منقول عن موقع ( islamonline…net )
هل تخيلت يوما أنك ستشتري نفايات منزلك بعد أن تلقي بها في مقالب القمامة؟… لو طرح عليك أحد هذا السؤال فربما تتهمه بالجنون، ولك كل الحق في ذلك.
ولكن ماذا ستقول إذا علمت أن ذلك أصبح واقعا في الأردن عن طريق شركة الغاز الحيوي الأردنية التي استغلت غاز الميثان المنبعث من مكبات النفايات بمدينة الرصيفة (15 كم شمال عمان) لتوليد الطاقة الكهربائية، وبيعها للمواطنين؟.
وماذا ستقول أيضا إذا علمت أن هذه الشركة بدأت أعمالها عام 1998 بقدرة كهربائية تشغيلية 1 ميجاوات في الساعة؛ أي ما يكفي لتشغيل 1500 مشترك ووحدة سكنية، وتنتج حاليا 3.5 ميجاوات في الساعة، واستطاعت تحقيق عائد ربح سنوي وصل إلى 70 ألف دينار أردني عام 2004، كما تخطط لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 7 ميجاوات؟!.
أعتقد أنك الآن لا تملك إلا أن ترفع القبعة لهذه التجربة، وتطالب بمعرفة المزيد عنها.
نظافة وجدوى اقتصادية
يقول حاتم عبابنة (34 عاما) مدير عام المصنع التابع للشركة: إن هذه التجربة تضرب 3 عصافير بحجر واحد؛ فهي تقضي على انبعاث غاز الميثان من مكبات القمامة، وترفع عن المحليات عبء التخلص من النفايات الذي يكلفها أموالا طائلة، فضلا عن أنها تنتج كهرباء.
وبتطبيق هذه المزايا على العاصمة الأردنية عمان يتضح مدى الفائدة؛ فمحافظة عمان يخرج منها كميات نفايات تتراوح بين 800 و900 ألف طن سنويا، وترهق هذه النفايات خزينة المحافظة بـ12 مليون دينار أردني لجمعها ونقلها والتخلص منها بواقع 18 دينارًا أردنيا للطن الواحد، يشمل الجمع والنقل والتخلص النهائي، علمًا بأن ما تستوفيه المحافظة من رسوم بدلية للنظافة لا يتجاوز 5 ملايين دينار أردني.
وبالحسبة الرقمية فإن إنتاج الكيلووات من الكهرباء بالساعة يكلف الشركة قرشًا واحدًا فقط (10 فلسات) كتكاليف تشغيلية، وإذا أضيفت عليها التكاليف الإدارية تصل لحدود القرشين (20 فلسًا)، في الوقت الذي يباع فيه الكيلووات لشركة الكهرباء بحوالي 3.3 قروش (33 فلسا)، وترتفع هذه النسبة كلما زادت التعريفة الحكومية لأسعار الكهرباء والتي شهدت تزايدًا مطردًا خلال السنوات الست الأخيرة.
لماذا لا تعمم؟
ورغم هذه الجدوى الاقتصادية فإن التجربة لم تعرف طريقها بعد للعاصمة، وهو ما يعتبره سمير عمير نائب مدير إحدى شركات الاستثمار بهذا المجال سوء تخطيط، ويشير إلى أنه تقدم عام 2000 بعرض لمحافظة عمان يتضمن إنشاء مصنع للتخلص من جميع نفايات العاصمة عبر تقنيات متقدمة تعمل على تحويل النفايات لطاقة كهربائية وبرأس مال 150 مليون دولار لا تدفع منها الحكومة الأردنية شيئًا على أن تئول ملكية المصنع والمشروع كاملاً وبرمته للحكومة بعد مضي 10 سنوات، لكنه ينتظر الموافقة حتى الآن.
وتشير دراسات الجدوى التي تم إعدادها إلى أن هذا المصنع سيحقق ربحا قدره 15 ألف دينار أردني (10 آلاف دولار) كل شهر تقريبًا وبواقع 180 ألف دينار أردني كل سنة، كما أنه سيوفر 280 فرصة عمل لمهندسين وفنيين وخبراء أردنيين.
ويمكن أن تتم الاستفادة من تجمع النفايات بالمصنع في إجراء دراسات تجارية تفيد المستثمرين؛ فمن خلال متابعة فرز القمامة يمكن معرفة مقدار استهلاك الأسر لحفاظات الأطفال والمعلبات المعدنية وصولاً لمختلف أشكال الورق المتلف والكرتون.
كما يمكن إجراء دراسات بحثية حول الطبيعة الاستهلاكية للشعب الأردني، ومعرفة مقدار استهلاك المناطق الغنية والفقيرة، وهذا كله يفيد مخططي السياسات الحكومية.
استغلال اتفاقية كيوتو
ويشير الدكتور أحمد كنعان الخبير البيئي إلى أنه: فضلا عن المزايا البيئية التي يحققها المشروع بالتقليل من انبعاث غاز الميثان -الذي يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض أكثر من 21 مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون- فإن له فوائد أخرى تكمن في توفير مصداقية للأردن، حيث إن الأردن من إحدى الدول الموقعة على اتفاقية كيوتو للتغيير المناخي للحد من الانبعاثات الغازية الضارة.
ووفقا لهذه الاتفاقية تقوم الدول المتقدمة التي ينتج فيها انبعاثات غازية تفوق الحصص المنصوص عليها في بنودها بشراء كميات الغاز التي تم الحد من انبعاثها في الدول الأخرى.
ولذلك ووفقا لحاتم عبابنة مدير مصنع شركة الغاز الحيوي الأردنية، فإن الأردن يمكن أن يستفيد من بنود الاتفاقية؛ فشركته التي لا يتجاوز عدد موظفيها 30 موظفا، نجحت في تغطية 12% من مساحة مقلب القمامة بمدينة الرصيفة، لتقلل من كمية انبعاث الميثان، وستشهد الأشهر القادمة توسعة لتغطية 80% من مساحة المقلب بآبار لاستخراج الغاز وما يتبعها من أنابيب جمع ونقل ووحدات توليد كهرباء صديقة للبيئة، وسيحد ذلك من انبعاث ما يقارب من مليوني متر مكعب من غاز الميثان سنويا؛ أي ما يعادل 1420 طنًا من غاز ثاني أكسيد الكربون، ويتوقع لهذه الكمية من الغاز أن تشغل وحدات توليد طاقة كهربائية بقدرة 5 ميجاوات، لتصبح القدرة الإجمالية للمشروع 7 ميجاوات في الساعة، ومن المتوقع أن تصل الأرباح السنوية إلى 200 ألف دينار.
( إلى إخوتى مهندسى المحروسة و بالتحديد مجاورى الأهرامات الجديدة بالقاهرة و الجيزة, ألم تكتفوا من تلك الروائح ال,)