جمال حمدان
أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين، وله أسلوب متميز داخل حركة الثقافة العربية المعاصرة فى الفكر الاستراتيجى يقوم على منهج شامل معلوماتى وتجربيى وتاريخى من ناحية وعلى مدى مكتشفات علم الجغرافيا والتاريخ والسكان والاقتصاد والسياسة والبيت والتخطيط والاجتماع السكانى والثقافى بشكل خاص من ناحية أخرى.
وُلد في قرية "ناي"بمحافظة القليوبية بمصر في 1 فبراير 1928، ونشأ في أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة “بني حمدان” العربية التي نزحت إلى مصر في أثناء الفتح الإسلامي
كان والده أزهريا مدرّساً للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها ولده جمال، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1939، وقد اهتم الأب بتحفيظ أبنائه السبعة القرآن الكريم، وتجويده وتلاوته على يديه؛ مما كان له أثر بالغ على شخصية جمال حمدان، وعلى امتلاكه نواصي اللغة العربية؛ مما غلّب على كتاباته الأسلوب الأدبي المبدع
وبعد الابتدائية التحق جمال حمدان بالمدرسة “التوفيقية الثانوية”، وحصل على شهادة الثقافة عام 1943، ثم حصل على التوجيهية الثانوية عام 1944، وكان ترتيبه السادس على القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالبا متفوقا ومتميزا خلال مرحلة الدراسة في الجامعة، حيث كان منكبا على البحث والدراسة، متفرغا للعلم والتحصيل.
وفي عام 1948م تخرج في كليته، وتم تعيينه معيدا بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا سنة 1949، حصل خلالها على الدكتوراه في فلسفة الجغرافيا من جامعة “ريدنج” عام 1953، وكان موضوع رسالته: “سكان وسط الدلتا قديما وحديثا”، ولم تترجم رسالته تلك حتى وفاته.
وبعد عودته من بعثته انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا في كلية الآداب جامعة القاهرة، ثم رُقّي أستاذا مساعدا، وأصدر في فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى وهي: “جغرافيا المدن”، و"المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم" (المدينة المثلثة)، و"دراسات عن العالم العربي" وقد حصل بهذه الكتب على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1959، ولفتت إليه أنظار الحركة الثقافية عامة، وفي الوقت نفسه أكسبته غيرة بعض زملائه وأساتذته داخل الجامعة.
وفي عام 1963 تقدّم باستقالته من الجامعة؛ احتجاجا على تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ، وتفرغ للبحث والتأليف حتى وفاته، وكانت فترة التفرغ هذه هي البوتقة التي أفرزت التفاعلات العلمية والفكرية والنفسية لجمال حمدان.
وفي شهر فبراير 1967 أصدر جمال حمدان كتابه “اليهود أنثروبولوجيًا” والذي أثبت فيه أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية “الخزر التترية” التي قامت بين “بحر قزوين” و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي… وهذا ما أكده بعد ذلك “آرثر بونيسلر” مؤلف كتاب "القبيلة الثالثة عشرة" الذي صدر عام 1976.
وقد ترك جمال حمدان 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، يأتي في مقدمتها كتاب “شخصية مصر… دراسة في عبقرية المكان”، وكان قد أصدر الصياغة الأولى له سنة 1967 في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، حتى صدر مكتملا في أربعة مجلدات خلال السنوات بين 1981:1984.
وقد حظي جمال حمدان بالتكريم داخل مصر وخارجها؛ حيث مُنح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية سنة 1986، ومنحته الكويت جائزة التقدم العلمي سنة 1992، فضلا عن حصوله عام 1959 على جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، وكذلك حصل على وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتابه “شخصية مصر” عام 1988.
توفى في 17 إبريل 1993، انتقل إلى جوار ربه.