الإعدادُ أمرٌ إلهيٌّ

[SIZE=5][COLOR=Blue][FONT=Microsoft Sans Serif]﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ [سورة الأنفال الآية: 60 ]

المؤمنون بمجموعهم مأمورون بإعداد العُدَّة، ليواجهوا بها قُوى البغيِ والكفرِ .
فكلمة: ﴿ مَا اسْتَطَعْتُمْ

تعني استنفادَ الجهدِ، لا بذلَ بعضِ الجهد، والقوةُ التي ينبغي أن يُعدَّها المؤمنون جاءت في الآيةِ مُنكَّرة تنكيرَ شمولٍ، ليكون الإعداد شاملاً لكل القُوى التي يحتاجها المؤمنون في مواجهة أعدائهم ؛ من قوةٍ في العَدد، وقوةٍ في العُدد، وقوةٍ في التدريب، وقوةٍ في التخطيط، وقوةٍ في الإمداد، وقوةٍ في التموين، وقوة في الاتصالات، وقوة في المعلومات، وقوةٍ في تحديدِ الأهداف، وقوةٍ في دقةِ الرمي، وقوةٍ في الإعلام، بل إن كلمة : ﴿ مِن

التي سبقت القوةَ جاءت لاستغراقِ أنواعِ القوةِ واحدةٍ إثر واحدة، فلقد أفادت استقصاء أنواع القُوى، لا اصطفاءَ بعضِها، وكلمة : ﴿وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ

جاءت عطفاً للخاص المألوف وقتَ نزولِ القرآن على العامِ الذي يستغرق كلَّ الأزمان والبيئات، والتطوراتِ والتحديات، وهذا الإعدادُ يحققُ أهمَّ أهدافِه، ولو لم تقعِ المواجهةُ مع العدو، إنها رهبةُ القَويِّ التي تُقذَف في قلوب أعدائِه، لقوله تعالى: ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ

قال تعالى:
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ[سورة آل عمران الآية: 151 ]

وقال عليه الصلاة والسلام: ((نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرةَ شَهْرٍ)) [ أخرجه البخاري عن جابر ]

وحينما لا تَّتبع أمتُه سُنتَه من بعده ربما تُهزم بالرعبِ مسيرةَ عام. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن القوةَ كلَّ القوةِ في إحكامِ الرمي وإصابةِ الهدف، وهو مقياس خالد للقوة، وهو عنصر أساسي في كسبِ المعارك مهما اختلفت أنواعُ الأسلحة وتطورت مستوياتُها الفنّيةْ، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:
(( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ)) [رواه مسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ]

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ وَمُنْبِلَهُ وَارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا لَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ إِلَّا ثَلَاثٌ تَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ وَمُلَاعَبَتُهُ أَهْلَهُ وَرَمْيُهُ بِقَوْسِهِ وَنَبْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ تَرَكَهَا أَوْ قَالَ كَفَرَهَا ))
[ رواه الإمام أحمد في مسنده وأبو داود والنسائي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ]

والآن دققوا ـ أيها الأخوة ـ في هذا الاستنباط من قوله تعالى:
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
إن الله جل في عُلاه لم يكلِّفْنا أن نُعِّدَ القوةَ المكافئةَ لأعدائنا، ولكن كلَّفنا أن نُعِدَّ القوةَ المتاحةَ، وهذا من رحمة الله بنا، وعلى الله أن ينجز وعده بالنصر.

الإسلام دين الحق والعدالة والمساواةِ بين البشر، الإسلام مصدُر قوةٍ لنا جميعاً، إن هذا يفرِض علينا أن نناضلَ بكل قِوانا وبصدقٍ و إخلاصٍ لحماية الدين الحنيفِ من هذه المؤامراتِ الاستعماريةِ، لنحفظ له مهابتَه وجلالَه، وليبقى مصدرَ عزةٍ و قوةٍ للمسلمين، وليبقى حافزاً لتقدُّمِهم في كل مجال.
والحمد لله رب العالمين[/font][/color][/size]