حروب غير المسلمين التاريخية .. د/ راغب السرجاني

[CENTER][SIZE=“3”]

أولاً: حرب الأفيون:
وهي الحرب التي نشبت بين الصين وبريطانيا ما بين عام 1839- 1842م وانتصر فيها البريطانيون، وكانت ذريعة الحرب تتلخص في انزعاج بريطانيا من القيود التي فرضتها الصين على التجارة الخارجية، ومن ثم فقد حظرت الصين استيراد البضائع البريطانية عام 1839م مما تسبب في خسائر مالية كبيرة للمملكة البريطانية، وكان من أهم الأسباب التي دفعت الصين لحظر الاستيراد الخارجي هو القضاء على تجارة وتهريب الأفيون المخدر إلى الأراضي الصينية، وكانت بريطانيا هي المصدر الرئيسي لهذا المخدر وكان يجلب عليها أرباحًا طائلة، وقد كانت الصين من أفضل الأسواق أمام التجار البريطانيين، كما أن الصين بعد فرضها للحظر قامت بمصادرة 20.000 صندوق من الأفيون كان بحوزة التجار البريطانيين، فما كان من بريطانيا إلا أن اتخذت من هذا العمل ذريعة للحرب على الصين، وأجبرت الصين على عقد معاهدة نانكين معها عام 1842م، وقد قضت هذه المعاهدة بفتح الموانئ الصينية أمام السلع البريطانية وفي مقدمتها الأفيون !!

ثانيًا: إبادة الهنود الحمر:
بدأت مأساة الهنود الحمر منذ القرن السادس عشر الميلادي، عندما قامت إنجلترا بغزو القارة الأمريكية الشمالية، الموطن الأصلي للهنود الحمر، ومن ساعتها وعلى مدار القرون الأربعة الماضية تعرض الهنود الحمر لسلسلة من حروب الإبادة بمختلف الوسائل، فلم يكن القتل بالبارود والسلاح الأبيض فقط، ولكن كان بوسائل بشعة مثل نشر الأمراض القاتلة مثل الجدري والتيفود والحصبة وغيرها!! لقد كان عدد السكان الأصليين في الأمريكتين يبلغ 150 مليون نسمة، ينتمون إلى أربعمائة قبيلة، أين هم الآن؟ لقد تمت إبادتهم بالكامل ومحو تاريخهم وآثارهم، ولم يبق منهم الآن أكثر من مليون إنسان فقط !!

إن المأساة التي تعرض لها شعب الهنود الحمر ليندى لها جبين البشرية جميعًا، وما تعرضوا له من ظلم وقسوة وعنصرية بغيضة ستظل تركة ثقيلة في عنق الدولة التي قامت على أنقاضهم.

ثالثًا: الحروب بين الكاثوليك والبروتستانت:
هذه حروب طويلة مريرة لن نخوض في تفصيلاتها، ولكن سنذكر مثالاً واحدًا لما كان يحدث فيها، وهو ما عرف في التاريخ بمذبحة باريس، واضعين في الاعتبار أن الطائفتين ينتمون إلى ملَّة واحدة هي النصرانية!

بدأت أحداث هذه المذبحة بدعوة الملك تشارلز التاسع لجموع “الهوجونوت”، وهم من البروتستانت إلى باريس بدعوى موافقته على زواج زعيمهم من أخت الملك تشارلز شخصيًا، وجاءت بالفعل جموع البروتستانت لحضور حفل الزواج في باريس، وذلك في يوم 24 أغسطس سنة 1572، وهو يوم عيد القديس “بارثلميو”. وفي منتصف الليل دق ناقوس كنيسة (سان جرمان) مؤذنًا ببدء المذبحة فإذا بأَشراف الكاثوليك والحرس الملكي، وجموع الجماهير تنقض على بيوت الهوجونوت، وتأتي على مَن بها ذبحًا، فلما أصبح الصباح كانت شوارع باريس تجري بدماء ألفين من النفوس.

وتطايرت أنباء المذبحة المروعة إلى الأقاليم، فإذا بها تستحيل -بدورها- إلى مجزرة تجري بدماء ثمانية آلاف من هؤلاء المساكين، بل قيل إن هذه المذبحة قد أودت بحياة نيف وعشرين ألفًا.

وقد أثار وقوع هذه المذبحة الغِبطَة والرضا في أوروبا المسيحية الكاثوليكية كلها، وانهالت التهاني على تشارلز التاسع بغير حساب!! وكاد البابا جريجوري الثالث عشر يطير من السرور، حتى إنه أمر بسَكِّ أوسمة لتخليد ذكراها توزع على وجوه الشعب، وقد رسمت على هذه الأوسمة صورته، وإلى جانبه ملك يضرب بسيفه أعناق الملحدين، وكتب على هذه الأوسمة (إعدام الملحدين)، وأمر البابا - إلى جانب هذا - بإطلاق المدافع وإقامة القُدَّاس في شتى الكنائس، ودعا الفنانين إلى تصوير مناظر المذبحة على حوائط الفاتيكان، وأرسل تهنئته الخاصة إلى تشارلز.

هذه هي أنباء مجزرة سان بارثلميو التي فتك فيها الكاثوليك بإخوانهم البروتستانت.

ومن العجيب أن البروتستانت حين قويت شوكتهم فعلوا الشيء نفسه مع الكاثوليك، ولم يكونوا أقل وحشية منهم…

المصدر: كتاب (أخلاق الحروب في السنة النبوية) للدكتور راغب السرجاني.

[/size][/center]