الفجوة بين الحاجة للسكن وما تم توفيره

جريدة الرياض اليومية

الفجوة بين الحاجة للسكن وما تم توفيره
م. نداء عامر الحربي
ندوة الإسكان الثالثة “الحي السكني أكثر من مجرد مساكن” تطرقت توصياتها للآمال التي يتمناها المواطن بحصوله على سعر وحدة سكنية ضمن الإمكانيات الاقتصادية للأسرة، إي عند تملكه للوحدة السكنية يجب ألا يشكل عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد الأسري وبالتالي يمنع الأسرة من ممارسة فعالياتها الحياتية الأساسية الأخرى بالشكل الصحيح. وان التناسب المثالي بين سعر الوحدة السكنية ودخل الأسرة يمثل حالة الطموح التي تسعي إلى تحقيقها اغلب دول العالم عند رسم سياستها الإسكانية تحقيقاً للأهداف العامة المتمثلة في توفير وحدة سكنية لائقة لكل أسرة في المجتمع. وهذا يقودنا إلى أنه يجب أيضا إن تكون الوحدة السكنية متناسبة مع طبيعة الأسر التي تسكنها وبالشكل الذي يلبي حاجاتها الأساسية، وفي حالة عدم توفر مثل هذا التناسب يحصل هدر كبير في الموارد الاقتصادية للبلد وكذلك يشكل عبئاً اقتصادياً على الأسر.
أما بالنسبة لرغبات المستثمرين من الناحية الاقتصادية يمثل الحي السكني عملية استثمار لرأس المال بالدرجة الأولى، كما انه يساعد بصورة غير مباشرة على تنويع وتحفيز النشاطات الاقتصادية الأخرى والمساهمة في رفع أسعار الأراضي أو خفضها. فمثلا تكون عادة المواقع المركزية في المدن مصدر تنافس وجذب لعدد من الاستخدامات الوظيفية أكثر من أي مواقع أخرى، وهذا بدوره يؤدي إلى رفع أسعار الأراضي في تلك المواقع، بينما نجد أن هذا التنافس ينخفض تدريجياً كلما تم الابتعاد عن المواقع المركزية حيث تقل أسعار الأراضي حتي تصل إلى ادنى مستوي لها عند المواقع الطرفية.
ولكون المملكة العربية السعودية تعتبر من الدول الرائدة في منطقة الخليج العربي في توفير السكن الملائم لشرائح المجتمع ، ولعل من أهم ملامح السياسة الإسكانية في المملكة هو تدخل ومشاركة الدولة في التنمية السكنية بشكل مباشر وفاعل وذلك عن طريق اتباع عدة أساليب وإجراءات تنحصر في الاهتمام بتوفير المساكن المناسبة لفئات ذوي الدخل المتوسط والمحدود من المواطنين عن طريق بنائها وتوزيعها علي المستحقين وعلى فترات طويلة الأجل بدون فوائد لتخفيف الأعباء الاقتصادية عن هذه الفئات، وكذلك توفير منح الأراضي ومنح القروض الإسكانية ممثلة بصندوق التنمية العقاري ، ومع ذلك أصبحت الأنظمة غير قادرة عملياً على تلبية احتياجات المواطنين السكنية، حيث يواجه المواطنون فترات انتظار من أجل الحصول على قرض السكن. وقد ترتب على ذلك تراكم الطلبات بالتدريج، حتى بلغت حداً يصعب التعامل معه دفعة واحدة ضمن الإمكانات المالية والاقتصادية المتاحة.
الحديث عن الإسكان وهمومه يطول ولكن عندما نريد لتوصيات ندوة الإسكان الثالثة أن تنجح وخاصة أنه تم التطرق بشكل كبير للأحياء السكنية لابد أن نأخذ بعين الاعتبار من وجهة نظري أن هنالك ضرورة ملحة لمراجعة وتقييم السياسات الإسكانية في العشر سنوات الماضية وإبراز الايجابيات والسلبيات ووضع خطط وسياسات جديدة ترتكز على ذلك التقييم وتلبي احتياجات المواطن وخاصة محدودي الدخل، ومحاولة العمل على تقليل الفجوة بين الحاجة إلى السكن وما يتم توفيره من وحدات سكنية. وكذلك إنشاء هيئة لدراسة المؤشرات السكانية الريفية والحضرية ويكون مرجعاً لواضعي السياسات والمخططين لتخطيط المناطق وتصميم مبانٍ تتلاءم مع الواقع المحلي وتكون مرجعاً لعمليات التخطيط والتصميم.
مع الحاجة إلى مراعاة الواقع الاجتماعي وتكوين الأسرة السعودية والعادات والتقاليد عند تخطيط وتصميم الأحياء السكنية مع عدم إغفالنا لتعزيز وتطوير الوسائل الممكنة لتوفير الدعم المالي والشروط الميسرة لتمويل بناء الوحدات السكنية أو تشطيبها أو ترميمها أو تأهيلها وتشجيع الاستثمار في مجال بناء الوحدات السكنية وتقديم التسهيلات الممكنة للمستثمرين في هذا المجال.

.,._