حكاية اول سيجارة في التاريخ!؟؟

[CENTER][SIZE=4][COLOR=blue]حكاية أول سيجارة في التاريخ

بينما كان السير " والتر رالي " الاستقراطي الانجليزي جالسا في مكتبه بقصره في لندن . دخل عليه خادمه الذي احس بوجود رائحة و دخان ينبعثان من حجرة

سيده … فجرى الخادم وعاد بوعاء ماء وسكبه على سيده الذي ظن ان وجهه يحترق صارخا " سيدي يحترق !! "

كان السير " رالي " في الواقع يدخن غليونه

كان الخادم معذورا لأن أوربا لم تعرف التدخين الا في اواخر النصف الثاني من القرن السادس عشر

كما ان نبات التبغ او الدخان لم يكن معروفا في العالم القديم … بل كان موطنه العالم الجديد أي الأمريكاتان

الذي يقال بأن مكتشفه هو " كريستوف كولومبس " … وبالتالي نقل الرجل الأبيض إلى بلاده عادة التدخين التي كان يمارسها الهنود الحمر والكوبيين

يقال ان بداية إنتشار هذه العادة بين الانجليز كانت على يد السير " فرانسيس ديرك " الذي عاد من رحلته المثيرة في امريكا ليخبر صديقه " والتر رالي " بما رأى

ثم اطلعه على لفافات وأوراق وبذور لنبات الدخان … وعرض عليه بعض الغلايين " البايب " التي كان يستعملها الهنود الحمر

ولكن هناك قصه دخول التبغ لأول مرة إلى أوربا كانت على يد الإسبان . ثم إن لإنتشاره قصه أخرى

بينما كان " جين نيوكت " سفير فرنسا في البرتغال … كان في زيارة لسجن من سجون لشبونه في احد ايام عام 1560

إذا بحارس السجن يتقدم منه محييا ويعرض عليه هديه غريبة … عبارة عن خشب وبذور استوردت حديثا من فلوريدا التي استعمرها البيض

وقد اخبر الحارس السفير ان لهذا العشب فوائد في تخفيف الصداع وماعلى الإنسان إلا تجفيف اوراقه وتحويلها إلى مسحوق . ثم يستنشق منها

فيؤدي ذلك إلى نوبة من العطاس الذي يريح الإنسان من صداعه

لم يكذب السفير الخبر فأخذ النبات وبعض البذور وزرعها في منزله في لشبونه . فنمت … ومنها اخذ اوراقا وصنع مسحوقا وجنى بذورا

وأرسل كل ذلك إلى كاترين ملكة فرنسا … وفي رسالة رقيقه أخبرها عن فائدة وطريقه زراعة هذا العلاج

لما جربت الملكة المسحوق سارعت وأعلنت على الملأ أنه يفيد في حالات الصداع

كولمبوس … والسيجارة

هنا تبدأ الحكاية الاصلية … تبدأ بين اهل امريكا الأصليين … اي الهنود الحمر

فعندما نزل " كولمبوس " إلى العالم الجديد في رحلته المشهوره عام 1492 في جزيرة كوبا

شاهد قرية صغيرة يسكنها قوم لهم ملامح مثيرة ويعيشون في اكواخ من القش وسعف النخيل

وعرف منهم ان لهم ملكا يسكن في داخل الجزيرة

أعتقد " كولومبس " أن لملكهم أكواما من الذهب … فأرسل بعثة أكستشافية لتساومه على بضاعة يحملونها مقابل الذهب

ولكن البعثه لم تجد إلا فقراء وبين ايديهم لفافات بنية غامقة وبجوارهم نار بها جمرات

وعلى احد طرفي اللفافة توضع الجمرة … اما الطرف الاخر فموضوع في احدى فتحتي الانف ومنه يحدث الشهيق والزفير

ويكون على حلقات دخان

وبعد ان يستنشق الكوبي من اللفافة مرتين او ثلاثة

يسلمها لمن يليه … وهكذا تدور اللفافة بينهم حول الدائرة المنصوبة

تعجب البحارة مما رأوه وبدافع الفضول عرفوا سر هذه اللفافات

فهي مصنوعة من اوراق نبات بري ينمو هناك بكثرة

وبعد تجربتهم وتأكدهم من آثارها الرائعة … جمعو البحارة جميع مايستطيعون من هذا النبات واخذوه إلى بلادهم

وبعد ذلك اصبح التدخين تجارة هائلة جنى العالم فيها اكواما من الذهب

فإستهلاك الولايات المتحدة الامريكية عام 1980 بلغ ستمائة وخمسين الف مليون سيجارة

وتجارة التبغ في العالم هي نفس العام قد بلغت مائة مليون دولار !!

السيجارة الأوربية

بعد خمسين عاما من نقل الإسبان التبغ إلى اوربا كانت زراعته قد انتشرت في الدول الأوربيه جميعها

حتى وصل إلا تركيا وبلاد الشرق الأوسط … ثم الصين ثم افريقيا

وفي لندن وحدها كان هناك سبعة آلاف محل تتاجر بالسجائر … ومعه ظهر الغليون

في بداية الامر حينما زاد على التبغ الطلب

تطلبت هذه الزيادة الجنونية زراعة مساحات هائلة منه خاصه في كوبا وولاية فرجينيا

ولكن الزراعة تحتاج إلى زارع … والرجل الابيض لا يزرع ولا الهندي الاحمر … فلا ينفع لها إلا الزنجي الأسو

ومن هنا بدأت تجارة الرقيق وازدهرت … واصطاد الابيض الاسود بالآلاف من مواطنهم المنتشرة في افريقيا

فعدنما وصل العبيد إلى أمريكا على هيئة بضاعة بشرية رخيصه

لأن العبد كان يباع بالتبغ وثمنه يقدر بالمائه والعشرين رطلا من العشب

بدأ العبيد يتقطيع الاشجار وإزالة الحشائش … ويمهدون الارض ويفلحونها تحت سياط الرجل الابيض

وانتشرت مزارع التبغ واتسعت لدرجة ان واحدا مثل " روبرت كارتر " كان يملك وحده مايزيد على 300 الف فدان مزرعة بهذا النبات ويرعاها حوالي 700 عبد

ولقد راح الناس يطلقون على التبغ ماليس فيه إذا كانت تنسب إليه بعض القوى الشافيه من الامراض ومنهم من وصفه بأنه العشب الملكي في افواه الرعاع

بمعنى ان قد خلق للسادة ولم يخلق للعامة

ومنهم من سماه بالعشب الصحي او المقدس … او التبغ السماوي

الغريب في الامر ان القاموس الفرنسي اللاتيني الذي ظهر في فرنسا عام 1573 قد ذكر نبات التبغ بشيء من الخير

فقال " إنه نبات ذو اثر طيب ضد الجروح والقرح . ودمامل الوجه . وإلتهاب الشفاه "

وعلى النقيض ظهر كتاب عام 1604 بعنوان " اللعنة على التبغ "

وهو من تأليف الأمير " جيمس " الذي اصبح ملك انجلترا

وقال فيه عن التبغ " أنها عادة كريهة تدمع العين وتهيج الأذن وتضر المخ وتؤذي الرئتين … وفي دخانها الاسود النتن مايشيه رائحة البئر العفن "

طبعا من المؤكد بأن التبغ أو التباك كلمتان مشتقتان من الاصل الانجليزي " توباكو " والاصل الانجليزي مشتق من لغة الهنود الحمر " توباكوس "

والاسم العلمي للتبغ هو " نيوكتيتا تابكام " … مع ملاحظة ان المقطع الاول مأخوذ من اسم السفير الفرنسي " نيوكت "

ثم اشتق منه بعد ذلك كلمة " نيوكتين " وهي المادة الفعالة في التبغ

صناعة السجائر

حكاية السجارة طويلة … فنباتها يبدأ من بذرة ضئيلة لدرجة ان 12 الف بذرة لاتزن اكثر من كيلو واحد

والنبات الواحد يستطيع إنتاج أكثر من مليون بذرة

ولقد أستمر الإنسان على مر العصور في دراسة هذا النبات

فورقه النبات في هي مصدر الخامة التي تصنع منها السيجارة او النارجيلة " الشيشة او المعسل " او الغليون " البايب "

ولذلك فلكل ورقة درجة حتى ولو كانت الورقة من نفس الارض والنبات … فتصنف ثم تعلق لتجف … ولكل لون نكهة لاتظهر إلا بعد مرور أوراق النبات في مراحل ثلاث تعرف بأسم " المعالجة ثم التخمير ثم التعتيق " الذي يستمر من 4 إلى 5 سنوات

فأوراق التبغ التي تترك لتجف في الشمس لا تصلح لصنع السجائر بل تصلح فقط للمضغ نظرا لحلاوتها … اما تبغ السجائر

فيجفف في هواء ساخن ومدخن … وتلك المعالجة اخترعها لنا زنجي يدعى " ستيفن " فقد كان يرعى معالجة التبغ الخام بمزرعة في شمال كرولينا الامريكية

وبينما هو في كده وتعبه اخذته غفوة طويلة وبعدها صحا من نومه ليجد النار الموقده قد خمدت وخاف ان يأتي سيده على غرة فيقع تحت العقاب

فأسرع إلى كومة فحم واخذ منها ما يعيد إلى الخشب إشتعاله … وإذا بدخان الفحم يحدث تغيرا مثيرا في لون اوراق التبغ البنية السيئة

فيحولها إلى صفراء ذهبية بهيجة اللون

فأستمر الزنجي في معالجة الاوراق بدخان الفحم وقد سعد سيده بتلك النتيجة الهائلة

قبل اكثر من نصف قرن كان التدخين من سمات الأناقة

كان التدخين ذات يوم عادة راقية يمارسها ذوو الشأن والميسورون بصرف النظر عن مضارة الصحية ولكن اليوم عادة فقدت خصوصيتها ولاتمت إلى الموضة بصلة

فالأصابع الصفراء والشوارب الباهته ورائحة الفم الكريهة هي من سمات المدخن الآن

الدخان في الشعر الأدبي

في الادب العربي اشعار كثيرة في وصف الدخان بشتى اشكاله وانواعه

فقد وصف الشعراء " السيجارة والغليون والأرجيلة وحتى نبات القات "

واستعانو بذاكرتهم الشعرية لوصف هذه الحالة الحضارية الطارئة

انقسم الشعراء حيال الدخان إلى فريقين … فريق يصف مضاره ويعتبره شبيها بالخمر

وفريق يرى فيه مفرج الكروب ومهديء الاعصاب

وقد سجل الشعر العربي موقف الفريقين بكل الوضوح

فقد ارخ احدهم لظهور الدخان في بلاد الشام بهذين البيتين

سألوني عن الدخان وقالوا
هل له في كتابنا إيماء

قلت : مافرط الكتاب بشيء
ثم ارخت " يوم تأتي السماء

إشارة إلى الآية الكريمة في القرآن الكريم سورة الدخان الآية العاشرة

" يوم تأتي السماء بدخان مبين "

ونظم الشاعر " معروف الوصافي "

قصيدة طويلة في مضار التدخين واعتبره شبيها بإدمان الخمر … فقال

إن كلفتني السكارى شرب خمرتهم
شربت , لكن دخانا من سيجارات

وقت يا قوم تكفيني مشاركتي
إياكمو في التلذاذ بالمضرات

إني لأمتص جمرا لف في ورق
إذ تشربون لهيبا ملء كاسات

هذه التحذيرات الصحية والأخلاقيه لم تمنع الدخان من الإنتشار ولا ردعت المدخنين عن امتصاص الجمر الملتهب

وقد نظم احد الشعراء المدخنين شعرا في الدخان فقال

وإذا شياطين الهموم تكاثرت
ودهتك من تعب الزمان أمور

وأردت ان تنسى الهموم وكربها
دخن عليها عاجلا فتطير

وزعم البعض أن نار الهموم الملتهبة في الصدر لادواء لها إلا من جنسها فقال احدهم

ولكن أداوي نار قلبي بمثلها
كما يتداوى شارب الخمر بالخمر

وكان للغليون نصيب في الشعر … فشبه احدهم غليونه بصخر … فقال

غليوننا حين همت كل نائبة
به وساورنا هم وأفكار

قد اهتدينا إلى شرب الدخان به
" كأنه علم في رأسه نار "

ووصف احدهم أجيلته " شيشته فقا

يا بنت الهند كفا صلفا … فدخانك قلبي مصعده
احرقت فؤادا مكتئبا … لو غيرك كانت تسعده
ابليس ابوك وهل شك … والنار برأسم مقعده

ولا يبتعد الشعراء كثيرا عن تراث اجدادهم فالتفاحة كما يقول الالمان لا تسقط بعيدا عن شجرتها

فأستعان احد ادباء مكة بالبيت المعروف

خلا لك الجو فطيري واصفري … ونقري ماشئت ان تنقري

فوصف الارجيلة في قصيدة قال في جزء منها

فقرقري ماشئت ان تقرقري
وغرغري كالغارق المحتضر

وأروِ من عطرك شذاك العبقري
نفسي لتحيا بشذاك العطر

ففي الشذا روح لصب هائم
وهاتف بالمأمل المزدهر

ماسبق كان عن الشعراء المقلدين اما المجددون فقد حاولو أن يتخيلو إيجاد علاقه تشابه بين السيجارة وبين المرأة

فقال احدهم

أقبلها في اليوم مليون قبلة
فلا استحي منها ولا هي تمنع

كأني بها عذراء برت بحبها
فلا هي ترويني ولا أنا اشبع

تموت على ثغري البريء شهيدة
فأحرق أنفاسي بخورا يضوع

ومن أشهر شعر المدخنين قصيدة " فوزي المعلوف " بعنوان " حسناء وسيجارة "

يصور فيها غيرة المرأة من السيجارة

لما نالته من تقدير الرجال وأهتمامهم

فقال الشاعر معتذرا لحبيبته لهذا الحب الجديد

مؤكدا بأن الدخان المتصاعد من سيجارته يأخذ شكل حبيبته ويرسم تفاصيله

ولا ندري إن كانت بهذا الغباء بحيث انها صدقت خيلاته

لكنه يختم قصيدته بهذه النهاية

وكأن دخان موصل قبلاتنا … على رغم بعد الخد منا عن الخد

انتهى الموضوع بحمد الله[/color][/size]

م
ن
ق
و
ل[/center]