..عندما يتجاوز العطاء حدود عالمنا الصغير !

[CENTER]قصة حقيقية مع بعض الخيال - «برتقالة ويليام» …عندما يتجاوز العطاء حدود عالمنا الصغير !

[/center]
د.إياس نهاد الموسى

  • برتقالة ؟.
    قلت باستغراب كبير…ّ!
  • نعم، برتقالة ،لقد اشترك ثلاثتهم في شراءها لأنهم لا يملكون المال لشراء أكثر من ذلك .
    قالها الدكتور ويليام الهولندي الذي التقيت به لأول مرة في الأسبوع الماضي في عمّان .
    ثلاث فتيات صغيرات
    كان د.ويليام يحدثنّي عن أسبوعين قضاهما في جنوب شرق آسيا يعالج المرضى المصابين بمرض شبه منقرض اسمه الجذام وهو مرض جلدي معدٍ جداً و يؤدي إلى تشوهات شديدة و خلل في الأعصاب و يحتاج إلى علاج وصبر في التغلب على المضاعفات ،وكانت البرتقالة من ثلاث فتيات صغيرات اجرى لهن عمليات ترميم لتشوهات في اطرافهن .
    ويقول د.ويليام انه مهتم بهذا المرض و اختصاصه هو جراحة الترميم (والتجميل) ولكنه يحب أن يرمّم أكثر مما يحب أن يجمّل ،لهذا اختار الذهاب إلى الأحياء المعدومة فقراً و جوعاً في بورما و نيبال ليعالج هؤلاء المرضى ويخفف معاناتهم بدلاً من تجميل أنوف الهولنديات و إجراء عمليات أخرى اقل أهمية في نظره.
    شخص غير واقعي
    ويشكل د.ويليام مثالاً رفيعاً للإنسان ،وقد شعرت انه بمثابة شخص غير واقعي لا يعيش في القرن الحادي والعشرين ،فهو يذهب إلى بورما و نيبال على نفقته الخاصة لمدة أسبوعين ،ولا يأخذ فلساً واحداً من أحد ،ويقضي أيامه ولياليه في علاج هؤلاء المرضى وتدريب الأطباء هناك ،ثم يعود إلى هولندا ممسكاً ببرتقالته التي لم يستطع رفضها لكي لا يجرح شعور مرضاه مع انه قال لهم أنهم يحتاجون إلى «فيتامين سي « الموجود فيها أكثر منه . - لم اصدق قصة البرتقالة في بادئ الأمر ،ولم أُشعر د.ويليام بذلك ،،ولكني أرسلت له رسالة الكترونية قبل أيام اسأله عما فعل بالبرتقالة عندما وصل إلى هولندا ،وكان هذا السؤال «ملغوماً» و مقصوداً لتأكيد الرواية من جهة ولجعلها أكثر تشويقاً من جهة أخرى .
    تحنيط
    لقد اخرج د. ويليام البذور من هذه البرتقالة ثم أغلقها مرة أخرى وطلب من صديق له يجمع بين الطب والفن أن «يحّنطها» ويجعلها في قالب زجاجي له إضاءة خاصة ووضعها في بيته وتحتها مكتوب تاريخ و مكان الإهداء إليه ليحدث عنها كل الضيوف الذين يزورونه في منزله في شرق أمستردام .
    أما البذور ،وهنا الجزء الأجمل- فقد زرعها ويليام في مساحة خلف منزله واستشار أحد مرضاه المزارعين «ملاك المزارع» في الطرق الكفيلة بإنجاح أشجار البرتقال في هولندا وهو ينوي أن يأخذ معه صندوق من البرتقال في كل مرة يزور فيها جنوب شرق آسيا لكي تكتمل دائرة العطاء .
    وقد يكون ويليام خشي من اكل البرتقالة لانها بمعناها اهم من مذاقها ،فيكون قد قرر اهداءها الى مريض آخر من الجائعين الفقراء.
    جنس مهدد بالانقراض
    في زمن يقتل الناس بعضهم بعضاً بلا سبب ،،يبدو أن د.ويليام هو جنس مهدد بالانقراض ولازلت أفكر في طرق لإقناعه بان يقبل استنساخ نفسه لكي نرسل بعض من جيناته وخلاياه المستنسخة، إلى أنحاء العالم
    لكي لا اتهم بتمجيد الخواجا ويليام وانكار ابناء وطني ،فانني اقول ان في عالمنا العربي و الاسلامي امثلة كثيرة على التضحية والعمل التطوعي ونكران الذات وهؤلاء جميعاً يستحقون كل التقدير والاحترام و صديقي ويليام مثله مثل نايف ويحيى وخالد وعباس وسمير ومحمد ومحمود وآخرون كثيرون.
    استشاري أمراض القلب والشرايين التداخلية…

منقول عن جريدة الراي الاردنية

نعم والله لمثل هؤلاء نفتقد.
قد تكون مشاغل حياتنا واحتياجاتنا المادية لا تؤهلنا أن نكون بمثل هذه التضحية، فأنا مثلاً أحلم أن أذهب إلى إفريقيا فقط للاطلاع على أحوال أهلها وأراها رأي العين، ولكن طباً يعتبر هذا الأمر مادياً شبه مستحيل، ولكن القضية تكمن في؛ إذا كنا لا نستطيع الذهاب إلى بورما ونيبال لا حتى المحافظات المجاورة، ولكن أين “التطوع” في حياتنا. التطوع لا يقتصر على 10 جنيهات نضعها في صندوق المسجد أو يد السائل أو حساب مستشفى السرطان، لأن هذا المال في حد ذاته يبحث عن متطوع ينفقه في مصارفه المستحقة، وجعل العاملين على الأعمال الخيرية عمال برواتب يتقاضونها من التبرعات فهذا به مشكلتان، الأولى فقد جزء من مال التطوع والثانية والأهم فقد روح التطوع في إنجاز العمل ربما يصل إلى حد “فوت علينا بكره ياسيد” لأنه مجرد وطيفة.
لابد أن نرسخ فطرة التطوع في قلوبنا والتي قد تبدأ مثلاً من حفظ أمانة منتدى مثل منتدانا هذا، ربما نحتاج ربع ساعة فقط يويماً تكتب فيها موضوعاً يفيد الناس وترد فيها على موضوع ترفع معنويات صاحبه وتشجعه لكي يعيد الكتابة فتعم الفائدة على الجميع.

مشكورة طيب على الموضوع الطيب.