[SIZE=3][COLOR=blue]بقية الكتب الأربعة الأولى
ثانيا: من لا يحضره الفقيه لمحمد بن بابوية القمي المتوفي سنة 381 المشهور بالصدوق (يسمونه الصدوق رغم انه كذب أكبر كذبة بزعمه لقاء المهدي) واشتمل الكتاب على 176 بابا اولها باب الطهارة وآخرها باب النوادر ، وبلغت أحاديثه (9044) وقد ذكر في مقدمة كتابه أنه ألفه بحدف الأسانيد لئلا تكثر طرقه وانه استخرجه من كتب مشهورة عندهم وعليها المعول، ولم يورد فيه إلا ما يؤمن بصحته. أنظر في التعريف بهذا الكتاب الخوانساري / روضات الجنات6 / 230- 237 وأعيان الشيعة : 1 / 280 ، مقدمة من لا يحضرة الفقيه.
ثالثا تهذيب الأحكام لشيخ الطائفة أبي جعفر بن الحسن الطوسي المتوفي سنة 360 هـ انظر في التعريف به : النوري الطبرسي / مستدرك الوسائل : 3 / 719 ، الذريعة : 4/ 504 مقدمة تهذيب الأحكام . وقد ألفه لمعالجة التناقض والاختلاف الواقع في رواياتهم ولكنه بدلا من ذلك أدى إلى زيادة الخلاف والاختلاف ، وبلغت أبوابه 393 بابا . بل إن الطوسي قال بإنه “جمع في كتابه تهذيب الأحكام جميع ما يتعلق بالفقه من احاديث أصحابهم وكتبهم وأصولهم لم يتخلف عن ذلك إلا نادر قليل وشاذ يسير” الاستبصار 1 /2. ومثلما قيل عن الكافي في تزوير النسخ أو حتى الاختلاق يقال عن التهذيب، فحين يقول كثير إن كتاب تهذيب الأحكام للطوسي بلغت احاديثه (13950) حديثاً كما ذكر ذلك أغا بزرك الطهراني في الذريعة، الذريعة : 4/ 504، ومحسن العاملي في أعيان الشعية، أعيان الشيعة 1/ 288، وغيرهما من شيوخهم المعاصرين فان الشيخ الطوسي نفسه صرح في كتابه عدة الأصول بأن أحاديث التهذيب واخباره تزيد على (5000) ومعني ذلك أنها لا تصل إلا إلى (6000) في أقصى الأحوال، أنظر الإمام الصادق ص 458، فهل زيد عليها أكثر من الضعف في العصور المختلفة أم أن هذه الكتب وضعت فيما بعد في أيام الدولة الصفوية ،ونسبت لشيوخهم الأوائل؟ ؟!
رابعا: الاستبصار للطوسي أيضا واعتبروه كتابا مستقلا مع إنه اختصار للكتاب السابق كما صرح بذلك الطوسي في مقدمة الاستبصار. الاستبصار 1/ 2-3 . وكما يبدو واضحاً لمن شاء المقارنة بين الكتابين كل ذلك بهدف زعم كثرة الكتب غيرة من أهل السنة.
وفي الجملة فإن فكرة الفقه والتبويب في هذه الكتب تقليد لأهل السنة لأن الشيعة لم يكن عندهم فقه مستقل إلا بعد تأليف هذه الكتب، بل إنهم يعترفون أن جمهور الشيعة كانوا قديما يقلدون السنة في المسائل الفقهية بسبب غياب النص الذي يعملون به. وقد أقر الشيعة بأنه لم يبلغهم علم الحلال والحرام ومناسك الحج إلا عن طريق ابي جعفر وأقروا بأن الشيعة قبل ذلك كانوا يتعبدون فيما جاء عن صحابة رسول- صلى الله عليه وسلم، “كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم، حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون الى الناس” أصول الكافي 2/20، تفسير العياشي 1/ 252- 253، البرهان 1/ 386، رجال الكشي 425.
لكن بعد أن أصبحوا متفردين بالتأليف استرسلوا بالكذب والتأليف والاختلاق في قضايا الفقه مثلما كانوا يكذبون في قضايا العقيدة فصارت لهم تفردات غريبة عن عامة الفرق الإسلامية حتى في الفقه ومسائل منكرة لا تخطر على البال. وقد نقل ابن عقيل الفقيه الحنبلي بعض هذه المسائل وهو يتعجب منها. كما سجلها ابن الجوزي في المنتظم ( المنتظم 8 / 120 ) من خط ابن عقيل. وأشار بن الجوزي إليها في كتابه الموضوعات بقوله “ولقد وضعت الرافضة كتابا في الفقه وسموه مذهب الإمامية ، وذكروا فيه ما يخرق إجماع المسلمين مما ليس عليه دليل أصلاً” الموضوعات 1/ 338. لكن الشيعة أنفسهم كانوا مهتمين بهذا التفرد عن باقي الفرق الإسلامية فقد جمع جزءاً منها شيخهم المرتضى في كتاب سماه الانتصار طبع عدة طبعات ويسمى مسائل الانفرادات في الفقه،( لؤلؤ البحرين ص 320. )
============
الكتب الأربعة المتأخرة - الوافي
- الوافي(، لشيخهم محمد بن مرتضى المعروف بملا محسن الفيض الكاشاني المتوفى سنة 1091 هـ ويقع في 3 مجلدات كبار ، وطبع في إيران ، وبلغت أبوابه 273 بابا، وعدوه أصلاً مستقلاً، مع انه عبارة عن جمع لأحاديث الكتب الأربعة المتقدمة ( الكافي والتهذيب والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه ) فكيف يعد أصلاً خامساً، ومستقلاً وهو تكرار لأحاديث الكتب الأربعة؟ مرة أخرى غيرة من أهل السنة ومحاولة تكثير عدد كتبهم.
وقال محمد بحر العلوم- من المعاصرين- بأنه يحتوي على نحو خمسين الف حديث.( لؤلؤ البحرين “الهامش” ص 122 ) بينما يذكر محسن الأمين بأن مجموع ما في الكتب الأربعة (44244) حديثا (أعيان الشيعة : 1 / 280 ) وهذه نفس المشكلة في تزوير النسخ في كتبهم وتأليف مزيد من الأحاديث وزعم نسبتها للكتب القديمة أو للأئمة.
===========
الكتب الأربعة المتأخرة - البحار
2_ بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار لمحمد باقر المجلسي ( المتوفي سنة 1110 او 1111 هـ)، قالوا بأنه أجمع كتاب في الحديث، جمعه مؤلفه من الكتب المعتمدة عندهم. جمع فيه مؤلفه رواياتهم عن الأئمة من كتبهم الأربعة التي عليها المدار في جميع الأعصار- كما يقولون- وزاد عليها روايات أخذها من كتب الأصحاب المعتبرة تزيد على 70 كتابا، كما ذكر صاحب الذريعة. لكن المجلسي نفسه يقول “اجتمع عندنا بحمد الله سوى الكتب الربعة نحو مائتي كتاب ، ولقد جمعتها في بحار الانوار” اعتقادات المجلسي ص 24، مصطفي الشيبي / الفكر الشيعي ص 61.
وتجد ان بحار الأنوار وضعه مؤلفه في خمس وعشرين مجلدا ولما كبر المجلد الخامس والعشرين جعل شطراً منه في مجلد آخر فصار المجموع (26) مجلداً، أنظر الذريعة 3 / 27، فقام المعاصرون وزادوا فيه كتباً ليست من وضع المؤلف كجنة المأوى للنوري الطبرسي وهداية الأخبار للمسترحمي ومجلدات في الإجازات ليبلغوا به في طبعة جديدة مائة وعشرة مجلدات تبدأ من الصفر، حيث إن المجلد الأول يحمل رقم صفر. وموضوع البحار تتعلق بمسائل التوحيد والعدل والإمامة، وأكثر ما فيها يدور حول عقائدهم وآرائهم في الإمامة والأئمة الاثنى عشر والنص عليهم ، وصفاتهم ، وأحوالهم ، وزيارة القبور، والحديث عن اعدائهم ، وعلى رأسهم صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونلحظ أن كل شيء –في الغالب- يدور في الفلك الإمامة والأئمة
الكتب الاربعة المتاخرة - الوسائل
3- وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة تأليف شيخهم محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفي سنة 1104 هـ. وذكر العاملي بأنه توفر عنده اكثر من ثمانين كتابا عدا الكتب الأربعة وقد جمع ذلك في وسائل الشيعة انظر الوسائل ج1، المقدمة، والذريعة 4 / 352 – 353. ولكن ذكر الشيرازي في مقدمة الوسائل بأنها تزيد على 180 ولا نسبة بين القولين إلا احتمال التزوير والكذب.
وقد ذكر الحر العاملي أسماء الكتب التي نقل عنها فبلغت أكثر من ثمانين كتابا ، وأشار إلى انه رجع الى كتب غيرها كثيرة الا انه أخذ منها بواسطة من نقل عنها ( طبع ثلاثة مجلدات عدة مرات، ثم طبع أخيرا بتصحيح وتعليق بعض شيوخهم في عشرين مجلدا ) ( الشيرازي مقدمة الوسائل ، أعيان الشيعة 1 / 292- 293، الذريعة 4 / 352-353، الحر العاملي وسائل الشيعة 1 /4-8 و ج 20/ 36-49 ).
============
الكتب الأربعة المتأخرة - مستدرك الوسائل
4- مستدرك الوسائل، لحسين النوري الطبرسي المتوفى سنة 1320هـ. قال أغا بزوك الطهراني "اصبح كتاب المستدرك كسائر المجاميع الحديثه المتأخره في أنه يجب على المجتهدين الفحول أن يطلعوا عليها ويرجعوا إليها في أستباط الأحكام، وقد أذعن بذلك جل علمائنا المعاصرين " الذريعة 2 / 110-111 ، ثم استشهد ببعض أقوال شيوخهم المعاصرين باعتماد المستدرك من مصادرهم الأساسية، الذريعة 2/ 111.
ولكن يبدو أن البعض لم يوافق على ذلك فنجد صاحب أحسن الوديعة ينتقد بشدة هذا الكتاب ويقول بانه "نقل منه عن الكتب الضعيفة الغير معتبرة … والأصول الغير ثابته صحة نسختها حيث إنها وجدت مختلفة النسخ أشد الاختلاف "، ثم قال بان أخباره مقصورة على ما في البحار، وزعها على الأبواب المناسبة للوسائل، كما قابلته حرفا بحرف (محمد مهدي الكاظمي / أحسن الوديعة ص 74 ). وقد جمع فيه ثلاثة وعشرين ألف حديث عن لأئمة (الذريعة 21/ 7) لم تعرف من قبل فهي متأخرة عن عصور الأئمة بمئات السنين .
فإذا كان هؤلاء قد جمعوا تلك الأحاديث عن طريق السند والرواية فكيف يثق عاقل برواية لم تسجل طيلة أحد عشر قرناً او ثلاثة عشر قرناً !! وإذا كانت مدونة في كتب فلم يعثر على هذه الكتب إلا القرون المتأخرة.
أما المؤلف الطبرسي نفسه فيقول أنه عثر على كتب لم تدون من قبل رغم انه من المعاصرين، يقول أغا بزرك الطهراني " والدافع لتأليفه عثور المؤلف على بعض الكتب المهمة التي لم تسجل في جوامع الشيعة من قبل" الذريعة 21/ 7 وجعلوا هذه الأحاديث المكتشفة والتى جمعها مستدرك الوسائل مما لا يستغى عنه قال الخراساني كما ينقل صاحب الذريعة بان الحجة عندهم في قول شيوخهم – هكذا-. وقد تستمر مسيرة الاكتشافات للكتب والروايات.
وكما ذكرنا سابقا فالوسائل ومستدرك الوسائل كتب في الفقه بينما البحار في العقائد أو ما يسمونا الأصول. وأما الوافي فهو جمع للكتب الأربعة.
=================
الحكم بصحة هذه المدونات أو الكتب أو “الأحاديث” عملية تحتاج لتحليل طويل يستعرض فيه منهج الشيعة في الرواية. وأول مرحلة في دراسة منهج الرواية هو معرفة طبقات الروات عند الشيعة بدءا بالصحابة وانتهاء بكتاب الكتب الثمانية. ثم بعد ذلك ينظر في نظام الرواية وطريقتهم في توثيق الرجال وطريقتهم في تصحيح الأحاديث.
==========
طبقة الصحابة
نبدأ بطبقة الصحابة ثم نتابع إلى الطبقات التالية.
الصحابة كلهم مستثنون من الرواية عن الشيعة إلا عدد قليل جدا، يقول محمد حسين آل كاشف الغطا بخصوص ذلك"إن الشيعة لا يعتبرون من السنة -أعني الأحاديث النبوية- إلا ما صح لهم من طرق اهل البيت… أما مايرويه مثل ابو هريرة، وسمرة بن جندب، وعمرو بن العاص ونظائرهم فليس لم عند الإمامية مقدار بعوضة" اصل الشيعة وأصولها ص 79. فهو هنا يقرر أن مذهب الشيعة هو قبول “ما صح لهم من طرق أهل البيت” دون ما سواه من روايات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا عرفنا أن الاثني عشرية تعنى بأهل البيت الأئمة الاثنى عشر. هذا في الرواية أما في تزكية الصحابة عموما فسنشير لذلك في نهاية هذه المداخلة.
وإذا عرفنا أن الذي ادرك الرسول صلى الله عليه وسلم من الأئمة وهو مميز هو أمير المؤمنين علي فقط وقدر يسير جدا من حياة الحسن والحسين، وعليه فهل يتمكن علي رضي الله عنه من نقل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها للأجيال؟ مع أنه لا يكون مع الرسول صلى الله عليه وسلم في كل الاحيان، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسافر ويستخلفه في بعض الاحيان كما في غزوة تبوك، كما كان علي يسافر ورسول الله في المدينة فقد بعثه رسول الله الى اليمن، وكذلك ألحقه بأبي بكر حين أرسله لأهل مكة. وكيف يطلع علي رضي الله عنه على حال الرسولصلى الله عليه وسلم في بيته والتي يختص بنقلها زوجاته أمهات المؤمنين وهذا من اسرار وحكم تعددهن؟
بل الحقيقة “أن بلاد الإسلام بلغهم العلم عن رسول الله من غير طريق علي رضي الله عنه، وعامة من بلغ عنه صلى الله عليه وسلم من غير اهل بيته فضلا أن يكون هو علي وحده، فقد بعث رسول الله صلى عليه وسلم أسعد بن زرارة إلى المدينة يدعو الناس إلى الإسلام ويعلم الأنصار القرآن ويفقههم في الدين، وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين في مثل ذلك، وبعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن، وبعث عتاب بن أسيد على مكة فاين قول من زعم انه لا يبلغ عنه إلا رجل من اهل بيته؟” منهاج السنة 4/ 139، وقال أهل العلم إنه ( لم يرو عن علي إلا خمسمائة وستة وثمانون حديثاً مسندة يصح منها نحو خمسين حديثاً) ،* ابن حزم/ الفصل/ : 4/213، منهاج السنة:4/ 139، فهل سنة الرسول هى هذه فقط؟
ومن الظرائف أن هذه المعلومة اعترف بها الشيعة بطريقة غير مباشرة حين أقروا بأنهم لم يبلغهم علم الحلال والحرام ومناسك الحج إلا عن طريق ابي جعفر (الباقر). وهذا يعني أنه لم يبلغهم عن شيء في هذا قبل ذلك، وأن أسلافهم كانوا يتعبدون فيما جاء عن صحابة رسول صلى الله عليه وسلم، " كانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم، حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون الى الناس…". أصول الكافي: 2/20، تفسير العياشي: 1/ 252- 253، البرهان 1/ 386، رجال الكشي: ص 425.
لكن لماذا نبذ الشعية روايات الصحابة وقد زكاهم القرآن في مواضع كثيرة وأثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشفع للصحابه عند الشيعة صحبتهم لرسول الله وجهادهم في سبيل الله وتضحياتهم وسابقتهم وبذلهم الارواح والمهج ومفارقتهم للاهل والوطن ونشرهم للإسلام في أصقاع الأرض؟
السبب بسيط جدا وهو أن تزكية الصحابة تعني أنهم لم يكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا يعني بالضرورة سقوط نظرية الإمامة وولاية علي لأنهم لو كان الصحابة صادقين لما كتموا خبر ولاية علي ولما ترددوا في بيعة علي فورا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. ولذلك اضطر الشيعة اضطرارا لتجريح جماعي وبالجملة للصحابة بحيث أن الصحابة في الجملة متآمرون على تعطيل أحكام الدين وعلى رأس المؤامرة أعظم الصحابة وأفضلهم وأزكاهم الخلفاء الثلاثة والعشرة المبشرين بالجنة والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار فضلا عن باقي الصحابة ممن زكاهم القرآن ممن بايع تحت الشجرة ومن ذهب لغزوة تبوك هذا سوى التزكية العامة للصحابة في آخر سورة الفتح.
مقابل هذه التزكية من القرآن يعتقد الشيعة أن من انكر إمامة واحد من الأئمة ولو كان الغائب المزعوم فهو كابليس كما نص على ذلك ابن بابوية القمي إكمال الدين ص 13. وليس المقام هنا سرد موقف الشيعة من الصحابة فهذا فيه نصوص كثيرة عندهم تكفر الصحابة وتتهم بالردة والنفاق وتسمي أبابكر وعمر صنمي قريش وتلعنهما لعنا عظيما وتعتبر لعنهما من أعظم القربات. بل يذهب الشيعة إلى درجة جنونية في بغض الصحابة والحنق عليهم أشد من الحنق على أعداء الإسلام إلى زعم أن أبا بكر وعمر يرجعان إلى الحياة مع المهدي من أجل أن يصلبهما ويحرقهما انتقاما لعلي رضي الله عنه كونهما سلبا منه الخلافة ويقولون أن هذا من باب رجعة أشد الناس جرما وظلما وكفرا وزندقة.
لكن من تناقضات الشعية الصارخة أن الشيعة وهم يجرمون من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاهد معه وعاش معه فإنهم في المقابل يزكون من يزعم أنه رأى الغائب المزعوم في غيبته ويضعونه في أعلى مرتبة من مراتب التزكية التي تعلو على العدالة وتكاد تقترب من العصمة. يقول الممقاني “تشرف الرجل برؤية الحجة- عجل الله فرجه وجعلنا من كل مكروه فداه- بعد غيبته فنستشهد بذلك على كونه في مرتبة اعلى من مرتبة العدالة ضرورة” تنقيح المقال 1/ 211. سبحان الله أليس رسول الله اعظم من منتظر موهوم مشكوك في وجوده حتى عند الشيعة الذين كانوا في زمانه، فانظر وتعجب كيف يُزكى رجل يدعي رؤية معدوم، مع أن زعمه المجرد يجب أن يعتبر دليل كذبه، ويُطعن في صحابة رسول الله الذين ثبتت رؤيتهم للرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم وعاشوا معه وجاهدوا معه وثبت ذلك عنهم بالتواتر الذي لا يشكك فيه الشيعة!! أفلا كانت رؤيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم بحد ذاتها تزكية جريا على نفس القاعدة؟
ومن التناقضات التي تفضح السبب المباشر لعدم تزكية الصحابة أن الشيعة يرفضون رواية الصحابة فقط لأنهم لم يبلغوا عن ولاية علي مع عجزهم عن تجريمهم في شؤون أخرى ومع ذلك يقبلون رواية آخرين من غير الصحابة ممن أنكر إمامة بعض أئمتهم. وقد اكد الحر العاملي على ان الطائفه الامامية عملت بأخبار الفطحية مثل عبدالله بن بكير واخبار الواقفيه مثل سماعه بن مهران. وكثيرا ما تقرأ في تراجم رجالهم بان فلانا فطحي وذك واقفي وهذا من الناووسية وكل هذه الطوائف الثلاث تنكر بعض ائمة الاثنى عشريه، ومع ذلك يعدون جمله من رجالها ثقات.
جاء في رجال الكشي بخصوص محمد بن وليد الخزاز ومعاوية بن حكيم ومصدق بن صدقه ومحمد بن سالم بن عبد الحميد “وهؤلاء كلهم فطيحه وهم من اجلة العلماء والفقهاء والعدول، وبعضهم ادرك الرضا- رضي الله عنه- وكلهم كوفيون” رجال الكشي ص 563. وزكى الكشي الحسن بن علي بن فضال وعلي بن حديد بن حكيم وعمرو بن سعيد المدايني و كلهم من الفطحيه. وكان ابو خالد السجستاني وعلي بن جعفر المروزي وعثمان بن عيسى وحمزة بن بزيغ كلهم من الواقفه، ومع ذلك وثقوهم وعملوا بمروياتهم معرضين عن قول امامهم ( الزيديه والواقفه والنصاب بمنزلة واحدة من حيث إنكار بعض أئمة الشيعة اختلافهم معهم في قضية العصمة) بل إن الكشي نفسه قال عن الواقفه " والواقف عائد عن الحق ومقيم على سيئة ان مات بها كانت جهنم مئواه وبئس المصير" رجال الكشي ص 456، وقال “يعيشون حيارى ويموتون زنادقه…فأنهم كفار مشركون زنادقه” رجال الكشي ص 456. ومع هذا تقبل رواية هؤلاء وترد روايات الصحابه- رضوان الله عليهم- اليس هذا هو التناقض بعينه؟!
فاذا ادركنا انهم ردوا رويات الصحابه لردهم النص المزعوم على علي وأن هؤلاء من الواقفه والفطيحه ينكرون مجموعه من الامامه ويجحدون النصوص الوارده فيهم عن الائمه قبلهم، تبين أن الجميع يشتركون في نفس العله المزعومه التي من اجلها رفضوا مرويات الصحابه وهو انكار احد الائمه… اذا ادركنا ذلك، ادركنا إن السبب الحقيقي هو التخلص من ورطة سقوط العنصر الأساسي في التشيع وهو القول بإمامة علي وبذلك يصبح تجريم الصحابة عملا براجماتيا مصلحيا وليس منهجيا. ولهذا نصر نحن في هذا المنتدى على استحالة التفريق بين التشيع الاثني عشري وعدالة الصحابة.
وأخيرا فمن العجائب عند الشيعة أن نجد اعترافا بأن الصحابة رغم "جريمتهم الكبرى في إخفاء خبر الإمامة " صادقون، ولا ندري كيف فلت هذا الخبر من بين كتبهم. جاء في الكافي وبحار الأنوار “عن ابن حازم قال : قلت لابى عبد الله …فاخبرنى عن اصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم -صدقوا على محمد -صلى الله عليه وسلم ام كذبوا؟ قال… بل صدقوا” اصول الكافي : 1/65، بحار الأنوار ، 2/ 228،
===========
الطبقة التالية – التابعون وأتباع التابعين
بعد الصحابة لا يوجد في روايات الشيعة من الرجال من طبقة التابعين أحد تقريبا. حتى المنتسبون للتشيع السياسي مع علي رضي الله عنه ومع الحسن والحسين لا يعدون ثقات عند الشيعة لأنهم لم يؤمنو بالولاية والإمامة على طريقتهم. ولذلك فإن الروايات عن علي والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين قليلة جدا وما وجد منها فإما إنه بدون إسناد أو منسوب لمجاهيل وقد تقدم معنا دراسة الكتاب المنسوب للشخص المجهول سليم بن قيس الهلالي.
أما أتباع التابعين فربما ابتدأت الرواية في نهاية فترتهم حين تكاثر التلاميذ المزعومون حول الباقر والصادق. أما علي بن الحسين رضي الله عنه فلم يرد عنه روايات مسندة إلا عدد قليل جدا ما عدا ذلك فهو نفس حالة الروايات التي قبله إما قليل جدا أو منسوبة لمجاهيل.
ولو عملت دراسة مسح سريعة لوفيات الرجال المعروفين في روايات الشيعة لتبين أن من وجد منهم في هذه الطبقات الثلاث قليل جدا بينما تكاثر الرواة بعد ذلك أي بعد ظهور الباقر والصادق.
وبسبب ندرة الرواة الذين يعتمد عليهم الشيعة في تلك الفترة اضطر الشيعة في مناظراتهم ونقاشهم للاعتماد على كتب السنة. ويلجأ الشيعة بالذات لكتب السنة التي لم يتلتزم فيها مصنفوها الصحة ويجدون بغيتهم في أبواب الفضائل أو كتب التاريخ التي عادة ما يتساهل فيها الرواة أكثر من تساهلهم في قضيايا الأحكام والعقائد لكن مع ذلك يسندونها يوبرئون ذمتهم بذلك ويتركون الحكم عليها لغيرهم.
في المداخلة القادمة نتناول دراسة أعمق لعلم الرجال عند الشيعة كما تعرضها كتبهم. وسبب دفع الحديث عن الرجال للمداخلة القادمة هو لأن الطبقة القادمة هي التي تركز فيها معظم رجال الشيعة الذين روي عنهم والذين رووا عن الباقر والصادق.
============
حال الأئمة الاثني أنفسهم أولا:
اشرنا بشكل مبدئي وأساسي أن الدين عند الشيعة يؤخذ من الأئمة الاثني عشر بصفتهم مصدر التشريع ، والحديث يروى عنهم ويحمل حجة كاملة مثل الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولذلك فلعل من الحكمة أن نتعرف على الأئمة الاثني عشر قبل أن نتعرف على حال الرواة الذين رووا عنهم. وفي هذه المداخلة نحن بحاجة لنقول من علماء أهل السنة أكثر من الشيعة لأننا نحتاج تقويم لهؤلاء الأئمة والشيعة يجمعون على عصمتهم.
ونحن لا نحتاج لتعليق على حال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ولا الحسن والحسين رضي الله عنهم لما لهم من صحبة إنما التعليق على بقية الائمة بدءا بعلي بن الحسين وانتهاء بالحسن العسكري. أما الغائب المزعوم فقضية مستقلة نفرد لها مداخلة خاصة.
وقد أشرنا إلى أن معظم الحديث عندهم مروي عن جعفر الصادق وقليل أيضا عن محمد الباقر وقليل منه بل نادر ولا يكد يوجد إلا بكلفة مروي عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم وأكد شيخهم الحر العاملي أن هذا الأمر مقصود لأنهم يتجنبون رواية ما يرفع الى النبي خشية ان يكون من روايات أهل السنة. وسائل الشيعة 20/ 391.
قال شيخ الاسلام بن تيمية “هذه الطائفة لا تعتني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة صحيحه من سقيمه والبحث عن معانية، ولا تعتني بآثار الصحابة والتابعين حتى تعرف مآخذهم ومسالكهم وترد ما تنازعوا فيه الى الله والرسول.” منهاج السنة: 3/ 40. والحقيقة أن ما يزعم الشيعة من صحة الرواية عن أهل البيت لا تعني كل أهل البيت، فقد رد الطوسي روايات زيد بن علي الحسين. أنظرالاستبصار 1/66. وكفرو جملة من أهل البيت لأنهم لم يصدقوا بدعوى إمامة الاثنى عشر. أصول الكافي: 1/ 372، بحار الأنوار 25/ 112-114.
وقال بن تيمية كذلك “وياليتهم اخذوا بما يقوله امير المؤمنين علي، أو قنعوا بمراسيل التابعين كعلي بن الحسين بل يأتون إلى من تأخر زمانه كالعسكريين فيقولون كل ما قاله واحد من أولئك فالنبي قد قاله. وكل من له عقل يعلم أن العسكريين بمنزلة أمثالهما ممن كان في زمانهما من الهاشميين ليس عندهم من العلم ما يمتازون به عن غيرهم، ويحتاج إليهم في أهل العلم ولا كان أهل العلم يأخذون عنهم، كما يأخذون عن علماء زمانهم، وكما كان أهل العلم في زمان علي بن الحسين وأبنه أبي جعفر وابن ابنه جعفر بن محمد، فان هؤلاء الثلاثة- رضي الله عنهم- قد أخذ أهل العلم المعروفون بالعلم عنهم شيئاً. فيريدون أن يجعلوا ما قاله الواحد من هؤلاء هو قول الرسول الذي بعثه الله الى جمع العالمين، بمنزلة القرآن والمتواتر من السنن وهذا مما لا يبنى عليه دينه إلا من كان أبعد الناس من طريقة اهل العلم والإايمان” منهاج السنة 3/ 40-41.
وتحدث ابن حزم عن هذه الدعوى مشيرا إلى من بعد جعفر وقال “وأما من بعد جعفر بن محمد فما عرفنا لهم علماً أصلاً، لا من رواية ولا من فتيا على قرب عهدهم منا، ولو كان عندهم من ذلك شيء لعرف كما عرف عن محمد بن علي وابنه جعفر وعن غيره منهم ممن حدث الناس عنه.” الفصل 4/ 175.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية " منهم من كان خليفة راشدا تجب طاعته كطاعة الخلفاء قبله، وهو علي، ومنهم أئمة في العلم والدين يجب لهم ما يجب لنظرائهم من أئمة العلم والدين كعلي بن الحسين، وأبي جعفر الباقر، وجعفر بن محمد الصادق، ومنهم دون ذلك" مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 19/ 69.
ثم فصل القول في من هم دون ذلك في موضع آخر فذكر بأن “موسى بن جعفر ليس له كثير رواية، وقد روى عن ابيه، وروى عنه أخوه علي وروى له الترمذي وابن ماجه، وأما من بعد موسى فلم يؤخذ عنهم من العلم، وليس لهم رواية في الكتب الأمهات من الحديث، ولا فتاوى في الكتب المعروفة، ولكن لهم من الفضائل والمحاسن ما هم له أهل- رضي الله عنهم” منهاج السنة 2/155. فكأن شيخ الإسلام رحمه الله يستدرك على ابن حزم فيزيد موسى ابن جعفر، ويبن أنه كان له رواية في كتب الستة فقال "له عند الترمذي وابن ماجه حديثان " سير أعلام النبلاء 6/ 270.
ولعلي بن موسى الرضا رواية في سنن أبن ماجه كما أشار إلى الذهبي وابن حجر، الكاشف 2/ 296، ابن حجر/ تقريب التهذيب2/ 44-45. وقد ذكر الحافظ المزي بأنها رواية واحدة فقط المزي/ تهذيب الكمال 2/ 993 . وبالرجوع الى سنن ابن ماجه تبين أن تلك الرواية جاءت من طريق أبي الصلت الهروي وهو ممن لا يحتج له، حتى قال فيه الدارقطني “رافضي **** متهم بوضع حديث الإيمان في القلب” ميزان الاعتدال 2/ 616. وهو الحديث الذي جاء في سنن ابن ابن ماجه من طريق أبي الصلت عن علي بن موسى، ولذلك قال ابن السمعاني “إن الخلل في روايات علي الرضا من رواته، فإنه ما روى عنه إلا متروك” الأنساب 6/ 134، وانظر تهذيب التهذيب7/ 389. قال ابن حجر “إنه صدوق والخلل ممن روى عنه،” تقريب التهذيب: 2/ 45.
ولعل هذا ما اشار اليه شيخ الإسلام حينما قال عن علي الرضا " لم يأخذ عنه أحد من أهل العلم بالحديث شيئا، ولا روى له حديثا في كتب السنة، وإنما يروي له أبو الصلت الهروي وأمثاله نسخاً عن آبائه فيها من الأكاذيب ما نزه الله عنه الصادقين،" منهاج السنة 2/ 156. وفي التهذيب ذكر أمثله لهذه المنكرات والأكاذيب التي يرويها أبو الصلت الهروي عن علي الرضا، تهذيب التهذيب 7/ 388-389) كحديثهم الذي يقول “السبت لنا، والأحد لشيعتنا، والاثنين لبني أمية… إلخ.” التهذيب 7/ 388. وتروي كتب الاثنى عشرية هذا الحديث في مصادرها المعتمدة عندهم. عيون الأخبار 207، وسائل الشيعة8/ 258.
وأما من بعد علي الرضا فلم يؤثر عنهم في كتب السنة من العلم شيء، وحينما ادعى ابن المطهر الحلي أن الحسن العسكرى إمامهم الحادي عشر قد روت عنه العامة -يعني أهل السنة- كثيراً نفى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وقال " بأن ذلك من الدعاوى المجردة، والأكاذيب المثبتة فإن العلماء المعروفين بالرواية الذين كانوا في زمن هذا الحسن بن علي العسكري ليست لهم عنه رواية مشهورة في كتب أهل العلم… وشيوخ أهل كتب السنة البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه كانوا موجودين في ذلك الزمان وقريبا منه مثله وبعده، وقد جمع الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أسماء شيوخ الكل- يعني شيوخ علماء الحديث- فليس في هؤلاء الأئمة من روى عن الحسن بن علي العسكري مع روايتهم عن ألوف مؤلفة من أهل الحديث فكيف يقال روت عنه العامة كثيرا، وأين هذه الروايات؟" منهاج السنة: 2/ 163- 164. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة الحسن بن علي العسكري أن ابن الجوزي ضعفه في الموضوعات لسان الميزان 2/24.
وقد أثار ابن حزم على الشيعة ما ثبت تاريخياً من ان بعض أئمتهم المذكورين مات أبوه وهو ابن ثلاث سنين، ثم قال “فنسألهم من أين علم هذا الصغير جميع علوم الشريعة؟ وقد تعذر تعليم أبيه له لصغره؟ فلم يبق إلا ان يدعوا له الوحي فهذه نبوة، وكفر صريح وهم لا يبلغون إلى أن يدعوا له النبوة، وأن يدعوا له معجزة تصحيح قوله. فهذه دعوى باطلة، ما ظهر منها قط شيء،أو يدعوا له الإلهام فما يعجز أحد عن هذه الدعوى” الفصل 4/ 172.
وكأن ابن حزم يتنبا بما ستضيفه الشيعة، او هو يكشف شيئا يتسترون عليه، فقد قالوا بالإلهام والوحي للإمام- كما سلف- وجاء في روايتهم ما يؤكد القول بإمامة الاطفال، ففي أصول الكافي"عن ابن بزيع قال: سألته يعني أبا جعفر- رضي الله عنه- عن شيء من أمر الإمام، فقلت: يكون ابن أقل من سبع سنين؟ فقال: نعم، وأقل من خمس سنين" أصول الكافي 1/ 383- 384، بحار الأنوار: 25/ 103.وقالوا بأن الجواد كان إماماً وهو ابن خمس سنوات، بحار الأنوار 25/ 103. وقد احتجوا في كتبهم بروايات منسوبة لمنتظرهم وهو ابن ليلة واحدة.
ولذلك اعترفت كتب الفرق عند الشيعة، بأن طوائف من الشيعة أنكروا إمامة الجواد لا ستصغارهم لسنه، وقالوا لا يجوز الإمام إلا بالغاً، “ولو جاز ان يأمر الله عز وجل بطاعة غير بالغ لجاز أن يكلف الله غير بالغ، فكما لا يعقل أمن يحتمل التكليف غير فكذلك لا يفهم القضاء بن الناس دقيقة وجليله وغامض الأحكام وشرائع الدين، وجميع ما اتى به النبي صلى الله عليه وآله، وما تحتاج إليه الأمة الى يوم القيامة من أمر دينها ودنياها طفل غير بالغ” النوبختي/ فرق الشيعة: ص 78- 88، القمى / المقالات والفرق ص 95.
وقد ادى بهم القول بإمامة طفل في حكم الحضانة الى قبول رواية الكذابين الذين نسبوا لبعض الأئمة اقوالا لم يصدر منهم، لأنهم لم يدركوهم إلا في مرحلة الطفولة . قال الممقاني في ترجمة المعلي بن خنيس “إن المعلي قتل لأربع وثلاثين ومائة، والكاظم طفل لأنه ولد سنة 28 أو 29 ومائة، فعمره عند قتل المعلي ست أو سبع سنين” تنقيح المقال للممقاني. ولكنه يروي عن الكاظم والشيعة تقبل روايته ويقول الممقاني في تبرير ذلك “وفيه أن صغرهم لا يمنع من علمهم بالأحكام، الا ترى إمامة الجواد وهو صغير فيمكن أن يكون المعلى سأل الكاظم وهو صغير فروى عنه” تنقيح المقال للممقاني.
===============
رجال الشيعة
قلنا سابقا إن طبقة الصحابة والطبقتين التي تليهما ليس فيهما من الرواة عدد يستحق الاهتمام عند الشيعة. ولذلك فالمعوّل في رواية الشيعة للأحاديث التي في كتبهم على الرواة بعد ذلك والذين روى معظمهم عن الباقر والصادق. هذا للأحاديث المسندة أو للتي سندها متصل أما للأحاديث التي دون إسناد أو بإسناد منقطع فهي لا تحتاج لدراسة الصحة والضعف ويسقط الحديث فيها تلقائيا. وللحكم على إسناد هذه الأحاديث عند الشيعة نود أن نؤكد بعض الحقائق:
أولا: مصنفو تلك الكتب لم يلاقوا الأئمة الاثني عشر (إلا ما زعم من ملاقاة الكليني للغائب) ولذلك فإن افترضت عدالة هؤلاء المؤلفين فأحاديثهم تحتاج لدراسة الأسانيد. ويبين الكليني بنفسه مشكلة الرواية وأنها كانت في ظروف التقية بقوله “ان مشايخنا رووا عن جعفر وأبي جعفر وأبي عبد الله-عليهما السلام- وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا.” أصول الكافي، باب رواية الكتب والحديث 1/ 53. و في بعض رواياتهم تجد الأمر بكتمان النص وعدم إذاعته عند غير أهله، أصول الكافي 1/ 527- 528، الكاشاني / الوافي، المجلد الأول 2 /72، الطبرسي/ الاحتجاج 1/ 84 –87 ، ابن بابوية / إكمال الدين 301 – 304، وغيرها.
===========
رجال الشعية
ثانيا: نفس مؤلفي هذه الكتب في عدالتهم نظر ولا يعرف عنهم الكثير سواء تزكية أو ذما سوى أنهم ألفوا تلك الكتب. كما لا يعرف الكثير عن طريقة تأليف الكتب والاحتياطات التي اتخذت لمنع الوضع والتأليف والخطأ فيها. هذا فضلا عن أن هذه الكتب لم تنقل حفظا عنهم ولم يضمن نسخها في وقتها بطريقة آمنة وهناك كلام كثير عن دقة نسبة الكتب الحالية التي بنفس العناوين لأؤلئك المؤلفين.
وأهم تلك الكتب الكافي لأن الكتب الأخرى كتب فقهية في قضايا فيها سعة. وما دام الكليني صاحب الكافي يصرح بأنه يعتقد بالتحريف ويروي أكثر من ثلاثمائة رواية في زعم التحريف ويقول في مقدمة كتابه إنه لا يروي إلا الصحيح فهو قطعا يؤمن بتحريف القرآن. والذي يزعم أن كتاب الله الذي تكفل الله بحفظه قد تعرض للتحريف ولم يتمكن سبحانه من تحقيق وعده بحفظه فهذا لا يصلح منطقا أن يعتبر ما يجمعه من حديث رواية مقبولة. لأن الذي يعتقد أن كلام الله نفسه لم يسلم من التحريف لا بد أن يجزم بأن كلام المخلوقين أكثر عرضة للتحريف. ومن الأمور القليلة الأخرى التي تعرف عن الكليني أنه يزعم مقابلة الغائب وهذه من الأدلة الكبرى على أن الرجل نصاب كذاب أو يعاني من تهيؤات نفسية أوتخبطات الجن والشياطين.
=============
رجال الشيعة
ثالثا: إن كان مؤلفو الكتب الأولى قريبين نسبيا من عهد الأئمة ولهم قدرة على إخراج إسناد ما -بغض النظر عن قوته وضعفه وحال رجاله- فإن مؤلفي الكتب الاربعة التالية لا يمكن أن ينظر لحال إسناد أحاديثهم التي استقلوا بها عن الكتب الأربعة سواء كانت مسندة أو غير مسندة. لأنها إن كانت غير مسندة فلا قيمة لها أصلا وإن كانت مسندة فسندها غير معقول كونه بسلسلة تمتد تسعة أو عشرة قرون. وبذلك تسقط كل هذه الأحاديث التي استقلوا بها عن الكتب الأربعة ويبقى النقاش فقط على الأحاديث المنسوبة للكتب الاربعة.
رابعا: في حين بدأ علم الرجال والإسناد عند أهل السنة في عهد التابعين بعبارة بن سيرين المشهورة “سموا لنا رجالكم” فإن علم الرجال لم يعرف عند الشيعة إلا في المئة الرابعة وبطريقة مهلهلة جدا لم تكتمل أبدا لحد الآن كما اكتملت بتفاصيلها الهائلة وضوابطها الدقيقة عند أهل السنة. ولذلك تصبح دراسة الرجال عند الشيعة مسألة صعبة جدا بسبب ضعف أو غياب المعلومات عن كثير من رجالهم وجهالة العدد الأكبر منهم وتضارب الرواية عن الآخرين وتناقض الحكم على روايتهم. والجهالة تعني أن الشخص غير موجود وليس له سجل تأريخي يؤكد شخصيته وهذه الظاهرة وهي الإحالة إلى أسماء مجهولة شائعة جدا في الرواية الشيعية. بل إن من أقدس الكتب التي يعتمدون عليها وهو الكتاب المنسوب لسليم بن قيس الهلالي منسوب لشخص مجهول ليس هناك أي سجل عن حقيقة وجوده في التاريخ.
==========
رجال الشيعة
خامسا: تجمع مصادر السنة أن الكذب شائع جدا في الفرق الشيعية بل إنه أمر يكاد يكون مقبولا ومحمودا. ويكفي عند أهل السنة أن يُعرّف شخص بالرفض حتى تنهار عدالته، لأن الروافض عند علماء الجرح والتعديل يستسهلون الكذب ويستجيزون وضع الحديث. ومستوى التشيع والرفض له دخل بمدى قبول الشخص فإن كان من المتشيعين سياسيا مثل شيعة علي والحسن والحسين رضي الله عنهم فهذا لا يقدح بعدالة الراوي أما الروافض الذين يسبون الصحابة ويعتقدون بالإمامة فهؤلاء لا عدالة لهم عند علماء الحديث ويتفق الجميع على أن الروايات التي يرد إسمهم فيها ساقطة. أنظر كلاما كثير من ذلك في : المنتقى 21-23 ، ميزان الاعتدال 1/ 27- 28.
=============
رجال الشيعة
سادسا: لا تخالف مصادر الشيعة أن الكذب شائع في الرواية الشيعية وأن كثيرا من الرجال الذين تعتمد عليهم الرواية عند الشيعة مقدوحين في دينهم أو أمانتهم أو صدقهم. يقول الطوسي “إن كثيرا من مصنفي أصحابنا ينتحلون المذاهب الفاسدة” الفهرست 24-25. ويقول الممقاني “ان القداماء كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب الشيعه غلوا وكانوا يرمون بذلك أوثق الرجال كما لا يخفى على من احاط خبرا بكلماتهم” تنقيح المقال 3/ 23 .
ولهذا قرر جملة من علماء الرجال عندهم كابن الغضائري وابن المطهر الحلي بان القدح في دين الرجل لا يؤثر في صحة حديثه رجال الحلى ص 137 . سبحان الله ما هو أساس عدالة الإنسان إن كان الدين نفسه لا يقدح فيها؟ ولا نستغرب في هذا المنتدى ممن يزعم أنه لا يرى القول بالتحريف قادحا في عدالة الكليني. ومما نقل عن جعفر الصادق عندهم قوله "ان لكل رجل منا، رجل يكذب عليه …وأن المغيرة بن سعيد دس في كتب أصحاب أبي احاديث لم يحدث بها فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا وسنة نبينا ". وقد اعترف المغيرة بن سعيد بذلك حسب كتبهم حيث قال “دسست في اخباركم أخبارا كثيرة تقرب من مائة الف حديث”.
وفي قول آخر منقول عن الصادق “إنا أهل البيت صادقون لا نخلوا من كذاب يكذب علينا فيسقط صدقنا بكذبه” وعن يونس أنه قال “وافيت العراق فوجدت قطعة من اصحاب ابي جعفر وأبي عبدالله – عليهما السلام- متوافرين فسمعت منهم وأخذت كتبهم وعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا فأنكر منها أحاديث كثيرة … وقال : ان أبا الخطاب، كذب على أبي عبدالله لعن الله أبي الخطاب، وكذلك اصحاب ابي الخطاب يدسون من هذه الاحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبدالله – عليه السلام –فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن” كل هذه النصوص في تنقيح المقال للمامقاني 1/ 174 – 175.
==========
رجال الشيعة
سابعا: ثبت عند الشيعة بأسانيد صحيحة حسب مقاييسهم أن عددا كبيرا من أهم الرجال الذين تقوم عليهم الرواية كذابون ملعونون على لسان الأئمة مثل زرارة بن أعين وجابر الجعفي وأبو بصير وهشام الجواليقي. وقد تواترت الروايات بكذبهم إلى درجة أن المتأمل لها يجزم بأن المذهب كله يكاد يكون من تأليفهم. تصور مثلا إن الأئمة الباقر والصادق يقولون إنهم لم يروا جابر إلا مرة واحد وعرضا بينما هو يروي عشرات الآلاف من الروايات المباشرة وجلسات وكلام مباشر مع الباقر والصادق.
والشيعة لا ينكرون ذلك لكنهم وكعادتهم لهم مخرج لكل شي، ومخرجهم هنا هو ا لتقية. يقول محمد رضا المظفر عن هشام بن سالم “وجاء فيه مطاعن ، كما جاءت في غيره من أجلة أنصار اهل البيت وأصحابهم الثقات والجواب عنها عامة مفهوم-يعني التقية- … وكيف يصح في امثال هؤلاء الأعاظم قدح؟ وهل قام دين الحق وظهر امر اهل البيت ألا بصوارم حججهم؟” محمد الحسين المظفر- الإمام الصادق178. يعني أنه يعترف أن حجج أهل البيت المزعومة قائمة على أمثال هؤلاء المقدوحين.
وقد تتبع بعض علماء أهل السنة من المهتمين بالشأن الشيعي مثل صاحب التحفة الاثنا عشرية أحوال رجال الشيعة من كتبهم فوجدها في الغالب ما بين كافر لا يؤمن بالله ولا بالأنبياء ولا بالبعث والمعاد، ومنهم من كان من النصارى ويعلن ذلك جهاراً ويتزيا بزيهم، ولم يدع صبحتهم، ومنهم من أعلن جعفر الصادق كذبهم ونص على ذلك باعتراف كتب الشيعة وقال “يروون عنا الأكاذيب ويفترون علينا أهل البيت” التحفة الاثناعشرية97
===========
رجال الشيعة
ثامنا: لمعرفة ضخامة الكذب في الرواية الشيعة نتأمل نموذجا واحد وهو كمية ما رواه جابر الجعفي كما قال الحر العاملي “روى سبعين الف حديث عن الباقر – عليه السلام – ورى مائة وأربعين الف حديث، والظاهر أنه ما روي بطريق المشافهة عن الأئمة عليهم السلام أكثر مما روى جابر” وسائل الشيعة 20/ 151. اذاً فجابر يأخذ المرتبة الأول في الرواية من ناحية العدد، وإذا لحظنا أن مجموع أحاديث كتبهم الأربعة لم يبلغ سوى (44244) أعياد الشيعة1/ 280، أدركنا ضخامة مارواه جابر الجعفي، وأن رواياته تاخذ النصيب الاكبر في المدونات الشيعة، فهو أحد أركان دينهم.
ولكن جاء في رجال الكشي- أصل كتب الرجال عندهم- عن زرارة بن أعين قال : (سألت ابا عبدالله-عليه السلام- عن أحاديث جابر؟ فقال ما رأيته عند أبي قط مرة وأحدة، وما دخل علي قط) رجال الكشي 191. فالإمام الصادق هنا يكذب ما يزعمه جابر من روايته عنه وعن أبيه فكيف إذا يروي هذا العدد الضخم من الأحاديث عمن لم يلتق به ، أو لم يلتق به إلا مرة واحدة مع انه يصرح بالسماع والتحديث. ولم يجد الخوئي مخرجا من هذه الرواية التي تكذب جابراً إلا أن يفزع إلى التقية فيقول بأنه “لا بد من حمله على نحو من التورية” معجم رجال الحديث 5/ 25.
هذا ليس استعراضا لحال الرجال لكنه نموذج فقط لبيان حال أعظم الرواة عندهم ممن يكاد يقوم عليه أكثر من نصف روايات المذهب. وسيرد استعراض لعلم الرجال نفسه وتضارباته وتناقضاته عندهم في مداخلة قادمة بإذن الله.
===========
التوقيعات والرقاع
نؤجل الحديث قليلا عن الرجال إلى أن نغطي حكاية التوقيعات والرقاع.
لا يمكن استكمال الحديث عن الرواية في التراث الشيعي إلا بالحديث عن الرقاع. والرقاع هي الأحاديث المنسوبة للمهدي الغائب والتي يزعمون أنه يرسلها برقاع مكتوبة موقعة من قبله لهم على أسئلة يرسلونها له.
كان موت الحسن العسكري سنة 260 هـ دون أن يكون له ولد ظاهر كما تعترف كتب الشيعة ورطة فيما يخص استمرار نص المعصوم الذي كان يفترض أن يبقى حجة على الناس بوجود إمام مستمر متصل بالناس وبذلك يكون النص المقدس عمليا توقف سنة (260 هـ).
ودون الدخول في تفاصيل قضية المهدي يزعم الشيعة أنه رغم ظاهرية عدم ولادته فإنه ولد بشكل معجز واختفى خوف القتل مع أن أباه وأجداده لم يقتلوا فلماذا يخاف القتل؟. المهم أن القضية التي تهمنا الآن هي كيف يستمر النص المقدس المزعوم؟
الحل خرج في “النيابة”، أي النيابة عن الإمام الغائب في إيصال رسائله للناس حيث يزعمون أن المهدي يكلف ناسا معينين بالاتصال نيابة عنه مع الناس بطرق مختلفة. وفعلا ظهر عدة أشخاص كل يزعم أنه نائب المهدي في السبعين سنة الأولى بعد موت العسكري. ونظرا لأن القضية كلها اختلاق فقد كان النواب يلعن بعضهم الآخر وكل يزعم أنه هو المتصل بالمهدي وأن الآخر كذاب وكل يؤكد ذلك برسالة مزعومة موقعة من المهدي!! ولسبب أو لآخر استقر في أذهان الإثني عشرية أربعة فقط من هؤلاء والذين كانوا يرددون أنه سيعود في وقت محدد هو كذا سنة. لكن بعد أن انقضت المدة زعموا أن الله بدا له وأجل الرجعة. وسوف نناقش قضية المهدي والغيبة في موضوع آخر بإذن الله.
المهم أن هؤلاء النواب يخرجون أوراقا من الطفل المزعوم يزعمون أنها نص مقدس وإجابات على استفتاءات الشيعة أو توجيهات وأوامر لهم بتسليم الخمس للنائب ولعن وشتم النائب ا لآخر.
وكما قال أحد الباحثين: “ويبدو أنه في ظل التحزب والتعصب يفقد العقل وظيفته، ويصاب الفكر بالشلل والتعطل… فقد جعل المفترون لهذا الطفل المزعوم وظيفة (المشرع) أي منصب الأنبياء والرسل، مع انه مكانه-لو وجد – في حضانة وليه” أصول الشيعة الإثناعشرية.
وكانت بداية النقل الشرعي عن هذا الرضيع منذ ولادته، واستمع لابن بابوبة الملقب عندهم بالصدوق يروي عمن سموها (نسيما) وزعموا أنها خادمة الرضيع هذا الرضيع، أنها قالت " قال لي صاحب الزمان وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست عنده فقال لي: رحمك الله، قالت نسيم ففرحت بذلك، فقال لي – عليه السلام – : ألا أبشرك في العطاس؟ قلت: بلى يا مولاي، قال: هو أمان من الموت ثلاثة أيام." إكمال الدين ص 406 –407 – 416 . فهذا النص لا يقبله إلا المعتوه ومع ذلك يعتبره الصدوق من سنة المعصومين والتي هي كقول الله ورسوله .
وقد تولى بث هذه الأخبار مجموعة من هؤلاء الأفاكين الذين يدعون الصلة بهذا المنتظر وينقلون عنه الرقاع أو التوقيعات. وقد اهتم شيوخ الشيعة بهذه التوقيعات ودونوها في كتبهم الأساسية، على انها من الوحي الذي لا ياتيه الباطل (!) كما فعل الكليني في أصول الكافي. أصول الكافي 1/ 517 (باب مولد الصاحب)، وابن بابوية في إكمال الدين، إكمال الدين ص 450 وما بعدها (الباب التاسع والأربعون ذكر التوقيات الواردة عن القائم)، والطوسي في الغيبة، الغيبة ص 172 وما بعدها، والطبرسي في الاحتجاج، الاحتجاج 2 / 277 وما بعدها، والمجلسي في البحار، بحار الأنوار 53/ 150-246 ( باب ما خرج من توقيعاته).
وقد جمع شيخ الشيعة عبدالله بن جعفر الحميري الأخبار المروية عن هذا المنتظر في كتاب سماه (قرب الإسناد)، طبع في المطبعة الإسلامية بطهران. وذكر صاحب الذريعة كتابين لهم في هذا باسم (التوقيعات الخارجية من الناحية المقدسة)، أغا بزرك الطهراني/ الذريعة إلى تصانيف الشيعة 4/ 500-501.
وتحكي هذه ( التوقيعات ) رأي الإمام المزعوم في كثير من أمور الدين والحياة، وتصور قدرته على الغيب المجهول وتحقيقه لأماني شيعته وشفائه لأمراضهم، وحله لمشاكلهم وإجابته لأسئلتهم واستلامه لما يقدمونه من أموال.
والمتامل للفتاوى المنسوبة إليه في أمور الدين يري في الكثير منها الجهل في ابسط مسائل الشريعة ، مما يدل على ان واضع هذه (التوقيعات) هو من المتآمرين الجهله الذين لا يحسنون الوضع، أو ان الله سبحانه شاء كشفهم وفضحهم على رؤوس الخلائق … فجاءت محاولتهم في الكذب كمحاوله مسيلمه في محاكات القران .
ونعرض في المداخلات القادمة نماذج من هذه الرقاع.
=========
نماذج من هذه التوقيعات أو الرقاع
" وكتب اليه صلوات الله اليه عليه أيضا في سنة ثمان وثلاثمائة كتاباً سأله فيه عن مسائل … سأل عن الأبرص والمجذوم وصاحب الفالج هل يجوز شهادتهم ؟ فأجاب عليه السلام: إن كان مابهم حادث جازت شهادتهم، وإن كانت ولادة لم تجز"، * بحار الأنوار 53 / 164. فهل للبرص ونحوه اثر في قبول الشهادة وردها، وهل للتفريق بين ما هو أصلي وحادث وجه معقول… وهل تستحق مثل هذه الفتاوى مناقشة … وكيف ينسب مثل ذلك لأهل البيت، بل وللإسلام؟
“وسئل هل يجوز ان يسبّح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل؟ فأجاب عليه السلام يسبح به فما من شىء من التسبيح افضل منه، ومن فضله ان الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحه فيكتب له التسبيح”، بحار الأنوار 53/ 165. فهل نحن دين توحيد أو دين أوثان؟وهل يكتب التسبيح با لعبث بالمسبحه؟
و يفتي لمن سأله هل يجوز ان يسجد على القبر أم لا ؟ فيقول: " والذي عليه العمل أن يضع خده الايمن على القبر ، وأما الصلاة فإنها خلف ويجعل قبره أمامه (بحار الانور : 53 / 165). " تصريح بعبادة القبور.
وبخصوص مهر المرأة وجه له سؤال: اختلف اصحابنا في مهر المراة فقل بعضهم: اذا دخل بها سقط المهر، ولا شىء له وقال بعضهم هو لازم في الدنيا والآخرة فكيف ذلك ؟ وما الذي يجب فيه؟ فأجاب عليه السلام: “ان كان عليه بالمهر كتاب فيه دين ، فهو لازم في الدنيا والاخرة، وان كان عليه كتاب فيه ذكر الصدقات سقط اذا دخل بها، وان لم يكن عليه كتاب فأذا دخل سقط باقي الصداق” ( بحر الانوار : 53/169 ) فهل هذا الجواب يخرج من فم عالم، بل من جاهل يملك ذرة من عقل… وهل هذا المبدأ من دين الاسلام … فكيف يقرر مثل هذا المبدأ الذي يبيح أخذ مال الغير اذا لم يكتب .
ومن أراد التوسع في هذه الامثلة فليرجع لبحار الانوار 53، واكمال الدين لابن بابويه، والغيبة للطوسي وغيره.
==============
حجية الرقاع عند الشيعة
يعتقد الشيعة أن إن الرقاع التي أتت من المهدي أقوى حجة من أي رواية شفوية لأنها أتت مباشرة من صاحب الزمان أو القائم أو الغائب أيا كان اسمه كما أكد ذلك الصدوق والحر العاملي ولم يخالفهم أحد. ولئن كانت المسألة خرافة مضحكة بالنسبة لأهل السنة فإن هذه الحجية عليها عدة إشكالات حتى باعتبار الفكر الشيعي نفسه.
أولا يصر الشيعة أنهم يأخذون دينهم من المعصوم مباشرة ويبررون الاعتماد على الأئمة الآخرين بذلك. لنرى مدى مطابقة الرقاع التي فضلت على الرواية عن الباقر والصادق لهذا المنهج:
-
كل الرواية تنسب لشخص متفق على أنه لم يولد حسب الرواية التاريخية الطبيعية وأن قصة ولادته حصلت خلاف ما رأى الناس.
-
الرواية في نهاية المطاف تنسب لطفل رضيع خاصة في السنين الأولى للغيبة وحتى بعد السنين الأولى لا يعرف إن كان الطفل في غيبته يكبر أو لا يكبر.
-
الذين نقلوا الرواية عن المهدي المزعوم شخص واحد هو النائب في كل مرحلة وعندنا أصبحوا أكثر من شخص صار الواحد يلعن الآخر برقاع منسوبة للمهدي. فإن كان هذا النائب بإجماع الشيعة شخص غير معصوم فكيف تؤسس الفرقة دينها على نقل شخص واحد غير معصوم مع إن قلب الخلاف منهجيا مع أهل السنة هو الحاجة للمعصوم؟
ثانيا تناقضت الروايات الشيعية -كما هي حالتها في كل أركان دينهم- بخصوص إمكانية الاتصال بالغائب بعد الغيبة الصغرى. فمن جهة خرج آخر توقيع كما يزعمون من الإمام لآخر النواب يودع الناس معلنا بداية الغيبة الكبرى ومكذبا من سيزعم بعد ذلك أنه رأى المهدي. ومن جهة أخرى يزعم الكثير أنهم رأوا المهدي في الغيبة الكبرى وتؤكد كتب الرجال عندهم أن رؤيته أعظم تزكية يمكن أن يزكى بها إنسان.
بخصوص الزعم الأول جاء في كتبهم الرسالة الأخيرة إلى النائب رقم 4 ابي الحسن السمري: “خرج التوقيع الى ابي الحسن السمري اسمع أعظم الله اجر اخوانك فيك، فانك ميت ما بينك وبين ستة ايام ،فأجمع أمرك و لاتوص الى احد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة، فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره … وسيأتي من شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصحية فهو كذاب مفتر” ابن بابوية/ إكمال الدين: 2/ 193، الطوسي/الغيبة: ص 257 . وهذا هذا يعني أن النص المعصوم – عندهم – قد انقطع بالغيبة الكبرى سنة (329 هـ)
في المقابل يزعم شيخهم ابن المطهر الملقب بالعلامة اللقاء بالمهدي وانه نسخ له كتابا في ليلة واحدة. بحارالأنوار : 51/ 361 . ويفسر شيخهم النوري الطبرسي نص الكافي الذي يقول: “لا بد لصاحب هذا الأمر منه غيبته من عزلة وما بثلاثين من وحشة” بأنه: “في كل عصر يوجد ثلاثون مؤمنا ولياًُ يتشرفون بلقائه”. النوري الطبرسي/ جنة المأوى : 53/320 (المطبوع مع بحار الأنوار.
بل قالوا: “إن بعض المجتهدين يتمكن من لقاء الغائب ويأخذ منه بعض الأحكام الشرعية وقد لا يستطيع أن يعلن عن هذا اللقاء لأمر الإمام له بالكتمان فهو حينئذ يدعي حصول الإجماع على هذا الحكم ، وإن لم يوجد إجماع في الحقيقة” جنة المأوى 53/ 320-321.(ضمن بحار الأنوار).
وبهذا يفسرون دعا وى بعض شيوخهم الإجماع على مسائل لم يقل بها سوى هؤلاء الشيوخ، ويفسرون تحقق الإجماع بقول فئة يوجد فيها عالم مجهول النسب غير معروف وانه بقوله يحصل الإجماع مهما خالف من خالف على اعتبار أن هذا المجهول قد (لاحظ قد) يكون الإمام.
وقرر شيوخهم بان هذا المنتظر الذي لم يوجد " كان يجتمع بجملة من اهل العلم والتقوى الذين كانوا يستحقون المقابلة كالعلامة السيد مهدي بحر العلوم النجفي فيما اشتهر عنه ، والشيخ ميثم البحراني فيما ينقل عنه …" محمد صالح/ حصائل الفكر: ص 123.
وقد الف بعض شيوخهم مصنفات في حكايات وأحداث من اجتمع بهذا المنتظر، كما فعل المجلسي في البحار، ثم جاء بعده النوري الطبرسي فكتب في ذلك كتابا سماه (جنة المأوى فيمن فاز بلقاء الحجة ومعجزاته في الغيبة الكبرى ) . وقد أورد فيه تسعاً وخمسين حكاية، وذكر من كان بعد المجلسي ممن ادعى بالمنتظر . أنظر : إغا بزرك / الذريعة : 5/ 159.
وهكذا صار بإمكان كل دجال أن يحتال على هؤلاء، ويتظاهر بأنه المنتظر ويدس في دينهم ما يبعدهم عن الحق ما داموا فتحوا هذا الباب على انفسهم وماداموا يعتبرون ذلك من السنة، وبإمكان كل شيخ زنديق أن يزعم اللقاء بالمنتظر ليحظى بالتعظيم، وليغير من دينهم ماشاء له إلحاده، ولا سيما أن هؤلاء يزعمون أن هذا المنتظر يتصور بصور مختلفة، ويظهر باشكال وأردية متنوعة. وقد أشرنا في قضية توثيق الرجال إلى أن من يزعم الصلة بهذا المنتظر أو يزعم أنه قد ارسل له برسالة يحظى بثقتهم وتزكيتهم كما في تراجم رجالهم. أنظر رجال الحلي ص 100 (ترجمة علي بن الجهم) ووسائل الشيعة 20 / 332 ترجمة محمد بن عبدالله بن جعفر الحميري، وكذلك ترجمة علي بن الحسين بن بابوية في المصدر السابق 20/ 262 .
ولمراجعة الخرافة كاملة انظر: تاريخ الغيبة الكبرى للصدر: ص 40
===============
علم الحديث عن الشيعة
تطور علم الحديث عند الشيعة هل علاقة بتفرق الشيعة ا لإثناعشرية إلى إخباريين وأصوليين. الأخباريون يرون أن كل الأحاديث التي لديهم صحيحة ولا تحتاج لتمحيص بل يعتقدون فيها التواتر. أما الأصوليون والذين نشأوا في عهد متأخر فيرون ضرورة النظر في السند للحكم على الرواية. ونعرض الآن لمنهج الأصوليين ثم نعود للاخباريين ثم نتحدث عن حقيقة هذا العلم وإن كان نفع فعلا في فرز الضعيف من الصحيح.
ومن المهم ان نشير إلى أننا لا نريد هنا أن نبسط مصطلح الحديث نفسه بل نستعرض المنهجية التي استخدمها الشيعة في تطبيق هذا العلم.
نشأ الأصوليون على الأرجح بعد أن انحرج الشيعة من مواجهة أهل السنة لهم بعلم الحديث الممحصص المدروس الناضج المتماسك. ولكن حتى هذه الحركة من قبل الشعية لم تزد في البداية على محاولة التعليق على الرجال ولم يكن هناك تأليف في مصطلح وعلوم الحديث عند الشيعة حتى ظهر زين الدين العاملي الملقب عندهم بالشهيد الثاني (قتل سنة965هـ)،انظر القمي/ الكنى والألقاب: 2/344. وهذا ما تعترف به كتب الشيعة نفسها، قال الحائري “ومن المعلومات التي لا يشك فيها أحد أنه لم يصنف في دراية الحديث من علمائنا قبل الشهيد الثاني وأنما هو من علوم العامه” مقتبس الأثر 3 / 73. وقال الحر العاملي في ترجمة شيخهم المذكور وهو أول من صنف من الإمامية في دراية الحديث “لكنه نقل الاصطلاحات من كتب العامة كما ذكره ولده وغيره” أمل الآمل 1/ 86. ويرى صاحب التحفة أن سبب تأليفهم في ذلك هو ما لاحظوه في رواياتهم من تناقض وتهافت، وأنهم “قد أستعانوا في وضع هذه الاصول بما كتبه اهل السنة” التحفة الاثنا عشرية ص 105. وبهذا تكون الكتابة المستقلة في المصطلح وعلم الحديث قد تأخرت إلى قبيل مرور ألف سنة على الهجرة ومرور سبعمائة سنة على آخر إمام لهم.
و الشيعة لم ينشئوا العلم من ذاتهم بل حاولوا تقليد أهل السنة في معرفة الضعيف والصحيح قبل التفرد في المصطلح وحتى هذا كان متأخرا، وربما يكون أول من بدأه المطهر الحلي في نهاية المئة السابعة وبداية الثامنة. وجاء اهتمام الحلي بالمصطلح على الأرجح كرد فعل على حملة شيخ الإسلام ابن تيمية عليهم في منهاج السنة حينما شنع على الشيعة قصورهم في معرفة علم الرجال، وقلة خبرتهم في ذلك كما انبرى يكشف استدلالات الشيعة من كتب السنة ويبين جهلهم وكذبهم في هذا الباب حيث يستدلون بالضعف والموضوع، وينقلون من المصادر غير المعتمدة. فلربما تنبه الشيعة إلى ضعف هذا الجانب عندهم فاتجهوا إلى تمحيص أحاديثهم، او إنهم رأوا أن تقليدهم لأهل السنة في هذا الباب فيه مجال للتخلص من إلزامات أهل السنة ونقدهم لما جاء في كتب الشيعة من كفر وضلال فما أن يقول لهم السني لقد جاء في كتابكم الكافي مثلا كذا وكذا من الكفر حتى يجد الشيعي الجواب حاضراً وميسوراً، حينما يحكم على الحديث بالوضع وفي التقية متسع…؟
ويؤكد هذا الكلام الحر العاملي من ان الاصطلاح الجديد -وهو تقسيم الحديث عندهم إلى صحيح وغيره- والذي وضعه ابن المطهر هو محاولة لتقليد أهل السنة حيث قال " والاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم، بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع" وسائل الشيعة: 20/ 100. وهذا يفيد تأخير الشيعة في الاهتمام بهذه القضية، وإن الدافع لذلك ليس هو الوصول على صحة الحديث بقدر ما هو توقي نقد المذهب من قبل الخصوم والدفاع عنه.
و التوافق الزمني بين رد شيخ الإسلام ووضعهم لهذا الاصطلاح قد ينبيء عن تأثرهم بنقد شيخ الإسلام لهم، حيث اعترفوا بـ “أن هذا الاصطلاح وهو تقسيم الحديث عندهم إلى صحيح وموثق وضعيف " مستحدث في زمن العلامة” وسائل الشيعة: 20/ 102، وأنظر: الكاشاني/ الوافي / المقدمة الثانية. والعلامة اذا اطلق في كتب الشيعة يقصد به ابن المطهر الحلي الذي رد عليه شيخ الإسلام. بل هناك ما يؤكد الموضوع اكثر، وهو ان ابن المطهر الحلي هذا هو- كما يقول صاحب الوافي: “أنه اول من اصطلح على ذلك وسلك هذا المسلك” الوافي- المقدمه الثانية: من 1/11.
وقد اعترف الحر العاملي بان سبب وضع الشيعة لهذا الاصطلاح واتجاههم للعناية بالسند هو النقد الموجه لهم من اهل السنة فقال: “والفائده في ذكره -اي السند-… دفع تعيير العامه الشيعة بأن احاديثهم غير معنعنه بل منقوله من اصول قدمائهم” وسائل الشيعة: من 20/ 100. وكأن هذا النص الخطير يفيد- أيضا- ان الاسناد عندهم غير موجود، وان روايتهم كانت بلا زمام ولا خطام حتى شنع الناس عليهم بذلك فاتجهوا حينئذ لذكر الاسناد.
فهل يعني هذا أن الاسانيد التي نراها في روايتهم صنعت صناعة فيما بعد وركبت على نصوص أخذت من اصل قدمائهم، ووضعت هذه الاسانيد لتوقي نقد أهل السنة؟ هذا ما سنعلق عليه في المداخلة القادمة. وهي قصة لم يتم الانتباه لها الا من خلال ربط بعض الأمور.[/COLOR][/SIZE]
[SIZE=3][COLOR=blue][COLOR=red]يتبع ان شاء الله تعالى.
[/COLOR]
[/COLOR][/SIZE]