القبب

القبب هي إنشاءات هندسية معمارية مقوسة (منحنية) الشكل ليس لها نهايات
زاوية أو زوايا هندسية، وهي تغلف مساحات كبيرة دون الحاجة لوجود أعمدة
داعمة، وعلى الرغم من سماكاتها القليلة إلا أنها تعتبر من الإنشاءات الأقوى
والأثبت في إنشاءاتنا العصرية.

نشأة فكرة القبب:
قبل وجود القبب، كان هنالك الأبنية المستطيلة المدعومة بالأعمدة، فمعظم
الأبنية والإنشاءات القديمة كالمعابد كانت تقوم على سقوف مدعومة بغابات من
الأعمدة، وتتميز الأعمدة بالقدرة الكبيرة على دعم الأسقف وحمايتها من
الانهيار إلا أن الحاجة إلى العدد الكبير منها يخلف مساحات حرة قليلة
مقارنة بما تسمح به القبب.

قام البناؤون الرومان بتدوير أقواس حجرية حول مركز دائري فاكتشفوا أن
الشكل الناتج وهو القبة أن الشكل الثلاثي الأبعاد الناتج يتمتع بقوة
كبيرة، وبعدها بدأت الكنائس والمساجد تغطى مع الوقت بالقبب التي خلقت
المساحات الواسعة.

كانت القبب الحجرية والأعمدة الداعمة قديماً تعاني من الأوزان الكبيرة،
لذلك لجأ المهندسون وقتها الى الأشكال المعقدة، التي تدعى بالـصناديق
coffers على طول الجدران للتخفيف من الأوزان في الأبنية الضخمة، كما عمدوا
إلى ترك فتحات في ذروة القبب تدعى أوكالاس oculus، والتي في نفس الوقت
تؤمن الإنارة اليومية في الهياكل والمعابد الضخمة.

التطورات الأولية على شكل القبة:
ومع التقدم المعماري عبر الحضارات المتعاقبة أصبحت القبب أكثر تعقيداً
ووزناً، فقد أكد المهندسون القدماء أنهم قادرون على إضاءة القبب من خلال
ترك مسافات بين الأقواس، وهذا التصميم الجديد يسمح لأشعة الشمس بالمرور
عبر الفراغات البينية بين الأقواس وإنارة القبة دون إضعاف البناء.

ومن الأمثلة الشهيرة جامع ميهريما Mihrimah Mosque الذي بني في العام 1555
م في اسطنبول بتركيا، من قبل أشهر المعماريين، وقد تم تزويده بــ 161
نافذة إنارة دون أدنى تقليل في المتانة الإنشائية للمسجد.

وبنتيجة السعي الدائم وراء العلو والإرتفاع لجأ المهندسون المعماريون إلى
الخدع التصميمية للوصول إلى مآربهم وطموحاتهم. فمع بداية العام 1400 م
بدأ المهندسون الرومان ببناء القبب المزدوجة المدموجة بقبة واحدة لإنشاء
خدع تقنية في الارتفاع ودروس في الإبداع.

وفي العام 1793م بُني مجلس الشيوخ الأمريكي أو ما يُعرف بالبيت الأبيض U.S.
Capitol، والذي أظهر براعة أكبر في العمل، حيث يمتلك البيت الأبيض القبة
الأولى والأفخم التي تتوج مبنى سياسياً في العالم. وقد تم وضع حجر الأساس
عام 1793م، وتعرضت هذه القبة مع البيت الأبيض للعديد من التغيرات فقد
أحترق وأعيد بناؤه، ثم تم توسعته ثم تم تجديده.

تم الانتهاء من القبة الأولى عام 1824م من قبل المهندس الأمريكي شارلز
بولفينش، وكانت مخيبة للأمل بشكل كبير، وقد تعرضت بعدها للحرق واحتاجت
إلى إعادة ترميم وتم توكيل المهندس الأميريكي توماس يو والتر، الذي طلب
إليه استبدال القبة القديمة وتكبيرها بشكل أفضل وبإنشاء نظام مقاوم
للحريق.

القبة هنا أطول وأثقل ولمنع الجدران من التشقق والانحراف هنالك حاجة ماسة
لجدران ضخمة كما في المعابد القديمة أو كميات كبيرة من الحلقات الحديدية
كما في كنيسة بيتر ستريت، لكن والتر لم يكن يفكر في ذلك، بل قرر تصميم
قبة مضاعفة تتألف من قبة داخلية صغيرة داخل قبة أطول والتي تشكل خداعا
تقنيا مبدعاً.

تتألف القبة الخارجية الطولية من هيكل قليل السماكة، مدعم بحلقات من 36
عصب حديدي مقوس، وفي القسم السفلي أو الداخلي توجد القبة الداخلية الأصغر
مفتوحة في القمة. وتبدو القبة المزدوجة من الخارج كأنها قبة حجرية
كلاسيكية في حين أنها مصنعة بالكامل من الأعصاب الحديدية CAST IRON. وقد
تم الانتهاء من العمل بها في ديسمبر 1863م، وإلى اليوم تشكل رمزاً من
الرموز المعمارية الشهيرة في العالم.

يمكننا هنا القول أن الانتقال من الإنشاء الحجري الثقيل والمكلف إلى
الأعصاب المعدنية الأخف وزناً في نهاية القرن الثامن عشر يعتبر نقلةً نوعيةً
في تطور تصميم وبناء القبب.

ولكن اختراعات القرن العشرين غيَّرت مفاهيم التصميم والبناء بشكل عام إلى
الأبد، ففي عام 1950م ظهر تصميم جديد للقبب يسمى “القُبب الجيوديسيكية
Geodesic Dome” فغيَّر الطريقة التي ينظر بها المهندسون إلى القبب لأول مرة
منذ ألفي عام.

الاختراع الجديد هو قبة أنشأها المهندس المعماري الأميركي Buckminster
Fuller، وجاءت القبة الجيوديسيكية على شكل كروي مجزأ، مبني من سلسلة من
المثلثات المضلعة كما في الشكل بدلاً من سلسلة الأقواس المعتمدة سابقاً.

واليوم تعتبر القبة الجيوديسيكية شائعة الاستخدام بإنشاءات متنوعة في
الشكل والنمط والطراز ، فأحد أشهر هذه القبب في العالم هو مركز ايبكوت
Epcot Center الذي يقع في أورلاند في ولاية فلوريدا بالولايات المتحدة.

ومع التطور العلمي والتكنولوجي ظهرت معطيات جديدة في فنون وهندسة
الإنشاءات أوصلتنا إلى أحدث ما توصل إليه المهندسون المعماريون في
إبداعاتهم. حيث تزود القبب المنشأة حديثاً بأسطح قابلة للسحب والحركة،
والتي أصبحت خياراً ضرورياً في تصميم قبب الملاعب والمدن الرياضية الحديثة
في العالم، كما هو الحال في قبة السماء في تورنتو بكندا.

تتمتع هذه القبة القيام بمزايا تصميمية لا يمكن لقبة أخرى في العالم أن
تجاريها، فهي تتمتع بسقف قابل للحركة من وضعية الإغلاق المحكم إلى وضعية
الفتح الكلي.

تم إنشاؤها عام 1989م، بهندسة إبداعية فريدة وجديدة، فالسقف المتحرك
يتألف من عدة أجزاء متراكبة تشكل مع بعضها السقف وتختفي مع بعضها في
غضون أقل من 20 دقيقة من عملية فتح السقف لينكشف الملعب بالكامل مع 91%
من المدرجات، ولكن كيف يتم ذلك؟!

يتألف السقف من أربع ألواح ضخمة من الفولاذ، إحدى هذه الألواح مثبتة،
والألواح الثلاثة الباقية متحركة قابلة للانزلاق وفق نظام مسارات محدد. كل
لوح من هذه الألواح الفولاذية عبارة عن نموذج من الحزام الفولاذي مع هيكل
فولاذي متموج و غشاء بلاستيكي مقاوم للعوامل الجوية.

تحتاج عملية فتح السقف إلى انزلاق أحد الألواح الفولاذية فوق الآخر، وتحت
اللوح الثابت وخلف مركز الأرضية يدور اللوح الثالث الذي يبدأ من خلف
اللوح أو الصفيحة الأم الثابتة، ويدور على سكة دائرية المسار.

وعلى الرغم من الوزن الهائل للسقف المركب الفولاذي والذي يزن أكثر من
11,000 طن، إلا أن التصميم الهندسي الدقيق يجعل الألواح تنزلق بسرعة تفوق
71 قدم/دقيقة.

أتمنى الفائدة للجميع

je vous remercie pour votre informations sur la döme mais tu élimine le röle climatique et sonore du döme
شكرا لك أخي الفاضل على معلوماتك القيمة حول القبة ودورها الهندسي للمبنى ،لكن لم يرد في ملخصك معلومات على التأثير المناخي و نشر الصوت الذي تلعبه القبة داخل المبنى.شكرا جزيلا

شكرا لك … لكن ياريت مع الشرح يكون في صور لتوضيح ماذكرته في مقالك عن القباب وانواعها وتطوراتها .

جزاك الله خيرا يا أخي على هذه المعلومات عن القبب ولكن حبذا لو كان هناك توضيح عن قوة تحمل الاقواس مدعوما بالاشكال مع التقدير.

جزاك الله خيرا

شكرا لك على هذه المعلومات القيمة