الاخوه
الكرام الصلاة بالنسبة لبقية العبادات كالقلب من الجسد، فإذا أصلح العبد
صلاته وأتمها أصلح الله بقية أعماله. فينبغي على المسلم أن يتعرف على تلك
الأخطاء التي تقع من بعض المصلين؛ حتى يتجنبها، ولتكون صلاته تامة لا
يعتريها أي مبطل لها.لذا وبعون الله سنقدم لكم هذا الموضوع للتعرف على هذه
الاخطاء والموضوع متجدد بأذن الله.
1/ أخطاء بعض المصلين أثناء الوضوء.
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا
ويرضى، وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه
ومداد كلماته.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل
وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار، وصل وسلم وبارك على
سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار .
أما بعد.
سوف نذكر هنا بعض أخطاء المصلين، وليس معنى ذلك حصر جميع الأخطاء، وإنما
هو التمثيل والتنبيه على بعضها. وأخطاء المصلين تبدأ من الطهارة، فهناك
أخطاء في الطهارة يقع فيها الناس، فبعضهم لا يحسن الوضوء، وفي الصحيح أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ويل للأعقاب من النار)،
فبعض الناس إذا توضأ فإنه أول ما يبدأ يتلفظ بالنية، ويقول: نويت أن
أتوضأ، ثم بعد ذلك يستغرق وضوءه من الزمان شيئاً كبيراً، فيدلك يديه دلكاً
ويفركها فركاً، ويدعو عند غسل كل عضو بدعاء اخترعه من عنده، فإذا غسل وجهه
قال: اللهم بيض وجهي يوم تبيض الوجوه، وإذا غسل يده قال: اللهم أعطني
كتابي بيميني، وإذا مسح رأسه قال: اللهم حرم شعري على النار، وإذا غسل
رجله قال: اللهم سدد قدمي على الصراط، وبعض الناس قد سئل لم لا تصلي؟ قال:
لأني لست حافظاً لأدعية الوضوء.
إن الوضوء ليس له أدعية، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بدأ بالوضوء
سم الله عز وجل قائلاً: باسم الله، ولا يقول: نويت أن أتوضأ، وإذا اختتم
رفع طرفه إلى السماء وقال: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين)،
فهذه هي سنته عليه الصلاة والسلام، لكن قد فرعوا على ذلك تفريعات، فبعضهم
إذا توضأ يصب الماء على جبهته حتى يتساقط إلى أسفل وجهه، وبعضهم إذا توضأ
لطم وجهه، والبعض ربما استهلك من الماء دلوين أو ثلاثة، وبعضهم إذا توضأ
زاد على الثلاث، إلى غير ذلك من الأخطاء العظيمة التي يقع فيها الناس.
وداء العصر هو الوسواس، فأكثر الناس يشكوا منه، والسبب قلة العلم، فلو تعلم الإنسان وتفقه فإنه لن يعاني من الوسواس.
من
الأخطاء التى نتعلق بالوضوء، ترك إسباغ الوضوء، ومعنى الإسباغ إعطاء كل
موضع من مواضع الوضوء حقه، وعلى المصلي أن ينتبه عند الوضوء إذا كان في
يده ساعة، أو خاتم أو غير ذلك، فلا بد أن يصل الماء إلى العضو، روى
البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: “وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ”].
والعقب هو مؤخر القدم، روى مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه،
قال: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلاً تَوَضَّأَ
فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ، فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صلى
الله عليه وسلم فَقَالَ: “ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ” فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى.
ومنها:
عدم إكمال غسل اليدين إلى المرفقين، والواجب عليه غسل يديه كلها من أطراف
الأصابع إلى المرافق؛ لأن الكفين داخلان في مسمى اليد، ولا يكتفي بالغسل
الأول لهما.
قال الشيخ ابن عثيمين وهو يتحدث عن صفة الوضوء:
وغسل
اليدين إلى المرافق من أطراف الأصابع إلى المرافق مرة واحدة، ويجب أن
يلاحظ المتوضئ كفيه عند غسل ذراعيه، فيغسلهما مع الذراعين، فإن بعض الناس
يغفل عن ذلك، ولا يغسل إلا ذراعيه، وهو خطأ.
ومنها: أن بعضهم عند غسل الوجه لا يغسل صفحة
وجهه كاملة، بل تبقى أجزاء من الوجه، جهة الأذنين لم يمسها الماء، والصحيح
أن حدود الوجه من منابت شعر الرأس إلى أسفل اللحيين والذقن طولاً، وعرضًا
إلى أصول الأذنين.
ومنها: أن بعضهم يكتفي بمسح مقدم رأسه، أو
يمسح إلى منتصف الرأس، والصحيح أن عليه أن يمسح جميع الرأس، فقد روى
البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن زيد بن عاصم قال: ثُمَّ
مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ
بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ
رَدَّهُمَا إِلَى الْـمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ
رِجْلَيْه.
ومنها: عدم تخليل أصابع اليدين والرجلين، فقد
روى أبو داود في سننه من حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه قال:
رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ يَدْلُكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ.
وروى الترمذي من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إِذَا تَوَضَّأْتَ فَخَلِّلْ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ”.
ومنها: الإسراف في الماء، قال تعالى: ﴿ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾
[الأنعام: 141]. روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى
خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأُ بِالـْمُدِّ.
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن أن يزيد على وضوئه ثلاث مرات،
روى النسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى
النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثًا ثلاثًا،
ثم قال: “هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ،
وَتَعَدَّى، وَظَلَمَ”
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(يتبع)