معضلة التخطيط

جريدة الرياض اليومية

وجهه نظر
معضلة التخطيط
م. صالح بن ظاهر العشيش
في مقال التخطيط وصناعة المستقبل المنشور في هذه الزاوية، تم التطرق إلى ضرورة التخطيط، وتعريف وأهمية التخطيط، ونتائج الأعمال المخطط لها وكذلك غير المخطط لها. وفي هذا المقال نتناول المعضلات التي تصاحب التخطيط وليس له دخل فيها.
مع التسليم من الجميع بأهمية التخطيط والتي لا يجادل فيها اثنان، إلا أننا نلاحظ أن التخطيط إعدادا وتوظيفا ومتابعة دون المستوى المطلوب بكثير سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، فلماذا هذا التساهل وأحيانا التجاهل في توظيف التخطيط مع كل هذه الأهمية، وبالرغم ما نراه من نتائج مبهرة للتخطيط في الغرب والشرق.
لعل معضلة التخطيط والتي أفضت وتفضي إلى التساهل فيه وتجاهل أهميته تعود إلى أسباب لا علاقة لها بالتخطيط بل العلاقة تكمن في بيئة الإدارة لدينا أولا ولأسباب ثقافة جمعية ثانيا ، ومن تلك الأسباب :
@ أن الكثير يسعى إلى نتائج فورية ينشأ عنها صدى إعلامي لتحقيق مردود شخصي، بالرغم من علم الجميع أن إحداث نتائج فورية يكتنفها الكثير من المحاذير والمخاطر وهذه النتائج تكون عشوائية لا تلبث أن تزول، على عكس التخطيط والذي يحتاج إلى وقت ولكن نتائجه مما يبقى في الأرض وينفع الناس.
@ إن التخطيط لا يحدث جلبة إعلامية، وبالتالي لا يعلم عمن يقوم به إلا المطلعون على دقائق الأمور وتفصيلاتها، ولهذا لا تسلط الأضواء على من يقوم بالتخطيط ولا يناله كثير ثناء ومزيد إطراء.
@ إن من طبيعة التخطيط ألا تظهر نتائجه إلا بعد زمن قد يطول وقد يقصر خصوصا التخطيط الاستراتيجي وبالتالي قد تظهر النتائج وتجنى الثمار ربما في غير زمن مَن خطط بل في زمن مَن بعده.
لهذه الأسباب وغيرها تكمن معضلة التخطيط ومأساة الُمخطط، إلا من تسامى فوق تلك الأسباب وجعل هدفه علو شأن الوطن ويرى أنه على ثغرة لا ينبغي أن تؤتى، وأن له رسالة في هذه الحياة وعليه دور يجب أن يؤديه، عندها لا يأبه بالعاجل حيث يكون عمله وأداؤه فوق تلك الأسباب، وبالتالي تكون له الحسنيين وتبقى أعماله شاخصة من بعده.