قواعدَ المنهج الإسلامي


السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم
مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيراً وَنِسَاءا …
***



" ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة
شيءٌ عظيم
. يوم ترونها تذهل كل مرضعةٍ
عما أرضعت
وتضع كل ذات حملٍ حملها
وترى الناس سكارى
وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "

****

*******************
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ
وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا
وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رََّبِّكَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}
[الأحزاب: 1-3]
ترسم هذه الآيات الكريمة
قواعدَ المنهج الإسلامي
الذي أرسل الله تعالى به الرسل
وأنزل الكتب
ووعد على اتباعه الخير والثواب العظيم
وأنذر المخالفين له بالعذاب الأليم.

ويتمثل هذا المنهج في القواعد الآتية:



1- تقوى الله:
///**/

وهي في الأصل الوقاية من كل ما يعود
على النفس بالضرر
وفي الشرع الوقاية من عذاب الله -عز وجل-
بالعمل بما يرضيه والبعد عما يغضبه
في صدق وإخلاص
ولذلك عرفها عليّ كرم الله وجهه بأنها:
الخوف من الجليل
والعمل بالتنزيل
والاستعداد ليوم الرحيل
[1]
وقال طلق بن حبيب:
((التقوى أن تعمل بطاعة الله
على نور من الله
مخافة عذاب الله))
فتقوى الله هي الحارس القائم في أعماق
الضمير على التشريع والتنفيذ
وهي التي يناط بها كل تكليف في الإسلام
وكل توجيه.



2- اتباع وحي الله:
///**//
لأن وحي الله هو المصدر الوحيد
للتوجيهات الصحيحة
ولأنه المصدر الحقيق بالاتباع
ولذلك أمر الله تعالى به ونهى عن اتباع
ما سواه
واستنكر على الكافرين ذلك؛ قال تعالى:
{اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ
وَلاَ تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}
[2]
وقال:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ
قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا
أَوَ لَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً
وَلاَ يَهْتَدُونَ}
[3]
ويتمثل وحي الله تعالى فيما أنزل
من كتب كالقرآن الكريم
وفيمن أرسل من رسل كمحمد
صلى الله عليه وسلم
وفيما قذفه الله عز وجل في قلوب
هؤلاء الأنبياء فأخبروا به بالقول
أو ظهر في أفعالهم سنةً نبوية
قال تعالى:
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى *
إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}
[4]
ويكون اتباعه بالعمل الموافق له
والاستمساك به واسترخاص كل شيء في سبيله
قال تعالى:
{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ
إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ *
وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}
[5].




3- التوكل على الله:
///**///
ومعناه تفويض الأمر إلى الله
وإسناد النتائج إليه، بعد القيام بما أمر
والانتهاء عما نهى عنه وزجر
وهو بعبارة أخرى الأخذ بالأسباب
التي علق الله بها المسببات
مع اليقين الكامل بأنها لا تقدم
ولا تؤخر إلا بما قدر الله
كالذهاب للطبيب، والمذاكرة للامتحان
ونحو ذلك
فهي أسباب للشفاء والنجاح
أما حقيقة الشفاء والنجاح فمن الله عز وجل
قال تعالى:
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ *
وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ *
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ *
وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ *
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}
[6]
وقالوا:
على المرء أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح.
وأحيانًا تكون النتائج خلاف المسعى،
ولذلك قيل:
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.
وشأن المؤمن دائمًا أن يأخذ بالأسباب
ويعمل بها في يقين تام بأن كل شيء بيد الله
ومن الله.




4- عدم طاعة الكافرين والمنافقين:
////**/
لأنهم لا يريدون للإسلام خيرًا
وعداوتهم للمسلمين ظاهرة وباطنة
وبعضهم أولياء بعض
ومهما كان عندهم من خير أو تظاهروا به
فإنه السم الزعاف
والموت البطيء للمسلمين
قال تعالى:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ
أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ *
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ
وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}
[7]
وقال في المنافقين:
{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا
وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ
قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ *
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ *
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى
فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}
[8].

تلك إجمالاً قواعدُ المنهج الإسلامي
في كل زمان ومكان
وعلى لسان كل رسول
وفي الكتب السماوية
وهي كما نرى تجمع بين العقيدة والشريعة
بين التوحيد والعبادة
وتأتي خواتيم تلك الآيات تعليلاً لهذه الأوامر
وإبرازًا لجوهر المنهج وهو اليقين في الله تعالى الذي له مرجع كل شيء
فتقوى الله تعالى واتباع وحيه والتوكل عليه
وعدم الطاعة للكافرين
هو المعنى الكبير الذي تقوم عليه شرائع
الدين وتوجيهاته
ونظمه وأوضاعه وآدابه وأخلاقه
وهو استشعار القلب لجلال الله
والاستسلام المطلق لإرادته
والاطمئنان إلى حمايته ونصره
لأنه وحده العليم الحكيم
فهو الأحق بالاتباع والطاعة
فهو عليم بعواقب الأمور
حكيم في أقواله وأفعاله
وهو الخبير فلا تخفى عليه خافية
وهو القوى العظيم الذي يكفى
ويحمى من فوَّض إليه أمره
وتوكل عليه فلا يضيعه أبدًا.



ملاحظات:
*****
1- هذه الأوامر والنواهي الإلهية ليست خاصة
بالنبي صلى الله عليه وسلم
بل له ولأمته
وهكذا جميع الأوامر والنواهي
في القرآن الكريم
إلا ما ثبت بقرينة أنه خصوصية
للنبي صلى الله عليه وسلم

قال الشوكاني:
والأمر له صلى الله عليه وسلم أمر لأمته
فهم مأمورون باتباع القرآن كما هو
مأمور باتباعه
ولهذا جاء بخطابه وخطابهم في قوله
{بِمَا تَعْمَلُونَ}
وإنما وجه الخطاب للنبي
صلى الله عليه وسلم
لأنه متلقي الوحي، ولأنه القائد والإمام
ولأنه المثل والأسوة.
[9]

. 2- ليس معنى هذه الأوامر والنواهي
أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
وأصحابه لم يكونوا متقين
ولا متبعين ولا متوكلين
فهذا غير وارد
وإنما المعنى:
دم على ذلك وازدد أنت منه وأصحابك
[10]
. 3- قال الواحدي:
أراد سبحانه بالكافرين أبا سفيان
وعكرمة وأبا الأعور السلمي
وذلك أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم:
ارفض ذكر آلهتنا
وقل إن لها شفاعة لمن عبدها
قال:
والمنافقين عبد الله بن أبي
وعبد الله بن سعد بن أبي السرح

وهذا وإن كان سببا لنزول الآية
والنهي عن طاعة هؤلاء وأولئك
إلا أن القاعدة -كما يقول العلماء-
(أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)
فيكون ذلك النهي عن طاعة
جميع الكافرين والمنافقين
في كل زمان ومكان.

ـــــــــــــــــــــ
[1] انظر تفسير ابن عطية جـ1 صـ 144
تفسير ابن كثير جـ 3 صـ 465.
[2] الأعراف: 3.
[3] البقرة: 170.
[4] النجم: 3، 4.
[5] الزخرف: 43، 44.
[6] الشعراء: 78 – 82.
[7] البقرة: 6، 7.
[8] البقرة: 14 – 16.
[9] انظر تفسير ابن عطية جـ 12 ص 2.
[10] فتح القدير للشوكاني جـ 4 صـ 260
وتفسير القرطبي جـ 14 ص 114.

.منقووووول
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


جزاكم الله خيراً