لماذا(تعرّف على إسم الله تعالى)؟

[CENTER]اسم الله تعالى البصيــــر

البصيـــر سبحانه وتعالى المطلع على خلقه، يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظ ذاكر، فالسر عنده علانية والغيب عنده شهادة …

المعنى اللغوي

البصر في حق الخلق: حاسة الرؤية أو حِسُّ العين، والبصيرة: العلم والفطنة.

ورود الاسم في القرآن الكريــــم

ورد الاسم في القرآن اثنتين وأربعين مرة، منها قوله جلَّ وعلا {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]

وقوله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 61] … وقوله سبحـــانه {… وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} [الفرقان: 20]

معنى الاسم في حق الله تعالى

البصير: هو الذي يبصر جميع الموجودات في عالم الغيب والشهادة، الذي يرى الأشياء كلها ظهرت أو خفيت، دقت أو عظمت، وهو الذي يبصر خائنة الأعين وما تخفى الصدور.

قال السعدي “البصير: الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر، فيبصر دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء. ويبصر ما تحت الأرضين السبع، كما يبصر ما فوق السموات السبع. وأيضًا سميع بصير بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته، والمعنى الأخير يرجع إلى الحكمة” [تيسير الكريم الرحمن (1:946)]

على هذا يكون للبصيـــر معنيـــان:

الأول: أن له بصرٌ يرى به كل شيء سبحـــانه وتعالى.

الثاني: أنه ذو البصيرة بالأشيـــاء، الخبيــر بها.

يقول ابن القيم في القصيدة النونية

وهو البصيرُ يَرَى دبيبَ النَّملةِ السـ … ـوداءِ تحت الصَّخرِ والصَّوَّانِ

ويَرَى مجاري القوت في أعضائِها … ويَرَى عُروقَ بَيَاضِها بعيانِ

ويَرَى خياناتِ العيونِ بلْحظِها … ويَرَى كذلكَ تقلُّبَ الأجْفَانِ

[النونية (2:215)]

alt

آثــــــار الإيمــان باسم الله تعالى البصيـــــر

1) إثبـــــات صفة الإبصار لله جلَّ شأنه …

وهي صفة ثابتة لله عزَّ وجلَّ نؤمن بها ولا ندري كيفيتها … فهو سبحانهl{… لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى: 11] … وصفة البصر من صفات الكمال كصفة السمع.

2) الله جلَّ جلاله هو البصير الذي ينظر للمؤمنين بكرمه ورحمته …

ويمن عليهم بنعمته وجنته، ويزيدهم كرمًا بلقائه ورؤيته …

ولا ينظر إلي الكافرين إيقاعًا لعقوبته … فهم مخلدون في العذاب محجوبون عن رؤيته، كما قال تعالى: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15]، وقال: {أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ الله وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران:77].

فكما لم تُبصِر قلوبهم، عوقبوا بجنس عملهم بأن حُجِبوا عن ربِّهم في الآخرة …

وكم من آيــــات ونذر يرسلها إلينـــا ربُّنا عزَّ وجلَّ، ونحن عنها غافلون !!

alt

حظ المؤمن من اسم الله تعالى البصير

1) دوام الحيـــاء والمراقبة …

قال تعالى { … وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 17] … فمن عَلِم أن ربَّه بصيرٌ مُطلعٌ عليه، استحى أن يراه على معصية أو فيما لا يُحب … ومن عَلِم أنه يراه، أحسن عمله وعبادته وأخلص فيها لربِّه وخشع.

وإذا داوم العبد على تلك المراقبة، بلغ أعلى مراتب الإيمان … كما جاء في حديث جبريل عليه السلام عندما سأل النبي صل الله عليه وسلم ما الإحسان؟، قال صل الله عليه وسلم “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” [متفق عليه]

فيجب على العبد أن يراقب ربَّه في جميع أحواله، ويوقن أن ربَّه سبحانه وتعالى من فوق عرشه بصيرٌ به،،

2) النظر والتفكُّر والاعتبـــار والتذكُّر ..

فعلينا أن ننظر في خلق الله تعالى؛ لنرى كمال قدرته فنزداد يقينًا وإيمانًا … يقول الله عزَّ وجلَّ {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ () وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ () وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (*) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17,20] …

وكذلك التفكُّر والاعتبـــار من أحوال من سبق … فكما أمرنا الله عزَّ وجلَّ أن ننظر في خلقه، أمرنا أن نعتبر بما فُعِل فيما مضى من الأمم الغابرة … يقول تعالى {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (*) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 137,138]

3) التوكل على الله سبحانه وتعالى …

فالله تبارك وتعالى بصيرٌ بأحوال عبـــاده، خبيرٌ بما يُصلحهم وما يفسدهم … يقول تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} [الإسراء: 30] … مما يجعلنا نتوكل عليه سبحانه وتعالى حق التوكل ونفوض إليه جميع أمورنــا.

4) الرضـــا بقضــاء الله تعالى وقدره …

لأن طالما الله سبحانه وتعالى بصيرٌ بنـــا شهيدٌ علينــا، فهو سبحــانه يعلم إن كان ما نسأله عليه من الرزق سيصلحنا أم أن فيه هلاكنـــا دون أن ندري … قال تعالى { وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} [الشورى: 27] .. فلابد أن نرضى بقضائه لنـــا.

كيف ندعو الله تعالى باسمه البصير؟

ورد الدعـــاء باسمه تعالى البصير في مواضع كثيرة، منها:

دعـــاء موسى عليه السلام {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي () وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي () وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي () يَفْقَهُوا قَوْلِي () وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي () هَارُونَ أَخِي () اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي () وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي () كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا () وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا () إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (*)قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى} [طه: 25,36] … أحْسَن في الدعــــاء، فأناله الله تعالى ما سأل.

وكما قال العبد الصالح، مؤمن آل فرعون: { وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ () تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ () لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (*) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 41,44].

ومن دعاء المسألة أيضًا، الدعاء بمعنى الاسم ومقتضاه … كسؤال العبد ربَّه أن ينير له بصره وبصيرته … كما في قول إبراهيم عليه السلام وهو يطلب من ربِّه في دعائه أن يبصره بمناسك الحج إلى البيت الحرام: {رَبَّنَا وَاجْعَلنَا مُسْلِمَيْنِ لكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَليْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:128].

وكذلك طلب الحق تعالى من سيد الخلق alt أن يتوكل على الله الذي يراه: { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (*) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ} [الشعراء: 217,218].

وكان من دعائه صل الله عليه وسلم" اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي بصري نورًا …" [متفق عليه] … فكان يدعو الله سبحانه وتعالى أن يفتح له من رحمته، فيُبصِر بقلبه مع عينه ولا يرى إلا مايحب الله جلَّ وعلا.

نسأل الله تعالى أن يُبصرنا بعيوبنــا،

وأن يجعلنا نرى الحق حقًا ويرزقنا إتباعه، ويرنا الباطل باطلاً ويرزقنا إجتنـــابه …

وأن يُبصر قلوبنـــا بحقائق الأمور، فلا تزيغ ولا تنحرف عن طريق الهداية،،[/center]

بارك الله فيكي