دان براون ورمزه المفقود

دان براون ورمزه المفقود
FONT=Arial[/font]
لا شك بأن الغالبية العظمى من الناس تحب ذلك النوع من الأدب, المليء بالإثارة والتشويق والأحداث الساخنة والإيقاع السريع. الأمر الذي دفع شركات الإنتاج العملاقة والمملوكة من قبل كبرى المنظمات السرية وبشكل غير معلن إلى استغلال هذه الناحية وبث رسائلهم ومخططاتهم بشكل غير مباشر عبر الروايات والأفلام السينمائية وحتى الأغاني.
ويعتبر دان براون من كبار الكتاب الذين انتهجوا هذا المنهج اللا أخلاقي في طرح أدبياتهم. إذ بهذا المنهج يتحول الأدب إلى وسيلة لبث الأفكار المشوهة والمسمومة, والحقائق المزيفة, وإيصالها إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع لأنه يعتمد كما أسلفنا على الإثارة والتشويق, وهو العنصر المفضل عند غالبية الناس.
وقد وَجَدتُ ذلك في روايات دان براون الثلاث (شيفرة دافينشي – ملائكة وشياطين – الرمز المفقود) وهي التي قرأتها له. ولا أعلم إن كانت الروايتان المتبقيتان تسيران على المنهج نفسه وتتبعان الأسلوب ذاته.
ومع أني لم أكمل قراءة رواية الرمز المفقود بعد إلا أن الخط العام للرواية قد توضح لي جيداً. فهي في جوهرها تمجيد وتعظيم للماسونية وتاريخها الحافل حسب رأيه. أو كما يدعي بأنها (أقدم أخوية في التاريخ موجودة حتى الآن).
ولأن دان براون كاتب مثقف ويعرف تاريخ حضارته جيداً فقد دفعه هذا الأمر لأن يخوض في سراديب معقدة في التاريخ الغربي ويقدم لنا الكثير الكثير من الأمور التي لا نعرفها والتي نسمع بها لأول مرة كحقائق تاريخية.
ولكن هناك صفة يجب أن تضاف إلى هذه العبارة لكي تكون عبارة مكتملة وهي صفة (التزييف). فتصبح العبارة (حقائق تاريخية مزيفة).
فهو لا يذكر حقيقة تاريخية معروفة إلا ويتبعها بعشرات الأكاذيب التي تخدم مصالح المنظمة التي ينتسب إليها ويعمل لصالحها وأقصد بها (الماسونية).
والأمثلة على الحقائق التاريخية الكاذبة في روايات دان براون كثيرة أذكر منها في رواية شيفرة دافينشي إدعاءه بأن السيد المسيح عليه السلام قد تزوج من مريم المجدلية وأنجب منها ذرية لا تزال موجودة حتى عصرنا هذا. وأن المسيح عليه السلام قد عهد إلى مريم المجدلية بتأسيس الكنيسة بعد موته. لكن القديس بطرس تلميذ المسيح ومؤسس الكنيسة الكاثوليكية قد لاحق مريم المجدلية وحاول قتلها لكي ينفرد بتأسيس الكنيسة لوحده, الأمر الذي فرض على مريم المجدلية الاختفاء عن الأنظار, وكذلك اختفاء ذريتها إلى أن جاء العبقري روبرت لانغدون واكتشفها.
أيضاً من الأكاذيب التي وردت في رواية ملائكة وشياطين الإدعاء بأن الماسونية هي منظمة متنورة تعمل باسم العلم وتدافع عنه, وأنها تعادي الدين بسبب ممارساته السلبية تجاه العلم في العصور الوسطى.
في حين أن الحقيقة التي لا شك فيها هي أن الماسونية منظمة صهيونية عنصرية تعادي الدين بهدف القضاء عليه وفرض سيطرتها المطلقة على العالم وتحقيق ما يسمى بـ (النظام العالمي الجديد).
في هذا السياق لا بد من التعرف أكثر على هذه المنظمة وأهدافها.
ــ الماسونية:
هي منظمة موغلة في القدم كما يدعي دان براون. تأسست لأول مرة في عهد الملك اليهودي هيرودوس بعد صلب السيد المسيح بهدف القضاء على أتباعه, إذ شعر اليهود بالخطر بسبب الانتشار السريع للدين المسيحي على الرغم من وفاة السيد المسيح. وبقيت هذه المنظمة تعمل في الخفاء, وقد أخفت جميع أسرارها في بيت المقدس, إلى أن جاءت الحملة الصليبية واحتلت القدس.
وبعد أن انتصر صلاح الدين الأيوبي على هذه الحملة وأخرجها من القدس بقي قلة قليلة من فرسانها متخفين داخل القدس, وقد حالفهم الحظ بأن اكتشفوا أسرار المنظمة القديمة واطلعوا عليها, فتبنوا أفكارها وأطلقوا على أنفسهم اسم (فرسان المعبد أو فرسان الهيكل) نسبة إلى هيكل سليمان الذي كان مقاماً في المسجد الأقصى. والذي يزعم الصهاينة حالياً بمحاولة إعادة بناء هذا الهيكل فيقومون بالحفريات أسفل المسجد الأقصى والتي سمعنا عنها جميعنا. لذلك فقد لقبوا أنفسهم بلقب (Free Mason) أي البنائين الأحرار.
والذي حصل هو أن عائلة روتشيلد اليهودية الغنية قد تنبت أفكار هذه المنظمة في أوروبا عند عودة فرسان الهيكل إلى هناك, وقامت بدعمها مادياً ومعنوياً إلى أن أصبحت قوة لا يستهان بها واعتلت سدة الحكم في انكلترا ثم أرسلت حملتها إلى أمريكا بقيادة جورج واشنطن الذي يعتبر أول من نقل الأفكار الماسونية إلى أمريكا, وزاد انتشارها وسطوتها هناك حيث قامت بالسيطرة على الاقتصاد والإعلام, وهما الأداتان الأقوى والأكثر فعالية للسيطرة على عقول الناس, وقد نجحت بتنفيذ معظم مخططاتها بفضل التخطيط والتدبير المحكم والذي يرجع إلى مئات السنوات.
وقد أطلقوا على أنفسهم اسم (illuminati) أي الطبقة المستنيرة أو المتنورين نسبة لتعلمهم علوم السحر والتواصل البُعدي.
والآن فإن معظم أفلام هوليوود تقوم في جوهرها على طرح الأفكار الماسونية ولكن بشكل خفي مبطن بقالب من المتعة والإثارة, لكن أحداً لم يكن بجرأة دان براون بالطرح.
ـ ومن أهم الأفلام السينمائية التي تتحدث عن الماسونية:
1. الكنز الوطني (1)National treasure بطولة نيكولاس كيج: والذي يتحدث عن السر الذي اكتشفه فرسان المعبد في القدس وقاموا بنقله إلى أوروبا, ويصور هذا السر على أنه كنز عظيم.
2. Tomb raider (1) بطولة أنجلينا جولي: والذي يتحدث بشكل شبه صريح عن منظمة (illuminati) ومحاولاتها للسيطرة على العالم.
3. The omen بأجزائه الخمسة: والذي يتحدث عن قدوم المسيح الدجال إله الماسونيين وقواه الخارقة.
4. Matrix بأجزائه الثلاثة بطولة كيانو ريفز: والذي يتحدث عن مملكة صهيون المزعومة على أنها العالم الحقيقي, وأن العالم سواها هو مجرد زيف لا وجود له في الواقع.
5. شيرلوك هولمز بطولة روبرت دوني: وهو من أحدث الأفلام التي تتحدث عن بدايات تأسيس الماسونية في انكلترا وكشف بعض ألاعيبها وأسحارها.
ـ أهم رموز الماسونية:
(الصور في المرفقات)
1. المسطرة والفرجار رمز الماسونيين الأساسي.
2. العين التي ترى كل شيء وهي عين المسيح الدجال, وهذا الرمز مرسوم على الدولار الأمريكي.

في النهاية أنا لا أطلب من أحد أن يتوقف عن قراءة دان براون أو غيره, ولا أنكر بأني شخصياً أقرأ رواياته بشغف وأشاهد كل تلك الأفلام السالفة الذكر باهتمام. ولكني أرجو من كل من يقرأ أو يسمع أو يشاهد أن يكون على وعي تام بما يقرأ ويسمع ويشاهد, لكي لا يكون ضحية التشويه الفكري والثقافي الغربي.

للاستزادة حول هذه المواضيع هناك الكثير من الأفلام الوثائقية على شبكة الانترنت ضمن محاور (الماسونية – illuminati - Free Mason …)
وأهمها سلسلة القادمون المكونة من 52 حلقة قصيرة.