوى

اصبر على مر الجفا من معلمٍ----------فإن رسوب العلم في نفراته

ومن لم يذق مر التعلم ساعة----------تجرع ذل الجهل طول حياته

ومن فاته التعلم وقت شبابه----------فكبر عليه اربعاً لوفاته

وذات الفتى والله بالعلم والتقى----------إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته

بالعلم تبنى الأمجاد

رأيت العلم صاحبه كريم----------ولو ولدته آباء لئام

وليس يزال يرفعه إلى أن----------يعظم أمره القوم الكرام

ويتبعونه في كل حالٍ----------كراعي الضأن تتبعه السوام

فلولا العلم ما سعدت رجال----------ولا عرف الحلال ولا الحرام

العلم ما حفظت

علمي معي حيثما يممـت ينفعـني----------قلبي وعـاء لـه لا بطـن صـندوق

إن كنت في البيت كان العلم فيه معيي-----أو كنت في السوق كان العلم فيي السوق

أدب المناظرة

إذا ما كنت ذا فضل وعلم----------بما اختلف الأوائل والأواخر

فناظر من تناظر في سكونٍ----------حليما لا تلج ولا تكابر

يفيدك ما استفاد بلا امتنانٍ ----------من النكت اللطيفة والنوادر

وإياك اللجوح ومن يرائي----------بأني قد غلبت ومن يفاخر

فإن الشر في جنبات هذا----------يمني بالتقاطع والتدابر

المرء بما يعلمه

تعلم فليس المرء يولد عالماً----------وليس أخو علم كمن هو جاهل

وإن كبير القوم لا علم عنده----------صغير إذا التفت عليه الجحافل

وإن صغير القوم إن كان عالماً----------كبير إذا ردت إليه المحافل

تواضع العلماء

كلما أدبني الدهر----------أراني نقص عقلي

وإذا ما ازددت علماً----------زادني علماً بجهلي

نور العلم يسطع بترك المعاصي

شكوت إلي وكيع سوؤ حفظي----------فأرشدني إلى ترك المعاصي

واخبرني بأن العلم نور----------ونور الله لا يهدى لعاصي

شروط تحصيل العلم

أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ----------سأنييك عن تفاصيلها ببيان

ذكاء وحرص واجتهاد وبلغه----------وصحبة استاذٍ وطول زمان

مفخرة الإنسان العلم

العلم مغرس كل فخر فافتخر----------واحذر يفوتك فخر ذاك المغرس

واعلم بأن العلم ليس يناله----------من همته في مطعم أو ملبس

إلا أخو العلم الذي يعني به----------في حالتيه عارياً أو مكتسي

فاجعل لنفسك منه حظاً وافراً----------واهجر له طيب الرقاد عبس

فلعل يوماً إن حضرت بمجلسٍ----------كنت الرئيس وفخر ذلك المجلس

الجد في طلب العلم

سهري لتنقيح العلوم الذلي----------من وصل غانيةٍ وطيب عناق

وصرير أقلامي على صفحاتها----------أحلى من الدوكاء والعشاق

وألذ من نقر الفتاة لدفها----------نقري لألقي الرمل عن أوراقي

وتما يلي طرباً لحل عويصةٍ----------في الدرس أشهى من مدامة ساقي

وأبيت سهران الدجا وتبيته----------نوماً وتبغي بعد ذلك لحاقي

يأتي العلم بالتفرغ

لا يدرك الحكمة من عمره----------يكدح في مصلحة الأهل

ولا ينال العلم إلا فتى----------خال من الأفكار والشغل

لو أن لقمان الحكيم الذي----------سارت به الركبان بالفضل

بلى بفقرٍ وعيالٍ لما----------فرق بين التبن والبقل

الناس خدم للعلم

العلم من فضله لمن خدمه----------أن يجعل الناس كلهم خدمه

فواجب صونه عليه كما----------يصون الناس عرضه ودمه

فمن حوى العلم ثم أودعه----------بجهله غير أهله ظلمه

العلم ومكانته

أأنثر دراً بين سارحة البهم----------وانظم منشوراً تراعية الغنم ؟

لعمر لئن ضيعت في شر بلدةٍ----------فلست مضيعاً فيهم غرر الكلم

لئن سهل الله العزيز بلطفه----------وصادفت أهلاً للعلوم وللحكم

بثثت مفيداً واستفدت ودادهم----------وإلا فمكنون لدى ومكتتم

ومن منح الجهال علماً أضاعه----------ومن منع المستوجيين فقد ظلم

أفضل العلوم

كل العلوم سوي القرآن مشغلة----------إلا الحديث وعلم الفقه في الدين

علم ما كان فيه قال حدثنا----------وما سوي ذلك وسواس الشياطين

وقول آخر:

جنونك مجنون ولست بواجدٍ----------طبيباً يداوي من جنن جنون

حب آل البيت فرض من الله

يا آل بيت رسول الله حبكم----------فرض من الله في القرآن أنزله

يكفيكم من عظيم الفخر أنكم----------من لم يصل عليكم لا صلاة له

الترفض

قالوا ترفضت قلت : كلا----------ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن توليت غير شكٍ----------خير إمامٍ وخير هادي

إن كان حب الولي رفضاً----------فإن رفضي إلى العباد

الخلفاء الراشدون

شهدت بان الله لا رب غيره----------وأشهد أن البعث حق وأخلص

وأن عرى الإيمان قول مبين----------وفعل زكيى قد يزيد وينقص

وأن أبا بكرٍ خليفة ربه----------وكان أبو حفصٍ على الخير يحرص

وأشهد ربي أن عثمان فاضل----------وأن علياً فضله متخصص

أئمة قومٍ يهتدي بهداهم----------لحى الله من إياهم يتنقص

أبو حنيفة

لقد زان البلاد ومن عليها----------إمام المسلمين أبو حنيفة

بأحكامٍ وآثار وفقةٍ----------كآيات الزبور على الصحيفة

فما بالمشرقي له نظير----------ولا بالمغربين ولا بكوفة

فرحمة ربنا أبداً عليه----------مدى الأيام ما قرئت صحيفة

حياة الأشراف واللئام

أررى حمراً ترعى وتعلف ما تهوى----------وأسداً جياعاً تظمأ الدهر لا تروى

وأشراف قومٍ لا ينالون قوتهم----------وقوماً لئاماً تأكل المن والسولى

قضاء لديانٍ الخلائق سابق----------وليس على مر القضاء أحد يقوى

فمن عرف الدهر الخؤون وصرفه----------تصبر للبلوى ولم يظهر الشكوى

ود الناس

إني صحبت الناس ما لهم عدد----------وكنت أحسب إني قد ملأت يدي

لما بلوت أخلائي وجدتهم----------كالدهر في الغدر لم يبقوا على أحد

قلة الإخوان عند الشدائد

ولما اتيت الناس اطلب عندهم----------أخا ثقةٍ عند أبتاء الشدائد

تقلبت في دهري رخاء وشدة----------وناديت في الأحياء هل من مساعد؟

فلم أر فيما ساءني غير شامتٍ ----------ولم أر فيما سرني غير جامد

البلاء من أنفسنا

نعيب زماننا والعيب فينا----------وما لزماننا عيب سوانا

ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ----------ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئبٍ----------ويأكل بعضنا بعضنا عيانا

الضر من غير قصد

رام نفعاً فضر من غير قصدً----------ومن البر ما يكون عقوقاً

مساءة الظن

لا يكن ظنك إلا سيئاً----------إن الظن من أقوى الفطن

ما رمى الإنعسان في مخمصةٍ----------غير حسن الظن والقول الحسن

ترك الهموم

سهرت أعين ، ونامت عيون----------في أمور تكون أو لا تكون

فادرأ الهم ما استعطت عن النفس----------فحملانك الهموم جنون

إن رباً كفاك بالأمس ما كان----------سيكفيك في غدٍ ما يكون

الأصدقاء عند الشدائد

صديق ليس ينفع يوم بؤس----------قريب من عدو في القياس

وما يبقى الصديق بكل عصرٍ----------ولا الإخوان إلا للتآسي

عمرت الدهر ملتمساً بجهدي----------أخا ثقة فألهاني التماسي

تنكرت البلاد ومن عليها----------كأن أناسها ليس بناسي

اسس الصداقة

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفاً----------فدعه ولا تكثر عليه التأسفا

ففي الناس أبدال وفي الترك راحة----------وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا

فما كل من تهواه يهواك قلبه----------ولا كل من صافيته لك قد صفا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة----------فلا خير في خل يجيء تكلفا

ولا خير في خل يخون خليله----------ويلقاه من بعد المودة بالجفا

وينكر عيشاً قد تقادم عهده----------ويظهر سراً كان بالأمس في خفا

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق----------صدوق صادق الوعد منصفا

حب الصالحين

أحب الصالحين ولست منهم----------لعلي أنال بهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي----------ولو كلنا سواء في البضاعة

الخالص من الأصحاب

كن ساكناً في ذا الزمان بسيره----------وعن الورى كن راهباً في ديره

واغسل يديك من الزمان وأهله----------وإحذر مودتهم تنل من خيره

إني اطلعت فلم أجد لي صاحباً----------أصحبه في الدهر ولا في غيره

فتركت أسفلهم لكثرة شره----------وتركت أعلاهم لقلة خيره

الوحدة خير من جليس السوء

إذا لم أجد خلاً تقياً فوحدتي----------ألذ أشهى من غوىٍ أعاشره

وأجلس وحدي للعبادة آمناً----------أقر لعيني من جليسٍ أحاذره

خيرة الأصحاب

أحب من الأخوان كل مواتى----------وكل غضيض الطرف عن عثراتي

يوافقني في كل أمر أريده----------ويحفظني حياً وبعد مماتي

فمن لي بهذا ؟ ليت أني أصبته----------لقاسمته ما لي من الحسنات

تصفحت إخواني فكان أقلهم----------على كثرة الإخوان أهل ثقاتي

مكر الناس

ليت الكلاب لنا كانت مجاورة----------وليتنا لا نرى مما نرى أحدا

أن الكلاب لتهدتي في مواطنها----------والخلق ليس بهاد شرهم أبدا

فاهرب بنفسك واستأنس بوحدتها----------تبقى سعيداً إذا ما كنت منفرداً

مقامات البشر

أصبحت مطرحاً في معشر جهلوا----------حق الأديب فباعوا الرأس بالذنب

والناس يجمعهم شمل ، وبينهم----------في العقل فرق وفي الآداب والحسب

كمثل ما للذهب اللإبريز بشركة----------في لونه الأصفر والتفضيل للذهب

ولاعود لو لم تطب منه روائحه----------لم يفرق الناس بين العود والحطب

محط الرجاء

إذا رمت المكارم من كريم----------فيمم من بنى لله بيتاً

فذاك الليث من يحمي حماه----------ويكرم ضمفه حياً وميتا

التأهب للآخرة

يا من يعانق دنيا لا بقاء لها ----------يمسي ويصبح في دنياه سفاراً

هلا تركت لذي الدنيا معانقة----------حتى تعانق في الفردوس أبكارا

إن كنت تبغى جنان الخلد تسكنها----------فينبغي لك أن لا تأمن النارا

وداع الدنيا والتأهب للآخره

ولما قسا قلبي ، وضاقت مذاهبي----------جعلت الرجا مني لعفوك سلما

تعاظمني ذنبي فلما قرنته----------بعفوك ربي كان عفوك أعظما

فما زلت ذا عفوٍ عن الذنب لم تزل----------تجود وتعفو منة وتكرما

فلولاك لم يصمد لابليس عابد----------فيكف وقد اغوى صفيك آدما

فلله در العارف الندب أنه----------تفيض لفرط الوجد أجفانه دما

يقيم إذا ما الليل مد ظلامه----------على نفسه من شدة الخوف مأتما

فصيحاً إذا ما كان في ذكر به----------وفي ما سواه في الورى كان أعجماٍ

ويذكر أياماً مضت من شبابه----------وما كان فيها بالجهالة أجرما

فصار قرين الهم طول نهاره----------أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما

يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي----------كفى بك للراجين سؤلاً ومغنما

ألست الذي عديتني وهديتني----------ولا زلت مناناً علي ومنعما

عسى من له الإحسان يغفر زلتي----------ويستر أوزاري وما قد تقدما

تعزية

إني أعزيك لا اني علىطمعٍ----------من الخلود ولكن سنة الدين

فما المعزي بباقٍ بعد صاحبه----------ولا المعزى وإن عاشا إلى حين

سفينة المؤمن

إن لله عباداً فطنا----------تركوا الدنيا وخافوا الفتنا

نظروا فيها فلما علموا----------أنها ليست لحي وطنا

جعلوها لجة واتخذوا----------صالح الأعمال فيها سفنا

الموت سبيل كل حي

تمنى رجالٌ أن أموت وإن أمت----------فتلك سبيل لست فيها بأوحد

وما موت من قد مات قبلي بضائري----------ولا عيش من قد عشا بعدي بمخلدي

لعل الذي يرجو فنائي ويدعي----------به قبل موتي أن يكون هو الردى

فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى----------تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد


أرجوا لكم الفائدة :slight_smile:

تحياتي للجميع

والله العظيم موضوع رائع جدا بارك الله فيكى اخى العزيز

جميلٌ جداً…:slight_smile:

رااااااااااااااااااااائع…

شكرا لك…

جزيت خيرا… درر الكلام واحلاها…

رحمنا الله وإياك

جزاك الله كل خير وبارك الله فيك

بارك الل فيك على هذا الكلام الطيب