الصحابة و الصالحين على فراش الموت

من أشمل الأقوال قول الله تعالى في آل عمران :
بسم الله الرحمن الرحيم
[B]

كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ[/b] يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ {185[B]

و قوله تعالى في المؤمنون[/b] :
بسم الله الرحمن الرحيم

حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ {99
لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ {100 فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ {101 فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {102 وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ {103 تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ {104 .
لما احتضر أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه حين وفاته ، قال
:
و جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد
.
و قال لعائشة
:
انظروا ثوبي هذين , فاغسلوهما و كفنوني فيهما , فإن الحي أولى بالجديد من الميت
.
و لما حضرته الوفاة أوصى عمر رضي الله عنه قائلا
:
إني أوصيك بوصية , إن أنت قبلت عني : إن لله عز و جل حقا بالليل لا يقبله
بالنهار , و إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل , و إنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة , و إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا , و ثقلت ذلك عليهم , و حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا , و إنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل , و خفته عليهم في الدنيا و حق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا[B].


ولما طعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه … جاء عبد الله بن عباس[/b] ,فقال … : يا أمير المؤمنين , أسلمت حين كفر الناس , و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس , و قتلت شهيدا و لم يختلف عليك اثنان , و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض .
فقال له : أعد مقالتك

فأعاد عليه
,
فقال : المغرور من غررتموه , و الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع
.
و قال عبد الله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه
.
فقال : ضع رأسي على الأرض
.
فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟
!
فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض
.
فقال عبد الله : فوضعته على الأرض
.
فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل
[B].__________________

أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه[/b]
قال حين طعنه الغادرون و الدماء تسيل على لحيته
:
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
.
اللهم إني أستعديك و أستعينك على جميع أموري و أسألك الصبر على بليتي
.
ولما استشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا . ففتحوه فوجدوا فيه ورقة مكتوب عليها (هذه وصية عثمان
)
بسم الله الرحمن الرحيم
.
عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أن محمدا عبده
و رسوله و أن الجنة حق . و أن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد . عليها يحيا و عليها يموت و عليها يبعث إن شاء الله

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بعد أن طعن علي رضي الله عنه

قال
:
ما فعل بضاربي ؟

قالوا : أخذناه

قال : أطعموه من طعامي , و اسقوه من شرابي , فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي , و إن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها
.
ثم أوصى الحسن أن يغسله و قال : لا تغالي في الكفن فإني سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا
و أوصى
:
امشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي , و لا تبطئوا , فإن كان خيرا
عجلتموني إليه , و إن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم[B] .____________________

معاذ بن جبل رضي الله عنه و أرضاه[/b]
الصحابي الجليل معاذ بن جبل … حين حضرته الوفاة

و جاءت ساعة الاحتضار … نادى ربه … قائلا
… :
يا رب إنني كنت أخافك , و أنا اليوم أرجوك … اللهم إنك تعلم أنني ما كنت
أحب الدنيا لجري الأنهار , و لا لغرس الأشجار … و إنما لظمأ الهواجر , و مكابدة الساعات , و مزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم .
ثم فاضت روحه بعد أن قال
:
لا إله إلا الله

روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال … : نعم الرجل معاذ بن جبل

و روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أرحم الناس بأمتي
أبو بكر … إلى أن قال … و أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ[B] .


بلال بن رباح رضي الله عنه و أرضاه[/b]
حينما أتى بلال الموت … قالت زوجته : وا حزناه

فكشف الغطاء عن وجهه و هو في سكرات الموت … و قال : لا تقولي واحزناه , و قولي وا فرحاه

ثم قال
:
غدا نلقى الأحبة …محمدا و صحبه
[B] .


أبو ذر الغفاري رضي الله عنه و أرضاه[/b]
لما حضرت أبا ذر الوفاة … بكت زوجته … فقال : ما يبكيك ؟

قالت : و كيف لا أبكي و أنت تموت بأرض فلاة و ليس معنا ثوب يسعك كفنا

فقال لها : لا تبكي و ابشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول لنفر
أنا منهم :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين
و ليس من أولئك النفر أحد إلا و مات في قرية و جماعة , و أنا الذي أموت بفلاة , و الله ما كذبت و لا كذبت فانظري الطريق

قالت :أنى و قد ذهب الحاج و تقطعت الطريق

فقال انظري فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا : ما لك يا أمة الله ؟

قالت : امرؤ من المسلمين تكفونه

فقالوا : من هو ؟

قالت : أبو ذر

قالوا : صاحب رسول الله

ففدوه بآبائهم و أمهاتهم و دخلوا عليه فبشرهم و ذكر لهم الحديث

و قال : أنشدكم بالله , لا يكفنني أحد كان أمير أو عريفا أو بريدا

فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئا غير فتى من الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى

و صلى عليه عبد الله بن مسعود

فكان في ذلك القوم

رضي الله عنهم أجمعين
[B]._________________

الصحابي الجليل أبوالدرداء رضي الله عنه و أرضاه[/b]
لما جاء أبا الدرداء الموت … قال
:
ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟

ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟

ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟

ثم قبض رحمه الله
[B].__________________

سلمان الفارسي رضي الله عنه و أرضاه[/b]
بكى سلمان الفارسي عند موته , فقيل له : ما يبكيك ؟

فقال : عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب , و حولي هذه الأزواد
.
و قيل : إنما كان حوله إجانة و جفنة و مطهرة
!
الإجانة : إناء يجمع فيه الماء

الجفنة : القصعة يوضع فيها الماء و الطعام

المطهرة : إناء يتطهر فيه
[B].____________________

الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه[/b]
لما حضر عبد الله بن مسعود الموت دعا ابنه فقال : يا عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود , إني أوصيك بخمس خصال , فاحفظهن عني
:
أظهر اليأس للناس , فإن ذلك غنى فاضل
.
و دع مطلب الحاجات إلى الناس , فإن ذلك فقر حاضر
.
و دع ما تعتذر منه من الأمور , و لا تعمل به
.
و إن استطعت ألا يأتي عليك يوم إلا و أنت خير منك بالأمس , فافعل
.
و إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع , كأنك لا تصلي بعدها
[B] .


الحسن بن علي رضي الله عنه ، لما حضر الموت بالحسن بن علي رضي الله عنهما , قال[/b] :
أخرجوا فراشي إلى صحن الدار , فأخرج فقال
:
اللهم إني أحتسب نفسي عندك , فإني لم أصب بمثلها
[B] !____________________

الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، قال معاوية رضي الله عنه عند موته لمن حوله : أجلسوني[/b]
فأجلسوه … فجلس يذكر الله … , ثم بكى … و قال
:
الآن يا معاوية … جئت تذكر ربك بعد الانحطام و الانهدام …, أما كان هذا و غض الشباب نضير ريان ؟
!
ثم بكى و قال
:
يا رب , يا رب , ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي … اللهم أقل العثرة و
اغفر الزلة … و جد بحلمك على من لم يرج غيرك و لا وثق بأحد سواك
ثم فاضت رضي الله عنه
[B].______________________

الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه[/b]
حينما حضر عمرو بن العاص الموت … بكى طويلا … و حول وجهه إلى الجدار , فقال له ابنه :ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله

فأقبل عمرو رضي الله عنه إليهم بوجهه و قال : إن أفضل ما نعد … شهادة أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله

إني كنت على أطباق ثلاث

لقد رأيتني و ما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني , و لا
أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته , فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار
فلما جعل الله الإسلام في قلبي , أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : ابسط يمينك فلأبايعنك , فبسط يمينه , قال : فقضبت يدي

فقال : ما لك يا عمرو ؟

قلت : أردت أن أشترط

فقال : تشترط ماذا ؟

قلت : أن يغفر لي
.
فقال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله , و أن الهجرة تهدم ما كان قبلها , و أن الحج يهدم ما كان قبله ؟

و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني
منه , و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه , لأني لم أكن أملأ عيني منه ,
و لو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة
,
ثم ولينا أشياء , ما أدري ما حالي فيها ؟

فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة و لا نار , فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب
سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور و يقسم لحمها , حتى أستأنس بكم , و أنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟

منقول

رضي الله عنهم جميعاً و عن جميع صحابة رسولنا الكريم
و صلى الله على سيدنا محمد و على اله و صحبه و من مشى على سنته الى يوم الدين