عن الدكتور البرادعى

بقلم عمر طاهر ١٦/ ٤/ ٢٠١١[FONT=Tahoma][SIZE=2]

عندما ظهر الدكتور البرادعى للمرة الأولى فى الصورة كتبت قائلا: «البرادعى يريد أن يتزوج مصر جواز صالوناتى فى الوقت اللى مصر محتاجة فيه حد يتجوزها عن حب»، كانت الجملة تلخص أفكارا كثيرة كان لابد أن أشرحها قبل أن ألخصها،
وكانت وجهة نظرى أن البرادعى وقتها كان أقل من دفع ثمنا لمقاومة الفساد مثل أسماء كثيرة تبدأ من المدونين مثل وائل عباس، مرورا بالمعارضة البرلمانية مثل سعد عبود، مرورا بمن تجرأ لمنافسة مبارك فى الانتخابات مثل أيمن نور، مرورا بمئات الصحفيين الذين تمت جرجرتهم إلى المحاكم بواسطة المسؤولين الفاسدين أو الذين تعرضوا للتنكيل مثل عبدالحليم قنديل، مرورا بمذيعين تم تكميم أفواههم وقطع عيشهم، مرورا بأدباء وكُتاب تعرضوا للضرب على يد المخبرين، مثل علاء الأسوانى وبهاء طاهر، مرورا بالإخوان المسلمين وشباب ٦ أبريل،
قائمة طويلة كانت تحلم بالتغيير والقضاء على الفساد والاحتكار وتقاوم بضراوة مشروع التوريث وكانت تدفع الثمن كاش طول الوقت، لذلك شعرت بأن البرادعى تجاوز طابوراً طويلاً ليقف فى مقدمته.
اليوم أشعر بأن ثمة تغييراً واضحاً فى وجهة نظرى بخصوص هذا الرجل، لا أحاول الدفاع عنه بل أحاول أن أكون واقعيا، فهذا الرجل دفع ثمن دعوته للتغيير… ربما يكون دفع الثمن الأقل مقارنة بالسابقين لكن هذا مبرره أنه شخصية عالمية مرموقة فائزة بجائزة نوبل، الأمر الذى يجعل من الغباء أن يتعرض للتنكيل المادى،
لذلك لجأ النظام السابق لاغتياله معنويا ونجح فى ذلك بصورة كبيرة عن طريق حملات التشهير التى أجهضت شعبية البرادعى فى الشارع باللعب على وتر الدين والانحلال الأسرى وتدمير العراق… إلخ،
وفكرة الاغتيال المعنوى لشخص ما من السهل أن يتبعها نفور من الأفكار التى يقدمها حتى لو كنت بالصدفة تتفق معها، لذلك ضرب النظام السابق عصفورين بحجر، فاغتال البرادعى وفكرة التغيير معا، لكن هذا الأداء استفز القوى الوطنية الأخرى، وكان سببا لتوحدها، التفت حول البرادعى فنشط الأداء الوطنى العام، ثم اختلفت مع البرادعى لإصراره على النضال من خارج البلد فانفصلت عنه، لكنها احتفظت بفورانها الذى ظل يتراكم حتى لحظة الثورة.
الجديد فى نظرتى للبرادعى هو الأفكار التى يقدمها أثناء انشغاله بحملته لانتخابات الرئاسة، فهو المرشح الوحيد الذى أشعر بأنه قادم من قلب الثورة، فمقترحاته التى يقدمها طول الوقت للمجلس العسكرى ولمجلس الوزراء مثل فكرة المجلس الرئاسى الوطنى أو مجلس الحكماء الاستشارى المساعد للمجلس العسكرى أو توحيد الصفوف مع بقية المرشحين للرئاسة أو دعوته لوقف الحملات الانتخابية الرئاسية حتى تهدأ الأمور فى البلد أو دعوته لتجديد روح الثورة وضبط وجهتها على طريق صناعة النهضة أو حتى إصراره على محاكمة الكبار وتلميحه المتكرر خلال الأسابيع الماضية أن الثورة لم تنته ولم تنجح بعد،
كل هذه الأفكار كنت أسمعها من البرادعى فقط ورأيته شخصا مشغولا بالبلد أكثر من انشغاله بالمنافسة على المنصب، بل إنه لا يتقى حرج الاصطدام الفكرى بالقائمين على البلد حاليا والذين سيشرفون على انتخابات الرئاسة المقبلة.
أداء البرادعى يستحق التقدير ويستحق الاعتراف بأننى لم أكن موفقاً فى تشبيه الجواز الصالوناتى وقتها.
ملحوظة: هذا المقال فى احترام الدكتور البرادعى لكنه لا يعنى بالضرورة أننى قد أنتخبه كرئيس للجمهورية.
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=293779&IssueID=2107

[/size][/font]