بسم الله الرحمن الرحيم
للتوضيح ، المقال ليس هجوماً إنما هى تقويم ، ورسالة إلى الشعب عامة ، وإلى شباب الإخوان خاصة ، أوضح فيها السبب الرئيسى والأوحد لما يفعله السلفيون من مخالفات تجاه الشعب بأكمله … أكتبها محايداً ، مراعياً لتوثيق ما أكتبه ومبتعداً عن الألفاظ الانفعالية … وجل من لا يسهو
أصبحت كلمة السلفيين عبئاً ثقيلاً على بعض الناس ، فرفضوا السماع منها أو عنها نتيجة لهجومهم على أطياف الشعب كافة … وبعد حصولهم على حوالى خمس مقاعد مجلس الشعب فيجب علينا أن نفهم السلفيين حتى نستطيع التعامل معهم … المحايدون يرونهم شريحة من المجتمع لم تشارك فى الثورة إلا بعد اندلاع شرارتها بفترة ليست بالقصيرة ، لها الحق فى التعبير عن نفسها ما لم تخالف الشرع والقانون ، رضى بها من رضى ، وخالفها من خالف
فكيف ينظر السلفيون إلى المجتمع ؟ … وما هو السبب الرئيسى لمشكلتهم الحالية ؟ … وما نتائجه ؟
تعالوا نأخذ جماعة الإخوان المسلمين كمثال لأنهم أقرب الناس للسلفيين ونبتدى نشوف نظرة السلفيين لأقرب الناس إليهم منهجاً وفكرة …عشان نعرف نتعامل معاهم إزاى
نشوف مشايخهم… مثلاً ، فى سؤال للدكتور ياسر برهامى عن الإخوان ، أجاب بأن جماعة الإخوان المسلمين : " تجمع إلى الخير كثيراً من الدَخَن ، والبعد عن السنة ، والتعصب الممقوت ، والفتاوى الباطلة ، والتقليد الأعمى ، والمداهنات السياسية ، والإقرار بالبدع "
http://www.salafvoice.com/article.php?a=1393
فتلك فتوى لشيخ من أئمة مشايخهم كافية بأن تولد المقت داخل صدر أى فرد تجاه الإخوان
ويجيب الدكتور فى فتوى أخرى : " أما الإخوان: فهم يميلون إلى تمييع القضايا مع أهل البدع كالشيعة والصوفية وغيرهم، ولا يهتمون بقضايا التوحيد والاتباع "
http://www.salafvoice.com/article.php?a=3470
وتلك فتوى أخرى لسائل بسيط مشتت الذهن بين السلفيين والإخوان والصوفية ، كما ورد فى السؤال
كما يرى الشيخ محمد حسين يعقوب - قبيل انتخابات 2010 - أن جماعة الإخوان المسلمين ما هم إلا طلاب دنيا باسم الدين
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=86697
فذلك ما ينقله الشيخ يعقوب إلى مشاهدى قناة الناس
وفى إحدى دروس الشيخ أحمد النقيب ، فإنه يفضل مفسدة الإخوان - واللفظ له - على مفسدة العلمانيين … وذلك لأن الإخوان ليسوا على المنهج ، أى المنهج السلفى
فذلك ما يغذيه الشيخ لطلابه فى المسجد
ويدعم ذلك الدكتور يسرى حماد فى تصريح للجزيرة مباشر مصر ، إذ يرى أن جماعة الإخوان المسلمين مرجعيتهم غير سلفية ، وذلك اتهام خطير أيضاً
http://www.manaratweb.com/news.php?newsid=4866
لم أتمكن من الحصول على الفيديو ، لكن الراوى هو فضيلة الشيخ عادل عبد الله هندي ، عضو الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين
أما الدكتور أحمد فريد ، فهو لا يستأمن الإخوان على تطبيق الشريعة لأن خبرتهم قائمة على الغش والتدليس ، والسلفيون - فى نظره - أفضل منهم فى الالتزام الظاهر وفى العقيدة
يقول هذا الكلام فى قناة " دينية " … ونحتاج إلى سلسلة مقالات كاملة للرد على هذا الفيديو
وبالتالى ، فالسلفيون لن ينتخبوا الإخوان لأنهم يحاربون الشريعة ، حتى لو لم يكن فى الدائرة مرشح للنور فإنهم سيبطلون صوتهم ، كما أفتى الدكتور ياسر برهامى
http://www.salafvoice.com/article.php?a=5889
وأحياناً يتمادون فى نقدهم ، فنرى شيخاً ( أحمد السيسى ) ينتقدهم ويصفهم بجماعة " الإخوان المفلسون " من فوق منبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فى خطبة الجمعة
فهذه خطبة الجمعة التى يسمعها عامة الشعب : شتائم واتهامات من فوق المنبر
نكتفى بهؤلاء وهذا ما استطعت تجميعه فى عجالة واطرح عليكم سؤالاً
فى رأيك ، كيف سينظر السلفى إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد تلك الكمية الهائلة من الشحن السلبى تجاه الإخوان ؟ … السلفى يتلقى هجوماً على جماعة الإخوان منذ بداية التزامه من شيوخه فى القنوات ، وفى المساجد ، وفى الدروس ، وفى الخطب ، وفى كل وقت وحين… فهل تتوقع أن ينفتح السلفى بعد الثورة على المجتمع بحب ومودة ؟ … أم بكراهية وغضب وطعن فى الدين تجاه الجماعة ؟
لذلك ، فلا نتعجب إذا وجدنا ذلك التعليق من أحد شباب السلفيين
فما ذلك إلا نتيجة لأن السلفيين اقتنعوا تمام الاقتناع أنهم أتباع الحق وحدهم دون غيرهم ، وجماعة الإخوان المسلمين هى صاحبة عقيدة باطلة وغامضة كما يقولون …حتى أننا رأينا أحدهم يصرخ : " الإخوان دول بلاء " … فإذا كانت نظرتهم الدونية للإخوان كذلك ، فما بالك بباقى أطياف المجتمع ؟
ونتج عن ذلك التصور المشوه أربعة أمور :
أولاً :
ما رأيناه أيام الانتخابات من دعايتهم من تلفيق وكذب على أساس المبدأ الميكافيللى المنافى تماماً للإسلام " الغاية تبرر الوسيلة " … فذاك نتيجة طبيعية لاعتقادهم أن الإسلام والشريعة ستموت بدونهم ، ولهذا يجب أن يصلوا إلى كرسى الحكم بأى طريقة كانت ليظل الإسلام حياً …
وآخر تلك المخالفات الشرعية والقانونية ، المنشور الذى وُزع فى المرحلة الثالثة ، حيث يقول المنشور : " لو الشعراوى كان عايش كان أيد حزب النور " … وملحق بها هجوم غير مباشرعلى الإخوان
ومن قبل رأيناهم وهم يوزعون الدعاية باسم الشيخ محمد حسان وغيره
http://www.youtube.com/watch?v=cZRR__KJFBo
ومخالفات أخرى بالجملة موجودة عاليوتيوب
ثانياً :
رأينا تشويههم المستمر لكل من هو غير سلفى … منها المنشورات التى هاجمت الإخوان بطريقة غير مباشرة
ومنها ما هاجمهم بطريقة مباشرة
http://electiongate.com/wp-content/uploads/2011/12/813.jpg
ورأيناهم وهم يقولون أن الإخوان يتنازلون عن عقيدتهم من أجل المناصب ، وغيره الكثير من المنشورات التى تتهم الإخوان وغيرهم فى عقيدتهم
ولعل من أبرز تلك التشويهات ما افتروه على المسشار الخضيرى كذباً فى مساجدهم بأنه شيعى وأقنعوا الأهالى بذلك ، وتحالفوا مع طارق طلعت مصطفى لإسقاط الخضيرى الشيعى عدو الله ( دائرتى وكل الكلام موثق ) … بل وزعموا أن طارق طلعت مصطفى سلفى لأنه ملتحى
ولنا وقفة صغيرة مع أول نقطتين ، فقد يقول قائل : هذه أخطاء فردية ولا تُحسب على الدعوة ككل … أقول : أصلاً الدعوة ليس لها كيان مؤسسى ، بالتالى فجميع أخطاء متبعيها هى أصلاً أخطاء فردية … وارجع لأول النوت ، السبب الأول لتلك الأخطاء هو مشايخ الدعوة الذين يهاجمون الإخوان ويطعنون فيهم ، وفى علمهم ، وفى منهجهم ، بل وفى عقيدتهم … لذلك ، فمن البديهى أن تحدث تلك الأخطاء الفردية من السلفيين نتيجة لما يتلقونه ليلاً ونهاراً من كراهية وهجوم … ولو تلقى شباب السلفيين المعلومات عن جماعة الإخوان بالحسنى لما وجدنا ذلك التعصب أو تلك الأخطاء
ثالثاً :
عدم تقبل السلفيين للنقد إطلاقاً … فنقدك لهم نقد للعقيدة ، وطعنك فيهم هو طعن للإسلام ، وتعرضك لمشايخهم إنما هو تعرض لأئمة أهل السنة والجماعة فى نظرهم
رابعاً :
النقطة الرابعة والأخيرة نستنجها مما لحظناه بعد سقوط المهندس عبد المنعم الشحات فى الانتخابات … تم رفع صوره على جميع بروفايلات الفيسبوك ، وكتبوا عنه المقالات ، وهاجموا كل من لم ينتخبه ، واقتنعوا تمام الاقتناع أن هناك 40 ألف صوت تم تزويرهم لصالح المحامى حسنى دويدار ( وهذا لم يحدث بالطبع ) ، بل وقالوا عن الإخوان أنهم تحالفوا مع المسيحيين والعلمانيين والليبراليين ضد المهندس عبد المنعم
بل ووصل الأمر إلى قيام السلفيين بإنشاد نشيد خاص يدافعون فيه عن المهندس عبد المنعم الشحات فى قناة الناس يرثون فيه سقوطه ، وأنشدوا ذلك النشيد فى حضوره… والأعجب من كل هذا ، رأينا الشيخ أحمد السيسى يمدح فى المهندس الشحات من فوق منبر الرسول صلى الله عليه وسلم فى خطبة الجمعة … ما كل هذا التقديس ؟ … ما هذا التبجيل ؟
ورفض السلفيون تماماً التعامل مع الواقع وظلوا يصطنعون الأحداث والمؤامرات التى تبرر فشل المهندس عبد المنعم الشحات فى الدخول للبرلمان … والواقع الذى لا يدركه السلفيون أن غير الإسلاميين إذا خُيروا بين الإخوان والسلفيين ، فإنهم يؤيدون الإخوان ، كما رأينا مع علاء عبد الفتاح الذى انتخب الإخوان فى الإعادة ، وكذلك مع الكتلة المصرية ، بل أن الكنيسة والمسيحيين يؤيدون مرشحى الإخوان فى الإعادات ، كما صرح القس راضى عطالله راعى الكنيسة الإنجيلية بالعطارين ، وغيره … وما ذلك إلا لنجاح الإخوان فى التعامل مع المجتمع وبعث الطمأنينة إليه ، وفشل السلفيين فى ذلك
أحب أن أذكر هنا أن الدكتور حمدى حسن - عضو بالبرلمان عن الإخوان لمدة 10 أعوام متصلة وقف فيهم صامداً أمام الفساد - لم يُوفق فى الانتخابات الحالية أمام مرشح للنور حرم الخروج للمظاهرات ووصف الدكتور عمرو خالد بأنه " فتنة " … ومع ذلك ، فلم نر لا قصائد ، ولا خطب ، ولا أشعار مدح ، ولا مقالات تدافع عنه ، ولا هجوماً على أنصار النور ولا على مرشح النور
-------------------------------------------------------------------
ختاماً : هذه هى المشكلة … فما هو الحل ؟
الحل فى الحوار والنقاش فى الأصول وليس فى الفروع … عالج المشكلة الأساسية وتكلم عنها وناقشها ولا تهتم بآثارها أو تبعاتها … فتلك التربية السلفية قسمت الشباب إلى نوعين : الأول يحتقر أفراد المجتمع ويراه ضالين وآثمين وبالتالى ينظر إليهم ويكلمهم من فوق برج عال … والثانى -وهم قليل- هو الذى لا يرى أنه محتكر للحق وأنه صاحب العقيدة وحده … وإنما يعتبر اختلافه مع المجتمع اختلاف محمود ، ولا يطعن فى علم أو عقيدة أفراد المجتمع ، ويحدثهم كما يحدثونه ، ويتحاور معهم بغية الوصول إلى الحق ، فهو لا يعلم أهو مع الحق أم لا
لذلك أنصح بتجنب الحوارات والنقاشات مع السلفيين أصحاب النظرة الدونية لغيرهم
وكما قال أحد الأصدقاء : من كان يرى أن المجتمع يجب أن يلتزم بفتواه الدينية و آرائه الفـقهية ثم فعل عكس ذلك ( بقـدر كبير من البراجماتية ) ليواكب العصر بعد ضغط من الظروف و المجتمع … فلا تتوقع من ذلك الشخص أن يحدث تغييراً … لأن المجتمع هو من يغيره
الخلاصة : أن أكثر السلفيين لن يتغيروا إلا من خلال الممارسة وخوضهم للتجربة والعمل … فإما ذاك ، وإما فسوف يلفظهم المجتمع رافضاً لهم
ولا تتوقعوا أن يكفوا عن هجومهم المستمر تجاه كل أطياف الشعب … فلا تنشغلوا بهم … وكما قال سيد قطب : دعوهم ، فسينتهون من حيث بدأ الإخوان
أسأل الله أن يوفقنا إلى ما يحب ويرضى … وأن يكف عنا شرور الفتن والأوبئة ، اللهم آمين