ما هو المنهج الصحيح في المناصحة ، وخاصة مناصحة الحكام

جواب الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
السؤال :
ما هو المنهج الصحيح في المناصحة ، وخاصة مناصحة الحكام ، أهو بالتشهير على المنابر بأفعالهم المنكرة ؟ أم مناصحتهم في السر ؟ أرجو توضيح المنهج الصحيح في هذه المسألة ؟
الجواب :

العصمة ليست لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالحكام المسلمون بشر يخطئون ، ولا شك أن عندهم أخطاء وليسوا معصومين ، ولكن لا نتخذ من أخطائهم مجالا للتشهير بهم ونزع اليد من طاعتهم ، حتى وإن جاروا ، وإن ظلموا ، حتى وإن عصوا ، ما لم يأتوا كفرا بواحا ، كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان عندهم معاص ، وعندهم جور وظلم ، فإن الصبر على طاعتهم جمع للكلمة ، ووحدة للمسلمين ، وحماية لبلاد المسلمين ، وفي مخالفتهم ومنابذتهم مفاسد عظيمة ، أعظم من المنكر الذي هم عليه ، يحصل ـ في مخالفتهم ـ ما هو أشد من المنكر الذي يصدر منهم ، مادام هذا المنكر دون الكفر ، ودون الشرك .

ولا نقول : إنه يسكت على ما يصدر من الحكام من أخطاء ، لا ، بل تعالج ، ولكن تعالج بالطريقة السليمة ، بالمناصحة لهم سرا ، والكتابة لهم سرا .

وليست بالكتابة التي تكتب ، ويوقع عليها جمع كثير ، وتوزع على الناس ، هذا لا يجوز ، بل تكتب كتابة سرية فيها نصيحة ، تسلم لولي الأمر ، أو يكلم شفويا ، أما الكتابة التي تكتب وتصور وتوزع على الناس ، فهذا عمل لا يجوز ، لأنه تشهير ، وهو مثل الكلام على المنابر ، بل هو أشد ، بل الكلام يمكن أن ينسى ، ولكن الكتابة تبقى وتتداولها الأيدي ، فليس هذا من الحق .

قال صلى الله عليه وسلم :" الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة . قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين ، وعامتهم "

وفي الحديث :" إن الله يرضى لكم ثلاثا : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم " .

وأولى من يقوم بالنصيحة لولاة الأمور هم العلماء ، وأصحاب الرأي والمشورة ، وأهل الحل والعقد ، قال الله تعالى : (( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )) .[ النساء 83 ]

فليس كل أحد من الناس يصلح لهذا الأمر ، وليس الترويج للأخطاء والتشهير بها من النصيحة في شيء ، بل هو من إشاعة المنكر والفاحشة في الذين آمنوا ، ولا هومن منهج السلف الصالح ، وإن كان قصد صاحبها حسنا وطيبا ، وهو : إنكار المنكر ـ بزعمه ـ لكن ما فعله أشد منكرا مما أنكره ، وقد يكون إنكار المنكر منكرا إذا كان على غير الطريقة التي شرعها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لم يتبع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعية التي رسمها ، حيث قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ :" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .

فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الناس على ثلاثة أقسام :

منهم : من يستطيع أن يزيل المنكر بيده وهو صاحب السلطة ، أي ولي الأمر ، أو من وكل إليه الأمر ، من : الهيئات ، والأمراء ، والقادة .

القسم الثاني : العالم الذي لا سلطة له ، فينكر بالبيان والنصيحة ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، وإبلاغ ذوي السلطة بالطريقة الحكيمة .

والقسم الثالث : من لا علم عنده ولا سلطة ، فإنه ينكر بقلبه ، فيبغضه ،ويبغض أهله ويعتزلهم .
المصدر

الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة [ ص 45 ] .

إعجابَين (2)

السلام عليكم
جزاكم الله خيراً فعلاً كلام سليم
والحمد لله على وجود عظاء طيبين لنشر الخير في هذا المنتدى الجميل

إعجابَين (2)