لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فصورة بلادنا هذه الأيام مؤلمة، انقسام خطير في الأمة… مع تفاخر وتخاصم، أسلوب الخصام تعدى حدود الشرع إلى درجة الفجور في الخصومة، أزمة اقتصادية خانقة تهدد في المقام الأول الفقراء والمستضعفين، أزمة خطيرة في الوقود تضطرب لها شوارع البلاد في كل المحافظات، أسراب من الجراد تهدد زراعاتنا وأشجارنا بالخطر المدمر.
أزمة أمنية يزداد فيها ترويع الآمنين، ويُرفع السلاح ويستعمل عند أول مشاجرة ويتجرأ المجرمون على حرمات الناس من دماء وأعراض وأموال، وتوقف في عملية التنمية والاستثمار التي هي المفتاح الضروري لتوفير فرص العمل الحلال وتحسين الوضع الاقتصادي.
فشل في استكمال مؤسسات الدولة التي تستطيع تحقيق الاستقرار، فتح أبواب الرزق الحرام من الربا من جهة، ومن السماح للفكر الشيعي الرافضي الخبيث ببداية الغزو الثقافي والمجتمعي والبشري لبلادنا من جهة أخرى!
وغير ذلك كثير… ومع كل ذلك فلا نيأس من رحمة الله أبدًا: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) FONT=Arial[/font]، فهذه كلها آلام المخاض لميلاد مجتمع جديد -بإذن الله-.
ولكن بشروط، منها:
1- (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) FONT=Arial[/font]، فالتوبة والاستغفار من أهم أسباب نزول الرحمات ورفع الكربات.
2- إغلاق باب التحايل على شرع الله فإنما ضاقت الأرزاق الحلال وارتفعت أبواب الرزق الحرام بسبب الفسق: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) FONT=Arial[/font].
فليس علاج هذا الضيق أن نسمي الأشياء بغير اسمها اتباعًا للناس فنفعل فعل اليهود الذين استحلوا محارم الله بأدنى الحيل، إنما العلاج هو التوبة وترك الفسق الذي أودى بنا إلى الهاوية، ومخالفة شرع الله هي سبب هذا الضيق: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) FONT=Arial[/font].
3- تحقيق التقوى بطاعة الله وطاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونصرة دينه: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) FONT=Arial[/font].
4- تقديم مصلحة الدين والأمة والوطن على مصلحة الحزب والطائفة والجماعة؛ فإن هذا هو النصح للأمة مع عدم غشها، و(الدِّينُ النَّصِيحَةُ) (رواه مسلم)، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
5- العمل بكل ما يُقدر عليه المرء من الشرع وعدم تفريق الدين زورًا فيؤمِن ببعض ويكفر ببعض أو يعمل بما يهواه ويترك ما لا يوافق هواه؛ فإن هذا من أعظم أسباب التفرق والتحزب المذموم في خلاف الأمة وانقسامها (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) FONT=Arial[/font].
6- الاعتصام بالوحي هو سبب وحدة الأمة واجتماعها: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103).
7- تجنب الفساد والفجور في الخصومات، مثل: الغيبة، والنميمة، والبهتان، والكذب، ونقض العهد، وخلف الوعد، وخيانة الأمانة، والسخرية من الخصوم… فإن هذه الأمراض من أعظم أسباب فرقة المجتمع، وقى الله -عز وجل- بلادنا كل سوء وشر، وألَّف بين قلوبنا وأصلح ذات بيننا.
ونسأل الله -عز وجل- تفريج الهموم وكشف الكروب، وهداية القلوب.

جزاك الله خيرا على التذكرة