قبل أن تنخدع بالعنوان, فليس هذا المقال حصة فى الكيمياء, و لكن لأن الكيمياء ما هى إلا علم ملىء بالأسرار التى قد تعبر بطريقة فلسفية عن بعض نواحى حياتنا, و لأن حياتنا نفسها ليست الا سلسلة من المعادلات و التفاعلات, كان من الطبيعى أن أستخدم هذا المصطلح الكيميائى.
لا أعتقد أنى بحاجة لشرح ماهية العامل الحفاز الكيميائى, و لا تقل لى أنك لا تدرى لأنك كنت فى القسم الأدبى-الا لو كنت أدبى فى 2 اعدادى فهذا شىء آخر-المهم, العامل الحفاز فى الكيمياء هو مادة تضاف الى عناصر التفاعل لكى تزيد من سرعة التفاعل ذاته, لكنها لا تتأثر بذاتها, حيث يمكن استعادتها فى نهاية التفاعل.
و من البشر من يمكن اعتبارهم عوامل حفازة بدورهم, من البشر من له تأثير على غيره, بحيث يبث فيه طاقة ايجابية و منشطة, و يجعله يتقدم للأمام بدوره, لكنه فى الوقت ذاته يبقى على حاله, و لا يتقدم بدوره.
من البشر من تستطيع أن تلجأ اليه كلما احتجت الى نصيحة, أو الى مستشار حكيم, لكن اذا نظرت لحاله وجدت أنه يحمل حكمة يفيد بها غيره و لم يفد بها نفسه.
من البشر من يعتبر دوره فى الحياة أن يكون ناصحاً أميناً, و مرشداً و موجهاً, لكنه مع ذلك لا يمشى للأمام مع من يرشدهم و يوجههم و يسدى اليهم النصائح!!
و هنا يتبادر للذهن سؤال, هل هناك خلل فى هذه النوعية من الناس؟ أم هل هؤلاء من الذين قد ينطبق عليهم قول الله تعالى ((يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون,كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون))؟
بداية يجب أن نوضح أن هذا الصنف الذميم من الناس ليس المقصود فى هذا المقال, فنحن هنا لا نتكلم عن المنافقين و لا الكاذبين, لا نتكلم عن الذين يظهرون أمام الناس و هم يلبسون ثياب التقى و يأمرونهم بالمعروف و لا يفعلونه, أو ينهونهم عن المنكر و لا ينتهون عنه.
لكن أريد أن ألفت النظر لتوجيهات نبوية, فقد علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن الدين النصيحة, كما قال لنا : لا تحقرن من المعروف شيئاً و لو أن تلقى أخاك بوجه طليق.
نعم, لا تحقرن من المعروف شيئاً, كلمة بسيطة منك, أو نصيحة صغيرة اذا خرجت من قلبك بإخلاص و صدق, قد تترك فى نفس متلقيها أثراً لا ينمحى, بل قد تغير حياته الى الأبد, و مثل الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة اصلها ثابت و فرعها فى السماء.
صديق لى ركب مرة مع سائق تاكسى و تجاذبا أطراف الحديث, و تطرقا الى مسألة الفتن التى يزخر بها زمننا, فقال صديقى:فى هذا الزمن نحتاج أن نلزم هذا الدعاء النبوى:اللهم يا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلوبنا على دينك.
مرت الأيام, و قدراً ركب صديقى مع نفس السائق, و تذكره, فقال له السائق:هل تذكر حديثنا؟ لقد علمتنى دعاءً أسأل الله أن يجعله فى ميزان حسناتك, و ما زلت أدعو به من يوم لقيتك, و أحسست بمعناه عندما ركب معى زبون غير مسلم و أخذ يستدرجنى فى الحديث و يلقى لى بعض الشبهات,فتعوذت بالله و لزمت هذا الدعاء أكثر, فجزاك الله خيرا!!!
الغريب أن صديقى هذا لم يكن مواظباً بدوره على هذا الدعاء, لكنه فى حواره مع الرجل ألقى هذه البذرة, و لاقت بفضل الله تربة تنمو بها.
و من هنا أصل لسؤال هام: هل يجوز أن ننصح الناس بأشياء من الخير, و نحن لا نفعلها؟
فى رأيى أن هذا كله متعلق بالنية, يعنى يوجد بالتأكيد فارق كبير جدا بين من يدعو الناس للخير رياءً و سمعة, و كى يظهر أمام الناس غير ما يبطن, و بين من يدعوهم الى الخير و هو ينوى صادقاً أن يفعله عما قريب.
نعم, فربما يدفعك دينك و إيمانك الى بذل النصح لإنسان فى موقف يحتاج النصيحة, لكن يدخل لك الشيطان من مدخل أنه لا ينبغى لك أن تنصح غيرك قبل أن تلتزم أنت, و فى النهاية لا تنل أى من الحسنيين:فلا أنت أسديت لأخيك النصيحة فكسبت ثوابه, و لا أنت التزمت بها بدورك.
اذا وقفت فى مثل هذا الموقف, فكن ايجابياً و لا تتردد, و إن سخر منك أحد لأنه يرى أنك لست مؤهلاً لأن تعظ غيرك و أنت نفسك بحاجة للوعظ ,فلا يكن هذا دافعاً لك الى السلبية, بل اجعل من هذا دافعاً داخلياً لك لكى تحسن من نفسك, و تلتزم بما تدعو غيرك لفعله, لأن هذا موقف أخلاقى قبل كل شىء: لا تنه عن خلق و تأتى مثله…عارٌ عليك إن فعلت عظيمُ
كى يزيد احترامك لنفسك لابد أن تلتزم بما تدفع غيرك لفعله, و ان لم تكن فعلته بعد و لكن لديك النية الصادقة لذلك فى القريب العاجل فانصح و لكن لا تسوف و تنتظر هذا القريب العاجل الى الأبد, فأنت لا تعلم متى يحين الأجل.
الخلاصة: حاول أن تتخلص من دور العامل الحفاز, كن شريكاً فى التفاعل, و لا تتوانى عن اصلاح نفسك بالتوازى مع اصلاح الآخرين, أما اذا كنت سلبياً, فلن تصلح نفسك, و لن تصلح الآخرين, أو على الأقل ستصلح الآخرين و تدفعهم الى الأمام ثم لن تجد أحداً تدفعه لأن الجميع قد سبقوك و أنت واقف فى مكانك, و هذا تذكرة لنفسى قبل أن يكون تذكرة لأى أحد.
و الله من وراء القصد.
جزاك الله خيرا مهندس احمد على النصيحة … و بارك الله فيك
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا حر قلبي
أخي أحمد كلامك حسن ويضبط بعضه بعضاً ولكن ما الحل مع ذوي النفوس الضعيفة
والله ليس لنا أمل غير أننا نعلم من أنفسنا أننا نحب الله ورسوله والصالحين من عباده ورجاء رحمة الله
ووالله لطاعة الله هي أحب إلينا من معصيته ولكن غلبة الشقوة وضعف الإيمان
على أي حال جزاك الله خيراً على التذكرة وسلوا الله لنا الهداية
وأريد أن أبين أن من الناس -كما ذكر ابن القيم بتصرف كبير- من تكون هدايته وزيادة إيمانه بالدعوة إلى الله كما قال أحدهم “طلبنا العلم لغير الله فأبى الله إلا أن يكون له”
جزاك الله خيرا
ممكن افهم حضرتك تقصد ايه بالنفوس الضعيفه
هل الشخص الناصح ام المنصح اليه
علي العموم عندما تنصح من امامك فسوف تقوي نسك علي فعل هذه الطاعه
وان كان من امامك من النفوس الضعيفه فالتكرار معه سوف ياتي بالنتجيه ان شاء الله لكن مع التنويع في اسلوب النصيحه حتي لايحس بانها اوامر
هدنا الله واياكم والمسلمين
وشكراااا لك علي الموضوع القيم