إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ - الشيخ صالح بن فوزان الفوزان

[FONT=&quot][CENTER]إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

[/font][/center]

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلي الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وأصحابه أجمعين أما بعد:
فإن الموضوع كما سمعتم موضوع مهم جدا إلا وهو موضوع الرد على أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين واليهود والنصارى والمنافقين وأصحاب الشهوات والشبهات نحن نعلم جميعا أنهم لا يضرون الرسول صلى الله عليه وسلم مهما قالوا ومهما تكلموا فان غيظهم في نحورهم والنبي صلى الله عليه وسلم منصور ومؤيد من قبل الله جل وعلا الذي أرسله كإخوانه من النبيين كما قال تعالى: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) (يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) فهم إنما ضروا أنفسهم ولن يضروا الله شيئا ولن يضروا رسوله صلى الله عليه وسلم ولن يضروا المسلمين وليس ما ظهر من سبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتكرر في هذا الزمان ليس بغريب فان هذا منذ بعثه الله جل وعلا وأعداؤه ينالون منه ومن رسالته فالمشركون وعبدة الأوثان ينالون منه انتصارا لاصنامهمة وأوثانهم التي جاء صلى الله عليه وسلم لإبطال عبادتها وجاء صلى الله عليه وسلم لإزالتها ومحوها غاروا عليها قال الله جل وعلا (إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ) أنظر وصفوه بأنه شاعر ووصفوه بأنه مجنون ووصفوه بأنه ساحر وصفوه بأنه كذاب وصفوه بأوصاف اخترعوها من عند أنفسهم إنما تليق بهم هم ولا تليق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأما أهل الكتاب فهم يعلمون انه رسول الله يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإنما حملهم على سبه وتنقصه الحسد (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) والحاسد إنما يضر نفسه (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ومحمد صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم والله يؤتي فضله من يشاء والله ذو الفضل العظيم فلا احد يحجر على الله سبحانه وتعالى أن يعطي عبده ما يشاء من الفضل سبحانه وتعالى ولكن هؤلاء حملهم الحسد والكبر الاستكبار عن أن يتبعوه أو يطيعوه مع أنهم يعرفون انه رسول الله صلى الله عليه وسلم (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وأما المنافقون فآذوه صلى الله عليه وسلم لأنهم كفار في الأصل والباطن فهم مع الكفار ومع الوثنيين ومع اليهود والنصارى لكنهم اظهروا الإسلام خديعة (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) ولذلك يؤذون الرسول صلى الله عليه وسلم (وَمِنْهُمْ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) هذه مقالة المنافقين والله جل وعلا قال فيه (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) أو أصحاب الشهوات الذين رأوا أن في إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم منعا لشهواتهم المحرمة فهم يريدون الزنا ويريدون الخمر ويريدون الربا ويريدون ما ألفوه ونشئوا عليه أو اجتهاد في أنفسهم فلذلك عادوا الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل البقاء على شهواتهم وكلهم لن يضروا الرسول صلى الله عليه وسلم فالرسول رفع الله درجته وأعلى منزلته قال تعالى: (وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) يحمده عليه الأولون والآخرون يوم القيامة وهو الشفاعة العظمى للعالم في أن يريحهم الله من الموقف وان يحاسبهم على أعمالهم بدلا من الوقوف الطويل والضنك والحر والشدة والضيق فهو صلى الله عليه وسلم يشفع عند ربه في أن يصرفهم من الموقف الهائل بعدما يطلبون منه ذلك قال سبحانه وتعالى له (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ* فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) قال (وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى* وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى* وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى* أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى* وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدَى* وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى* فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ* وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) بسم الله الرحمن الرحيم (ِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ* فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ* إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (شَانِئَكَ) أي مبغضك لأنهم قالوا إن محمدا صلى الله عليه وسلم ليس له عقد أي ليس له أولاد بعده يعيشون بعده وانه سينقطع ذكره ويبتر ذكره الله جل وعلا قال: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) فالرسول صلى الله عليه وسلم محمود عند الله وعند خلقه حيا وميتا أما هم فان العار يلحقهم والبتر يلحقهم البتر المعنوي والبتر الحسي فلم يضروا الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا وفي هذه الآية لما بعثه الله عز وجل في مكة ودعا إلى الله سرا خشية من أذى المشركين في أول أمره أمر الله سبحانه وتعالى في الجهر بالدعوة علانية وضمن له الحماية فقال سبحانه وتعالى: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ) (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) الذين يستهزؤون بالرسول صلى الله عليه وسلم كفاه الله شرهم ورد كيدهم في نحورهم (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ولم يستطيعوا منع الرسول صلى الله عليه وسلم من دعوته ولم يستطيعوا منع الناس من الاستجابة له ولم يستطيعوا محاصرة الإسلام في مكة والمدينة بل امتد الإسلام في المشارق والمغارب وبلغ مبلغ الليل والنهار مصداقا لقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فظهر دين الله في المشارق والمغارب رغم أنوفهم واستمر وسيستمر إلى أن تقوم الساعة قال صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى”، (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) والله جل وعلا يتم نوره ولن يطفئوه بافواهههم ونفخهم بأفواههم ليطفئوا الضياء الذي جاء به صلى الله عليه وسلم لان الله جل وعلا يحميه ويحفظه وإذا كان الله هو الحافظ له فلن يستطيع احد أن ينال منه ولهذا قال (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) وقال سبحانه وتعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) فأمره بالاستمرار على الدعوة والمنهج السليم الذي رسمه له ولا يخشى في الله لومة لائم ولن يضره احد قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) فالله أمره أن يبلغ ما انزل إليه من ربه وكفل له العصمة من أذى الناس وقد تحقق وعد الله سبحانه وتعالى فانتصر الإسلام واندحر أعداءه وصار هذا الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الله (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) فصار يذكر اسمه صلى الله عليه وسلم مع اسم الله في الخطب والآذان والإقامة ويرفع ذكره مع ذكر ربه سبحانه وتعالى في الشهادتين على رؤوس المنائر وحتى الآن يسمع في المشارق والمغارب بواسطة البث والفضائيات والاتصالات ولا احد يمنع هذا من البشرية من جميع أعداء الرسول ما يستطيعون يمنعون أن ينادى بالشهادة له بالرسالة عليه الصلاة والسلام لان الله حمى رسوله وحمى ذكره من هؤلاء وإذا رجعنا إلى تاريخ أهل الكتاب مع أنبيائهم لن نستغرب ما يصدر منهم في حق الرسول صلى الله عليه وسلم فاليهود آذوا موسى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) فهم آذوا موسى عليه السلام وآذوا الرسل الذين جاؤوا إليهم من بعد موسى فآذوهم أذا شديدا منهم من قتلوه ومنهم من كذبوه (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) وهموا بقتل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فنجاه الله منهم هموا بقتله في المدينة وألبوا عليه ودسوا عليه الدسائس يريدون القضاء عليه كما هي عادتهم مع الأنبياء السابقين ولكن الله حماه منهم (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ) (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فلم يستطيعوا الوصول إليه عليه الصلاة والسلام النصارى آذوا المسيح عليه السلام بأي شيء آذوه بأنهم غلوا فيه حتى قالوا هو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) هذا موقفهم من نبيهم غلوا فيه وأطروه حتى جعلوه في مرتبة الربوبية وهو رسول من رسل الله عز وجل ليس له من الربوبية شيء ولا ادعى هذه الربوبية وإنما بلغ ما أرسله الله به فهم على طرفي نقيض اليهود أهانوا الأنبياء وقتلوهم وكذبوهم والنصارى غلوا في نبيهم وجعلوه في مرتبة الألوهية وهذا من اشد الأذى لرسول الله ونبيه عيسى عليه السلام وهذا يؤذيه عليه الصلاة والسلام وكذبوا عليه وافتروا عليه لكن الله سيطرحهم يوم القيامة في هذا الموقف الهائل المخزي أمام الخلائق وسيصرح عيسى عليه السلام بكذبهم وافترائهم عليه ويبين ما قال لهم بأمر ربهم سبحانه ثم قال الله جل وعلا (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم هذا ثناء على عيسى عليه السلام حينما أجاب بهذا الجواب العظيم الذي أيده الله عليه وأثنى عليه فاليهود والنصارى مع الأنبياء كما سمعتم الأذى القتل التكذيب حتى أنهم اليهود والنصارى كفروا بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين وهم يعرفون انه رسول الله لكن منعهم الحسد والكبر والعياذ بالله وكذلك اليهود كفروا بعيسى عليه الصلاة والسلام ورموه بالعظائم ورموا أمه بالعظائم قبحهم الله فبرأه الله سبحانه وتعالى مما قالوا وبين انه عبده ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه هذه حقيقة عيسى ليس له من الربوبية من شيء لكن الحاصل أن هذه مواقف اليهود والنصارى مع الأنبياء وهم أهل كتاب وأهل علم ولكنهم لم يعملوا بعلمهم ولا بكتابهم وتجراوا على كتب الله التي جاءتهم مع الأنبياء فحرفوها وغيروها وبدلوها فأي جراءة على الله وعلى رسله أعظم من هذه الجراءة العظيمة فلا نستغرب أن ينعق ناعق من النصارى اليوم لا نقول المسيحيين كما يسمون أنفسهم أو يسميهم الجهال ليسوا مسيحيين وإنما هم نصارى كما سماهم الله سبحانه وتعالى ولا نقول إسرائيل كما تقوله اليهود ولكن نقول بني إسرائيل ونقول اليهود سماهم الله اليهود وسماهم بني إسرائيل فلا نحرف الكلم عن مواضعه كما حرفوه ونسميهم بأسمائهم الصحيحة التي سماهم الله بها لكنهم قوم يفترون على الله الكذب قديما وحديثا ويفترون الكذب على رسل الله عز وجل فلا نستغرب ما صدر منهم أو يصدر منهم أو سيصدر في المستقبل (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) أن الواجب علينا جميعا امة محمد صلى الله عليه وسلم أن نناصر رسولنا صلى الله عليه وسلم وان نذب عنه وان نرد على هؤلاء الحاقدين بجميع طوائفهم الله جل وعلا قادر على أن ينصر رسوله وقد نصره لكنه امرنا بنصرته صلى الله عليه وسلم ابتلاء وامتحانا لنا فان نصرناه آجرنا الله على ذلك وأثابنا وان تخاذلنا ولم ننصره فان الله سبحانه وتعالى لن ينصرنا ويعاقبنا في الدنيا والآخرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس بحاجة إلى نصرتنا لان الله نصره وقال (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ) ولكن الله امرنا بنصرته من اجل مصلحتنا نحن من اجل أن يثيبنا ومن اجل الابتلاء والامتحان هل نطيع أو لا نطيع هل نكون شجعانا لا نبالي ولا تأخذنا في الله لومة لائم أو نتخاذل عن نصرة النبي صلى الله عليه وسلم ونخاف من المشركين ونخاف من عبدة عبدة الأوثان ونخاف من اليهود والنصارى وتأخذنا في الله لومة لائم هذه هي الحكمة في أن الله طلب منا نصرة رسوله صلى الله عليه وسلم والا فالله قادر على نصرته قال تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا لما هاجر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أراد الرسول لما أذن الله له بالهجرة أن يلحق بأصحابه سمع المشركون بذلك فأرادوا منعه أن يلحق بأصحابه يخافون أن تكون له دولة وان يكون عنده أنصار وأعوان فتمالؤا وتشاوروا فيما بينهم فجاءهم الشيطان برأي اتخذوه وهو أنهم يجمعون من كل قبيلة شابا قويا ويكون معه سلاح فإذا خرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته ضربوه ضربة واحدة بجميع ما معهم من السلاح حتى يتفرق دمه في القبائل فلا تقدر قريش على اخذ الثأر من القبائل كلها عزموا على هذا وجلسوا عند بابه أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بمكيدتهم فأمر صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه أن ينام على فراشه حتى يروه يظنون انه الرسول وباتوا ينظرون إليه وهو على الفراش وخرج صلى الله عليه وسلم من بينهم وهم لا يشعرون ألقى الله عليهم الذلة والمهانة فأخرجه من بينهم وذر التراب على رؤوسهم وهم لا يشعرون وخرج هو وصاحبه أبو بكر مختفيان وذهبا إلى غار ثور جنوب مكة واختبآ فيه عن المشركين والمشركون بثوا الجواسيس وبثوا الذين يبحثون عن الرسول وجعلوا الجوائز العظيمة لمن يأتي به حيا أو ميتا فلم يفلحوا حتى جاء المشركون ووقفوا على الغار الذي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه فعند ذلك خاف أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله لو نظر احدهم إلى موضع قدمه لرآنا قال صلى الله عليه وسلم (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) وانزل الله في ذلك قوله تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) وفي الآية الأخرى (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) فمكر لرسوله صلى الله عليه وسلم وهم لا يشعرون وأخرجه من بينهم فهذه نصرة من الله جل وعلا لرسوله لحق بأصحابه واجتمع حوله المهاجرون والأنصار المهاجرون الذين هاجروا من مكة والأنصار الذين هم أهل المدينة اجتمعوا في المدينة حول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكون منهم جيشا عظيما فجاء صلى الله عليه وسلم في السنة الثامنة من الهجرة ومعه عشرة آلاف من جنود الله مدججون بالسلاح أنظروا خرج ثاني اثنين وبعد سنوات قليلة جاء بجند مجند من صحابته المهاجرين والأنصار عشرة ألاف مدججين بالسلاح وفتح الله له مكة وعند ذلك تمكن من المشركين ولو شاء لقتلهم جميعا ولكنه صلى الله عليه وسلم حليم لكنه صلى الله عليه وسلم كريم فاجتمعوا في المسجد الحرام ينتظرون ماذا يفعل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما فعلوا الأفاعيل فوقف صلى الله عليه وسلم واخذ بباب الكعبة وقال يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وبن أخ كريم قال اذهبوا فانتم الطلقاء فعفا عنهم صلى الله عليه وسلم بعدما تمكن منهم وقد آذوه وقد ضايقوه لكنهم لم يضروه والحمد لله عصمه الله منهم وحماه منهم ونصره واعزه الله جل وعلا قال (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) قال سبحانه وتعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) الذين آمنوا به صدقوا برسالته ونبوته عليه الصلاة والسلام وعذروه يعني وقروه واحترموه واتبعوا النور الذي نزل معه ما يكفي الإيمان به والتعذير والتوقير بل لابد من الإتباع لابد من أتباعه صلى الله عليه وسلم والاستهداء بهديه والانضمام في طاعته فان هذه الأمور لابد منها الإيمان والتوقير والاحترام والنصرة له صلى الله عليه وسلم وإتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم فبهذا يتحقق للمؤمنين أنهم أتباع هذا الرسول صلى الله عليه وسلم سواء كانوا من اليهود أو من النصارى أو من المسلمين فاليهود إذا اسلموا وتابوا وعذروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه صاروا من خواصه صلى الله عليه وسلم الذين اسلموا من اليهود والنصارى صاروا من خواص الصحابة ومن أفاضل الصحابة فهذه الآية هامة في كل من اتبعه وآمن به من العرب والعجم ومن المشركين واليهود والنصارى كل من آمن بهذا الرسول واتبعه ووقره واحترمه فانه يكون بهذه المثابة وهذه المنزلة إما من اعرض وصد عن سبيل الله فانه يكون أذل ذليل وأحقر حقير في الدنيا وفي الآخرة يكون خالدا مخلدا في النار ولن تنفعه أمواله أو أولاده أو جاهه في الدنيا سيذهب هذا كله ولا يبقى إلا من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم ونصره الله سبحانه وتعالى نهى المؤمنين عن أذية الرسول حتى برفع الصوت قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) وأمر المؤمنين إذا أرادوا الدخول على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته أن يستأذنوه والا يطيلوا الجلوس عنده لأنه يتأذى بطول الجلوس عنده صلى الله عليه وسلم فيكون هذا فيه أذية للرسول صلى الله عليه وسلم يقول (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) وكذلك الله جل وعلا أدب المؤمنين مع الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم عندهم أعظم مخلوق وأكرم مخلوق واشرف مخلوق فهو اشرف الخلق وأكرم الخلق وهو سيد ولد ادم لابد أن المسلم يعتقد هذا يعتقد انه خاتم النبيين لا نبي بعده يعتقد انه رسول الله إلى العالمين رسالة عامة لابد أن يعتقد هذا الاعتقاد في الرسول صلى الله عليه وسلم وان يحترمه هذا الاحترام ومن احترام الرسول صلى الله عليه وسلم احترام سنته احترام الأحاديث الصحيحة الواردة عنه إذا بلغت المسلم فانه يسمع ويطيع وينقاد لها ولو كان ذلك يشق عليه فانه يصبر على ذلك طاعة لله ولرسوله ولما في ذلك من العاقبة الحسنة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: “من سمع منا حديثا فحفظه وبلغه كما سمعه نضر الله وجهه”، فرب مبلغ أوعى من سامع وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الوحي الثاني بعد القران فيجب أن تحترم وان تصان والا يعبث بها وان تنفذ وان تطاع (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ)، (مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) نحن الآن كما تعلمون حتى من أبناء المسلمين من يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم كيف؟هذه المقالات السيئة التي تنشر في الصحف تطالب بخلع الحجاب تأمر النساء بخلع الحجاب الذي أمر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم أليس هذا أذية للرسول صلى الله عليه وسلم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإكرام اللحى وإعفاء اللحى وأمر بجذ الشوارب فالذي يعاكس ويحلق لحيته ويوفر شاربها ليس عاصيا للرسول صلى الله عليه وسلم؟ ومن عصاه فقد آذاه عليه الصلاة والسلام يأمرون النساء بالاختلاط بالرجال يأمرون النساء بنزع الحياء أليس هذا من أذية الرسول صلى الله عليه وسلم ومخالفة الرسول عليه الصلاة والسلام؟ فإذا أردنا أن ننصر الرسول صلى الله عليه وسلم فلننصره في أنفسنا أولا بأن نعظمه ونعظم سنته ونعظم مقامه صلى الله عليه وسلم ونحترمه غاية الاحترام وألا نتطاول على ما جاء به صلى الله عليه وسلم ونأمر بمخالفته ونقول هذا لا يوافق لهذا العصر لا يوافق للحضارة المعاصرة أليس هذا من عظم الأسى لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كذلك من حق الرسول صلى الله عليه وسلم علينا وحرمته أن نحترم أصحابه الكرام وألا نتكلم فيهم بشئ أو تنقص قال صلى الله عليه وسلم: “لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفة” كذلك لا نؤذيه صلى الله عليه وسلم في أهله ونسائه (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً) فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين نحترمهن بحرمة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتزوجن بعده لأنهن زوجاته في الجنة فلا يجوز أن يتزوجن بعده ولا يطمع فيهن أحد لأنهن أمهات المؤمنين فهذا من احترامه صلى الله عليه وسلم ومن حقوقه على أمته فيجب أن نعرف قدر الرسول صلى الله عليه وسلم وقدر سنته وما جاء به عليه الصلاة والسلام أما أننا ننكر على النصارى أنهم صوروا الرسول بصور مؤذية هذا حق ولكن كيف ننكر عليهم ونحن أيضا نؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم بأفعالنا وتصرفاتنا وكتاباتنا أما نستحي؟ أما نتناقض في هذا الشيء؟ فالواجب أن ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأفعالنا قبل أقوالنا حتى تكون نصرتنا له بالكلام صحيحة موافقة لأعمالنا وإلا كيف ننصره بالقول ونتخاذل عن أتباعه صلى الله عليه وسلم أو نصف سنته بالجمود أو نصفها بالرجعية أو أنها لقوم مضوا ولا تصلح لزمان المستقبل هذا مع الأسف يوجد في صحفنا التي تصدر من بلادنا ويقرأها أعداؤنا ويقرأها اليهود والنصارى فيفرحون بها ويشجعون هؤلاء ولا حول ولا قوة إلا بالله فلنعلم كيف تكون نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم نصرته في أنفسنا نصرته في أقوالنا نصرته في أعمالنا من كل وجه حتى تكون النصرة صحيحة لا نصرة مدعاء بالقول فقط فهذه مسألة عظيمة ومهمة جدا ربما بعض الناس يتحمس في الإنكار على النصارى ولا يعلم أن النصارى هذا ديدنهم مع الأنبياء كلهم لا سيما محمد صلى الله عليه وسلم هذا فعلهم وهذه مهنتهم مع الأنبياء من قبله عليه الصلاة والسلام ولكن المشكلة أننا نحن ندعي أتباعه ثم إذا دققنا وجدنا أننا عندنا مخالفات كثيرة في أتباعه صلى الله عليه وسلم فكيف نكون مناصرين له تكون النصرة إما منتفية وإما ناقصة فالواجب علينا وربما ضارة نافعة ربما هذه المناسبة التي استهزأ بها النصارى بنبينا صلى الله عليه وسلم ربما تكون نافعة أننا نلتفت إلى مقامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعود على أنفسنا ونصحح ما عندنا من نقص في توقير الرسول صلى الله عليه وسلم نلتفت إلى أنفسنا أعمالنا ونربي أولادنا أيضا على محبته صلى الله عليه وسلم ونصرته ونبين لهم مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم فتكون هذه النازلة دافعة للمسلمين أن يتبصروا في موقفهم مع نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم ويعتبروا بها كان الصحابة يدافعون عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأفعالهم مثل حسان بن ثابت كعب بن مالك عبد الله بن رواحة شعراء الصحابة كانوا يدافعون عن الرسول ويردون على شعراء المشركين والرسول صلى الله عليه وسلم يأمرهم بذلك ويقول لحسان أجبهم ومعك روح القدس وكان حسان يقول فإنا عرضي وعرض أبي وأمي لعرض محمد منكم وقاء فكان يفديه رضي الله عنه يفديه بعرضه يفدي عرض الرسول صلى الله عليه وسلم بعرضه هو وعرض أبيه وأمه هذا منتهى النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالحاصل أن نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة على الجميع ولكن علينا أن نتبصر في أفعالنا فتصرفاتنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نصحح أوضاعنا وتكون هذه النازلة موقظة لنا هذه ناحية الناحية الثانية ألا نغتر بدعايات اليهود والنصارى من التقارب بيننا وبينهم تقارب الحضارات وما أشبه ذلك لأجل أن يدمجا الإسلام مع أديانهم مع الأديان الباطلة يدمج الإسلام الصحيح دين الله عز وجل مع الأديان الباطلة ويقال كلها أديان ونتقارب فيما بيننا ونجتمع فيما بيننا هم لا يؤمنون بديننا ولا يؤمنون برسولنا صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بأنبيائهم ونؤمن بما جاؤوا به من عند الله عز وجل نؤمن بأنبيائهم هم لا يؤمنون بنبينا ولا بديننا ويريدون منا أن نتبعهم (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) فكيف نغتر بهم وبدعاياتهم ونقول نتقارب أول شيء أنه لا يمكن التقارب بين الدين الحق والدين الباطل والدين المحكم والدين المنسوخ فما في دين إلا دين الإسلام ما في دين إلا دين محمد صلى الله عليه وسلم ليس هناك أديان بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلا دين الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف نقول نقارب بين الأديان ونتعاون وما أشبه ذلك من هذه الدعايات الباطلة علينا أن ننتبه لهذا وألا ننخدع بأنهم يجاملوننا وأنهم يتملقون لنا لا ننخدع بهذا (وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) هذا ديدنهم فنحن لا ننخدع بدعايتهم الباطلة والتقارب بين الأديان حتى نعترف أن ما هم عليه أنه صحيح هم يريدون هذا وهم لا يعترفون أن ما نحن عليه دين صحيح هذا من العجائب فعلينا أن نعرف هذا حتى لا ننخدع بهذه الدعايات المضللة هذا والله سبحانه وتعالى أعلم وأسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر دينه وأن يعلي كلمته وأن يخذل أعداءه وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا أتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه اللهم اهدي ولاة أمورنا ووفقهم لصالح القول والعمل وفقه لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين وأعذهم من الأعداء والحاسدين اللهم انصر بهم دينك وأعلي بهم كلمتك واخذل بهم أعداءك واحمي بهم عبادك وبلادك يارب العالمين وأصلح فساد المسلمين وصلى اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

بارك الله فيك