مستقبل المواد الخام: ثاني أكسد الكربون بدلا من النفط

مستقبل المواد الخام: ثاني أكسد الكربون بدلا من النفط


الدول الصناعية تخشى من تناقص المواد الخام الرئيسية في العالم وخاصة النفط والفوسفات.

تثير زيادة عدد سكان المعمورة وارتفاع مستوى المعيشة في دول كالصين والهند مخاوف لدى الدول الصناعية من نضوب المواد الخام الرئيسية في العالم. علماء الكيمياء الألمان يبحثون الآن عن بدائل اصطناعية للنفط وغيره من المواد الخام.

تعتمد قطاعات الطاقة والمواصلات والصناعات الكيميائية على النفط اعتمادا شبه كلي. ومعظم هذه المنتجات تستخرج أولا في مصافي تكرير النفط من البنزين الخام. ويشكل النفط ثمانين بالمائة من المنتجات البلاستيكية في المرحلة الأولى من تصنيعها. هذه الحقيقة تقلق الخبراء ومنهم فيلهيلم كلاين، المدير السابق لمعهد أبحاث الكيمياء التقنية في جامعة آخن الذي يتوقع نضوب النفط بعد 40 أو 50 عاما، ثم سيرتفع سعره كثيرا وهذا كما يقول كلاين “سيؤثر بشكل كبير على الصناعات الألمانية، لأن ثلاثين بالمائة من تكاليف الإنتاج تذهب ثمنا للمواد الخام”.

وفي خطوة تهدف إلى معالجة الأزمة قبل فوات الأوان، قررت أربع هيئات ألمانية للبحث العلمي في مجال الكيمياء التعاون في أبحاثها وطالبت في دراسة مشتركة بتكثيف الأبحاث في الكيمياء العضوية لسد النقص المتوقع في المواد الخام والتخلص من التبعية للنفط. فيلهيلم كلاين شارك في وضع الدراسة وعن الهدف منها يقول “أردنا بهذه الدراسة لفت نظر أصحاب صنع القرار وان نقول لهم " عليكم التفكير بالأمر”.

مصافي لتكرير المواد العضوية

[RIGHT]

البروفيسور كلاوس بيكر من جامعة شتوتغارت يعرض نبتة وبذورا يمكن استخراج الوقود الحيوي ميثانول منها. [/right]

من هذه الأفكار التي تحث الهيئات العلمية على القيام بها، فكرة تطوير الجيل الثاني من مصافي تكرير المواد العضوية. فهذه المصافي تقوم في الوقت الحالي بتكرير الذرة والحبوب وقصب السكر وغيرها من النباتات التي تدخل في السلسلة الغذائية للإنسان، والمطلوب هو تطوير جيل ثالث من المصافي بحيث تصبح قادرة على تكرير النفايات الخشبية وبقايا النباتات والقش.

إضافة إلى ذلك حث العلماء على استبدال النفط بالغاز الطبيعي. فرغم أن الغاز وقود أحفوري أيضا، إلا أن الكميات المتوفرة منه ستكفي لفترة أطول من كميات النفط. ويمكن استخراج الميثانول من الميثان الموجود في الغاز الطبيعي. إضافة إلى ذلك يتوقع العلماء أن يتمكنوا ذات يوم من جعل الصناعات الكيميائية تستخدم ثاني أكسيد الكربون كمادة خام عوضا عن النفط، إذا نجحوا في إيجاد حل لمسألة الديناميكا الحرارية لأنها مازالت صعبة التحقيق حتى الآن، بسبب الكميات الهائلة من الطاقة اللازمة لتقليص ثاني أكسيد الكربون وتحويله.

لذا يتطلع فيلهيلم كلاين إلى اليوم الذي يمكن فيه توليد كميات كبيرة من الطاقة بأسعار زهيدة ويقول “لنفترض على سبيل المثال أننا نجحنا في استغلال الطاقة المولدة من محطات شمسية في الصحراء الكبرى ومن محطات عملاقة لاستغلال طاقة الرياح في بحر الشمال، فإننا سنتمكن من تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثانول. عمليا هذا الأمر ممكن الآن، لكن التكاليف باهظة جدا لدرجة لا يفكر أحد في تطبيقه”.

وفيما يتعلق بالمواد الخام غير العضوية وخاصة المعادن الثمينة كالبلاتين والبلاديوم والتي تدخل في عدد من الصناعات، فلا يخشى الخبراء مواجهة نقص فيها لأن الموجود منها في المناجم يكفي لمائة وخمسين إلى مائتي عام، كما يمكن إعادة تدويرها. لكن في المقابل يخشى الخبراء من تناقص كميات الفوسفات، المادة الأساسية في صناعة الأسمدة والليثيوم الضروري لصنع بطاريات السيارات.

فولكر مراسيك / عبد الرحمن عثمان

مراجعة: طارق أنكاي