مقالات في السيرة النبوية (7)

[CENTER]المقال السابع:

رحمة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبشر


[/center]

[FONT=Simplified Arabic][SIZE=3][COLOR=#000080]

[/color][/size][/font]قال الله -عز وجل-: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)) (التوبة).
قال القاضي عياض -رحمه الله-: “قال بعضهم: من فضله -عليه الصلاة والسلام- أن الله -تعالى- أعطاه اسمين من أسمائه، فقال: بالمؤمنين رؤوف رحيم”.[1]
وهو -عليه الصلاة والسلام- رحمة للعالمين عموماً، كما قال -عز وجل-: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)) (الأنبياء).
وتتجلى في رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- كل معاني الرحمة؛ فقد رفع الله عن أمته الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، فيسر لها الدين، ورفع عنها الحرج.
وقد امتلأت نفسه بالرحمة؛ فكانت تفيض بالشفقة، والرأفة، وكان يوصي بها أصحابه، ويحث عليها أمته؛ فكانوا أرحم الناس بالناس، وأحرص الناس على هداية الناس. [2]
فالرحمة جانبٌ عظيمٌ من جوانب شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وصورةٌ لنفسه الكريمة؛ فالبر إمامه، والرحمة محيطة به سواء كان ذلك في حال يسره أو عسره، أو كان مع موافقيه أو مخالفيه، وهو الذي يقول: “من لا يرحم لا يرحم”[3].
ويقول: “من لا يرحم الناس لا يرحمه الله”[4].
ويقول: “الراحمون يرحمهم الرحمن؛ ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”[5].
وإذا تتبعتَ سيرته -عليه الصلاة والسلام- وجدتَ أنه يعامل الناس بمقتضى تلك الرحمة، ويتضح ذلك من خلال النظر في طوائف الناس أمامه -عليه الصلاة والسلام-.
فهي لا تخرج عن أربع: طائفة المؤمنين المهتدين، وطائفة المنافقين، وطائفة المخالفين المسالمين، وطائفة المخالفين المحاربين.
فقد كان –عليه الصلاة والسلام- يعامل كل طائفة بما يليق بها، وإن كانت الرحمة والرفق، والسماحة هي الغالب في تعامله.
وهذا ما سيتبين في مقالات لاحقة.

10/6/1428هـ

[1] الشفا 1/159.

[2] انظر السيرة النبوية الصحيحة 2/636.

[3] أخرجه البخاري (5997) ومسلم (2319).

[4] أخرجه البخاري (6013) ومسلم (2319).

[5] أخرجه أحمد 2/160، وأبو داود (4941) والترمذي (1924).

د. محمد بن إبراهيم الحمد