ماذا قدم المسلمون للعالم ؟

[SIZE=“5”][COLOR=“Navy”]من يستطيع أن يجمع البحر في قدح؟!!

ماذا قدم المسلمون للعالم ؟يمثل العطاء الحضاري الذي قدمه المسلمون على مدار تاريخهم المجيد قمة الرقي والتقدم الحضاري الذي قد تصنعه حضارة من الحضارات، ونحن عندما نتحدث عن الحضارة الإسلامية فنحن لا نتحدث عن حضارة عادية لها مثيلات أو أشباه، إنما نتحدَّث عن “الحضارة النموذج”.

وإذا كان المسلمون الأوائل قدموا للعالم أرقى حضارة وأعظم نموذج لها؛ وذلك بتفوقهم ونبوغهم العلمي والأخلاقي والديني، فإن من واجبنا -وقد ورثنا عن أسلافنا تلك الإسهامات- أن نبيِّنها للعالم مسلمين وغير مسلمين. وفي هذا الإطار كانت هذه المحاضرة الحصرية التي يقدمها موقع قصة الإسلام للدكتور راغب السرجاني عن العطاء الإسلامي في الحضارة الإنسانية، وذلك ضمن فعاليات أعمال المؤتمر السنوي السادس والعشرين لمسلمي فرنسا الذي يُنظِّمه اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا في مدينة لوبورجيه شمال باريس إبريل 2009م، والذي كان تحت عنوان: “الدين في المجتمعات المعاصرة بين تقارب القيم وتباينها”، والذي يعدّ أضخم فعالية من نوعها لمسلمي أوربا، حيث شارك فيه نحو مائة وخمسين ألف مسلم من أنحاء أوربا.

إسهامات المسلمين في الحضارة الإنسانية

تنوعت إسهامات المسلمين في الحضارة الإنسانية بين دروب المجالات والعلوم بشتى أنواعها، فهناك إسهامات في مجال العقيدة والفكر ومجال الأخلاق والقيم، ومجالات القانون والحقوق والقضاء والجمال والأدب والعلوم بأنواعها التجريبية والتشريعية، وهناك الآلاف من الصفحات الحضارية التي من الممكن أن تذكر تحت الفروع المختلفة لهذه المجالات، والتي لو فُرِّغ لها المجال لاحتوت الآلاف من المحاضرات والدروس؛ ونظرًا لضيق الوقت، فقد اكتفى الدكتور راغب السرجاني بإبراز معالم من إسهامات المسلمين في الحضارة العلمية.

إسهامات المسلمين في الحضارة العلمية

لعل أول ما يلفت الأنظار في المنهج الإسلامي أنه بدأ المنهج الحضاري الإسلامي بكلمة (اقرأ)، وبعدها أول خمس آيات في منهج الإسلام تتحدث عن العلم، وفي إحصائية حول عدد مرات كلمة “العلم” بمشتقاتها في القرآن كانت 779 مرة، أي بمعدل 7 مرات تقريبًا في السورة الواحدة، وهي بذلك ثاني أكثر كلمة ورودًا في القرآن بعد اسم الجلالة (الله) ، وهذا دليل على أهمية العلم في الحضارة الإسلامية.

ومن ثَم فقه علماء الأمة هذا المعنى جيدًا، فأسهموا إسهامات علمية فريدة في التاريخ الإنساني لا يمكن أن تُحصى في مجلدات، فضلاً عن محاضرة واحدة.

المكتبات العامة في الإسلام

أسهم الإسلام في البشرية إسهامًا عظيمًا جدًّا إذ جعل قضية العلم قضية شعبية؛ فقبْل الإسلام كان العلماء ينعزلون عن عموم الناس، فكان أرسطو وأفلاطون وسقراط -وغيرهم من علماء الحضارات السابقة على الإسلام- يعيشون في أماكن منعزلة عن حياة الناس، كان الناس ينعزلون ويبتعدون عن العلم، فلما جاء الإسلام شجع على العلم، وجعل الله طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة.

وجرَّاء هذا المعنى الراقي الذي جاء به الإسلام وقدمه للإنسانية، قام المسلمون بعمل ما يسمى بالمكتبات العامة، التي تُفتح لعموم الناس، وهذا لم يكن موجودًا قبل الإسلام.

مكتبة بغداد

كانت أول المكتبات العامة في الحضارة الإسلامية هي “مكتبة بغداد”، والتي كانت أكبر مكتبة علمية في العالم لمدة خمسة قرون متصلة، ولم تكن خاصة بالعلوم الشرعية فقط بل شملت العلوم الحياتية من الطب والهندسة والفلك والفيزياء وغيرها، إضافة إلى ما كانت تحتويه من مراكز للترجمة من اليونانية والفارسية والهندية وغيرها إلى اللغة العربية، أو من العربية إلى غيرها من اللغات السائدة.

هذا إضافة ما كانت تحتويه من قاعات ضخمة للمحاضرات والمناظرات، والآلاف من العمال والموظفين، وذلك كله خلال القرن الثاني الهجري/ التاسع الميلادي.

لم تكن مكتبة بغداد هي المكتبة الوحيدة في الحضارة الإسلامية وإنما كان هناك الكثير من المكتبات العلمية الراقية، ليس في بغداد فقط وإنما في العديد من الأقطار الإسلامية المختلفة، فكان هناك مكتبة دار العلم بالقاهرة ومكتبة قرطبة بالأندلس ومكتبة طرابلس بلبنان. والجدير بالذكر أن تلك المكتبات لم ينازعها منازع في حضارة أخرى.

وإذا كان هذا هو شأن المكتبات العامة، فإن الحضارة الإسلامية شهدت أنواعًا أخرى من المكتبات، وهي المكتبات الخاصة، والتي يملكها أشخاص بعينهم، ومن أشهرها: مكتبة أبي الفضل بن العميد بالري (300 - 360هـ)، ومكتبة الصاحب بن عباد الذي كان صديقًا لابن العميد (326 - 385هـ).

الطب في الحضارة الإسلامية

إذا تحدثنا عن بعض العناوين في الطب في الحضارة الإسلامية، فجدير بالذكر أن أول مستشفى في التاريخ كانت من نصيب إسهامات علماء المسلمين زمن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك -رحمه الله- سنة 90هـ في القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي بدمشق، على أن أول مستشفى أوروبي كان في باريس بفرنسا في القرن الثامن عشر الميلادي.

وخلال المحاضرة تم سرد العديد من الإسهامات المهمة والفريدة في الحضارة الإنسانية، والتي كانت من نصيب المسلمين.

ولم يكن السبق الإسلامي الفريد في الحضارة الإنسانية في مجال الطب فقط، وإنما سجل علماء المسلمين إبداعهم في شتى العلوم والمجالات؛ في الفلك والكيمياء والجغرافيا والرياضيات والعمارة وغيرها من جوانب عظمة الإبداع الإسلامي والتفوق الحضاري في بعض المدن الإسلامية كمدينة قرطبة وفاس، وكل تلك المجالات عرض لها الدكتور راغب السرجاني، وتناولها بشكل رائع وباهر.

خلاصة القول

إن الحضارة الإسلامية هي الحضارة النموذج بين حضارات الدنيا، فهي حضارة تجمع بين العلوم الشرعية والعلوم الحياتية، تجمع بين بناء المصانع والمادة وبين بناء الإنسان، ولا يسع كل مسلم على وجه الأرض بعد هذه المحاضرة إلا أن يزداد يقينًا أن حضارته هي حضارة خير أمة أخرجت للناس.

http://www.youtube.com/watch?v=rpvMEHji7Uk&feature=player_embedded
[/color][/size]