[CENTER]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله
وعلى آله وصحبه ومن والاه
وبعد
فإن من مزايا هذا الدين العظيم أنه منهج متكامل
صالح لكل زمان ومكان
فيه سعادة المرء في دينه ودنياه
ومن خير صور عطائه للبشرية
ما جاءهم به من كريم الأخلاق
وكان في طليعتها
الاعتراف بالفضل
[FONT=Arial Black][SIZE=5]فأكرم به من خلق، وأنعم بها من خصلة
وهذا بيانها
الاعتراف لغة مصدر اعترف بالشيء، أي أقر به
وهو مأخوذ من مادة عرف التي تدل على السكون والطمأنينة
تقول هذا أمر معروف لأن من عرف شيئًا اطمأن إليه
ومن أنكره توحش منه
ومن هذا المعنى قولهم «اعترف بالشيء» إذا أقرّ به
وضد الاعتراف الجحود والنكران،
قال تعالى
يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا
[COLOR=darkslategray]النحل
[/color][/size][/font]
الاعتراف بالفضل اصطلاحًا
أن يقر المتفضل عليه
من الناس بفضل من يصدر عنه الفضل والإحسان
وألا يجحده أو يتناساه
والله عز وجل هو صاحب الفضل في الأولى والآخرة
إذ هو المتفضل على الناس جميعًا مسلمهم وكافرهم
بنعمه التي لا تحصى
وفي الآخرة يدخل عباده الصالحين المؤمنين الجنة
ويورثهم دار المقامة من فضله
ولهذا كان الاعتراف بفضل الله تعالى أولى المقامات
وقد أقر الأنبياء جميعًا بفضل ربهم عليهم
وهم أعرف الخلق به سبحانه وبوافر نعمه
وفيض كرمه عليهم وعلى الناس جميعًا
قال يوسف عليه السلام لصاحبي السجن
وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ
ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا
وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ
يوسف
وقال سليمان عليه السلام
[SIZE=5][FONT=Arial Black]هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ
وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ
وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
[COLOR=darkslategray]النمل
فكل فضل ونعمة ومنة إنما هي لله تعالى على عباده
وانظر إلى نعم الله التي لا تحصى
من مال وولد وصحة على سبيل الإجمال والتفصيل
لتعلم أن فضل الله علينا عظيم
ولذلك لا يكون شكر هذه النعم
والاعتراف بفضل الله علنًا باللسان فحسب
ولكن الاعتراف لله بالفضل
يكون بتوحيده وحسن عبادته وتقواه وخشيته
أولاً توحيد الله عز وجل
فالتوحيد شرعًا إفراد الله بحقوقه
ولله ثلاثة حقوق
وهي أقسام الإيمان بالله
حقوق ملك
وحقوق عبادة
وحقوق لله في أسمائه وصفاته
حقوق الأسماء والصفات توحيد الأسماء والصفات
[/color][/font][/size]رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ
هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا
ولكن مع فضل الله تعالى على الناس جميعًا
ترى من ينقض التوحيد،
فهل الذي يخل بالتوحيد معترف بنعمة الله عليه؟
فلننظر إلى من يعتقدون في أهل القبور
ويعتقدون في الأقطاب والأبدال والأولياء والصالحين
وأنهم ينفعون ويضرون ويعطون ويمنعون
وإلى من يستعينون بالجن
ويقدمون لهم القرابين كالتي تذبح على أعتاب المنازل والمحلات
والحامل عليه الاعتقاد في الجن
وأنهم يضرون وينفعون
لتعلم أن هؤلاء لا يعترفون بنعمة ربهم وفضله
أما حسن العبادة
فالعبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه
من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة
والعبودية عرفها الجرجاني بقوله
الوفاء بالعهود وحفظ الحدود والرضا بالموجود والصبر على المفقود
فمن العبادات الباطنة
المحبة والتوكل والخوف والرجاء
ومن العبادات الظاهرة
الصلاة، والصيام، والحج، والدعاء، والنذر
والذبح، والطواف، والاستعاذة، والاستغاثة، وغير ذلك
وأما تقوى الله وخشيته
فأمر يجب على كل إنسان أن يحيا عليه
ففيه الحياة وغيره موت القلوب قبل موت الأبدان
والتقوى حفظ النفس عما يغضب الرب
وذلك بترك المحظور
ويتم ذلك بترك بعض المباحات لما ورد في الحديث
[FONT=Arial Black][SIZE=5]«الحلال بين والحرام بين
ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه»
بهذه المحاور الثلاثة يكون المرء شاكرًا لنعمة ربه
معترفًا بفضله
والله من وراء القصد
[/size][/font]
…[/center]