الاستغاثة والالتجاء إلى الله

[CENTER]


كلما اقترب الشهر على الانتهاء، وهذه مصيبة لمن ضيع نفسه، احتجنا إلى الاستغاثة والالتجاء إلى الله ليغفر لنا، ويعتق رقابنا من النار، وألا نكون ممن ترغم أنوفهم، ويجد ألم الحسرة يوم القيامة يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولا هم يستعتبون.

[/center]

قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ [الروم: 55 - 57].




يخبر تعالى عن يوم القيامة وسرعة مجيئه وأنه إذا قامت الساعة ﴿ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ بالله أنهم ﴿ مَا لَبِثُوا ﴾ في الدنيا إلا ﴿ سَاعَة ﴾ وذلك اعتذار منهم لعله ينفعهم العذر واستقصار لمدة الدنيا.




ولما كان قولهم كذبًا لا حقيقة له قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ﴾ أي: ما زالوا -وهم في الدنيا- يؤفكون عن الحقائق ويأتفكون الكذب، ففي الدنيا كذَّبوا الحق الذي جاءتهم به المرسلون، وفي الآخرة أنكروا الأمر المحسوس وهو اللبث الطويل في الدنيا، فهذا خلقهم القبيح والعبد يبعث على ما مات عليه.




﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ ﴾ أي: مَنَّ الله عليهم بهما وصارا وصفًا لهم العلم بالحق والإيمان المستلزم إيثار الحق، وإذا كانوا عالمين بالحق مؤثرين له لزم أن يكون قولهم مطابقا للواقع مناسبا لأحوالهم.




فلهذا قالوا الحق: ﴿ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ ﴾ أي: في قضائه وقدره، الذي كتبه الله عليكم وفي حكمه ﴿ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ﴾ أي: عمرتم عُمْرًا يتذكر فيه المتذكر ويتدبر فيه المتدبر ويعتبر فيه المعتبر حتى صار البعث ووصلتم إلى هذه الحال.




﴿ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ فلذلك أنكرتموه في الدنيا وأنكرتم إقامتكم في الدنيا وقتا تتمكنون فيه من الإنابة والتوبة، فلم يزل الجهل شعاركم وآثاره من التكذيب والخسار دثاركم.




﴿ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ ﴾ فإن كذبوا وزعموا أنهم ما قامت عليهم الحجة أو ما تمكنوا من الإيمان ظهر كذبهم بشهادة أهل العلم والإيمان، وشهادة جلودهم وأيديهم وأرجلهم، وإن طلبوا الإعذار وأنهم يردون ولا يعودون لما نُهوا عنه لم يُمَكَّنُوا فإنه فات وقت الإعذار فلا تقبل معذرتهم، ﴿ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ أي: يزال عتبهم والعتاب عنهم.




فهذه الحسرة تكون بعد زال الدنيا والشعور بأنها كانت قصيرة جدًا، وفما بالنا بشهر واحد في العام؟! لا نكاد نشعر بالحسرة إلا بعد انتهاء الشهر وكأنه ما كان إلا ساعة!! فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.




اللهم اجعلنا من العتقاء من النار، ومن المرحومين، اللهم يا جبار اجبر كسرنا وردنا إليك ردًا جميلاً




وصل الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم


[SIZE=5]

[/size]