الليزر والصناعة

توجد حالياً أنواع وأحجام مختلفة من الليزرات ، منها الكبيرة لدرجة أنها تملأ ملعب كرة قدم ، وأخرى صغيرة قد تصل إلى حجم رأس الدبوس ، وكما أسلفنا فإن ضوءها يغطي مناطق كثيرة من المنطقة المرئية إلى فوق البنفسجية وتحت الحمراء ، والمرئية منها بألوان متعددة تشمل كل ألوان قوس قزج تقريباً .

إن بعض هذه الليزرات يقدر نبضها بواحد من البليون من الثانية ، وأخرى تبقى مستمرة لسنوات تماثل أشعة الموت التي تخيلها الروائي ويلز عام 1898م ، وبعض الليزرات يمكن أن تركز الضوء في نقطة صغيرة كافية لتبخير الحديد أو أية مادة أرضية أخرى . وتعتبر الطاقة المركزة فيها أسرع وأشد مليون مرة من الإنفجار النووي . والأخرى لا تبعث من الطاقة ما يكفي لسلق بيضة .

إن الخدمات التي أضافتها أشعة الليزر عبر الأيام والأشهر قد أوضحت بأن أكتشاف هذا الشعاع ليس بالأمر البسيط ، لأنه في الواقع يبشر بمستقبل باهر ، ممتع وغريب ، ونذكر منها ما يلي :-

  • دراسة تأثير الفيروسات ( الجراثيم ) والإنزيمات وجزئيات الحموض النووية الريزوبية اللااكسيجنية DNA ، والمبادئ الأساسية للمعلومات عن الجينات التي تحمل السمات والوراثية .

  • الطاقة غير المحدودة للمساعدة في عملية اندماج نظائر الهيدروجين في تقليد للوقود النووي في الشمس .

  • علاج الأورام السرطانية والقضاء عليها ، وإعادة فتح الشرايين والأوردة المغلقة في الجسم .

  • القدرة على تعقب جزئية واحدة من بين آلاف البلايين من الجزئيات والتقاط حركتها السريعة أو تدجينها لعمل المحفزات والعقاقير .

  • بناء الحسابات الآلية الصغيرة الحجم ، ذات كفاءة التخزين الكبيرة والسريعة من الدوائر الضوئية أو تدجينها لعمل المحفزات والعقاقير .

  • القدرة على رفع الكفاءات الحربية في الفضاء الكوني ، عرقلة وتوفيت أي هجوم نووي على الأرض .

لا تستهين بالليزر . فإنه يسخر ويطيع الضوء ، الشكل الأساسي للطاقة . فقط طيعنا وسخرنا الطاقة في أشكالها الأخرى وحصلنا على الثورة الصناعية في العالم . إن معرفة خفايا وكوامن الضوء والسيطرة عليها تعطي تقنية عميقة وقادرة ، وتفتح علوماً طالما خفيت على الإنسان ، ومن التطبيقات الصناعية ندرج الأمثلة التالية :-

1- الصناعات الكهربائية :-

البقعة الفائقة الشدة في حرارتها والمتكونة من تركيز طاقة الليزر تستعمل في صناعة الدوائر والأجهزة الإلكترونية الدقيقة . وكمثال على ذلك من الممكن لحام ( إذابة وصهر ) نهايتي سلكين منفصلين صغيرين بعد وضعهما داخل أنبوب زجاجي مغلق وبدون الحادة إلى إخراجهما من الأنبوب الزجاج وبدون التأثير عليه ، بينما يمتص من قبل نهايتي السلكين ويصهرهما مع بعضهما . ربما نذكر القارئ الكريم بملايين المصابيح واللمبات الكهربائية والإلكترونية والتي يمكن إعادة تصنيعها بهذه الطريقة.

2- عصر الفضاء :

إن تطور الليزر كان ولا يزال سريعاً ، لهذا الدخل في تطبيقات متنوعة وفي فترة زمنية وجيزة ، حيث إن الاستفادة من اتجاهيته وقدرته وضعه في موضع اهتمام في الاتصالات الفضائية لدراسة الكواكب والنجوم في هذا الكون الفسيح ، ولنا وقفة عاجلة هنا ، حيث ذكر اينشتاين في سنة 1905م في دراسته عن النسبية والكون الأحدب ،كيف أنه إذا أريد لنا أكتشاف المجرات الكونية والنجوم يلزمنا مركبة تنتقل بسرعة الضوء ووفقاً لنفس نظرياته المؤكدة عملياً اليوم بأن أي جسم يملك كتلة ويتحرك بسرعة الضوء تزداد كتلته إلى ما لا نهاية . . . هذا التناقض الواقعي وضع علماء الفضاء أمام عقدتين مستحيلتين في الوصول إلى الفضاء دراسته (أولهما) لا تيسر حالياً أية إمكانية في الوصول إلى سرعة تقدر بسرعة الضوء حتى لو استخدمت كل ما يوجد في الأرض من طاقة نووية اللهم إلا إذا أراد الله لنا أن نكتشف في الكواكب القريبة من مجموعتنا الشمسية مواد جديدة غير معروفة لنا . وكل ما اخترعه الإنسان حتى اليوم من صواريخ وعابرات قارات …. الخ ، لا تزيد سرعتها عن ثلث سرعة الضوء ، لذا اعتبرت سرعة الضوء مطلقة .

( ثانيهما ) . . . وحتى لو فرض بالحصول على جسم يتحرك بسرعة الضوء فإن كتلته حسب قوانين اينشتاين المثبتة عملياً تزداد إلى ما لا نهاية ( أثبتت عملياً باستخدام المعجلات في مسارعة الجسيمات الذرية مثل الإلكترونات والبروتونات ، ووجد أن كتلتها تزداد بزيادة سرعتها ، خصوصاً عند الأقتراب من سرعة الضوء ) هذه الحقيقة تعني أن الانفجار بالنسبة للمركبات الفضائية والأجسام المتألفة من سبائك مختلفة ، لذا يبدو من المستحيل الوصول إلى المجرات والكواكب الأخرى والذي من المعروف أن مسافاتها تقاس بالسنين الضوئية أي المسافة التي يتحركها الضوء في سنة كاملة .

3- التفاعلات النووية

تمثل التفاعلات النووية ، ( عدا استخداماتها الحربية في انتاج القنابل النووية ) احدى مصادر الطاقة المهمة في التزود بالطاقة الحرارية والطاقة الكهربائية ، وكما هو معروف يستخدم في هذه المفاعلات عناصر أصبحت نادرة وباهظة الثمن مثل اليورانيوم وفي طريقها ( مثلها مثل أي عنصر آخر ) إلى النضوب ، إلا أن مركبات اليورانيوم مثل فلوريد اليورانيوم موجودة ويتطلب لاستخدامها فصل اليورانيوم عن الفلوريد ، والطرق المعروفة حالياً باهظة الثمن والتكاليف .

والليزر بقدرته الهائلة والسيطرة على اختيار تردده أو طوله الموجي يعطي فتحاً جديداً في مجال العلوم النووية لفصل النظائر المشعة ، والأبحاث في أكثر من مختبر في العالم سارية بكل جدية في فصل الفلوريد عن اليورانيوم ، وكذلك في التفاعلات الاندماجية النووية الذرية Fusion ، وفي مجالات أخرى لفا تقل أهمية ، ولشدة قدرة الليزر يستخدم اليوم في البدء بالتفاعلات النووية المتسلسلة ، وبذلك تقصف النوويات من عدة اتجاهات بعدد من أجهزة الليزر الفائقة القدرة ، ويتم اندماج ذرتان خفيفتان مع بعضهما لتكوين ذرة واحدة ثقيلة . ولكن كتلتها لا تساوي المجموع الجبري لكتلتي الذرتين المندمجتين - حيث يبقى باقي في الكتلة يتحول إلى طاقة ذرية أن تؤدي إلى انفجار كبير . . أو تحويلها إلى الأنواع الأخرى من الطاقة للاستعمالات السلمية مثل الطاقة الكهربائية أو الطاقة الحرارية .

4 - المدى والتلوث

استخدمت إلى حد قريب أجهزة الرادار Radar ، كوسيلة للكشف عن الأجسام القريبة وتعيين مواقعها ، وهذا الجهاز من الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم وضع في تطبيقات سواء كانت عسكرية أو صناعية عديدة . واليوم ينظر إلى أشعة الليزر كبديل واسع وقوع ، والجهاز المستخدم يعرف باسم الايدر Lidar حيث يمكن بأجهزة الكايدولايت تصوير المعمورة من الجو وإعطاء أدق التفاصيل على خطوط بيانية .

أمكن قياس المسافة بين الأرض والقمر بدقة عالية باستخدام العاكس التراجعي الذيو وضع على سطح القمر ، ووجد أن خطأ القياس كان قليلاً جداً بالمقارنة بالطرق التقليدية المتبعة سابقاً ، علماً بأن ضوء الليزر يأخذ زمناً قدره ثانيتين ونصف في ذهابه وإيابه من الأرض إلى القمر - وقد استخدم الليزر النبضي - ويعرف بصدى النبضات الليزرية .

كما استخدم الصدى النبضي لليزر في دراسة وقياس التلوث الجوي في المدن الصناعية التي تكثر بها المداخن المختلفة من بقايا المحروقات النفطية أو الفحم الحجري . وكذلك يمكن مساعدة الطيارين في الكشف عن الأحوال الجوية إذا كانت ملائمة وآمنة للإقلاع والهبوط في المطارات .

من الليزرات الشائعة الاستعمال لهذا الغرض هو ليزر خليط الهليوم والنيون وذلك لبساطة تصنيعه وصغر حجمة خصوصاً للقدرات الصغيرة مثل 0.5 ملي واط .

5- التطابق الهندسي :-

في البحث عن المراكز الهندسية وفي التأكد بدقة من توازي وتعامد المستويات يعطي الليزر ، إما بالنظر المباشر أو بالقراءة الرقمية ، الدقة في التطابقات الهندسية حيث يحل وبكفاءة محل جهاز الفيديولايت الهندسي المعروفي والمستخدم في حفر أنفاق السيارات والقاطرات تحت أو فوق سطح الأرض

6- نسخ المعلومات

يستطيع الليزر التعرف على الرموز المختلفة سواء كانت كتابات معينة أو رموز تجارية أو مصطلحات مخفية ، حيث إن شعاعه الدقيق يمكن أن يتحرك حول الرموز ، ويمكن كشف الحزم المنعكسة منها أو النافذة بأجهزة خاصة تعطي صورة دقيقة عن ماهية هذه المعلومات ، وإذا ربطت هذه الأجهزة بالكمبيوتر استطاع آلياً برمجة عمله لاعطاء الكشف الواضح أو نسخ ونقل المعلومات .

ومن الأعمال الأخرى في التسجيل بشعاع الليزر هي : نقل المعلومات من أجهزة المراصد الفلكية ، ونقل وصف خطوط المطابع الورقية ، والتسجيل التلفزيوني وقراءة الميكروفلم والكتابة منه على مواد مختلفة إما مباشرة أو باستخدام محولات كهروستاتيكية والعمل جاري لإيجاد مواد جديدة حساسة لضوء ليزر الهليوم - نيون . يعطي ضوء الليزر فوائد مهمة في عمليات التسجيل والنسخ منها .

  1. السرعة العالية جداً والتي لا وجود لجهاز ميكانيكي أو الكتروني حالي يضاهيها .
  2. التحليل النقي والذي لا يتحوي على ذبذبات تداخلية أو ضوضاء صوتية .
  3. السيطرة الكفوءة على استعماله عند ربطه بأجهزة الكمبيوتر وأجهزة التنظيم الصوتية والضوئية .

7- القياسات :

تستخدم صفة أو أكثر من صفات الليزر الرئيسية في القياس بهذه الأشعة مثل آحادية الطول الموجي ، والترابط الموجي ، والشدة العالية التركيز ، والتفريق القليل لحزمته .

والليزر حساس في القياس والتعرف على العيوب السطحية في المواد مثل الخدوش والكسور، والحُفر وقياس سماكة وأقطار الأجزاء المختلفة ، وخصوصاً في قطع الغيار التي كثيراً ما يحصل الخطأ في التشخيص العادي لها .

8- علم الطيف

ويستخدم في علم الطيف في دراسة المواد المختلفة كماً ونوعاً ، وكان سابقاً يتم دراسة المواد باستخدام الموجات الكهرومغيطية في الترددات الراديووية إلى منطقة الميكروويف ، أي باستخدام ترددات تتراوح بين 30 كيلة هيرتز و وما زاد عن ذلك تستخدم مصادر متعددة غير دقيقة .

إعجابَين (2)