من السهل إن لم يكن من المعتاد حاليا أن تقابل خريج جامعة (صاحب تقدير عالي) يعمل في غير تخصصه إذا كان يعمل أصلا، ومن المعتاد أيضا أن تصبره وتنشدان معا الوصلة المعتادة في نقد البلد وحالها الذي يسر العدو ويحبط الحبيب، لكن هل سألت يوما – ولو في سرك – هل يستحق هذا الخريج أن يعمل في تخصصه؟؟ هذا هو السؤال المنسي
فالخريج طوال دراسته كان يشكو من أن الكلية لا تؤهله للنجاح العملي وأن نجاحه في الكلية معتمد على إتقان (فن التعامل مع ورقة الامتحان)، وإنه لن يتعلم إلا بعد التخرج " في السوق"إذن فهو اعترف مسبقا –دون أن يشعر- بأنه لا يستحق أن يكون مهندسا أو محاسبا أو طبيبا وما إلى ذلك فور تخرجه ، وكما يتضح لنا جميعا أنه تقريبا لا يوجد الآن فرص عمل في الحكومة (يعني لا في (ميري) ولا حتى (ترابه)) وبالتالي فالقطاع الخاص أمامك والبطالة من خلفك
فأردنا أن نعرف متطلبات “السوق” لنعد له عدة من قبل التخرج ،واخترنا مجالات مختلفة ليكون الأمر مجديا
[SIZE=4]الكفاءة لا تساوي التقدير
أكد ذلك طارق (رابعة علاج طبيعي) فكثير من أمهر وأشهر الأطباء في المجال لم تكن تقديراتهم عالية (جيد ومقبول) ، وإن كان علو التقدير قد ينظر له في البداية ولكن سرعان ما تتدخل الكفاءة والفهم لوضعك في مكانك الصحيح،وأرجع ذلك لأن التقدير يعبر عن مهارة الطالب في التعامل مع الامتحان الذي –للأسف - لا يعتبر مقياسا أبدا، ورغم أن طارق من العشرة الأوائل إلا أنه يؤكد أن هناك طلبة في الدفعة أكفأ منه وربما من بقية العشرة ولكنهم ليسوا من الأوائل لمجرد أنهم لا يتقنون “التسميع” في الامتحان، وان الأوائل قد يضحون بما قد يرفع كفاءتهم لو كان ذلك سيؤثر على تقديراتهم وبالتالي تعيينهم معيدين لأن ذلك تضحية بالمركز الاجتماعي والاسم اللامع وأيضا فرصة الزواج الجيدة!!
خليك في المكتبة
كانت هذه وصفة رامي (رابعة حقوق إنجليزي) للنجاح في مجال العمل مؤكدا أن القراءة والإطلاع أمر لابد منه إذا أردت أن تكون ناجحا مع العلم أن الأجازات وحدها لا تكفي لذلك ورغم أن خريجي حقوق إنجليزي يؤخذ تقديرهم في الاعتبار عند التقدم لعمل لأنه لحد ما معبر عن تميز صاحبه خاصة الامتياز والجيد جدا – على خلاف حقوق عربي- ولكن فكر طالب العمل ولغته وتفاعله مع أساتذته في المحاضرات –إذا كان سيعمل عند أحدهم – قد يكفوا كأسباب لتعيينه وإن قل تقديره
اهتم بالمجالات الجديدة
يقول مصطفى(ثالثة هندسة طبية):عندما تضيف الكلية “كورس” جديد (غالبا يكون لمجال لم ينتشر بعد في البلد ) لابد من الاهتمام به لأنك بإتقانه والتوسع فيه ستكون بفضل الله عملة نادرة مما يزيد الطلب عليك خاصة مع تشبع المجالات الأخرى ،ويرى مصطفى أن أصحاب الأعمال يعلمون جيدا أن للامتحان فن وللتعلم فن آخر فلا يهتمون بالتقدير فقط ولا يعتبرونه مؤهلا كافيا لتعيينك، و لكن لابد أن تبذل قصارى جهدك للجمع بين الفنين على صعوبة ذلك
في الطب الوضع مختلف
إذ أكد محمود( رابعة طب بشري) أن التقديرات- في كليته - تعبر عن كفاءة أصحابها وقدراتهم على التشخيص ، وفي الطب شغل الحكومة أساسي والتقدير له ثقله فصاحب التقدير العالي يوزع المستشفيات المحترمة ويكون قريبا من الأبحاث العلمية فيكون في تطور مستمر خلافا لصاحب التقدير الأقل الذي “يرمى به” في مستشفيات غير جيدة وبعيدة عن الأبحاث العلمية ،ويرى محمود أن شغل الحكومة في مجال الطب هو مصدر الشغل الخاص على خلاف المجالات الأخرى
أسأل خريج ناجح
سألنا محمد علي (مهندس مدني حديث التخرج ويعمل في مجاله والحمد لله) عن السوق ومتطلباته
فقال(في بداية العمل يكون الموظف الجديد تحت التمرين , و إذا لم يثبت كفاءة , فصاحب العمل عنده سير ذاتية للعشرات غيره و يستطيع أن يطلب غيره,لأن العرض أكثر من الطلب فالبدائل كثيرة أحياناً, و أحياناً أخرى يرضى صاحب العمل بمن يتقدم له أيا كان مستواه ويعمل على تدريبه لتحسين كفاءته إذا لم يكن هناك إقبال أو عرض على الوظيفة ، وقد يفضل صاحب العمل خريج بتقدير مقبول متقن للكمبيوتر ومعه شهادات فيه عن خريج بتقدير امتياز و"صفر" في الكمبيوتر وبشكل عام إجادة لغة أجنبية مع إجادة برامج الكمبيوتر في مجال التخصص شرطان أساسيان للقبول في وظيفة محترمة)
وعن نصيحته للطلبة قال(افهم كل ما تدرس وأسأل فأنت الآن في فرصة ذهبية لذلك فبعد التخرج يكون السؤال والبحث عن المعلومة أصعب،واحضر المحاضرات وابتعد عن سياسة"تكبير الدماغ" واهتم بالقراءة والاستزادة من العلم لتتفوق على أقرانك ففرص العمل أقل من أعداد المتقدمين و القبول غالبا يكون لصاحب المؤهلات و القدرات الأعلى )
لا تيأس ولا تستعجل المادة
وختم مهندس محمد بقوله(وأنصح الأخوة الطلبة بعدم التفكير كثيرا في مسألة العمل و عدم الاستسلام لمشاعر الإحباط و الخوف من البطالة, فمن يريد أن يعمل سيجد عملا بإذن الله و الله هو الرزاق, لكن العمل في بداية التخرج لن يكون مجزياً ماديا و هذا هو ثمن الخبرة ,و لكن بعد ذلك سيرتفع ثمنك بإذن الله)
ملحوظة هامة وأخيرة
أرجو ألا يفهم مما سبق أن هذا الموضوع دعوة لترك المذاكرة وعدم الاهتمام بالتفوق الدراسي ولكن هو دعوه لتدعيم المذاكرة بالجهد الخارجي(علم نفسك بنفسك) ،فتعرف على أسباب ومتطلبات النجاح في مجالك، وأبدأ من الآن العمل على أن تكون إجابتك العملية على سؤال(هل تستحق أن تعمل في تخصصك؟) هي(نعم وألف نعم)[/size]