السلا م عليكم و رحمة الله وبركاته
هذه القصة سمعتها من الشيخ أبي إسحق الحويني وهو يتكلم عن علو الهمة والتضحية في سبيل الله ثم سرد هذه القصة لبين لنا كيف يضحي الآخرون من أجل ما يريدون
هذه القصة نقلتها إليكم من أحد المنتديات مع شئ بسيط من التعديل.
يقول الياباني تاكيو اساهيرا :
بعثتني حكومتي للدراسة في جامعة هامبورغ بألمانيا لأدرس أصول الميكانيكا العلمية ذهبت الى هناك و أنا احمل حلمي الخاص الذي لا ينفك عني ابدا و الذي خالج روحي و عقلي و سمعي و بصري و حسي كنت احلم بأن أتعلم كيف أصنع محركا صغيرا .
كنت اعرف ان لكل صناعة وحدة اساسية او ما يسمى موديلا (prototype) و هو اساس الصناعة كلها فاذا عرفت كيف تصنعه فإنك و ضعت يدك على سر هذه الصناعة كلها
و بدلا من ان يأخذني الاساتذة الى المعمل أو مركز تدريب عملي أخذوا يعطونني كتبا لأقرأها وقرأت كل الكتب حتى عرفت نظريات الميكانيكا كلها.
تمنى اوساهيرا ان يداعب هذا المحرك بيديه و كان يشتاق الى لمسه و تعرف مفرداته و أجزاءه و تمنى ضمه و شمه …
و كم تمنى ان يعطر يداه بزيته و ان يصبغ ثيابه بمخالطه و محاورته و التقرب اليه لكنها ظلت أمنيات …أمنيات حيه تلازمه و تراوده اياما و أيام
(كأن المحرك هو ليلى صاحبة المجنون)
المهم…
و في يوم من الايام قرأ اوساهيرا عن معرض محركات ايطالية الصنع ، كان ذلك أول الشهر و كان معه راتبه وو جد في المعرض محركا بقوة حصانين ثمنه يعادل مرتبه كله
فيا ترى ماذا سيفعل ؟؟
هل سيشتري المحرك و يفلس ؟؟
ام سيبقي الفلوس في جيبه ؟؟
تردد اوساهيرا و جلس يفكر فقال في نفسه بأنه تغرب و أتى الى المانيا من اجل مهمة يسديها لوطنه و هي ادخال سر صناعة المحرك الى اليابان
فأخرج راتبه و دفعة للبائع فكل شيء يهون من اجل وطنه اليابان …
حمل أوساهيرا المحرك و كان ثقيلا جدا و ذهب به الى حجرته و وضعه على المنضدة و جعل ينظر اليه كأنه ينظر الى تاج من الجواهر او الى حجر نفيس لا يقدر بثمن و قال في نفسه :
هذا سر قوة أوروبا ! لو استطعت أن اصنع محركا كهذا لغيرت اتجاه تاريخ اليابان
ترى ماذا سيفعل اوساهيرا بهذا المحرك ؟
و هل سيؤدي مهمته الوطنية بنجاح ؟
طاف بذهن اوساهيرا خاطر … ان هذا المحرك يتألف من قطع ذات أشكال و طبائع شتى ، مغناطيس كحدوة الحصان ، و أسلاك و أذرع دافعة و عجلات و تروس و ما الى ذلك …
فقال او ساهيرا محدثا نفسه :
( لو أنني استطعت ان افكك قطع هذا المحرك و أعيد تركيبها بالطريقة نفسها التي ركبوها بها ثم شغلته فاشتغل …أكون قد خطوت خطوة نحو سر موديل الصناعة الاروبية).
و بحث اوساهير في رفوف الكتب التي عنده حتى عثر على الرسوم الخاصة بالمحركات و اخذ ورقا كثيرا و اتى بصندوق أدوات العمل و مضى في عمله …
بدأ اوساهير بفك المحرك قطعة قطعة و كل قطعة يفكها يرسمها و يدرسها بعناية شديدة و يحفظ مكانها و يعطيها رقما و شيئا فشيئا حتى فككه كله .ثم أعاد تركيبه من جديد
في هذه اللحظة وقف اوساهيرا صامتا …انه وقوف و صمت المتشكك …
هل سينجح في تشغيل المحرك ؟
اذا لم يشتغل المحرك ضاعت اتعابه و جهوده و نقوده…
لكن اوساهيرا قطع شكه بسرعة و ادار المحرك …و كانت النتيجة ان المحرك قد اشتغل
::يا سلام عليك يا اوساهير
و ما ان غرد صوت المحرك حتى كاد قلبه يقف من الفرح
لقد استغرقت العملية ثلاثة ايام … كان يأكل في اليوم و جبة و احدة و لا ينام الا القليل من الوقت لمواصلة العمل .
فحمل النبأ الى رئيس بعثته ، فقال رئيس البعثة : حسنا فعلت الآن لابد أن أختبرك ساتيك بمحرك معطل و عليك ان تفككه و تكتشف موضع الخطأو تصححه و تجعل هذا المحرك العاطل يعمل
اخذ اوساهيرا المحرك و عرف مواضع الخلل فقد كانت ثلاث من قطع المحرك باليه متاكلة فصنع غيرها بيده بستخدام المطرقة و المبرد و كلفته هذه العملية عشرة ايام
فيقول اوساهيرا :
لقد كانت هذه اللحظات من أسعد لحظات حياتي فأنا مع المحرك جنبا الى جنب ووجها الى وجه لقد كنت سعيدا رغم المجهود الكبير الذي بذلته في إصلاح هذا المحرك …فرب من المحرك أنساني الجوع و العطش ، لا أكل في اليوم إلا وجبة واحدة و لا أصيب من النوم إلا القليل .)
و تأتي الحظة الحاسمة مرة أخرى عندما يحين الوقت لتشعيل المحرك …و فعى فعلها اوساهيرا مرة ثانية فقد اشتغل المحرك
بعد ذلك قال رئيس البعثة : عليك الان أن تصنع قطع المحرك بنفسك ثم تركبها محركا .
و لكي يستطيع فعل هذا عليه ان يلتحق بمصانع صهر الحديد و صهر النحاس و الألمونيوم بدلا من ان يعد رسالة الدكتوراه كما أراد اساتذته الألمان .
تحول اوساهيرا من طالب مثقف ذو مكانة مرموقة الى عامل يلبس بدلة زرقاء يقف مع عمال صهر النحاس العاديين …
و كان يطيع أوامر سيد المصنع و كأنه سيد عظيم و يخدمه في وقت أكله .علما بأن اوساهيرا من أسرة السامراي التي تعد من أشرف و أعرق الأسر اليابانية .
لكن اوساهيرا تحمل كل هذا العناء و العمل الشاق لأن ما يقوم به الان تعد خدمة لليابان و في سبيل اليابان يهون كل شيء .
(كأنها سندريلا )
قضى اوساهيرا في هذه التدريبات و الدراسة 8 سنوات ، كان يعمل خلالها بين 10 و 15 ساعة في اليوم و بعد انتهاء يوم العمل كان يأخذ نوبة حراسة و خلال الليل كان يراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة .
و عندما علم الميكادو (امبراطور اليابان ) بأمره ارسل اليه من ماله الخاص خمسة الاف جنيه انجليزي ذهبا اشترى بها عدة و أدوات و الآت لمصنع محركات متكاملة و عندما أراد شحنها إلى اليابان كانت النقود قد نفدت فوضه راتبه و كل ما ادخره خلال تلك السنوات الماضية لاستكمال إجراءات الشحن .
و عندما و صل الى ناجازاكي قيل له ان اليكادو يريد ان يراه فقال اوساهيرا :
لن استحق مقابلته إلا بعد أن انشئ مصنع محركات كامل …
يا سلام عليك يا اوساهيرا كل هذا الانجاز والتضحية ويعتبر نفسه بأنه مقصر
اشتغرق بناء المصنع 9 سنوات …9 سنوات من العمل الشاق و الجهد المتواصل .
بعد ان نجح هذا المصنع و انتج عددا من المحركات حان الوقت للأوساهيرا بأن يقابل الميكادو (الامبراطور)
حمل اوساهير مع مساعديه 10 محركات صنعت قي اليابان قطعة قطعةالى قصر الميكادو و و ضعها في قاعة خاصة في القصر و من ثم قام بإدارة جميع المحركات العشرة
و هنا يبدأ الاكشن و الحماس
دخل الميكادو (الامبراطور)…
ماذا حدث؟؟
ترا هذا امبراطور مو اي واحد
انحنى الجميع للميكادو و حييوه
فابتسم و قال :
هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي ، صوت محركات يابانية خالصة …هكذا ملكنا سر قوة الغرب ، نقلنا قوة أوروبا الى اليابان و نقلنا اليابان الى الغرب .
و بعد ذلك الحدث السعيد ذهب اوساهيرا الى البيت فنام 10 ساعات كاملة … و هي أول مرة ينام فيها 10 ساعات كاملة منذ 15 عام .