قصص من القرآن الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

(( نحن نقص عليك أحسن القصص ))

{ فاقصص القصص لعلهم يتفكرون }
الاعراف 176

( لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الألباب )


ومن هنا … هيا نبحر في عالم العبر والعظات … لنعلم اخبار قوم سبقونا على هذه البسيطة وكيف كان حالهم مع انفسهم ومع الناس ومع الله .
وطبعا الموضوع مفتوح لمشاركتكم وإضافاتكم البنائة … حتى نستفيد سويا .

قصة الأبرص والأقرع والأعمى

[FONT=tahoma][SIZE=2][B]بسم الله الرحمن الرحيم

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إنّ ثلاثة من بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال : أي شيء أحب إليك ؟
قال : لون حسن وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قذرني الناس ، فمسحه ، فذهب قذره ، وأعطى لونا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟
قال : الإبل أو قال : البقر شك الراوي – فأعطى ناقة عشراء فقال : بارك الله لك فيها ، فأتى الأقرع ، فقال :أي شيء أحب إليك ؟
قال : شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس ، فمسحه فذهب عنه ، وأعطى شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟
قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملا ، قال: بارك الله لك فيها . فأتى الأعمى
فقال : أي شيء أحب إليك ؟
قال : أن يرد الله إلى بصري فأبصر الناس ، فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأي المال أحب اليك ؟ قال : الغنم ، فأعطى شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد الغنم ، ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته
فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسالك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلع به في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة ، فقال : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يقذرك الناس ؟ فقيرا فأعطاك الله ؟
فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، فقال إن كنت كاذبا فصّيرك الله إلى ما كنت . وأتى الأقرع في صورته وهيئته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت . وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة ، أتبلغ بها في سفري فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عزّ وجّل ، فقال أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رضي الله عنك ، وسخط على صاحبيك. " متفق عليه (البخاري ومسلم) [/b][/size][/font]

جزاك الله خيرا
وفى انتظار المزيد من القصص

جزانا وإياك … إن شاء الله هناك المزيد … وهمتكم معانا

معجزة الضب

[FONT=tahoma][SIZE=2][B]بسم الله الرحمن الرحيم[CENTER]

روى الدارقطني والبيهقي وشيخه الحاكم وشيخه ابن عُودي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في محفل من أصحابه اذ جاء أعرابي من بني سليم قد صاد ضبا" وجعله في كمه ليذهب به الى رحله فرأى جماعة" محتفين بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال على من هؤلاء الجماعة, فقالوا : على هذا الذي يزعم أنه نبي, فأتاه فقال يا محمد ما اشتملت النساء علي ذي لهجة أكذب منك فلولا أن تسميني العرب عجولا" لقتلتك وسررت الناس بقتلك أجمعين, فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله دعني أقتله فقال صلى الله عليه وسلم :frowning: لا, ما علمت أن الحليم كاد أن يكون نبيا" ) (حديث ضعيف ) ثم أقبل الأعرابي على رسول الله فقال : واللات والعزة لا آمنت بك حتى يؤمن هذا الضب وأخرج الضب من كمه وطرحه بين يدي رسول الله[/center]

[RIGHT] وقال : ان آمن بك آمنت بك
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ضب
فكلمه بلسان طلق فصيح عربي مبين صريح يفهمه القوم جميعا"
: لبيك وسعديك يا رسول الله رب العالمين,
فقال صلى الله عليه وسلم : من تعبد
قال :الذي في السماء عرشه وفي الأرض سلطانه وفي البحر سبيله وفي الجنة رحمته وفي النار عذابه .
فقال صلى الله عليه وسلم : فمن أنا يا ضب .
[FONT=Verdana][SIZE=4]قال أنت رسول رب العالمين وخاتم النبيين قد أفلح من صدقك وقد خاب من كذبك .

فقال الأعرابي : أشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله حقا" والله لقد أتيتك وما على وجه الأرض أحد هو أبغض الي منك, ولله لأنت الساعة أحب الي من نفسي ومن ولدي فقد آمن بك شعري وبشري وداخلي وخارجي وسري وعلانيتي,[/size][/font]
فقال له رسول الله : الحمد لله الذي هداك الى هذا الدين الذي يعلو ولا يعلى عليه ولا يقبله الله الا بصلاة ولا يقبل الصلاة الا بقرآن . فعلمني .

فعلمه النبي سورة الفاتحة وسورة الاخلاص . فقال يا رسول الله : ما سمعت في البسيط ولا في الوجيز أحسن من هذا . فقال صلى الله عليه وسلم ان هذا كلام رب العالمين وليس بشعر . اذا قرأت ( قل هو الله أحد ) مرة فكأنما قرأت ثلث القرآن واذا قرأتها مرتين فكأنما قرأت ثلثي القرآن واذا قرأتها ثلاثة فكأنما قرأت القرآن كله . فقال الأعرابي : ان الهنا يقبل اليسير ويعطي الكثير . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ألك مال ؟ فقال ما في بني سليم قاطبة" رجل أفقر مني فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه اعطوه فأعطوه حتى أبطروه

[FONT=Verdana][SIZE=4] فقال عبد الرحمن بن عوف : يا رسول الله أنا أعطيه ناقة عشراء تلحق ولا ُُتلحق أهديت الي يوم تبوك فقال صلى الله عليه وسلم : قد وصفت ما تُعطي وأصف لك ما يُعطيك الله جزاء" قال : نعم, صف يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم : لك ناقة من درة بيضاء جوفاء قوائمها من زبرجد أخضر وعيناها من ياقوت أحمر عليها هودج وعلى الهودج السندس والاستبرق تمر بك على الصراط كالبرق الخاطف .

فخرج الأعرابي من عند رسول الله فتلقاه ألف اعرابي على ألف دابة بألف سيف فقال لهم أين تُريدون . فقالوا نريد هذا الذي يكذب ويزعم أنه نبي, فقال الأعرابي أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا" رسول الله . فقالوا له : صبأت . فحدثهم بحديثه فقالوا كلهم لا اله الا الله محمد رسول الله . ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله : مُرنا بأمرك . فقال صلى الله عليه وسلم : كونوا تحت راية خالد بن الوليد فلم يؤمن في أيامه صلى الله عليه وسلم من العرب ولا من غيرهم الف غيرهم [/size][/font][/b][/size][/font]
[/right]

رائع جدا ربنا يكرمك


قصة بقرة بنى لإسرائيل

ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.

قال الله تعالى:(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ))القصة:
مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.
وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.
نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة “ربك” التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادْعُ لَنَا رَبَّكَ) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.
ساعتها قالوا له: “الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ”. كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.

تابع …

بسم الله الرحمن الرحيم

ماشطة بنت فرعون
لم يحفظ التاريخ اسمها … لكنه حفظ فعلها …


امرأة صالحة كانت تعيش هي وزوجها … في ظل ملك فرعون … زوجها مقرب من فرعون … وهي خادمة ومربية لبنات فرعون …

[RIGHT]فمن الله عليهما بالإيمان … فلم يلبث زوجها أن علم فرعون بإيمانه فقتله …فلم تزل الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون … وتنفق على أولادها الخمسة … تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها…

فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً … إذ وقع المشط من يدها …
فقالت : بسم الله … فقالت ابنة فرعون : الله … أبي ؟
فصاحت الماشطة بابنة فرعون : كلا … بل الله … ربي … وربُّك … وربُّ أبيك … فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها … ثم أخبرت أباها بذلك … فعجب أن يوجد في قصره من يعبد غيره …

فدعا بها … وقال لها : من ربك ؟ قالت : ربي وربك الله …
فأمرها بالرجوع عن دينها … وحبسها … وضربها … فلم ترجع عن دينها …

فأمر فرعون بقدر من نحاس فملئت بالزيت … ثم أحمي … حتى غلا …
وأوقفها أمام القدر … فلما رأت العذاب … أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى … فعلم فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة … الأيتام الذين تكدح لهم … وتطعمهم … فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة … تدور أعينهم … ولا يدرون إلى أين يساقون …
فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون … فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي … وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها … وألقمته ثديها …

فلما رأى فرعون هذا المنظر …أمر بأكبرهم … فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي … والغلام يصيح بأمه ويستغيث … ويسترحم الجنود … ويتوسل إلى فرعون … ويحاول الفكاك والهرب …
وينادي إخوته الصغار … ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين … وهم يصفعونه ويدفعونه … وأمه تنظر إليه … وتودّعه …

فما هي إلا لحظات … حتى ألقي الصغير في الزيت … والأم تبكي وتنظر … وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة … حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل … وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت … نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله … فأبت عليه ذلك … فغضب فرعون …

وأمر بولدها الثاني … فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث … فما هي إلا لحظات حتى ألقي في الزيت … وهي تنظر إليه … حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه … والأم ثابتة على دينها … موقنة بلقاء ربها …

ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت … وفعل به ما فعل بأخويه … والأم ثابتة على دينها …

فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت … فأقبل الجنود إليه … وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه … فلما جذبه الجنود … بكى وانطرح على قدمي أمه … ودموعه تجري على رجليها … وهي تحاول أن تحمله مع أخيه … تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها … فحالوا بينه وبينها … وحملوه من يديه الصغيرتين … وهو يبكي ويستغيث … ويتوسل بكلمات غير مفهومة … وهم لا يرحمونه …

وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي … وغاب الجسد … وانقطع الصوت … وشمت الأم رائحة اللحم … وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها …تنظر الأم إلى عظامه … وقد رحل عنها إلى دار أخرى … وهي تبكي … وتتقطع لفراقه … طالما ضمته إلى صدرها … وأرضعته من ثديها … طالما سهرت لسهره … وبكت لبكائه …

كم ليلة بات في حجرها … ولعب بشعرها … كم قربت منه ألعابه … وألبسته ثيابه … فجاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك …فالتفتوا إليها … وتدافعوا عليها …

وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها … وكان قد التقم ثديها … فلما انتزع منها … صرخ الصغير … وبكت المسكينة … فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها … أنطق الصبي في مهده وقال لها : [/right]

يا أماه اصبري فإنك على الحق …

[RIGHT]ثم انقطع صوته عنها … وغيِّب في القدر مع إخوته … ألقي في الزيت … وفي فمه بقايا من حليبها … وفي يده شعرة من شعرها … وعلى أثوابه بقية من دمعها …

وذهب الأولاد الخمسة … وهاهي عظامهم يلوح بها القدر … ولحمهم يفور به الزيت … تنظر المسكينة … إلى هذه العظام الصغيرة …

عظام من ؟ إنهم أولادها … الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسروراً … إنهم فلذات كبدها … وعصارة قلبها … الذين لما فارقوها … كأن قلبها أخرج من صدرها … طالما ركضوا إليها …وارتموا بين يديها … وضمتهم إلى صدرها … وألبستهم ثيابهم بيدها … ومسحت دموعهم بأصابعها … ثم هاهم ينتزعون من بين يديها … ويقتلون أمام ناظريها … وتركوها وحيدة وتولوا عنها … وعن قريب ستكون معهم …

كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاببكلمة كفر تسمعها لفرعون … لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى

ثم … لما لم يبق إلا هي … أقبلوا إليها كالكلاب الضارية … ودفعوها إلى القدر … فلما حملوها ليقذفوها في الزيت … نظرت إلى عظام أولادها … فتذكرت اجتماعهم معهم في الحياة …
فالتفتت إلى فرعون … وقالت : لي إليك حاجة … فصاح بها وقال : ما حاجتك ؟
فقالت : أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد … ثم أغمضت عينيها … وألقيت في القدر … واحترق جسدها … وطفت عظامها … [/right]

فلله درها … ما أعظم ثباتها … وأكثر ثوابها …

ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها … فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي : ( لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة … فقلت: ما هذه الرائحة ؟ فقيل لي : هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها … ) …

[RIGHT]الله أكبر تعبت قليلاً … لكنها استراحت كثيراً …
مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها …
وجاورت ربها …
ويرجى أن تكون اليوم في جنات ونهر … ومقعد صدق عند مليك مقتدر …
وهي اليوم أحسن منها في الدنيا حالاً … وأكثر نعيماً وجمالاً …

وعند البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً … ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها

وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : من دخل الجنة ينعم لا يبؤس ، لا تبلى ثيابه ، ولا يفنى شبابه . وله في الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر …ومن دخل إلى الجنة نسي عذاب الدنيا

ولكن لن يصل أحد إلى الجنة إلا بمقاومة شهواته … فلقد حفت الجنة بالمكاره … وحفت النار بالشهوات … فاتباع الشهوات في اللباس … والطعام … والشراب … والأسواق … طريق إلى النار … قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : ( حفت الجنة بالمكاره … وحفت النار بالشهوات ) …

فاتعبي اليوم وتصبَّري … لترتاحي غداً …
فإنه يقال لأهل الجنة يوم القيامة : " سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " …
أما أهل النار فيقال لهم : " أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون " …

منقول من : كتاب : إنها ملكة … د/محمد العريفى[/right]

شكرا على القصة الجميلة دى وياريت أن يسمعها وتسمعها كل الشباب لأننا نمر الان بأزمة فى شبابنا فلم يعودو على مبادئ الدين ولا الأخلاق التى كان يتحلى بها الرسول (ص) والصحابة وأهل بيت الرسول (ص) فلعلنا نبدأ نغير من انفسنا

ربنا يبارك فيك أخي م. عبد المنعم … ويلحقنا بالصالحين ويحسن خواتمنا

أصحاب الفيل

ورد ذكر القصة في سورة الفيل الآيات 1-5.

قال تعالى :

((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) ))

القصة:

كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة. وقام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب. فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلا من بيت الله الحرام. فكتب إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب. إلا أن العرب أبوا ذلك، وأخذتهم عزتهم بمعتقداتهم وأنسابهم. فهم أبناء إبراهيم وإسماعيل، فكيف يتركون البيت الذي بناه آباءهم ويحجّوا لكنيسة بناها نصراني! وقيل أن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها. وأنا بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة.
فعزم أبرهة على هدم الكعبة. وجهّز جيشا جرارا، ووضع في مقدمته فيلا مشهورا عندهم يقال أن اسمه محمود. فعزمت العرب على تقال أبرهة. وكان أول من خرج للقاءه، رجل من أشراف من اليمن يقال له ذو نفر. دعى قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة. لكنه هُزِم وسيق أسيرا إلى أبرهة.
ثم خرج نفيل بن حبيب الخثعمي، وحارب أبرهة. فهزمهم أبرهة وأُخِذَ نفيل أسيرا، وصار دليلا لجيش أبرهة. حتى وصلوا للطائف، فخرج رجال من ثقيف، وقالوا لأبرهة أن الكعبة موجودة في مكة –حتى لا يهدم بيت اللات الذي بنوه في الطائف- وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلّهم على الكعبة! وكان اسم الرجل أبو رغال. توفي في الطريق ودفن فيها، وصار قبره مرجما عند العرب.

فقال الشاعر:
وأرجم قبره في كل عام * * * كرجم الناس قبر أبي رغال

وفي مكان يسمى المغمس بين الطائف ومكة، أرسل أبرهة كتيبة من جنده، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل. وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيّدها. فهمّت قريش وكنانة وهذيل وغيرهم على قتال أبرهة. ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك .

وبعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد, ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت, فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم! فإذا كان سيد البلد لا يريد الحرب جاء به إلى الملك. فلما أخب الرسول عبد المطلب برسالة الملك، أجابه: والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة. هذا بيت الله الحرام. وبيت خليله إبراهيم عليه السلام… فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه, وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه.

ثم انطلق عبد المطلب مع الرسول لمحادثة أبرهة. وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم. فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه, وأكرمه عن أن يجلسه تحته, وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه. فنزل أبرهة عن سريره, فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه. ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك? فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له: قد كنت أعجبتني حين رأيتك, ثم قد زهدت فيك حين كلمتني! أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه? قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل. وإن للبيت رب سيمنعه. فاستكبر أبرهة وقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك!.. فردّ أبرهة على عبد المطلب إبله.

ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها. ثم توجه وهو ورجال من قريش إلى للكعبة وأمسك حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه. ثم ذهب هو ومن معه للجبل.

ثم أمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة. إلا أن الفيل برك ولم يتحرك. فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه. فوجّهوه ناحية اليمن، فقام يهرول. ثم وجّهوه ناحية الشام، فتوجّه. ثم وجّهوه جهة الشرق، فتحرّك. فوجّهوه إلى مكة فَبَرَك.

ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده, فأرسل عليهم جماعات من الطير، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, أمثال الحمص والعدس, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة. فهاج الجيش وماج، وبدوا يسألون عن نفيل بن حبيب; ليدلهم على الطريق إلى اليمن. فقال نفيل بن حبيب حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته:

أين المفر والإله الطالب * * * والأشرم المغلوب ليس الغالب

وقال أيضا:

حمدت الله إذ أبصرت طيرا * * * وخفت حجارة تلقى علينا
فكل القوم يسأل عن نفيـل * * * كأن علي للحبشان دينـا

وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم يتساقط لحمه قطعا صغيرة تلو الأخرى، حتى وصلوا إلى صنعاء, فما مات حتى انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات.

إن لهذه القصة دلالات كثيرة يصفا الأستاذ سيّد قطب رحمه الله في كتابه (في ظلال القرآن):

فأما دلالة هذا الحادث والعبر المستفادة من التذكير به فكثيرة . .

وأول ما توحي به أن الله - سبحانه - لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين، ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت, ويحمونه ويحتمون به. فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية. وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت الله الحرام, حتى لا تتكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته, بحميتهم الجاهلية.


كذلك توحي دلالة هذا الحادث بأن الله لم يقدر لأهل الكتاب - أبرهة وجنوده - أن يحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة. حتى والشرك يدنسه, والمشركون هم سدنته. ليبقي هذا البيت عتيقا من سلطان المتسلطين, مصونا من كيد الكائدين.


ونحن نستبشر بإيحاء هذه الدلالة اليوم ونطمئن, إزاء ما نعلمه من أطماع فاجرة ماكرة ترف حول الأماكن المقدسة من الصليبية العالمية والصهيونية العالمية, ولا تني أو تهدأ في التمهيد الخفي اللئيم لهذه الأطماع الفاجرة الماكرة.
فالله الذي حمى بيته من أهل الكتاب وسدنته مشركون, سيحفظه إن شاء الله, ويحفظ مدينة رسوله من كيد الكائدين ومكر الماكرين!

والإيحاء الثالث :
هو أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض. بل لم يكن لهم كيان قبل الإسلام. كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة. وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحيانا تقوم تحت حماية الفرس. وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان. ولم ينج إلا قلب الجزيرة من تحكم الأجانب فيه. ولكنه ظل في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقية في ميدان القوى العالمية. وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة, ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة. وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي.


وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه.
وأصبحت لهم قوة دولية يحسب لها حساب. قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش, وتتولى قيادة البشرية, بعد أن تزيح القيادات الضالة. ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا أنهم عرب! نسوا نعرة الجنس, وعصبية العنصر, وذكروا أنهم ومسلمون. مسلمون فقط. ورفعوا راية الإسلام, وراية الإسلام وحدها. وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمة برا بالبشرية; ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية. حملوا فكرة سماوية يعلمون الناس بها لا مذهبا أرضيا يخضعون الناس لسلطانه. وخرجوا من أرضهم جهادا في سبيل الله وحده, ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها, ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها, ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكمهم أنفسهم! إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة الله وحده. عندئذ فقط كان للعرب وجود, وكانت لهم قوة, وكانت لهم قيادة.
ولكنها كانت كلها لله وفي سبيل الله. وقد ظلت لهم قوتهم. وظلت لهم قيادتهم ما استقاموا على الطريقة.
حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتهم وعصبيتهم, وتركوا راية الله ليرفعوا راية العصبية نبذتهم الأرض وداستهم الأمم, لأن الله قد تركهم حيثما تركوه، ونسيهم مثلما نسوه!

وما العرب بغير الإسلام? ما الفكرة التي قدموها للبشرية أو يملكون تقديمها إذا هم تخلوا عن هذه الفكرة? وما قيمة أمة لا تقدم للبشرية فكرة?

[FONT=Tahoma][SIZE=4]إن كل أمة قادت البشرية في فترة من فترات التاريخ كانت تمثل فكرة. والأمم التي لم تكن تمثل فكرة كالتتار الذين اجتاحوا الشرق, والبرابرة الذين اجتاحوا الدولة الرومانية في الغرب لم يستطيعوا الحياة طويلا, إنما ذابوا في الأمم التي فتحوها. والفكرة الوحيدة التي تقدم بها العرب للبشرية كانت هي العقيدة الإسلامية, وهي التي رفعتهم إلى مكان القيادة, فإذا تخلوا عنها لم تعد لهم في الأرض وظيفة, ولم يعد لهم في التاريخ دور. وهذا ما يجب أن يذكره العرب جيدا إذا هم أرادوا الحياة, وأرادوا القوة، وأرادوا القيادة. والله الهادي من الضلال.

[/size][/font]