هل بدأ الوطن العربي باستثمار طاقته المهدورة !؟

[SIZE=“3”]

تقع معظم مساحة الوطن العربي في مجال ما يعرف بالحزام الشمسي وهو الحزام الممتد بين بين خطي العرض 35 جنوباً و35 شمالاً ( باستثناء الشمال البعيد للعراق وسوريا ) مما سيجعل الاستثمار في الطاقة الشمسية مثمراً للغاية في المدى القريب, ويكفي أن نعرف بأن ما يصل الأرض العربية هو 5 كيلو وات في الساعة لمساحة متر مربع ولو وضعنا في صحراء العراق الغربية خلايا شمسة على مساحة 16000 كيلو متر مربع بمعامل تحويل 5% للخلايا الشمسية لاستطعنا انتاج خمسة أضعاف طلب العراق على الكهرباء في فترة الذروة.

وحقيقة فقد بدأت العديد من الدول العربية منذ زمن الاستثمار الفعلي في هذا المجال فالأردن مثلاً من الدول السباقة في الشرق الأوسط في الاستفادة من الطاقة الشمسية عبر السخانات الشمسية والتي تصل نسبة استخدامها الى 40% من البيوت السكنية ووفق الاحصائيات الرسمية يركب سنوياً ما يقار 15000 جهاز , بينما حاولت في السنوات الاخيرة الدول العربية في الشمال الأفريقي الترويج لفكرة التسويق لتصدير الطاقة الشمسية للاتحاد الأوربي ولكن الى الاَن لم يلاحظ خطوات فعلية لتطبيق هكذا مشاريع, وتتجه العديد من الدول العربية في الشمال الافريقي الى تبني استراتيجية واضحة المعالم للاستفادة من الطاقة الشمسية على المستوى القومي ففي مصر تم الانتهاء من وضع أول خطة شمسية متكاملة حتى عام 2027 , بينما أعلن المغرب منذ ثلاث سنوات عن مشروع للربط الكهربائي عبر الطاقة الشمسية بتكلفة 9 مليارات دولار , بينما بدأ تشغيل اول محطة هجينة تعمل بالطاقة الشمسية والغاز الطبيعي بحاسي الرمل جنوب الجزائر وبتكلفة 350 مليون دولار بشراكة جزائرية اسبانية .

ولعل دول الخليج العربي في الفترة المقبلة ستكون السباقة عربياً وعالمياً في هذا المجال نظراً للقناعة التي باتت تتشكل في دول الخليج العربي بالجدوى الاقتصادية الممتازة للاستثمار في طاقة الشمس فالسعودية مثلاً رصدت ميزانية هائلة للاستثمار في الطاقة البديلة تقارب 400 مليار ريال خلال العشرين سنة القادمة سيذهب جلها الى الاستثمار في الطاقة الشمسية , بل لعل المملكة ستكون في صدارة الدول في هذ المجال في السنوات القادمة لتوافر الثلاثية المطلوبة وهي :

توافر الطاقة الشمسية وبمستوى سطوع مرتفع يتراوح بين 1400 و 1800 ساعة في السنة

الاقتصاد القوي والذي يدعم تبني القيام بمشاريع كبيرة على المستوى القومي نظراً للتكلفة المرتفعة للاستثمار في هذا المجال , وهنالك توجه سعودي لانتاج 10% من الطاقة الكهربائية بواسطة الخلايا الشمسية في عام 2020

توافر الكوادر المؤهلة لتخطيط وتنفيذ وتطوير المشاريع وهو حقيقة ناتج عن نظام الابتعاث القوي جداً في السعودية لدراسة الهندسات المتنوعة والدراسات العليا وهو ما بدأت السوق السعودية بتحسس نتائجه.

ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية التي أرخت بظلالها على كل دول العالم ولم تستثنى منها الدول العربية ومنها دولة الامارات الا أن ابو ظبي العاصمة كانت لها خطوة السبق في تبني فكرة الاستثمار في الطاقة المتجددة, فمدينة مصدر في أبو ظبي هي المنصة العالمية للعمل المشترك الرامي لايجاد حلول للمشاكل البيئية و مركز دراسات وأبحاث لتطوير تقنيات الطاقة المتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية, ومقدر لهذه المدينة أن تكون مدينة خالية من الانبعاثات الكربونية, ولكن للأسف فان زخم العمل الحالي تراجع عن وتيرة السنوات السابقة, وتعود دبي أيضاً لتحتل موقع متقدم في بداية تعافيها من الازمة الاقتصادية العالمية حيث اطلقت في بداية السنة مشروعاً جديداً لانتاج الكهربائية من الطاقة الشمسية وبتكلفة 3.7 مليار دولار لتصل قدرته التشغيلية الى 1000 ميغاواط بحلول عام 2030 ليكون المشروع الأكبر من نوعه في الخليج العربي.
ولا تستثنى الكويت أيضاً من اللحاق بركب الشمس كمصدر للطاقة فقد أعلن عن تدشين المشروع التجريبي للطاقة الشمسية في بداية العام ومقره حرم كلية التربية الاساسية في منطقة العارضية الصناعية وبقيمة 4.5 ملايين دينار وسيوفر 1 ميغاوات من الكهرباء, بينما اختارت قطر أن يكون دخولها في مجال الصناعة الشمسية حيث تم تمويل مصنع البولي سليكون التابع لشركة قطر للتقنيات الشمسية بتكلفة مليار دولار, وتملك قطر رؤية وطنية لصناعة تقنيات الطاقة الشمسية حتى عام 2030.

ان الحاجة العالمية الملحة للاستثمار الصديق للبيئة جعل الابحاث والتطوير والاختراع في هذا المجال هاجساً لكثير من العلماء ومراكز البحث والجامعات والشركات المختصة, ويلاحظ تطور سنوي ملحوظ فيكفي أن نعرف بأن الخلايا الشمسية تزداد كفائتها بوتيرة سنوية و تنقص كلفتها من 3% الى 7% سنوياً.

ربمى يعيننا الحجم الهائل المتوقع للاستثمار العربي في مجالات الطاقة على تحفيز اهتمام المهندسين العرب للتوجه الى هذا المجال الشيق سواءاً أكان في التخطيط والتنفيذ أو حتى في مجال الصناعة.[/size][/size]