خليط من البهارات ( الكاري..)


[COLOR=“Blue”][SIZE=“4”][B]يمكن أن نطلق اسم الكاري على مجموعة من البهارات، ويمكن أن نطلقها على أي طبق آسيوي أو هندي حار، أو حار جدا أيضا. فالاسم فضفاض ويمكن أن يعني كلا الأمرين، لكنه، وبلا أدنى شك، يعني بالنسبة للكثير من الناس، ورغم أنوعه الكثيرة، طبقا هنديا حارا. وهذا بحسب ما يقال اختراع غربي وإنجليزي بشكل خاص لا يعكس أي مطبخ هندي محدد.

الكاري قبل أن يصبح اسم طبق معين هو في الحقيقة اسم مجموعة أو خلطة من البهارات، وتعتمد هذه الخلطة على طبيعة الدولة أو المنطقة التي جاءت منها في جنوب شرقي آسيا. وهذا الخليط، أو الكاري، قريب جدا إلى الخليط الذي يستخدم في الولايات الجنوبية من الهند، خليط الـ«سامبار»، لكنه يختلف أيضا عن الخليط الذي يستخدم في الولايات الشمالية والمعروف جدا وهو خليط الـ«غارام ماسالا». وأحيانا ما يضم الـ«سامبار» بذور الخردل وأوراق الكاري والفلفل الأحمر الحار وبذور الكزبرة وبذور الحلبة.

ويقال إن كلمة «كاري» (curry) تتدرج من كلمة «كاري» (kari) التاميلية التي تعني صلصة أو طبق خضار أو لحما مطبوخا مع البهارات. وقد ذاع صيت الكاري منذ القرن التاسع عشر وخروج خيرات الهند وجنوب شرقي آسيا إلى أوروبا وأميركا، واستخدام الجيش البريطاني المكثف له آنذاك. ولا شك أن الكاري نفسه أسهم إلى جانب شهرته في انتشار المطاعم الهندية في جميع أنحاء العالم.

على أي حال، فإن خلطة الكاري تعتمد في الأساس وبالدرجة الأولى على وجود، الكزبرة والكمون والحلبة والكركم والفلفل الأحمر الحار. وحسب الخلطة يمكن أن يشمل إضافة إلى ذلك، الزنجبيل والثوم وحب الشومر والهال الأخضر والأسود وجوز الطيب والفلفل الأسود والفلفل الطويل والقرنفل وبذور الخردل والقرفة والكراوية.

ومع هذا فإن الخلطة تعتمد دائما بالأساس على الحس الشخصي للطباخ، وعادة ما يتم توريثها إلى الجيل الجديد من أفراد العائلة. وعادة ما يستخدم الطباخون أيضا خلطات مختلفة تنساب الطبق المطبوخ ونوعه، أي أنهم يناغمون الخلطة مع طبيعة الطبق.

لكن على الجهة الأخرى، أي على جهة الطبق الذي يطلق عليه اسم الكاري، فإن هذا الطبق بشكل عام واسمه يدلان حول العالم على طبق من الهند، لكنه في الحقيقة ينتشر في الكثير من المطابخ من بنغلاديش إلى الهند وباكستان وسريلانكا ونيبال والصين واليابان والمطبخ الآسيوي في الجنوب الشرقي من القارة الصفراء.

في المطبخ الخاص بولاية أندرا براديش في الجنوب الشرقي من الهند، وهو مطبخ معروف بمأكولاته الحارة جدا، عادة ما يطبخ طبق الكاري بالقرنفل والكوم وجوز الطيب واليانسون وورق الغار. وتكثر أطباق الكاري وتتنوع على الجهة الساحلية من الولاية حيث تسيطر أطباق كاري الخضار على المشهد، رغم وجود بعض الأطباق التي تعتمد على اللحوم.

وفي هذه المناطق الساحلية يطبخ الكاري بالكزبرة المطحونة والكوم المطحون والفلفل الأحمر طازجا ومطحونا والفلفل الأسود المطحون وبذور الحلبة وأوراق الكاري والكركم والحلتيت. وكالعادة يقدم الطبق إلى جانب الأرز.

هذه الولاية تعرف بالكثير من أطباق الكاري وأهمها: «فابودو» (Vepudu) و«كارام بيتي كورا» (Kaaram Petti Koora) و«بابو كورا» (Pappu Koora) و«بلوسو كورا» (Pulusu Koora). الـ«فابودو» عبارة عن كاري خضار وخصوصا البامية مع البطاطا المقيلة جدا مع «القلقس»، أما الـ«كارام بيتي كورا»، فإنه أيضا كاري خضار أو خضرة إما محشوة بالكاري وإما مطبوخة فيه. والـ«بابو كورا» أيضا كاري خضراوات مسلوقة قبل قليها سريعا على الطريقة الصينية مع بعض العدس، والـ«بلوسو كورا» هو عبارة عن خضار مسلوق ومطبوخ بالتمر هندي والخردل.

في المطبخ البنغالي ومطبخ «أوريا» الخاص بولاية أوريسا الشرقية، يوجد الكثير من أنواع الكاري وتتنوع معظم أطباق الكاري في هذه المناطق، بينما يركز البنغاليون على أطباق السمك المختلفة، وعادة ما يكثرون من استخدام زيت الخردل وبذور البرقوق إلى هذه الأطباق.

أما في راجستان وفي المطبخ الذي يطلق عليه اسم «ثالي» (Thali)، الذي يكثر فيه استخدام الخبز والعدس، يمكن العثور على الكثير من أطباق الكاري الحارة والمعتدلة والعادية، وعادة ما يستخدم أهل هذه المنطقة أو الولاية على الكزبرة والكمون والكركم ونجمة اليانسون لتطييب أطباق الكاري.

وفي ولاية كارالا في الجنوب الغربي من البلاد، تعرف أطباق الكاري الخاصة بالـ«ماليالي»، التي تعتمد في خلطاتها على مشتقات جوز الهند وأوراق الكاري وغيره من البهارات. ويصعب العثور على كاري غير مطبوخ مع بذور الخردل والبصل وأوراق الكاري والفلفل الأحمر الحار والزيت. وعادة ما تكون أطباق الكاري المصنوعة من اللحم في هذه الولاية حارة جدا أو أكثر حرارة من أطباق الخضار. وتعرف الولاية خاصة بما يسمى وليمة الـ«Sadya»، وهي عبارة عن وليمة متعددة الأطباق تقدم على أوراق الموز الخضراء. وتضم الوليمة بشكل رئيسي طبقا من الخضار إلى جانب طبق الأرز مع أطباق أخرى كثيرة متنوعة تضم أطباق المخلل وشتى المقبلات التي تعتمد على جوز الهند والمانغو.

أما في المطبخ التاميلي وهو أيضا من المطابخ الآسيوية الهامة والمتطورة والشهية، فإن أطباق الكاري عادة ما تكون ذات رائحة فواحة وطيبة نتيجة الخلطات التي يستخدمونها، وعادة ما تشمل الكزبرة المطحونة والكمون المطحون والفلفل الأحمر والفلفل الأسود المطحون وبذور الحلبة وأوراق الكاري والكركم وماء الورد وجوز الهند وجوز الطيب والشومر وبذور الخردل والثوم والبصل والتمر هندي والزنجبيل… وغير ذلك، كما يعتمد هذه المطبخ كثيرا على العدس والخضار ومشتقات الألبان والأرز والسمك الطازج، وفي النهاية على أطباق الكاري الخاصة بالخضار.

وفي المطبخ البنجابي (نسبة إلى إقليم البنجاب الذي تتقاسمه الهند وباكستان) الذي يعتبر من المطابخ المهمة في العالم، تعتمد أطباق الكاري على خلطة ماسالا من البهارات المحمصة أو من معجون من البهارات مع الثوم والزنجبيل والبصل والبندورة، كما يكثر أهل البنجاب من استخدام السمن البلدي والزبد والكريم مقارنة بالزيوت الأخرى. ويعرف الإقليم بأطباق هامة مثل: «ماها دي دال» ( Maha Di Dal) و«سارون دا ساغ» (Saron Da Saag).

وبعيدا عن الهند نجد أن باكستان تفضل أطباق الكاري التي يطلق عليها اسم «كاراهي» (karahi)، وهو اسم المقلاة العميقة التي تطبخ فيها الأطباق التي يمكن أن تكون مع لحم الضأن أو الدجاج. وتدخل في تركيبة الكاري الذي يفضلونه، الفلفل الحار والبندورة والزنجبيل والثوم وعدد آخر من البهارات. ويعرف من أطباق الـ«كاراهي» طبق الـ«باشواري كاراهي» الذي لا يشمل إلا البندورة واللحم والملح والكزبرة.

أما في الصين فهناك الكثير والكثير من أطباق الكاري التي عادة ما تشمل الدجاج ولحم البقر والضأن والسمك والفلفل الأخضر الحلو والبصل وقطع البطاطا الكبيرة مع خليط معتدل من التوابل وصلصة الكاري الصفراء الحارة مع بعض الأرز المطبوخ على البخار. ويضيف الصينيون إلى ذلك أحيانا، زيت الفلفل الحار وصلصة الصويا والفلفل الأبيض لتحسين وتفعيل المذاق، كما هو الحال مع كاري الـ«نودلز».

ويتأثر خليط البهارات الخاصة بالكاري في الصين، وهونغ كونغ بشكل خاص، بالمطابخ الآسيوية الجنوبية، وخصوصا الماليزية والسنغافورية والتايلاندية. وأبناء هذه الدول والمهاجرين منها هم الذي عرفوا أهل الصين على صلصة الـ«ساتاي» المعروفة التي تعتمد على الكركم ليمنحها لونها الأصفر والكثير من أنواع اللحوم والحيوانات البحرية والدجاج. وأحيانا ما يضاف إلى ذلك صلصة الفستق الحارة والبصل والخيار.

وعلى عكس بقية أنواع وأطباق الكاري في القارة الآسيوية، فإن الكاري في الصين أكثر سيولة وصلصته ليست كثيفة كالعادة.

وفي المطبخ الياباني، يعتبر الكاري من أشهر الأطباق وأكثرها شعبية، ويرغب الكثير من السكان بما يعرف بطبق الـ«كاري بالأرز»، وهو طبق من اليخنة إلى جانب الأرز وبعض الخضراوات المخللة، يتم تناوله بالملعقة ولا تقارن حرارته بحرارة الأطباق الهندية، فهو معتدل وخفيف من هذه الناحية.

ويقال إن البريطانيين أثناء الفترة الماجية بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أي بعد نهاية العزلة اليابانية عن العالم، هم الذين عرفوا اليابانيين على الكاري. وقد انتشر بعدها بكثرة وكان جزءا لا يتجزأ من مآكل الجيش والبحرية، وعرف على أنه طبق أجنبي.

على أي حال فإن الكاري التقليدي في اليابان يشمل البصل والجزر والبطاطا، وأحيانا الكرفس، وأحيانا أخرى الخضراوات، وأيضا العسل والتفاح. ويفضل اليابانيون عادة لحم الدجاج كما هو الحال في أوساكا وأوكيناوا، ولحم البقر كما هو الحال في طوكيو.

وقد صدر اليابانيون بدورهم أطباق الكاري إلى كوريا أثناء احتلالهم لها بداية القرن الماضي، ولا يزال الكاري التقليدي في كوريا حتى الآن مزيجا من الأرز وصلصة الكاري والخضار وخليط الكمخي واللحم المدخن والوسابي أو الفجل الياباني.

ولا يتوقف انتشار الكاري على الصين واليابان وكوريا، بل يتعداها إلى كمبوديا وتايلاند ولاوس والكثير من دول العالم، وكل من هذه الدول لها طريقتها الخاصة في تحضير الكاري وصلصته، لكن جميعها متأثر بالكاري الهندي.

ومن هذه الدول بورما أو ميانمار، التي تتعاطى مع الكاري، حيث يتم طبخ اللحم أو السمك أو الخضار مع البصل والبهارات الهندية والفلفل الأحمر الحار عادة، وأحيانا يدخل في ذلك الكركم والكمون. ورغم تأثر هذا المطبخ البورمي بمطابخ شمال الهند ولا علاقة له بجوز الهند، فإنه يشمل نوعين من الكاري، الأول حار جدا والثاني أكثر ميلا إلى الحلاوة. ويعرف في بورما طبق الـ«نان غي ثوك»، وهو أشبه بطبق السباغتي مع صلصة كاري الدجاج.

إندونيسيا من الدول التي تكن محبة خاصة للكاري وفيها نوعان من الأطباق المعروفة من أطباق الكاري أو التي تستوحيها وهما الـ«غولاي» (Gulai) والـ«أوبور» (opor). هناك فروق بين الاثنين، إذ إن الأول يشمل الكمون والكركم على عكس الثاني الأبيض اللون.

مهما يكن فإن النوعين يشملان شتى أنواع اللحوم والطيور والأسماك والخضار، مع صلصات طيبة مطبوخة بالفلفل الحار وورق اللايم وورق الغار الإندونيسي (ورق سلام) والكركم والكزبرة والتمر هندي ومعجون القريدس وحليب جوز الهند وحشيشة الليمون وزنجبيل الغلانغال وجوز الشمع.

ويستخدم أهل تايلاند معظم هذه الأنواع لطبخ طبق الكاري إلى جانب مشتقات جوز الهند وهناك الكثير من أنواعه ومختلف وصفاته. فالأمر يعتمد كما هو الحال في الهند على المنطقة وأحوالها الجوية والطبيعية. ومن أنواع الكاري المعروفة في تايلاند هي: الكاري الأصفر وكاري الماسمان في مناطق المسلمين والكاري الأخضر والكاري الأحمر وكاري الفانينغ وغيره.

وفي فيتنام يستخدمون جوز الهند والبطاطا العادية والحلوة والبصل الأخضر في طبخ الكاري إلى جانب الأرز. ويفضل الكثير من السكان الكاري الخاص بالدجاج، وإن بقيت صلصته رقيقة وخفيفة كالكاري الصيني.[/b][/size][/color]